السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فشل «أوباما» فى ملف الشرق الأوسط يضع «تل أبيب» فى مواجهة مع «واشنطن»

فشل «أوباما» فى ملف الشرق الأوسط يضع «تل أبيب» فى مواجهة مع «واشنطن»
فشل «أوباما» فى ملف الشرق الأوسط يضع «تل أبيب» فى مواجهة مع «واشنطن»




ترجمة ـ إسلام عبدالكريم
 

خاضت السلطة الفلسطينية حربا ضروساً على الصعيد السياسى ضد الاحتلال الإسرائيلى خلال العقود الأخيرة الماضية، كللتها بانضمامها للأمم المتحدة قبل عامين، ما تسبب فى صدمة شديدة لإسرائيل – ساسة وعامة – إذ برزت أهمية المساعى التى بذلها الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، على الصعيد الدولي، ودوره فى تدويل القضية الفلسطينية للحصول على دعم فى المحافل الدولية.

وخلال الأعوام الماضية كانت الولايات المتحدة هى اللاعب الرئيس على الساحة، والتى كانت تملك «كارت الضغط» على إسرائيل وعلى السلطة أيضا، للجلوس على طاولة المفاوضات، ربما لم تضغط بما فيه الكفاية على تل أبيب لتقديم تنازلات، إلا أن البيت الأبيض كان له مهمة بالغة الأهمية للإتيان بحكومة الاحتلال على طاولة المفاوضات، فى الوقت الذى كانت تحافظ فيه على قناة اتصال مباشرة مع تل أبيب تنسق من خلالها الشروط المطروحة للنقاش.
وفى الأوقات التى اتسمت فيه العلاقات بالتوتر بين البلدين، كان هناك خط تواصل بين الجانبين، بالتوازى تحافظ واشنطن على اتصالاتها مع السلطة الفلسطينية، وتقدم لها مساعدات مالية، وتضمن لها فى أوقات كثيرة نقل الأموال المستحقة كضرائب من إسرائيل إليها لتدفعها السلطة لموظفيها فى الضفة الغربية وقطاع غزة أيضا.
وتدرك جميع الأطراف «إقليمية ـ دولية» أن لواشنطن دور أساسى فى العملية السلمية، وأن الطريق لتسوية دائمة سيمر فقط عبر البوابة الأمريكية، علاوة على أن إسرائيل تعى الأمر جيدا، لذا فهى تحافظ على العلاقات الإستراتيجية مع الدولة الحليفة، لكن هذه العلاقات لم تجعل إسرائيل تطمئن بشكل قاطع لحليفها، خاصة أن العلاقات اتسمت بالاضطراب خلال الأعوام القليلة المنصرمة.
فى هذا السياق أعد مركز دراسات الأمن القومى الإسرائيلي، تقريراً عن فرص واشنطن لمواصلة المسيرة السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين فيما يلى الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية فى مارس المقبل، والتى أعدها الباحث زكى شالوم، وخلالها أوضح أن وزير الخارجية الأمريكى جون كيري، أوضح فى محادثة أجراها مع 28 سفيراً أوروبيا فى الـ18 من ديسمبر 2014، أوضح انه وحتى إجراء الانتخابات فى إسرائيل فإن الولايات المتحدة لن تسمح باتخاذ قرار متعلق بالمسيرة السلمية بين الفلسطينيين وإسرائيل فى مجلس الأمن لصالح مستقبل الدولة المرتقبة.. وأضاف شالوم إن كيرى لم يستبعد تدخل مجلس الأمن بطريقة ما فى العملية السلمية فى المستقبل، إلا انه رفض التدخل فى التفاصيل، حيث جاءت تصريحات وزير الخارجية الأمريكى على خلفية الجهود التى تبذلها السلطة الفلسطينية فى تقديم صيغة لاتخاذ قرار فى مجلس الأمن يعترف بدولة فلسطين على حدود 1967، ويدعو الى انهاء الاحتلال الاسرائيلى حتى 2017، والتى أوضحت على أثرها الولايات المتحدة أن المبادرة الفلسطينية غير مقبولة لديها، وقد صرحت مصادر فلسطينية بأن الحكومة الأمريكية تمارس ضغوطاً على السلطة الفلسطينية لتأجيل تقديم الاقتراح لتصويت مجلس الأمن الى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية.. وأشار الباحث الإسرائيلى إلى أن هذا التطور جاء بالتوازى مع مبادئ السياسة الخارجية الأمريكية فى الشرق الأوسط، كما تم تحديدها فى خطاب السفير الأمريكى فى اسرائيل دان شابيرو فى جامعة بار ايلان فى 9 ديسمبر2014، حيث فصل السفير المبادئ العريضة لسياسة بلاده فى الفترة الحالية والخطوط التى سترسمها بعد الانتخابات الإسرائيلية.
وتابع: إذا فإن الأمر تم إرجاؤه حتى انتهاء الانتخابات الإسرائيلية، حتى يتم انتخاب حكومة جديدة من شأنها اتخاذ قرارات مصيرية، والتى ستؤثر بشكل قوى ومباشر على الدولة العبرية، فعلى تلك الخلفية، أوصى شابيرو بالامتناع عن أى تصور نتائج متعجلة لنتائج الانتخابات، بالإضافة إلى أن تصريحات وزير الخارجية الأمريكي، حول العملية السياسية تهدف تقريباً الى إبداء الامتعاض الأمريكى من الشعور المتنامى فى أوساط واسعة من المنظومة الدولية وإسرائيل، والذى يشير الى تراجع إصرار وقدرة الإدارة الأمريكية على العمل على الساحة الدولية عموماً، والشرق الأوسط، خاصةً وان هذا الضعف سيتزايد عقب الانفصال السياسى فى مؤسسات الحكم.. ولكن ومثلما أوضح السفير فى خطابه حقيقة ان الادارة تعمل بمواجهة كونجرس مضاد لا يعنى ان السياسات الخارجية الأمريكية ستكون مشلولة، فإن الدستور الأمريكى كما ذكر السفير يمنح الرئيس صلاحيات واسعة فى مجال السياسات الخارجية.
ورأى الباحث أن الاعتماد على تصريحات وزير الخارجية الأمريكى فيما يخص اقتراح القرار الذى يحاول الفلسطينيون أن يمرروه فى مجلس الأمن، فمن المفترض أن بعد الانتخابات العامة فى إسرائيل ستضاعف الإدارة الأمريكية جهودها لتجلس إسرائيل والفلسطينيين على طاولة المفاوضات، بالإضافة إلى أنه وبعكس وصف الرئيس أوباما بأنه مثل «البطة العرجاء» من قبل عدد من منتقديه، خصوصاً انه فى نهاية فترة رئاسته الثانية، فقد تدفعه الى التحرك بطريقة مكثفة لدفع ترتيب إسرائيلى فلسطينى من خلال مضاعفة الضغوطات على حكومة تل أبيب لتلين مواقفها.
بل أكثر من ذلك، فمن غير المستبعد انه سيستخدم كل ثقله للضغط على الحكومة الاسرائيلية القادمة لاستئناف المحادثات بينها وبين الفلسطينيين من جديد، وما بين أن يقود هذه الحكومة حزب يمينى أو يقودها حزب من تجمع الوسط – وفق ما تقرره نتائج الانتخابات – فإن الإدارة الأمريكية ستتسلح بـ«تسونامى سياسي» سيضرب إسرائيل فى الأشهر الأخيرة.
وأختتم بأن إسرائيل ستكون بين شقى الرحي، فسيتحتم عليها مواجهة ضغوط كبيرة من حليفتها الاستراتيجية الأولى وباقى الدول الأوروبية، وذلك فى محاولة أخيرة من جانب أوباما لتحقيق أى انجاز فى ملف السلام بالشرق الأوسط، خاصة بعد إخفاقات جمة، كان أبرزها التعامل مع النظام السوري، كذلك الحكومة الإسرائيلية القادمة التى ستواجه «تسونامي» بحد وصف الباحث الإسرائيلى فى المرحلة المقبلة، ويتوجب عليها إظهار بوادر حسن نية تجاه الفلسطينيين أمام المجتمع الدولي.