الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بعد «شارلى إيبدو».. الدور على الفضائيات!

بعد «شارلى إيبدو».. الدور على الفضائيات!
بعد «شارلى إيبدو».. الدور على الفضائيات!




أشرف بدر

من يلعب بالنار حتما سيكتوى بها.. وهنا البداية.. ففرنسا التى أفاقت عاصمتها  باريس على وقع هجوم «إرهابي» يعد الأكثر دموية منذ 40 عاماً، نفذه مسلحان «محترفان» على مقر صحيفة «شارلى إيبدو» الأسبوعية الساخرة، فى اعتداء غير مسبوق أوقع 17قتيلا و11 جريحا.. هى أول من دعم وسهل سفر الارهابيين من بلادها إلى سوريا والعراق، ورئيسها أولاند كان من الناشطين من أجل تدمير القدرات العسكرية السورية مستغلا قضية «الكيماوى المفبركة» على يد الغرب وإسرائيل.
وقبل ذلك ضرب الإرهاب اسطنبول واوقع ضحايا، ومن منا لا يعرف التمويل والاحتضان التركى للإرهاب فى سوريا والعراق وليبيا ومصر ماليا ولوجستيا وعسكريا وتسهيل مهمة الإرهابيين للوصول  لتلك الدول.
إن البعض يرى أن ما حدث هو نتيجة حتمية لسياسة أوروبية بتخطيط وتحريض أمريكى لدعم الإرهاب بالمنطقة وتفتيت الدول العربية التى تملك النفط، علاوة على السياسة التسويقية التى أنتهجتها مجلة الإثارة «شارلى إيبدو» منذ عدة سنوات سمحت لها برفع حجم مبيعاتها، وأساس هذه السياسة هو «التحرش الدينى» بالإسلام والمسلمين والسخرية منهما.
كما أن استهداف «شارلى إيبدو» لا يبدو مستغربًا، إذ إن الصحيفة الأسبوعية اعتادت رسم صور اعتبرها كثيرون مسيئة للإسلام ولنبيه محمد (ص)، وكان آخرها رسمًا لشخص ملتح يمسك سكينًا ويهم بذبح ملتح آخر وكانت الإشارة للملتح الآخر على أنه النبى محمد مع سؤال أسفل الرسم يقول «ماذا لو عاد النبى محمد للحياة؟» وهو ما قد يُفهم منه أن السخرية هنا من الإرهابيين أنفسهم الذين يكفرون البشرية جمعاء!!
نعم.. لا.. لتبرير الإرهاب الداعشى المتطرف.. ولا للإرهاب الفرنسى المتمدن كما يدعون.. نحن فقط مع الحق والمظلوم مهما اختلف دينه ومذهبه.. وعليه نخشى أن يتحول الانتقام من الإعلام المسىء للرسول ودينه الخاتم «بحجة حرية الرأى»، ليشمل الفضائيات التى تسىء للإسلام والمسلمين وللاسف أعدادها فى تزايد على المستوى المحلى، وداخل الدول الإسلامية نفسها، وتقوم بذلك بتحريض وتمويل من الآخر الذى يكره كل ما هو إسلامى وعربى!!
وبالرغم من حالة الغضب والخوف الفرنسى والغربى، إلا أن ما حدث كان متوقعاً  من خلال تقارير أمنية واستخباراتية، تؤكد أن عواصم العالم ستشهد أعمالاً إرهابية متلاحقة، وهو ما أعلنته المنظمات الإرهابية  المتطرفة أكثر من مرة رداً على التحالف الدولى ضد «داعش».
كما أن التقارير الأمنية أعلنتها صراحة بأن الإرهاب سينتقل لأوروبا، خاصة على يد من تدرب على حمل الأسلحة وفنون القتال وكانوا ضمن صفوف داعش، ولا ننسى ان هناك مراكز تدريب سبق أن أعلنت عن وجودها بشكل محدد بدول أوروبية وأشهرها بلجيكا.
كما سبق أن أعلنت إنجلترا عن تقارير أمنية تؤكد أن هناك أكثر من عشرين شخصاً عادوا من سوريا لتنفيذ عمليات إرهابية فى البلاد، وأيضا فرنسا وهولندا وغيرهما لم يستبعدوا ذلك.
بينما عزت صحيفة «الجارديان البريطانية» سبب الهجوم إلى رواسب تاريخية قبل نحو نصف قرن، وأنه لا يزال هناك شعور قوى بالاستياء بين المجتمعات المغتربة التى تعيش فى المناطق السكنية بضواحى العاصمة الفرنسية، وكثير منهم مسلمون أصلهم من شمال إفريقيا ويشكون من أن التمييز ضدهم يمتد إلى كل ميادين الحياة، من السكن والعمل إلى حق التعبير الدينى.
وأشارت الصحيفة إلى أن خطاب الكراهية ضد الدين ساد فى فرنسا الحديثة ويتم التلاعب به لأغراض سياسية من قبل اليمينيين واليساريين، كما أن سياسة الهجرة تشكل جزءا أساسيا لكل هذا الخطاب.
ولعلنا نشير فى هذا الأمر إلى  التحذيرات المصرية على لسان الرئيس السيسى، من خطورة التهديدات الإرهابية التى تواجهها دول المنطقة العربية سواء فى ليبيا أو سوريا، محذرًا من أن ذلك سيطال أوروبا فى يوم ما، وكانت صحف غربية وعلى رأسها «الديلى تليجراف» البريطانية، قد حذرت مما أسمته «هجمات الذئاب المنفردة»، فى إشارة لعناصر إرهابية نائمة تعتنق أيديولوجية «داعش» ويمكنها القيام بهجمات إرهابية فى أوروبا على غرار ما حدث فى فرنسا.
 ومن أسف  أنه لم يستمع الغرب إلى تلك التحذيرات العربية، ولم يتخذ أى إجراءات ضد هذه التنظيمات، بل ورفض تصنيفها على انها إرهابية بما فيها «داعش» التى يسوق لها منظمات عديدة مثل القاعدة وطالبان ومنظمات متشددة بأوروبا، وسبق وأعلنتها مصر ودول الامارات العربية والسعودية أنها «إرهابية» بينما – وكالعادة - لغرب رفض الاعتراف بذلك واستمر فى تمويلها ودعمها!!
ومما يؤكد تلك السياسة العنصرية الغربية البغيضة.. اشتعال المظاهرات فى كل مكان فى ألمانيا، وعدد من البلدان الاوروبية ضد الجالية المسلمة بالبلاد تريد طردهم، رغم ان فرنسا نفسها نفت تماما عن الاسلام والمسلمين مسئولية الهجوم أو أن يكون لهم  علاقة بهذه المنظمات الارهابية.
وهناك رواية لا يمكن تجاهلها وهى مسئولية الموساد الإسرائيلى فى الحادث الفرنسى  لزيادة الكراهية ضد الجاليات العربية والمسلمة فى أوروبا التى قويت شوكتها بشكل يقلق أعداء الإسلام، وهنا نشير إلى ما نشرته الصحف الفرنسية عن  فتاة صهيونية تشتكى تعرضها لتحرش واعتداء من شاب ذو ملامح شرق أوسطية وعربية، وخلال التحقيق فى شكواها اتضح كذبها، فما كان منها إلا أن تعترف بكذبها، وأن هدفها كان ملاحقة العرب والمسلمين!
وتزامن مع هذه الواقعة إلقاء القبض من قبل الشرطة الفرنسية على رجل دين صهيونى كان يعتدى على الكنس اليهودية فى باريس ليتهم بها كل عربى وكل مسلم.
وربما نرى فى الشماتة الإسرائيلية للحادث على «تشارلى إيبدو» مبررا لاتهام الموساد بتدبير الهجوم الدامى فقد خرجت معظم الصحف الإسرائيلية بعناوين كثيرة من بينها «جزاء فرنسا لدعمها  الفلسطينيين بمجلس الأمن.. بينما نتنياهو يتهكم قائلا: «إرهاب الإسلام» يهدف لإبادة مجتمعاتنا.
ووصل الأمر أن  يرقص وزير المالية الإسرائيلى المتشدد نفتالى بينيت، على دماء الضحايا الفرنسيين، ويسخر قائلا: على الفرنسيين إنهاء الاحتلال وتقسيم باريس بينهم وبين «المسلمين الأصوليين»!!    
إن المسيرة الجماهيرية فى باريس التى يتقدمها القادة الأوروبيون اليوم «الأحد»  تعكس إشارة قوية لتوحيد الصف الأوروبى  ضد الإرهاب، يجب ان يتزامن معها  الفهم الحقيقى  لحرية الرأى،  فالسماح لصحيفة متطرفة بالإساءة لرسول الله محمد (ص)، بينما لا تسمح لأى شخص بالتشكيك فى محرقة اليهود وتجلبهم للقضاء، ما هو إلا فهم مغلوط ومستفز لحرية الرأى والفكر البغيض، وستجنى الدول الغربية  من ورائه الكثير من البغض والعنف!!