السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى ذكراه.. عدالة «عبدالناصر»

فى ذكراه.. عدالة «عبدالناصر»
فى ذكراه.. عدالة «عبدالناصر»




عاطف بشاى

لم يعتكف البابا «كيرلس» فى عصرالزعيم الراحل «جمال عبد الناصر» فى الخمسينيات والستينيات فى دير الأنبا بيشوى احتجاجًا وغضبًا لأسباب سياسية أو لأسباب تمييز دينى تمارسه السلطة ضد الأقباط رافضة الاستجابة لمطالب العدالة والمساواة بين أبناء الوطن الواحد.. كما حدث فى أيام «السادات» وأيام «حسنى مبارك» مع «البابا شنودة».
ولم يبرز حادث فتنة طائفية واحدة فى تلك الحقبة العظيمة التى عشناها مع «عبد الناصر» منذ قيام ثورة 1952 وحتى وفاته.
والاعتكاف عرف من الأعراف الرهبانية وأحد أدوات الاحتجاج الصامت بالصلاة والصوم اعتراضًا على سياسات النظام تجاه الأقباط والضغط عليه لتغيير هذه السياسات المجحفة فى التعامل مع شركاء الوطن.
وعدم اعتكاف البابا «كيرلس» لا يعود فقط للعلاقة الشخصية الراسخة والودودة التى كانت تربطه «بعبد الناصر» والتى أدت إلى موافقة الأخير على بناء الكاتدرائية وتخصيص مبلغ 100 ألف جنيه لذلك وتكليف إحدى شركات القطاع الخاص بعمليات البناء.. وحضوره حفل وضع الأساس والافتتاح.. وإصدار قرار بالتنازل عن ديون الكنيسة للدولة، إن السبب الرئيسى فى عدم وجود حوادث طائفية فى الخمسينيات أو الستينيات هو سعى «عبدالناصر» أولا إلى تحقيق عدالة اجتماعية تشمل كل شرائح وأطياف وطبقات وفصائل الشعب المصرى وإعلاء شأن المواطنة تحقيقًا لمبدأ «مصر لكل المصريين» دون تفرقة بسبب الجنس أو العقيدة، وتجلى هذا السعى منذ اليوم الأول لثورة 23 يوليو 1952 لقد استجاب «عبد الناصر» - كما يرى د. «جلال أمين» فى كتابه المهم «ماذا حدث للثورة المصرية - لمشاعر طبقة متوسطة مستنيرة كانت تعرف واجبها نحو الغالبية العظمى من الشعب.
كما استجاب لظروف دولية كانت فكرة العدالة الاجتماعية فيها حية وقوية وتسعى مختلف الحكومات إلى تطبيقها بدرجات وأشكال مختلفة.
وإذا كانت العدالة الاجتماعية تتعلق بالفلسفة العامة للدولة.. فإنها بسياستها الاقتصادية العامة لا يرتبط الأمر بالموقف الأخلاقى من قضية الغنى والفقر ونمط التنمية المطلوب ونوع النهضة المنشودة، ولكن الأمر يرتبط أيضًا بالمساواة فى الحقوق والواجبات فمما لاشك فيه مثلا أن أنصاف أبناء الطبقة الوسطى والدنيا من خلال مكتب التنسيق وقانون القوى العاملة أدى إلى عدم التمييز - ليس فقط بين الأغنياء والفقراء - بل وبين المسلمين والأقباط.. كذلك بناء المساكن الشعبية لمحدودى الدخل - الذين يمثلون الأغلبية - وفتح أبواب التعليم المجانى أمام الفقراء وتحمل الدولة مسئوليات كبيرة فى توفير السلع والخدمات الأساسية فى التعليم والصحة والمسكن بأسعار زهيدة كما تم تخفيض البطالة إلى أقل حد ممكن وضمنت الحكومة توظيف جميع الخريجين الجدد فى الجامعات والمعاهد العليا.
ثانيًا: كان عصر «عبد الناصر» محكومًا بقضايا كبرى وطنية وسياسية تختلف حولها الجماهير مثل قضية القومية العربية والوحدة والحلم ببناء مجتمع جديد.
لذلك كان العمل الجاد فى شحذ الهمم.. واستنهاض العزائم فى لم الشمل حول مشاريع وطنية تنموية تستوعب طاقات وجهود أفراد المجتمع دون تمييز دينى فى اتجاه البناء وصنع المستقبل فى جميع المجالات.
ثالثًا: كان ذلك العصر متشددًا جدًا فى الفصل بين الدين والسياسة.. وبناء عليه فلم تظهر بشكل مباشر أفكار.. وأنشطة التيارات الدينية.. لقد ضرب «عبد الناصر» بيد من حديد على أى تطرف ديني.