الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إسرائيل: الخليج فى حاجة ماسة إلى مصر لمواجهة «داعش» و«إيران»

إسرائيل: الخليج فى حاجة ماسة إلى مصر لمواجهة «داعش» و«إيران»
إسرائيل: الخليج فى حاجة ماسة إلى مصر لمواجهة «داعش» و«إيران»




ترجمة - إسلام عبدالكريم

فى ظل الترقب الإسرائيلى لتطور الأوضاع على ساحة الشرق الأوسط، أعد السفير الإسرائيلى الأسبق فى مصر «تسيفى مزئيل» تقريرا تحت عنوان «مصر ودول الخليج فى صراع ضد التطرف الإسلامى»، والذى أوضح أن هناك اهتمامًا بالغًا ومشتركًا لدى مصر والمملكة السعودية – بالأخص- وباقى دول الخليج لمحاربة أفكار التطرف الإسلامى التى باتت تؤرق العالم مؤخرًا.
وأشار التقرير الذى نشره «المركز المقدسى» إلى التعاون بين مصر ودول الخليح فى محاربة التطرف المتزايد والمتفشى فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. موضحا أن مصر هى من بادرت بمحاربة جماعة «الإخوان المسلمين»، والتنظيمات الجهادية الأخرى التى تسعى لتقويض استقرار الدولة وزعزعة الاستقرار السياسى ومنع الرئيس المصرى «عبد الفتاح السيسى» من دفع عجلة الاقتصاد.


وأكد «مزئيل» أن دول الخليج ،وعلى رأسها السعودية، فى حاجة ماسة لمصر فى مواجهتها ضد كل من إيران و«داعش» وأشباههم، فإرهابيو «داعش» الذين يحتلون الجزء الغربى من العراق، يتواجدون حاليًا على بعد مئات الكيلومترات فقط من الحدود السعودية، وهو ما دفع السلطات فى الرياض لتعزيز تواجدها الأمنى على الحدود خلال الأشهر الماضية.
ورأى أن تطور الأوضاع فى العراق أصبح يمثل تهديدًا مباشرًا على المنطقة مما يتطلب من الجميع اليقظة والتأهب، وأضاف أن الإمارات والسعودية والولايات المتحدة شاركت فى التحالف لضرب «داعش»، لكنها تخشى إرسال جيوشهم – قوات برية-إلى العراق لأنها ليست على استعداد لخوض حرب العصابات وحرب مدن بعيداً عن حدودها.
وقال السفير الإسرائيلى السابق إن هناك تهديدًا استراتيجيًا آخر بالغ الأهمية لا يقل عن «داعش» ألا وهو إيران، فمنذ اعتلاء «الخمينى» للسطة عام 1975 أعلن أن هدفه الأول هو القضاء على النظام السعودى وإقامة دولة شيعية فى الخليج. وتبعه فى ذلك خليفته «خامنئى»، ولهذا الهدف أصر على امتلاك السلاح النووى وتصنيعه، والذى من شأنه أن يضمن لهم السيطرة على المنطقة بأسرها. ونرى دعم إيران للحوثيين فى اليمن، وبسيطرتهم بات هناك تهديد إيرانى مطل على مضيق باب المندب ضد كل من مصر – بقناة السويس – والسعودية لتقويضها ومحاصرتها.
ووفقا لتلك المعطيات رأى أن هناك مصلحة مشتركة بين دول الخليج ومصر لتوحيد الصف والتعاون، خاصة أن مصر كانت فى حاجة للخليج لدعمها فى حربها ضد «الإخوان» واتباعها من «حماس» والمنظمات الجهادية الأخرى فى سيناء، والتى كانت تحصل على دعم مالى كبير من قطر، كما كانوا يحصلون على أسلحة مهربة من غزة وليبيا والسودان. لافتا إلى أن مصر تكن كل الامتنان للسعودية ودول الخليج على المساعدات المالية التى قدمتها لدعمها لإعادة بناء اقتصادها.
وتطرق «مزئيل» للعلاقات مع قطر، موضحا أن قطر تعتبر «نقطة الضعف» لدول الخليج، وأن المصلحة المشتركة لمصر والسعودية ودول الخليج أدت لإعادة خلق جبهة - بحكم الأمر الواقع - من الدول العربية، والتى وصفها بالبراجماتية، لمواجهة التطرف الإسلامى السنى والشيعي. لافتًا إلى أن تلك الجبهة كانت قيد التشغيل خلال عهد الرئيس الأسبق «حسنى مبارك» بدعم من الولايات المتحدة، وقتها كانت إسرائيل وراء الكواليس.
وكانت المهمة الأولى لهذه الجبهة هى تحييد «السياسة التدميرية» لقطر، والتى هى عضو فى مجلس التعاون الخليجى، لكنها تختلف عنهم وتدعم المنظمات الإسلامية المتطرفة، مثل تلك التى تقاتل فى ليبيا وسوريا، وكذلك جماعة «الإخوان» و«حماس»، لذا رأى «مزئيل» فى قطر نقطة الضعف فى دول الخليج، خاصة أنها تقيم علاقات ودية مع إيران.
مشيرا إلى دور قطر فى زيادة التوتر بعد الإطاحة بنظام «محمد مرسى» وجماعته، وقامت دول الخليج بسحب سفرائها من الدوحة احتجاجا منها على سياستها، ولكن قطر تجاهلت هذا. منوها إلى أن العلاقات بين قطر والإخوان قائمة منذ الخمسينات، وأبرز تلك المظاهر احتواؤها للشيخ «يوسف القرضاوى»، الأب الروحى للجماعة حاليا، وقناة الجزيرة التى حرضت ضد مصر بعد سقوط «مرسى»، وهو ما تسبب فى تشويه صورتها فى العالم العربى.
وعلى هذه الخلفية، مارست السعودية ضغوطا شديدة على قطر لتغيير سياستها، لكن أمير قطر أصر البقاء على سياسته، خاصة أنه كان متأكدًا من دعم الغرب له فى تلك الانتهاجات، وفى ضوء الاستثمارات الكبيرة التى أنفقها فى أوربا، ووجود قواعد عسكرية أمريكية على أراضيه.
وأشار «مزئيل» إلى محاولة حاكم الكويت للتوسط بين الطرفين، حيث كان قادرا على التوصل إلى اتفاق، إلا أن التفاصيل لا تزال غير واضحة للعيان، وتبقى بين طرقات القصر الملكي. بعدها أعادت دول الخليج سفراءها إلى الدوحة، إلا أن السفيرالمصرى لم يعد معهم، وبعد القمة العربية أكدت دول الخليج – بما فيها قطر- على دعم النظام المصرى، ودورها الرئيسى فى العالم العربى، وأنهم سوف يقدمون أى شيء لدعم «خارطة الطريق» التى قدمها «السيسى» لتحقيق الاستقرار والازدهار.
وقتها تعهدت قطر بوقف دعمها للإخوان ولحركة «حماس»، وبوقف التحريض ضد القاهرة خلال قناة الجزيرة. ومن جانبها رحبت مصر بهذه الخطوة، وتنتظر أن ترى نتائج هذه التعهدات.
وربط التقرير بين وقف بث قناة «الجزيرة مباشر مصر» وبين إعادة محاكمة صحفيى لجزيرة المحبوسين فى مصر بتهمة التحريض. ورأى السفير السابق أن مصر لديها بعض المعايير للمصالحة مع قطر - بالإضافة لإنهاء التحريض.. وقف أى دعم للميليشيات العسكرية فى ليبيا، حيث كان هناك تسريب لتلك الأسلحة من ليبيا لسيناء.
كذلك فإن السلطات المصرية ترغب فى رؤية ابتعاد قطر عن تركيا المعادية للنظام المصرى، والتى تستخدم حاليا كمركز للعمل الإخوانى ولحماس. ولكى تعبر الدوحة عن حسن النية وإثبات نواياه الطيبة لمصر أعلنت انها تسعى لتقديم الدعم المالى، كما تفعل السعودية والخليج، وأنها تنتظر دعوتها للمؤتمر الاقتصادى فى مصر، الذى سيعقد فى منتصف مارس بشرم الشيخ.
وأضاف أن قرارات قطر بوقف التحريض غيرواضح. ومع ذلك فوفقا لتقارير مختلفة، فإن بعض قادة جماعة «الإخوان» الذين فروا من مصر وجعلوا الدوحة ملاذهم غادروا لتركيا، وربما فعلوا هذا للتخفيف عن مضيفتهم، ومع ذلك لا يبدو أن الدوحة ستطرد النواة القديمة للجماعة أمثال «القرضاوى» ورفاقه.
وهناك أيضًا تقديرات بفرار «خالد مشعل رئيس المكتب السياسى لحماس من الدوحة إلى تركيا. وعن علاقة قطر مع تركيا فإن الأمر مازال معقدًا.. حيث أعلن رئيس الوزراء التركى أن بلاده سوف تتصالح مع مصر حالة الافراج عن «مرسى»، ووقف الاعتقالات واجراء انتخابات، وفى ظل تلك الشروط فإن استمرار العلاقات الوثيقة بين تركيا وقطر لا تبشر بالخير.
وأضاف أن الجبهة البرجماتية بين مصر والمملكة السعودية تواجه تحديات أكثر تعقيدا بكثير مما كانت عليه فى الماضى، خاصة فى ظل تغيير الظروف فى ليبيا والعراق وسوريا. فتحطم ليبيا وسوريا كان نتيجة لما يطلق عليه ثورات «الربيع العربى»، أما العراق فانهار بسبب التدخل الأمريكى الفاشل – بحد وصفه- وسيطرة الشيعة على مفاصل الدولة.
موضحا أن كل بلد عربى تحدث به أزمة سياسية خطيرة يقوم التطرف الإسلامى بملء الفراغ بها، والآن وبعد سنوات عديدة من العمليات الإرهابية، نجح الإسلام الراديكالى فى السيطرة على أجزاء كبيرة من الأراضى فى العراق وسوريا،وباتت يهدد باقى الدول فى المنطقة. مضيفا أن مصر نجت من هذا المصير بعد صعود الإخوان لسدة الحكم، حيث استطاعت التعافى فى اللحظة الأخيرة.
وأشار إلى أن مصر، بقيادة «السيسى»، تسعى لتوسيع جبهتها التى تواجه الإسلام الراديكالى، فالرئيس المصرى يدعم ويساعد الحكومة الشرعية فى ليبيا فى نضالها ضد الميليشيات المتطرفة. ووجه جهده أيضا صوب الجزائر والسودان.
وفى الوقت نفسه، يواصل «السيسى» قصارى جهده لتعزيز الاقتصاد المصرى، وهو يدرك أن النجاح لن يتحقق إلا إذا قمت بتحقيق التنمية الاقتصادية من خلال الاستقرار الأمنى بإزالة الخطورة التى تمثلها الميليشيات المتطرفة. مضيفا أن «السيسى» يسعى لمعالجة مشاكل الاقتصاد المصرى من خلال اعادة الهيكلية، فقد رفع جزء من الدعم عن منتجات الطاقة، وشرع فى مشروع ضخم بقناة السويس، وبناء آلاف الكيلومترات من الطرق الجديدة.
وفى نهاية التقرير، أكد السفير الإسرائيلى السابق أن «السيسى» لابد له من النجاح، فى الوقت الذى يواصل فيه الغرب رفضه له أو إظهار أى تعاطف تجاهه، وهو ما دفع الرئيس المصرى للتوجه للصين وروسيا، حيث كانت زيارته الأخيرة لبكين والتى وقع خلالها على سلسلة من الاتفاقيات المهمة فى محاولة لتنمية الاقتصاد المصرى وفك ارتباطها عن الغرب. مشددًا على أن «السيسى» لا يرغب فى عودة عهد الاستبداد وتكون بمصر ديكتاتورية كتلك التى فى روسيا أو الصين، لكنه فى نفس الوقت يحتاج إلى مساعدة الولايات المتحدة لتعزيز سبل مواجهة التطرف الإسلامى.