الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«هولاند» على خطى «السيسى»

«هولاند» على خطى «السيسى»
«هولاند» على خطى «السيسى»




تحقيق - نسرين عبدالرحيم

 بعد موجة العمليات الإرهابية داخل القارة العجوز تباينت الآراء حول علاقة دول أوروبا بالمنظمات الإرهابية، وكيف ساهمت تلك الدول فى ظهور كيانات إرهابية جديدة كتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» ومن قبلها «القاعدة» فالبعض يرى أن استهداف الإرهابيين لفرنسا فى هذا التوقيت يدل على وجود علاقة بين «داعش» وفرنسا، خاصة أنها فتحت أبوابها على مصراعيها للإرهابيين يعملون بها ويتحركون كيفما يشاءون تحت ستار منظمات أعمال خيرية، لكن فى النهاية لابد من التأكد أن تلك العمليات الإرهابية ما هى إلا محاولات لتشويه الإسلام والمسلمين فى العالم كما تشير الأحداث إلى وجود مؤامرة تحاك حول الإسلام، وظهر هذا بوضوح فى تجاهل وسائل الإعلام الغربية لعمليات الاعتداء على المسلمين داخل أوروبا التى وصلت لاطلاق النيران ومهاجمة المساجد، لكن أكثر  المشاهد التى تدل على أن الغرب لا يحترم المسلمين هو صامته حول إعادة نشر مجلة «شارلى ايبدوا» نشر الرسوم المسيئة، فبعد تلك الموج من الهجمات ضد الإسلام أصبح المسلمون داخل أوروبا يواجهون تحديات كبيرة.


«روزاليوسف» التقت عددًا من المفكرين، ليجيبوا عن هذه التساؤلات وأكثر.  
بداية أكد د. إيهاب العزازى ـ الباحث السياسى وخبير التخطيط الاستراتيجى أنه يعتبر الحادث الإرهابى على صحيفة «شارلى إيبدو» الفرنسية تحولا استراتيجيا فى خريطة الإرهاب فى العالم، فبعد أن أصبح العالم العربى وتحديدًا دول ثورات الربيع العربى مسرحًا للجماعات المتطرفة وملعبا كبيرا، مثل: ليبيا والعراق واليمن، فظهرت «داعش» والتيارات المتطرفة، وعودة تنظيم «القاعدة» للمشهد مرة أخرى، ولكن ما حدث فى فرنسا يدعونا للتساؤل: لماذا فرنسا تحديدًا؟ وهل هناك علاقة بين تنظيم داعش الإرهابى وفرنسا فى ظل تناثر معلومات وتسريبات حول الدعم الفرنسى لتنظيم داعش؟ وهنا يجب تحديد عدة مفاهيم لتوضيح الأمر: 
«شارلى إيبدو»: والرسوم المسيئة
فالاعتداء الإرهابى على مقر جريدة «شارلى إيبدو» سببه هو تعمد نشر هذه الصحيفة صورًا مسيئة للرسول الكريم  ما يسهم فى استعداء مسلمى العالم وإثارة حفيظة بعض التيارات الجهادية الإسلامية، التى ترى ذلك جهادا ودفاعا عن العقيدة الإسلامية، وهو ما يرفضه الدين الحنيف، فالدفاع عن الإسلام بالحوار والتسامح ونشر المفاهيم الحقيقية وليس باستخدام العنف والسلاح،  والغريب في الأمر أنه لن يخرج مسئول فى فرنسا يعتذر عن نشر الصور المسيئة الكريم، بل إن هذه الجريدة تنشر فى عددها الحالى بعد الهجوم عليها أكثر من 16 صورة جديدة مسيئة ووصفها للإسلام بدين المتطرفين والقتلة، مما يدل علي وجود مخطط عالمى لتشويه الإسلام وإظهار المسلمين بمظهر المتطرفين دعاة التخريب والقتل؟ خصوصًا بعد إفشال المؤامرة الكبرى لتدمير العالم العربى وتمزيق دولة وتقسيمها  لدويلات صغيرة.
العلاقة بين فرنسا وداعش
وأضاف العزازى أن فرنسا لا علاقة لها بتمويل ودعم داعش أو أى تنظيمات إرهابية متطرفة بشكل مباشر، فهى دولة الحريات والقانون، وما حدث هو نفسه ما حدث فى أمريكا وبريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية، من خلال احتضانها وموافقاتها على فتح مقار لجمعيات تدعى أنها جمعيات خيرية إسلامية، وأغلبها تابع لتنظيمات سياسية مثل القاعدة والاخوان وغيرها، وفرنسا من أكثر الدول الأوروبية التى تحتوى مقرات لتنظيمات إسلامية وجهادية، لكنها تخضع للقانون الفرنسى كعمل خيرى، ولكن فى ظل رغبة هذه التنظيمات فى السيطرة على العالم، تحولت من منظمات للأعمال الخيرية  بمنظمات إرهابية وساهمت في ذلك عدد من قيادات هذه الجماعات من العالم العربى إلى فرنسا، وأصبحت فرنسا وبريطانيا تحديدًا مقرات للهاربين حول العالم من الجماعات المتطرفة، وهذه الجمعيات توظف طاقاتها المادية والبشرية لدعم توجهاتها السياسية مثلما حدث بتجنيد الشباب المغربى وإرساله لسوريا والعراق وتوفير الدعم المادى الضرورى لشبكات التجنيد والتعبئة فى فرنسا.
أما على المستوى السياسي، فقال إن فرنسا  هى أهم شريك فى التحالف الدولى للحرب على الإرهاب، حيث نظمت قمة دولية متخصصة لمناقشة الاستراتيجية المطلوبة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية داعش، بحضور 40 دولة، وتمخض عنها تشكيل تحالف دولى لمحاربة داعش، وشاركت فى هجمات وتحركات كثيرة ضد «داعش» وقام قادتها بجولات فى العراق وليبيا وسوريا وغيرها للمشاركة فى القضاء على التنظيمات المتطرفة.
السؤال الأهم هو: لماذا فى أى أحداث عنف أو حتى أحداث عادية فى العالم، لا يتم ذكر ديانة مرتكبيها إلا إذا كانوا مسلمين،  هذا الأمر يجعل العالم كله يكره بليون وستمائة مليون إنسان بسبب ديانتهم، لكن الواضح أن ما يحدث خلفه جهات تشن حربًا عالمية على الإسلام، تريد إغراق العالم فى صراعات طائفية.
وشدد العزازى أن ما يحدث مؤامرة لتشويه الإسلام، فإن فوسائل الاعلام العالمية تعمدت تجاهل رصد وقوع أكثر من 50 عملًا مناهضًا للمسلمين فى فرنسا، فمنذ الاعتداء الذى استهدف صحيفة «شارلى إيبدو»، تم رصد وقوع 21 اعتداء (إطلاق نار أو إلقاء قنابل) و33 تهديدًا عبر رسائل رتوجيه شتائم خلال أقل من أسبوع، فهل تحدث أحد عن ذلك، أم أن الحرب على الإرهاب وحقوق الإنسان توظف سياسيا.
  من جانبه، أكد خالد زعفرانى ـ الخبير فى شئون الحركات الإسلامية، أن تنظيم داعش فى نشأته كان تنظيمًا صغيرا يتكون من بضعة أشخاص ليس لديهم ثقافة عسكرية أو سياسية، يغلب عليه الشباب، فكيف له أن يمتد فى دولتين وينتشر بهذه القوة ويهزم الجيش العراقى، لابد أنه وجد من يدعمه مادياً  وساعد علي تدريب عناصره والأصابع كلها تشير إلي دول أوروبا الغربية بريطانيا وألمانيا وفرنسا وأمريكا، حيث يتضح أن ذلك الدعم ساهم  في خلق قوة إرهابية سيعاني منها، فالتنظيم تسلح بأسلحة لا تمتلكها  بعض دول، كل ذلك يكشف عن حجم المساعدات التى حصل عليها من  دول أوروبية فتحت له معسكرات تدريبية وأنفقت على  عناصره التنظيم مئات الملايين.  
وعن كيفية انقلاب السحر على الساحر، وكيف ذاقت تلك الدول من ويل الإرهاب أوضح الزعفرانى أن الدول الاوروبية وأمريكا تصورت أن تلك التنظيمات المتطرفة ستغرق فى الشرق الأوسط، وأنها تستطيع أن توجهها كما تشاء، وأن تمسك البوصلة بيدها، وبالطبع ذلك التصور كان غير صحيح، فهذه التنظيمات لا تفرق بين أحد،  وتلك الدول لم تتعلم من أحداث 11 سبتمبر، وتصورت أن هذه التنظيمات ستظل حبيسة فى الدول العربية.  
وعن سبب قيام تلك التنظيمات بعمليات إرهابية فى تلك الدول التى دعمتها، أشار الزعفرانى إلى أنها تعتبرهم ملحدين وكافرين، فتلك التنظيمات تعادى أوطانهم لأنهم يحكمهم الجهل والغباء وعدم الإدراك، وعدوى التطرف تنتقل فى كل مكان، فليس هناك عاصم أوروبا من الإرهاب بالنسبة للتمويل، القيادات فقط فى التنظيمات المتطرفة هى التى تعرفه، ولكن الشباب المنضم لتلك التنظيمات مضلل ولا يعرف حقيقة التمويل ولا يصدق، لذلك قاموا بعمليات وسيقومون بالمزيد.  
وأضاف الزعفراني أن وجود رئيس الحكومة الإسرائيلية في مظاهرة فرنسا التى شارك فيها رؤساء عرب من مختلف البلاد كان مستفزاً للغاية، لأن إسرائيل تعد من أكبر الدول التى تمارس الارهاب فى العالم، ومن أسباب الإرهاب فى الشرق الاوسط، وأعتقد أن دعوة الرئيس الفرنسى لمظاهرة ضد الإرهاب، فيها نوع من التقليد للرئيس عبد الفتاح السيسى عندما طالب بتفويض لمحاربة الإرهاب، وأضاف أن دول أوروبا عندما يتخذون قرارًا لمحاربة الإرهاب أو عندما يمرون بأزمة ما، فإنهم يجنبون أويعطلون قواعد الديمقراطية وحقوق الإنسان، ويفرضون قوانين إرهابية.  
يحلل الزعفرانى طلب الرئيس الفرنسى من الرئيس عبد الفتاح السيسى التعرف على خطته لمحاربة الإرهاب، بتأكيده أن مصر لها خبرة كبيرة فى مقاومة الإرهاب، ومصر فى التسعينيات والثمانينيات نجحت فى مكافحة الإرهاب، وحتى الآن مازالت مصر أكبر دولة فى الشرق الأوسط تحظى بالأمن والأمان، وتعد أيضا من أكبر الدول التى لديها أجهزة أمنية على خبرة عالية ولها خبرة قديمة فى مقاومة جماعات العنف.  
أضاف: دول أوروبا لابد أن تتوقف عن دعم الإرهاب وعن استضافة الإرهابيين وفتح مراكز لهم تحت راية حماية المعارضة وأصحاب الرأى، لأن أصحاب الأفكار الإرهابية والتنظيمات السرية موجودون فى دول أوروبا وأمريكا بشكل شرعى وقانونى.  
أما الشيخ جابر قاسم ـ وكيل المشيخة الصوفية، فأكد أن فرنسا وألمانيا وبريطانيا وأمريكا كان لها مخطط معروف يهدف إلى تقسيم الشرق الأوسط إلى دويلات لتفكيكه، ولكن انقلب السحر على الساحر.. فأمريكا وأوروبا اجتمعوا على ضرب داعش ودعموا الأكراد للوقوف أمام داعش خصوصًا فى العراق، الآن أمريكا وأوروبا رفعت يدها على دعم الأكراد، بل تركتهم يُذبحون وقُتل منهم 20 شخصًا على يد داعش.. ولأن تلك الدول الأوروبية تدعم الإرهاب، فالله قلبهم على بعض، فداعش الآن قامت بعملية إرهابية فى فرنسا، وتحاول فى ألمانيا وأمريكا سيأتى عليها الدور.  
بينما تحدث عن الجماعات التكفيرية، مؤكدا أن الله حرم التكفير وحرم أن يكفر المسلم غيره، لأن الله لا يرضى لعباده الكفر، فكيف يأتى من يكفرون الآخرين ويبيحون دماءهم، وكيف يمكن أن يقوم أشخاص بليبيا بتقطيع أيدى وأرجل المسيحيين وقتلهم، فهم بعيدون عن الإسلام، وما هم إلا مجموعة مأجورة على الإسلام لتشويهه، وهم يفسدون فى الأرض, فعلى مستوى العالم لا توجد دولة جادة فى محاربة الإرهاب، مثل مصر بفضل جيشها وشعبها وجنودها، أما عن مقولة الرئيس الفرنسى بأنه يريد أن يتعلم من مصر كيف يحارب الإرهاب، فأعتقد أن فرنسا تريد عمل فتنة حتى تتعرف على خطة مصر، ثم تقدم خططًا بديلة لتدخل بها الإرهاب وداعش إلى مصر، فدولة مثل فرنسا لديها اتفاقيات تعاون مخابراتية مع مصر حول مكافحة الإرهاب، فلماذا إذا تطلب التعرف على خطة مصر التى تعد من الأسرار الحربية، فهم يريدون أخذ أكبر قدر من المعلومات.  
وأضاف قاسم أنه كلما فشلت خطة الغرب فى تقسيم الشرق الأوسط، فإنهم يأتون بخطة أخرى.  
بينما تحدث عن المظاهرة التى قام بها رئيس فرنسا وشاركه فيها رؤساء وممثلون من دول عربية وغربية مؤكدًا، أن وجود نتانياهو كان أمرًا خطيرًا، لافتا إلى أن نتانياهو طلب زيارة المتجر اليهودى بهدف خبيث، وهو إثارة العالم وكسب التعاطف، وليتحدث عن تاريخ اليهود المضطهدين، وليحصل على وثائق مسجلة ضد المسلمين والإسلام.