الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

لا يمكن تجديد الخطاب الدينى قبل تحسين الحالة المعيشية لـ«الخطباء»

لا يمكن تجديد الخطاب الدينى قبل تحسين الحالة المعيشية لـ«الخطباء»
لا يمكن تجديد الخطاب الدينى قبل تحسين الحالة المعيشية لـ«الخطباء»




حوار: محمد فؤاد
تصوير: أيمن فراج

فى الآونة الأخيرة تعرض الإسلام لكثير من الهجمات وحملات التشويه نتيجة افعال بعض المتطرفين الذين ينتمون للدين اسما فقط والإسلام منهم برىء، ما أظهر حاجة الدول الإسلامية لتغيير الخطاب الدينى بشكل كامل، والعمل على تطويره لنشر صحيح الدين وإظهار سماحة الإسلام ومحاربة الافكار المتطرفة وقوى الظلام التى تسعى لمحاربة الإسلام، ما جعل الرئيس عبدالفتاح السيسى يطلب من المؤسسات الدينية بثورة وتجديد للخطاب الدينى لمواجهة قوى الشر والعنف الأمر الذى، أثار حالة من الجدل حول الاسلوب والطريقة التى يتم بها التجديد ولهذا كان حوار «روزاليوسف» مع الدكتور محيى الدين عفيفى الامين العام لمجمع البحوث الإسلامية والذى ذكر فيه مقولة الغزالى بأن الإسلام قضية جميلة ولكن اعطيت لمحام فاشل، ومن ارتد عن دينه ليس لاحد حكم عليه، وأن الإعلام الخاص سبب تراجع الخطاب الدينى الإعلامى وان القائمين على الدعوة يستخدمون الخطب الجاهزة، لذا كان لنا معه هذا الحوار.


■ لماذا انتظر الأزهر دعوة الرئيس السيسى لتجديد الخطاب الدينى؟
- فى بداية حديثى لابد من تصحيح هذه المعلومة، مع احترامى الشديد لحرص الرئيس على الوازع الدينى بين المصريين، ونؤكد ما جاء فى خطابه، لكن الأزهر لم يتوقف يوما عن تجديد الخطاب بدليل انه بعد ثورة 25يناير فتح أبوابه واجتمع بكل فصائل المجتمع المصرى، وأقام بيت العائلة المصرية، كما قام بعقد الدورات التى تجمع الائمة والقساوسة، حيث يجتمع المسلمون المسيحيون فى زيارتهم للأديرة، كما قام الأزهر فى مؤتمره الاخير قبل دعوة الرئيس بالتحذير من الارهاب، وكان أحد جوانب المؤتمر تصحيح بعض المفاهيم عن الحاكمية والخلافة والمواطنة وتقبل الاخر ودعوة علماء المسلمين وغيرهم للكشف عن هويه المتطرفين وأطماعهم وكل هذا يصب فى تجديد الخطاب الدينى.
■ ما المؤسسة المسئولة عن تجديد الخطاب الدينى غير الازهر؟
- الأزهر لا يمكن ان يحارب وحده الافكار المتطرفة لكن مؤسسات الدولة جميعها لا بد ان تقف صفا واحدا، كما تتحمل وزارة التربية والتعليم دورا كبيرا فى تجديد الخطاب، نظرا لدورها فى تربية النشئ الصغير.
■ ما مفهوم تجديد الخطاب الدينى؟
- البعض يفهم ان الخطاب الدينى مقتصر على «قال الله وقال الرسول» فقط وهذا خطأ،فالخطاب الدينى فى فلسفته ومكوناته عبارة عن قضايا معاصرة وتصحيح لمفاهيم عبر اشخاص يقومون على توصيل الخطاب الدينى بوسائل واساليب غير نمطية.
■ ما دور مجمع البحوث الاسلامية فى تجديد الخطاب الدينى؟
- يعمل مجمع البحوث الإسلامية على ارسال قوافل دعوية لتوعية الشباب، كما نتواصل مع قوات الجيش والشرطة وشركات البترول، وقمنا بانشاء قناة على اليوتيوب لنشر صحيح الدين والتفاعل مع قضايا المجتمع ساعة بساعة، وقمنا بطرح قضايا حديثه لم تكن موجودة لتلبيه احتياجات الناس.
■ ما هى الاسباب التى جعلت تجديد الخطاب الدينى مهما فى هذا التوقيت؟
- المؤسسة الدينية حريصة على تجديد الخطاب الدينى ولم تتوقف عن ذلك لكن ظهور الجماعات المتشددة والمتطرفة التى تقتل وتكفر باسم الدين كما كان للاحداث التى حدثت فى المنطقة واستغلالها للعاطفة الدينية جعلت تجديد الخطاب امرا حتميا، فهم يمارسون القتل باسم الدين ويفسرون النصوص القرآنية حسب ما يخدم مصالحهم،وهو ما استدعى لتصحيح الصورة السلبية التى انتشرت فى اذهان الناس حول العالم نتيجة اعمال الجماعات المتطرفة.
■ كيف يتم التجديد فى الخطاب الدينى وهل سيتطرق الى النصوص الثابتة؟
- نؤكد انه لا تجديد فى النصوص أو الاصول، لكن التجديد فى طرق الفهم والتعاطى للنص الشرعى سواء فى القرأن أو السنة، لذلك لا يمكن ان يقبل فى القرن الحادى والعشرين ان يفهم النص الشرعى بطريقة مضت منذ خمسة قرون ولا يمكن استدعاء قراءات ذهنيه للنصوص الشرعية كانت لها زمنها وسياقها ومبرراتها ومن هنا أؤكد على ان الاسلام صالح لكل زمان ومكان وذلك من خلال تكييف القضايا المعاصرة فى ضوء النصوص الشرعية.
■ هل الخطاب الدينى موجه أم هو خطاب عام مفتوح يقول فيه الموكلون به ما يشاؤون للناس؟
- لا يمكن ان يكون مفتوحا لأن الامر به ثوابت فى قراءة النصوص الشرعية من خلال المنهجية العلمية المتاحة لدى الأزهر الشريف فى التعامل مع النصوص ولا يمكن لأحد لا يملك التأهيل العلمى ان يتعامل مع النص وهذا، ما جلب علينا الويلات بسبب دخول الجماعات التى لا تملك التأهيل العلمى، واذا بهم يفسرون النصوص الشرعية بطريقة تؤيد توجهاتهم الفكرية مثل السلفية وغيرها من المتشددين والغلاة الذين لا يرغبون فى ايضاح سماحة ويسر الاسلام وهناك ما يسمى فى الاسلام بالعزيمة والرخصة هؤلاء يريدون ان يتعامل الناس مع الدين بالعزائم أى لامجال للرخصة بدعوة انهم حريصون على شرع الله، رغم ان هناك نصًا فى الدين «وما جعل عليكم فى الدين من حرج» والنبى صلى الله عليه وسلم قال: «ان الدين يسر ولن يشد الدين احد إلا غلبه» وقال النبى لأبى موسى الأشعرى ومعاذ ابن جبل حينما بعثهم الى اليمن: «بشرا ولا تنفرا ويسرا ولا تعسرا وما خير النبى بين امرين إلا اختار أيسرهما، ويجب على من يعملون على طرح الخطاب الدينى بالاعتماد على صحيح الاسلام المبنى على مصلحة الناس، فأينما وجدت المصلحة فسم شرع الله، وبالتالى فإن الله سبحانه وتعالى غنى عن ارهاق الناس، فسماحة الاسلام تعتمد على التيسير وليس التعسير.
■ البعض يتهم الأزهر بأنه «داعش»؟
- هذه التهم باطلة فلم يخرج من الأزهر الشريف واحد متشدد أو إرهابى وفهذ الصرح العريق يحترم التعددية المذهبية والفكرية وبتالى لا يجعل من نفسه وصى على الناس وهوفقط يبين للناس صحيح الدين، ولا يمارس أى نوع من الوصاية الدينية ولا يدخل فى نوايا الناس، ومؤتمن على توضيح الرؤى للناس، ولهم مطلق الحرية لأنه لا يحاسب احد ولا يحكم عليه انه من اهل الجنة أو من أهل النار، أما الجماعات المتطرفة فلا تقبل الاخر فى الحوار ولا تلتفت إلا للسمع والطاعة ومن على غير طريقها فهوخارج عن الدين.
■ من أهم الادوات لتجديد الخطاب الدينى هو «الخطيب» فهل يتعرض التجديد الى حاله «الائمة» المهمشين دينيا وثقافيا وماديا؟
- تجديد الخطاب الدينى لا يتعلق بالموضوع ولكن يتعلق بالقائم على الخطاب الدينى ولا يمكن التجديد بقال الله وقال الرسول فقط ولابد من استخدام المنهج العقلى ومن ابرز العناصر فى تجديد الخطاب الدينى الاهتمام المالى بأئمة الاوقاف ووعاظ الأزهر فلا يمكن ان تطلب من انسان قائم على الخطاب الدينى بالتجديد وهومنصرف بحثا عن لقمة العيش وفاقد الشىء لا يعطيه وانا اطالب الدولة بتحسين وضع الائمة وللأسف الكثيرين من القائمين على الدعوة لا يعيشون هموم هذه المرحلة ويتعامل من خلال خطبة جاهزة» «تيك اواى» ولا يمكن ان يتم التجديد قبل تحسين الحالة المعيشية للخطباء ووعاظ الأزهر.
■ تشهد مصر فى الآونة الأخيرة حالة من التشكيك فى الصحابة والاساءة للنبى محمد عبر وسائل الاعلام فهل من الممكن اعادة توازن الخطاب الدينى الإعلامى؟
- لا يمكن فعل ذلك فى هذا التوقيت لأن هناك نوعًا من التحامل العالمى الكبير غير مبرر لتحميل الأزهر فاتورة الارهاب ونحن الأن فى صدد اصدار بعض المنشورات لاظهار الحقيقة وهناك امور مخالفة يعمل الأزهر على الرد عليها، ولكن بيزنس الاعلام الخاص جعل الحريات بلا سقف،له والأزهر لا يملك حق المصادرة على الاعلام، فنحن نعيش اسوء مرحله ولسنا فوق النقد ونرحب به وقال الامام الاكبر انه على رأس المؤسسة الازهرية وليس فوق النقد.
■ هل سيتطرق التجديد فى الخطاب الدينى الى الفتاوى وفقه موضوع على يد اشخاص وائمة مهما كان درجة مصداقيتهم وابحارهم فى العلوم وان تخضع للفحص والمراجعة؟
 اولا مسألة الفتاوى تتغير بتغير الزمان والمكان وهى مسلمات وهناك فتاوى كانت تناسب زمانها، والشاهد على ذلك الامام الشافعى حينما كان يعيش فى العراق كان له فتاوى ولما سافر الى مصر غير هذه الفتاوى لتغير المكان والزمان
■ هل هناك ارتباط للفتوى بالتجديد؟
- نعم والمصيبة الكبرى بسبب فوضى الفتاوى، اذ انبرى غير المؤهلين للفتاوى والباحثين عن البزنس خصوصا بعد صناعة الهاتف الصوتى مما فتح باب الفتوى للمتطرفين.
■ كيف سيواجه التجديد خطر الارهاب وعنف الجماعات الاسلامية على خلاف مسمياتهم؟
- اولا ابسط شيء للمتطرف هو «المفاصلة الشعورية» حيث يشعر بالعزلة عن المجتمع واعتباره مجتمعا «جاهليا»، ولابد ان يتغير لأنه كافر وذلك حتى يستبيح كل شيء فيه من هتك العرض ونهب الاموال تحت مسمى التكفير وبالتالى اقامت هذه الجماعات حاجزًا منيعًا بينها وبين المؤسسات الدينية، بل اعتبروها مؤسسات كفر وعلماء الأزهر كفار، ونعتبر ان كل ما يحدث معهم تضيع للوقت ونعمل معهم على التحصين والحماية وتتلخص فى المنهج الوقائى للحفاظ على البقيه المتبقية من فكر هذه الجماعات الإرهابي، وكيف نكشف زيفها باسم الدين ونصحح الصورة التى تم تشويهها على اعتبار ان الاسلام قفص حديدى وهم معذورون فى ذلك وكما قال الشيخ محمد الغزالى الاسلام قضيه عظيمة ولكنها اعطيت لمحام فاشل
■ لماذا انتشرت الجماعات المتطرفة بهذه الصورة اذا كان الأزهر يقوم بدور؟
- الارهاب صناعة عالمية وليست محلية والإرهاب لا دين له وقد صرح منذ اسابيع مسئول فى الحكومة الأمريكية ان القضاء على داعش يحتاج 30عامًا لأن المصلحة ان تستخدم داعش وغيرها من الجماعات كورقة لتصفية الحسابات مع المنطقة ونحن نتعامل مع طوفان من هذه الجماعات التى تصدر لك، كما تستغل العاطفة الدينية لجذب الشباب عن طريق اغرائه بالحور العين والفردوس الأعلى والدولارات.
■ فلماذا إذا اختفت الثقافة الدينية عند كثير من الشباب التى تستخدمهم هذه الجماعات المتطرفة؟
- هناك اسباب كثيرة أهمها التغريب الاجتماعى عبر الغاء هويته حتى يصبح لا غربى ولا شرقي، وبالتالى اصبحنا نقلد فلا نعيش معيشة الغرب ولا متمسكون بتقاليد الشرق فيصبح كالريشة فى مهب الريح ولذلك اصبح الانسان فريسة للألحاد ومن ابرز اسباب الالحاد هوفشل بعض القائمين على الخطاب الدينى مثل خطباء الاعلام التى ظهر وفى السنوات الاخيرة كانوا سبب فى افساد وجدان الشباب لأن اقرب مصطلح على لسانهم كلمة حرام كافر فاسق استبد الا بالمكروه والمستحب والندوة
■ كيف يرى الأزهر المسيئين لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟
- النبى محمد أوذى فى الطائف وقذف بالحجارة وجاء له ملك الجبال وقال له لوشئت لأطبقن عليهم» الاخشبين» فرفض وقال لعل الله يخرج من اصلابهم من يعبد الله، وقام السفهاء بمطاردته وحينما تخلف احد المسيئين له سأل عنه النبى وقام بزيارته والدفاع عنه تكون بإبراز النماذج العملية التى تعامل معها النبى فى حياته، فالدفاع عن النبى لن تكون إلا بإبراز سماحة الاسلام ورسوله الكريم
■ هل كتب التراث تحتاج الى تنقية؟
- التراث لن يتغير ولكن الجدل حول بعض الموضوعات فى المناهج الازهرية مثل التعامل مع الاخر، ولا ننكر انها تحتاج الى تغيير فحينما يأتى احد بحديث رسول الله «لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم فى طريق فاضطروه إلى أضيقه»، فهذا لا يصلح قاعدة تشريعية حسب اسباب نزوله وامر عدم تهنئة المسيحى فكيف وقد امرنا الرسول بالزواج من المسيحية والذهاب بها الى الكنيسة وانتظرها حتى تنتهى من عبادتها فكيف يمنعه من التهنئة كل هذه الموضوعات تم احلالها واستبدالها بقضايا معاصرة تتناغم مع العصر مثل حديث المسلم من سلم الناس من لسانه ويده.
■  كيف يرى الأزهر السلفيين؟
- السلفية المصرية منحصرة فى اللحيه والجلابية القصيرة و»الغترة» البيضاء
■ كيف ترد على الجماعات المتطرفة التى تقول ان التجديد فى الخطاب الدينى بدعة؟
إن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها) وهذا كلام مردود عليه وعديم الصحة والتجديد فى الخطاب بدأ فى عهد الرسول حيث اتى رجل لنبى وقال له أوصنى يا رسول الله قال لا تغضب واذا اتى الاخر يقول اوصنى يا رسول الله يقول عليك باليأس مما فى أيدى الناس فكيف يفسر إلا باختلاف حاله الشخص والمكان والزمان
■ فلماذا يصر هؤلاء على التشدد؟
- لأنه يعمل بعقلية القطيع وعقلية السمع والطاعة لأن التجديد يتنافى مع الركائز والمنطلقات
■ ما هوموقف الأزهر من المرتد؟
- الأزهر اوضح من خلال مجمع البحوث الاسلامية ان الردة وحريه التدين الإنسانى للمرتد عن دينه فى خصية نفسه ليس لاحد عليه سلطان ولا على علاقته بربه،وأنه هوالذى يحاسب على دينه لكن من يقوم بإحداث فتنة بعد ردته يشكل خطر على المجتمع الأمنى ويقول الله تعالى وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِى الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حتى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ» وهذه من اهم ابواب الحريات فى الارض ولو أراد الله ان يخلق الناس على دين واحد لفعل ولكن شاء الله ان يكون هناك تعددية دينية وأن يكفل للناس حرية الاعتناق.
 ■ كيف يرى الأزهر قضية الحاكم التى لا يحكم بما انزل الله؟
- من أبرز خصائص الشريعة الإسلامية ثابت فى النص ومتغير فى الفهم لا يجب تكفيره، ربما المعطيات التى يمتلكها الحاكم لا تعطيه الفرصة للحكم بما انزل الله ولا يحق لى ان أكفره لأنه ليس بجاحد وهناك قاعدة فقهية تقول سد الذرائع مقدمة على جلب المنافع حتى فى تغيير المنكر فاذا كان تغيير المنكر سيؤدى الى منكر اكبر فتركه أولى.