السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«بعد الليل» يعيد نجاح «قهوة سادة» بـ«مركز الإبداع الفنى»

«بعد الليل» يعيد نجاح «قهوة سادة» بـ«مركز الإبداع الفنى»
«بعد الليل» يعيد نجاح «قهوة سادة» بـ«مركز الإبداع الفنى»




تحقيق -هند سلامة
 

حالة مسرحية مختلفة، حققها عرض «بعد الليل» للمخرج خالد جلال خلال الموسم المسرحى الحالى، فبالرغم من أنه مجرد عرض يخرج لمجموعة من الهواة لم يسبق لمعظمهم التمثيل من قبل، إلا أن العرض يشهد بشكل دائم ويومى إقبالاً جماهيريًا كبيرًا على مسرح مركز الإبداع، واحتفاء نقدياً غير مسبوق، ولم يتوقف الإقبال عند الجمهور العادى فقط، بل حرص أيضًا عدد غير قليل من الفنانين على حضور المسرحية، وهو أمر غير متكرر كثيرا مع عروض المسرح، فلم يخل العرض يوميا من حضور فنان أو نجم بين صفوف الجمهور، وكان على رأسهم الفنان عمر الشريف الذى طلب بنفسه الذهاب ومشاهدة المسرحية بعد أن قرأ مقالة نقدية كتبها مفيد فوزى عن العرض، وهكذا يتوالى الحضور والتواجد اليومى بـ«بعد الليل».

فيما حضر مؤخرًا محمود عبد العزيز، ويسرا، وأحمد السقا، وأحمد رزق، وهند صبرى، وفاروق العقدة، وإسعاد يونس، وحسن الرداد، وزياد بهاء الدين، رئيس الوزراء الأسبق، وعماد أبوغازى، وزاهى حواس، وغيرهم الكثير، وبالتالى أصبح «بعد الليل» يعيد الحالة المسرحية التى سبق وأن حققها عرض «قهوة سادة» لنفس المخرج، فضلاً عن أنه كان لكل ممثل بـ«بعد الليل» حكاية يرويها مع ورشة مركز الإبداع.
فى البداية يقول محمد عز، المريض النفسى وهو الشخصية الرئيسية بالعرض الذى ينطلق منه الخط الدرامى للعمل عن التحاقه بالمكان: «كنت أعمل بالتصوير الفوتوغرافى، وأول مرة أمثل فى حياتى بهذا العرض، وبالطبع لا أعتبر دورى بطولة لأن كلنا هنا أبطال لكنه بطولة درامية، فهى الشخصية الرئيسية المبنى عليها الخط الدرامى بالعرض، وكانت فى البداية فكرة ارتجالتها، عن شخصية مريض نفسى حدثت له حالة تشتت بسبب الأحداث الصعبة التى مرت بها البلد وما تعرض له من ضغوط نفسية وعصبية».
وأضاف: «وبعد اقتراحى لهذه الشخصية قام خالد جلال بتطويرها وأخرج منها الخط الدرامى الذى ظهر فى العرض، ثم قام بتدريبى جيدا على أداء الشخصية بداية من الحركة إلى لحظة شتات المريض وقمة انهياره وهياجه الذهنى، موضحًا أن التدريب كان صعبًا خاصة أثناء وجودى معهم فى المشاهد الكوميدية التى أكون مضطرا فيها بالإلتزام بنفس الأداء الجاد والحالة المرضية، وفى نفس المشهد تكون هناك كوميديا صارخة، بالتأكيد كنت أنفصل عن الشخصية فى البروفات الأولى للعرض، لكن مع التدريب تعلمت كيفية الاندماج والانفصال عما يحدث حولى لأن هذا هو مستوى التمرين الذى نتعلمه بالورشة، لذلك لن أشارك بأى عمل مسرحى إلا مع خالد جلال».
وتقول بسنت هشام، التى قدمت دور الشبح: «كنت فى الأساس راقصة باليه، ثم التحقت بفرقة سليم سحاب للغناء، وبعدها تقدمت لورشة التمثيل بمركز الإبداع، وحلمى كان الالتحاق بهذه الورشة منذ نجاح عرض «قهوة سادة»، وأثناء عملنا ببروفات العرض كان المخرج يمنحى جزءاً كبيراً فى كل مشهد، وهو يعتمد على الأداء الحركى أكثر من الكلام لذلك احتاج منى مجهودًا أكبر، وكان المخرج يخاطبنى دائما أن بشرتى البيضاء مع الإحمرار الموجود حول عينى يمنحنى مساحة للعب أدوار رعب، وبالتالى أسند لى دور الشبح بالمسرحية».
ويتابع إسلام عبد الله، الذى اعتمد عليه جلال فى أداء أكثر من شخصية بالعرض: «سبق وقدمت من قبل «استاند أب كوميدى»، وهو بالطبع أفادنى فى الجرأة والوقوف على المسرح والتفاعل مع الجمهور، لكننى أول مرة أحترف التمثيل فى ورشة الارتجال بمركز الإبداع، ومن كان لديه قدرة أكبر على الإرتجال، وخلق فكرة كانت له مساحة أكبر فى العرض، وبعد دراستى هنا لن أفكر فى العودة لتقديم «استاند آب كوميدى» من جديد، لأننى أحب التمثيل وسأستمر به لأن «الاستاند» يهدر الطاقة ويحرق الشخصيات».
أما محمود الليثى، فقال: شاركت بأعمال مسرحية كثيرة منذ عشر سنوات، وبدأت عملى بالجامعة فى المهرجانات وقصور الثقافة حتى علمت بورشة مركز الإبداع من خلال عرض «قهوة سادة»، ومنذ مشاهدتى للعرض حدثت لى حالة من الإدمان للمكان، وتقدمت للدفعة الثالثة حتى التحق بها، وأصبح أحد أحلامى أن أكون مع خالد جلال لكن لم اوفق فى الاختبارات، ثم علمت بعدها بالنظام الجديد للورشة المدفوعة الأجر وتقدمت لها مباشرة، ولن أتردد فى التقدم للمرة الثانية بالدفعة الرابعة لأننى أريد تكرار التجربة مع هذا الرجل من جديد».
ربما كانت نور قدرى، أكثرهم احترافا خارج الورشة، حيث سبق لها العمل بالتليفزيون، كما شاركت بالغناء فى فريق الأحلام لهانى شنودة لكنها أعادت إكتشاف نفسها بهذه التجربة التى قالت عنها: «شاركت فى أكثر من عمل فنى منذ سنوات طويلة، وكنت أعلم أن بداخلى أشياء لم تخرج بعد، لأنه للأسف طوال الفترة الماضية الفرص لم تكن متاحة لتقديم شخصيات متنوعة، لذلك أردت التعامل مع مدرسة خالد جلال، واستطاع بخبرته ومقدرته أن يخرج منى كوميديانة، وكنت لا أتخيل أننى ساقدم شخصية كوميدية يوما ما، خاصة أننى قدمت مسرحاً من قبل مع الفنان سمير غانم، وكنت وقتها أخشى من قول الإفيه».
وتابعت سارة إبراهيم، التى لعبت دور الطبيبة المعالجة وأحد أشباح المريض: «شاركت بالتمثيل من قبل فى مسلسل «الشوارع الخلفية» عام 2011 قدمت فيه 35 مشهداً فقط، وشاركت فى ورش تمثيل مع أكثر من مدرب، لكن فى هذه الورشة أعتقد أن الوضع كان مختلفًا تماما لأننا بعد الدراسة قدمنا عرضاً مسرحياً متكاملاً، فشاهدت كيفية صناعة وتقديم عرض بجودة عالية فما نتعلمه بالورش الخارجية لا يساوى 1 % مما تعلمناه بهذه الورشة».
كما تقول جيهان الرازى: «تعرفت على المكان من عرض «قهوة سادة»، وتمنيت وقتها أن أقف على خشبة هذا المسرح خصوصًا أننى أول مرة أمثل فى حياتى، والإرتجال كان صعباً بالنسبة لى فى البداية، لكننا كنا نعمل لمدة ستة أشهر فى معسكر، وكنت لا أظن أننى استطيع القيام بهذه الشخصيات المتناقضة التى قدمتها بالعرض لكن أقول دائما أن خالد جلال لديه عصا سحرية يستطيع اخراج أفضل ما لدى الممثل، وكان التحدى أن أقدم شخصيات عكس شخصيتى تماما فقدمت المرأة الشعبية والفتاة المقهورة والحمد لله وصل العرض إلى حالة من النجاح لم نتوقعها».
ويضيف أحمد سالم: «أعتقد أننى من أكثر الأشخاص الذين استفادوا من هذه الورشة لأننى كنت أعيش من قبل فى سوريا، ودرست العود وتأثرت بالأستاذ الذى علمنى هناك حتى أن ظهرى انحنى وطاقتى كانت ضعيفة جدا، وكنت فاهم التمثيل بشكل خاطىء، لأننى اكتشفت أنه لابد أن يكون لى حضور وطاقة مختلفة تماما على المسرح حتى يسمعنى الجمهور».
ويقول تونى ماهر، أحد أبطال العرض: «لأول مرة أحترف التمثيل بدخول ورشة للدراسة وقت طويل لكننى سبق ومثلت فى المسرح الكنسى ومسرح الجامعة وقدمت مسرحيات مع قصور الثقافة وجامعة حلوان، لكن كان حلمى الكبير الإلتحاق بالورشة فى مركز الإبداع منذ نجاح «قهوة سادة» بعدها علمت أن المركز سيمنح كورسات قصيرة مدفوعة الأجر فسارعت بالتقدم لها».
ويوضح أحمد هاشم: «كنت فى الدفعة الثالثة الكبيرة، وشاركت معهم فى عروض غناء والقاء ورقص ثم تقدمت فى الدفعة الجديدة بإستوديو المواهب حتى أحصل على خبرة مختلفة، ولم أكن اتوقع هذا النجاح الكبير للعرض لأن الوقفة على المسرح صعبة، وخالد جلال استطاع أن يفتح خيالنا لعمل قصة وفرضية وتعلمنا معه كيفية تقديمها، وهذا أفادنى كثيرًا وتعرفت على نقاط القوة والضعف فى شخصيتى».
وتابعت إسراء الصابونى: «كنت أمثل فى طفولتى بمسرح الطفل مع السيد راضى حتى المرحلة الثانوية، وبعدها تركت التمثيل ثم قررت العودة من جديد، وعندما فكرت فى المسرح كان خالد جلال بالنسبة لى البوابة السليمة والصحيحة للدخول لهذا العالم حتى أتعلم جيدا، وهو علمنى كيفية التفاعل الحى مع الجمهور لأن الإتصال معه عادة يكون فورى، الأمر الذى يدفعنى إلى أن أتعلم كل يوم ما هو جديد».
من جانبهم قال المخرج خالد جلال عن هذه التجربة وورشة التمثيل والإرتجال بمركز الإبداع: «خلال الورشة كان تركيزى على الهدف مباشرة، بمعنى أننى أبحث عن أفضل الأشياء داخل الممثل واكشف له المناطق المهمة بداخله التى تجعله يتعلم كيف يستطيع تحليل الشخصية التى يقدمها، كما أن عامل الزمن جعلنا نعمل بشكل أسرع، وفى النهاية لم يتوقع أحد منهم أن يقدم عمل بهذا النسق وبهذا الحجم، خاصة وأن هناك 7 أشخاص فقط مثلوا من قبل فى الثقافة الجماهيرية، وما يقرب من 26 ممثلاً ليست لديهم أى خبرة سابقة بالتمثيل، ويعملون فى مهن بعيدة تماما عن الفن».
وعن توقعه المقارنة بين هذا العمل و«قهوة سادة» أوضح: «هذا هو أول عرض مسرحى تمثيل بعد «قهوة سادة»، والناس دائما تتذكر «قهوة سادة» لأن ما تم تقديمه من عروض بينه وبين هذا العرض كانت عروض إخراج وغناء وإلقاء واستعراض مثل «أين اشباحى، غنا للوطن، البوصيرى، ماكبث»، فهى فى النهاية ليست عروض تمثيل لذلك يعتبر «بعد الليل» هو العرض الرابع فى مدرسة التمثيل والإرتجال بعد «هبوط اضطرارى» عام 2004، ثم بعدها عرض تخرج الدفعة الأولى «أيامنا الحلوة»، وأخيرا كان عام 2008 «قهوة سادة»، الذى استمر بنجاح حتى عام 2010».
وتابع جلال: «لذلك وضعت فى ذهنى المقارنة مع «قهوة سادة» لأن الجمهور فى النهاية لا يعنيه أن هذه هى المرة الأولى للممثلين على خشبة المسرح، فالعرض سيكون منتج مركز الإبداع الفنى، ما دفعنى إلى أن أكون حذراً للغاية أثناء خروج المشروع للنور، لأن من يقف على خشبة هذا المسرح لابد أن يكون فى نفس مستوى من يتخرج فى مدرسة استديو مركز الإبداع، وأثناء المحاضرات كنت أقول لهم دائمًا إن لم تكونوا على نفس المستوى ستحصلون على شهادة التخرج فقط دون عرض، وكان هذا هو التحدى الذى تحدوه لأنفسهم، وعملى هنا بالعرض يكون مخرجًا ودراماتورج فى نفس الوقت، لأننى أضع أفكاراً يقومون بالإرتجال عليها، ثم أعمل على صياغة هذه الإرتجالات، لتأتى أصعب مهمة وهى اختيار 11 مشهدًا من 200، وكيفية تحويل العرض من 200 ساعة إلى ساعة ونصف الساعة فقط».
وعن اعتماده على العمل الجماعى فى «بعد الليل» قال: أحب التشكيل الجماعى على المسرح خاصة فى القاعات الصغيرة، وهو أصعب فى الإخراج من الإعتماد على الممثل الواحد، كما أن الإعتماد على الجماعة أفضل فى هذا النوع من الممثلين لأن الاعتماد على ممثل بمفرده أو اثنين فقط يحتاج إلى حرفية عالية فى الأداء.