الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

أوروبا: لا «سلام» مع «الإسلام»

أوروبا: لا «سلام» مع «الإسلام»
أوروبا: لا «سلام» مع «الإسلام»




تحقيق- نسرين عبدالرحيم

فى صبيحة الحادى عشر من سبتمبر عام 2001 استيقظ العالم على مشهد سيظل يذكره التاريخ بأنه واحد من أبشع العمليات الإرهابية التى راح ضحيتها المئات من الأشخاص حيث قام إرهابيون بخطف طائرات مدنية وتفجيرها ببرجى التجارة العالمية وبعد هذا الحادث قام الإعلام العالمى بإلحاق التهمة بالإسلام والمسلمين مما سهل للولايات المتحدة أن تتخذها ذريعة لإعلان حربها ضد الإرهاب.
ولم يدرك الشرق الأوسط وقتها أن هذا الإعلان كان مقصودا به دول كائنة فيه مثل أفغانستان والعراق، بزعم وجود تنظيمات إرهابية فى هذه الدول وهى القاعدة وطالبان، ومن المعروف أنها تنظيمات دعمها الغرب مسبقًا للقضاء على الاتحاد السوفيتى.

ومنذ أيام.. تابعنا حادثًا مشابهًا فى فرنسا، مع الفارق فى عدد الضحايا الذين راحوا فى هذا الحادث، ومن ثم أعلن الرئيس الفرنسى أيضًا الحرب على الإرهاب، فأى المناطق التى ستتلقى ويلات تلك الحرب الجديدة بين دول الشرق الأوسط، ويأتى هذا فى ظل تصاعد مخاوف داخل أوروبا من زيادة سيطرة الإسلاميين على القارة العجوز، وهو ما تحدث عنه كتاب «الخضوع» لكاتب فرنسى توقع فيه أن يكون الرئيس الفرنسى القادم مسلما، فى حين أن الغرب «أوروبا وأمريكا» يستغلون ذلك للخلط بين الجماعات الأصولية التى تتخذ العنف ذريعة للقتل، وبين الإسلام الوسطى السمح، حتى تبرر الإجراءات التصعيدية التى تنوى اتخاذها فى هذا الإطار.
وعن ردود الأفعال المرتقبة فى العالم وما يجب أن تتخذه مصر وما هى قوة ونفوذ وأماكن تدريب الإرهابيين التقينا عددًا من المفكرين والمحللين السياسيين حيث أكد المفكر الإسلامى الدكتور ناجح إبراهيم، أن صحيفة «شارلى إيبدو» الفرنسية الساخرة، هى صحيفة يسارية متطرفة تكره كل الأديان السماوية وليس الدين الإسلامى فحسب، وكانت قد سخرت من الديانة المسيحية والسيدة مريم، وسخرت من اليهودية وكل ما يتعلق بديانات اليهود، قبل واقعة الهجوم عليها، قامت بإعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول الكريم، ونشرت رسومات مسيئة لزعيم داعش أبو بكر البغدادى، وعقب ذلك، قام اثنان ملثمان بالهجوم على الجريدة، وقتل الصحفيين الذين كانوا بداخلها، وقتل اثنين من المسلمين أثناء مطاردات مع الشرطة الفرنسية فى أحد الأكمنة، ليصل عدد الضحايا إلى 12 قتيلًا.
وأضاف ناجح أنه عندما كانت تسخر الصحيفة من الديانة المسيحية ومن السيدة مريم، فلم يقم أحد من المسيحيين باستخدام العنف أو الرصاص فى الرد على الصحيفة، وعندما سخرت من الديانة اليهودية أيضًا لم يقم المسيحيون واليهود بالرد على الصحيفة، لأنهم يعرفون جيدًا أن أى استخدام للعنف سيكون ضد مصلحتهم، وسيشوه من صورتهم، ولكن المنتمين لداعش قاموا بهذه الفعلة لأنهم لا ينظرون سوى تحت أقدامهم، وأغلب الظن أنهم فعلوا ذلك بسبب الرسومات المسيئة لأبو بكر البغدادى (قائد تنظيم داعش).
وأشار إلى أن الأجدر بهم محاربة الفكر بالفكر والرأى بالرأى، وذلك أجدى، أى الأفضل محاربة الكفر والإلحاد بالدعوة إلى الله، فالعنف ينفر عن الدين، بالإضافة إلى أن ذلك الحادث خدم سياسة الجريدة وملاكها أكثر، حيث جعل الجريدة أكثر شهرة، ومن المرتقب أن العدد المقبل للجريدة سيكون أوسع انتشارًا وسيباع الكثير من النسخ.. فاستخدام العنف يسىء للإسلام ويضر بقضاياه الإسلامية العادلة، ويضر بالمراكز الإسلامية بفرنسا، ومن الممكن أن يؤدى إلى إغلاقها وإلى طرد المهاجرين المصريين وصعود التيار اليمينى المتشدد، الذى يدعو لطرد الأصول العربية من فرنسا، أى أن تلك القضية ستعطى قبلة الحياة لجميع التيارات اليسارية المتطرفة، وتجعلها تصطاد فى الماء العكر، ليس هذا فحسب، بل ستنعكس تلك العملية الإرهابية على توحد أوروبا ضد المسلمين الذين يعيشون فى أوروبا، وسيصبحون فى مواجهة حرب لم يستشاروا فيها ولم يجهزوا لها ولا يرغبون فيها، بل وسيضاف بلد جديد إلى البلاد التى تواجه المسلمين بعد أمريكا فى 11 سبتمبر وبريطانيا فى تفجيرات مترو لندن وإسبانيا فى تفجيرات مترو مدريد، لتصبح فرنسا بعد مقتل الصحفيين آخر المنضمين لهذه القائمة.
بينما أكد خالد الزعفرانى أن ما حدث رسالة لأوروبا والغرب، أن الجماعات المتطرفة انتشرت وأخذت أكبر من حجمها، وأن أوروبا وأمريكا ليستا بعيدتين عن نشاط تلك الجماعات، وإذا كانت أمريكا والغرب استخدموا القاعدة فى القضاء على الاتحاد السوفيتى، فإن الوضع فى الشرق الأوسط حاليًا يختلف، فالشرق الأوسط قريب من أوروبا وأمريكا، ولا يمكن للإرهاب أن يظل حبيسًا فى سوريا والعراق وليبيا، بل سينتقل إلى أوروبا والغرب يجب أن يعلم أنه سيدفع ثمن مساعدته لتلك الجماعات الإرهابية، وأن عملية فرنسا لن تكون الأخيرة، بل ستتبعها عمليات أخرى، وسيترتب على هذه العمليات انتشار الإسلاموفوبيا، واضطهاد المسلمين فى أوروبا وأمريكا، فعلى الغرب أن يغير وجهة نظره ناحية كل الجماعات الأصولية، ويعيد النظر فى دعمه للجماعات الإرهابية، ويعلم أن هناك تشابهًا فكريًا بينها وبين الأفكار القطبية من جماعة الإخوان.
وعن علاقة فرنسا بمصر، أكد أنها ستكون أفضل الآن، لأن ما حدث أكد مقولة الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن الإرهاب ليس له وطن، فالعملية الأخيرة تعطى مصداقية وتبشر بتحسن العلاقات بين فرنسا ومصر ودول الخليج.
ومن جانبه أكد العميد حسين حمودة مصطفى، وأن ردود الفعل لما حدث بفرنسا ستكون على مستويين المستوى الإقليمى والدولى، والمحلى والعربى، فعلى الصعيد الدولى سيتم اتخاذ تدابير أمنية وقانونية فى أمريكا وأوروبا، مثل الرقابة على الحدود والأسلحة وقوانين مقيدة للحريات للتنصت على الإنترنت والتليفونات إضافة إلى اتفاقيات أمنية بين الأجهزة.
على الصعيد الإقليمى، هناك تعاون عربى بين مصر ودول الخليج فى مكافحة الإرهاب، والانشقاق «التركى - القطرى» سيظل المحور الذى يدعم الإخوان والمتطرفين، ومن ثم فأى صراع قائم سيكون بين محور مصر ضد الإرهاب والإخوان.
على الصعيد المحلى، فإن مصر ستتم اتفاقيات تعاون بينها وبين دول العالم لتداول معلومات حول مكافحة الإرهاب، إضافة إلى أنه سيتم الإسراع فى تفعيل القوانين الداخلية، مثل قانون الكيانات الإرهابية، ولابد أن تقوم مصر بتفعيله وإنجازه.
وأضاف حمودة، أنه فى الفترة منذ عام 2003 وحتى عام 2013، وتحديدًا فى 2007، كانت العلاقة بين أمريكا والإخوان تسمى بعلاقة الارتباط طبقًا للوثائق، حيث عقدت كوندليزا رايس صفقة مع الإخوان طبقًا للوثائق الأمريكية، مقتضاها التمكين مقابل تأمين خروج أمريكا من أفغانستان، وكان من المفترض أن يحدث الخروج الآمن لأمريكا فى 2014، إلا أنه تأجل لـ2015، وأيضًا تنص الاتفاقية طبقًا للوثائق على أن تحل القضية الفلسطينية بأكبر تنازلات من الجانب العربى لإسرائيل، بحيث يتحول الصراع العربى - الإسرائيلى إلى صراع سنى -شيعى إسلامى، وذلك لتفتيت المنطقة على أساس اتفاقية «سايكس بيكو» ومن ثم تصبح إسرائيل الدولة الكبرى.
وأضاف: أما فى عام 2013، فهو يعد بمثابة مرحلة الزواج العرفى مع التيار الإسلامى، فبعد أن كان هناك عداء بين الإخوان والقاعدة وأيمن الظواهرى، الذى كان يكفر مرسى أصبحوا أحباء، فجأة وتم تجميعهم فى سيناء وأخرجهم الإخوان من السجون إلى أن حدث ما حدث فى 30 يونيو وتم إفساد المخطط.
وهناك الآن محاولات مستميتة من أمريكا، حيث يسمون تلك المرحلة «مرحلة الإنهاك»، أى يريدون إنهاك الدولة المصرية التى تمردت فى الشرق الأوسط على السيد الأمريكى وإعادة موازين القوة فى سوريا لصالح روسيا أى أن أمريكا الآن لا ترحب بالإخوان ولا بالدولة المصرية التى تجمع حولها الخليج العربى، ولكنها تحاول اللعب على الحبلين.
وعن الأسباب التى أدت لاستهداف فرنسا بالتحديد للقيام بتلك العملية، والتوقيت أكد أنه تم استهداف الجريدة شارلى بالتحديد، لأنها أساءت منذ عدة أعوام للرسول، وهذا سيثير تعاطف العالم الإسلامى مع الإرهاب، واختاروا أيضًا المتجر اليهودى لخلفيات تاريخية وعداء ضمنى مع اليهود.
وبالنسبة للأسلوب المستخدم، فقد حدثت تفجيرات فى عام 2006 بمترو الأنفاق، وكان من خلال زرع قنبلة وتركها، أما الأسلوب الذى استخدم مؤخرًا، فهو يدل على حدوث تطور حيث أصبح باستخدام أسلحة تقليدية حديثة مثل الكلاشنكوف يقوم بها الأشخاص من دون الاهتمام إذا كانوا مرصودين بكاميرات مراقبة، وقد أثبتت تلك الجريمة أيضًا، أن هناك مسرح تدريب خفيًا للجهاديين، وهو فى فرنسا، مضيفا أن هذا الأسلوب يكشف عن تطور الأساليب، ويكشف عن أن أحد منفذى العملية تم تدريبه فى فرنسا، وهم «كولوبالى» والاثنين الآخرين تم تدريبهما فى اليمن والعراق، فنسبة 40٪ من المسجونين داخل فرنسا مسلمون، سواء من أصول إفريقية أو عربية.
أما عن أداء المنظومة الأمنية الفرنسية، فهو يثير الدهشة والتساؤل، لما به من فشل، فالمنظومة الأمنية الفرنسية لم يكن شكلها جيدًا، وهو الأمر الذى يقودنا إلى أحد سيناريوهين، إما أن تكون العملية تمت بتقصير أمنى أى بحسن نية، أو أن هناك سوء نية، جعل هناك تقصيرًا ليتم الحادث وليكون مبررًا لاضطهاد المسلمين ككل.
ومن الغريب أنه قبل الحادث بـ24 ساعة، ارسلت المخابرات الجزائرية تحذيرًا إلى المخابرات الفرنسية، بأن هناك عملية إرهابية لعناصر ذات أصول عربية مغربية، ستحدث على أراضيها وأيضًا لأن تلك الجريدة كانت هناك محاولات لضربها منذ سنوات، وبالرغم من التحذيرات، لم يتم وضع عسكرى واحد على بابها، أو وضع كاميرات مراقبة، وتلك العوامل تجعلنا نرجح أن المؤامرة تهدف إلى حدوث حادث كارثى، يكون مبررًا للتضييق على الحريات ومراقبة العرب، خصوصًا أن هناك اتجاهًا يساريًا متطرفًا للعداء ضد المسلمين، وليس الإرهابيين وهو ما يسمى بـ«الإسلاموفوبيا».
وأخيرًا تأكد العداء الآن فى أوروبا للمسلمين ففى ألمانيا أظهر إحصاء جديد أن 57٪ متخوفون من الإسلاميين وازدياد نفوذ المسلمين فى المجتمع الغربى، بالإضافة إلى أنه سيكون هناك حرب ضد الإرهاب، وتخوف من المنظمات الإرهابية، لهذا أعرب رئيس فرنسا أنها ستكون حرب ضد الإرهاب، وإذا كان هناك حكمة فى التعامل فى أوروبا، فلن يزداد التعاطف من جانب المسلمين مع الإرهابيين، أى ستحدث مطحنة فى أوروبا بين التنظيمات التى تحارب العرب والمسلمين من جانب، وبين من يحاربون الإرهاب، ومن العوامل التى زادت التأجج فى فرنسا كان كتاب «الخضوع» لمؤلف فرنسى، الذى توقع أن رئيس فرنسا فى المستقبل سيكون مسلمًا.
وعن مسارح التدريب للعناصر الإرهابية بصفة عامة، فهم واحد من اثنين، أما من يسمون بالذئاب المنفردة، وهم عناصر لا تربطها شبكة إرهابية معينة، سبق وسافروا إلى المنطقة الحدودية بين أفغانستان وباكستان، حيث توجد قاعدة أمريكية بها معسكرات تدريب، وهم من قاموا بارتكاب الجريمة فى فرنسا، وهم فئة يتم تدريبهم فى سوريا والعراق، أى ما يسمى بإقليم الدول الإسلامية (داعش)، وهناك مسرح عمليات ثالث بليبيا، أى هناك ثلاثة مسارح رئيسية للتدريب، والرابع باليمن، وبالنسبة لما حدث فى فرنسا، فواحد جاء من العراق وواحد جاء من اليمن، وتم التنفيذ فى باريس وضواحيها شمال وشرق مسرح تدريب الإرهابى، واحد تدرب فى اليمن، وواحد بسوريا والعراق، وسبق محاكمته لإرسال مجاهدين للعراق، واحد من الأخوان وواحد على علاقة بأنور العولقى زعيم تنظيم القاعدة فى شبه جزيرة العرب الذى موطنه اليمن.