الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

د. حسام عطا يكتب: هروب الفضائيات.. من تجديد الخطاب الدينى

د. حسام عطا يكتب: هروب الفضائيات.. من تجديد الخطاب الدينى
د. حسام عطا يكتب: هروب الفضائيات.. من تجديد الخطاب الدينى




طرح الفنان إيمان البحر درويش مع المذيعة منى سلمان فى برنامج مصر فى يوم قضية هامة تعقيبًا على مؤتمر مكتبة الإسكندرية حول تجديد الخطاب الدينى، إذ سأل لماذا غاب دور الفن فى تجديد الخطاب الدينى ومحاربة الإرهاب عن جدول أعمال المؤتمر؟ وهو سؤال شديد الأهمية يدعونا لملاحظة أخرى هى سؤال كبير آخر، لماذا غاب تجديد الخطاب الدينى عن معظم البرامج الحوارية مع أنها قضية شديدة الأهمية ومطروحة على الرأى العام الآن؟ حقيقة الأمر أن الإعلام ساهم فى تعميق الفجوة بين مؤسسة الأزهر ومؤسسة الثقافة المصرية عندما تحدث وزير الثقافة د.جابر عصفور عن تجديد الخطاب الديني، حتى أن تامر أمين كان قد شن هجومًا حادًا عليه إثر كلمته فى افتتاح المسرح القومى والتى كان يحكى فيها حكاية تاريخية عن مسرحية عبدالرحمن الشرقاوى الحسين شهيدًا عندما عرضها كرم مطاوع فى هيئة مجموعات تدريبات نهائية، لأن الرقابة منعتها عقب استطلاع رأى الأزهر الشريف الذى كان قد وافق لولا اعتراض ثلاثة من شيوخه. سماحة الشيخ الطيب حكى لى عنها د. جابر عصفور بنفسه عندما قال لى إن فضيلته دعا له الله بالتوفيق فى إصلاح الشأن الثقافى عندما طلب منه ذلك، الشيخ الجليل جميعنا نحبه وهو لا يدخل فى خصومة نهائية، الشيخ الجليل محاصر من الداخل ببعض من حساسية مشايخ وطلاب الأزهر الشريف الذى لا يحبون إلا أن يصلحوا هم من بعض الغموض فى مناهجه وهم يغضبون لأنهم ونحن معهم يثقون فى أنهم أعلم بشأنهم من غيرهم، وحقيقة الأمر أن الخطاب الثقافى الذى طرحه الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسى ليلة الاحتفال بالمولد النبوى حول الفرق بين الفكر الذى تحول لنصوص مقدسة وبين الدين وتعاليمه كان خطابًا تقدميًا ومغامرًا، وإذا كان الإعلام يخشى مناقشة الأمر بعد أن تصدى رأس الدولة له بوضوح وببساطة متناهية، فشاشات الإعلام تخشى على شعبيتها، فهذه المنطقة المحرمة فى وجدان وعقل المصريين هى أقصر الطرق كى يفقد المحاور التليفزيونى شعبيته إن أساء البعض فهمه، ولكن المعالجات الحكيمة مثل فتوى جواز تهنئة الأقباط بالأعياد الدينية الخاصة بهم، هى فتوى صادمة تخفف من الغلو فى تفسير فقه الولاء والبراءة على سبيل المثال، وكانت فتوى واضحة لمفتى الديار المصرية د. شوقى علام، وهو أزهرى جليل، هذا فى تقديرى هو التطبيق العملى الجماهيرى لتجديد الخطاب الدينى أما الشأن الفقهى التخصصى الدينى فمكانة بالتأكيد فى قاعات خاصة مغلقة، ربما يدعو الأزهر لها من يشاء من المفكرين إذا أراد، أما دورنا فهو تحديد الأهداف الضارة والمؤثرة فى الوعى الشعبي، مثل الخرافات الممزوجة بتجارة الجن والعفاريت التى تحتاج لفتوى واضحة، ومثل تكفير الناس السهل المجاني، ومثل فهم الإسلام للديمقراطية والانتخابات وتداول السلطة، وغيرها من الأمور، وعلى رأسها خلط الدين بالسياسة، وإذا كان مؤتمر مكتبة الإسكندرية عاد إلى جذر المشكلة ألا وهى إزدواجية التعليم الدينى والمدني، فهى مشكلة الحداثة المصرية كلها إذ أن محمد على عندما أراد أن يتخلص من عمر مكرم وسيطرة المشايخ عليه فصل بين التعليم الدينى والمدنى فأخر التطور الطبيعى للمجتمع المدنى المصرى، ومكسب الأزهر الحقيقى المطروح الآن هو الدعوة لإعادة تجديد الفقه فى عالم متغير معاصر تجديد يفيد الدين ولا يعزل الأزهر، كما أراد محمد على عن الحياة السياسة والاجتماعية والثقافية، وكذلك اتاحة الفرصة لمن هم فى التعليم المدنى لتلقى علوم الدين الصحيح، القضية معقدة وتحتاج لسنوات طويلة ولمواجهات عاجلة فى أهم القضايا التى تساعد على عودة النسيج المجتمعى المطمئن ولذلك فصوتى مع منى سلمان وإيمان البحر درويش فى تلك القضية التى تخافها الشاشات الفضائية.  وهى التى تسببت فى هجوم وتوتر عاشه وزير الثقافة المصرى الذى نناشده الاهتمام بمشاكل الثقافة المصرية، وهى كثيرة، فقد كان رأيه الفكرى صادر من رأس المؤسسة الثقافية، وليس من جابر عصفور المفكر، وهو لم يستهدف الحذر السياسى اللازم فى لحظة امتنان الدولة والمجتمع لدور الأزهر الوسطى الوطنى فى ثورتى يناير ويونيو، فهل تقدر يا إيمان البحر على تلك المنطقة الشائكة، الفنان والمثقف عندما يتحدث فى تجديد الخطاب الدينى؟، بالأصالة عن نفسى وبالنيابة عن د.جابر عصفور أؤكد احترام مؤسسة الثقافة المصرية للأزهر الشريف هكذا قال لى وزير الثقافة، مؤكدًا حبه واحترامه العميق للشيخ الطيب، وهكذا أدعو الإعلام لإيضاح الأمر وإزالة التوتر وعدم الخوف ثقة فى سماحة ورجاحة، عقل فضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب، الذى له كل المحبة والتقدير من مسلمى وأقباط مصر معًا.