الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

وجه 25 يناير المضىء.. ووجوه أخرى

وجه 25 يناير المضىء.. ووجوه أخرى
وجه 25 يناير المضىء.. ووجوه أخرى




د.حسام عطا

25 يناير، كل عام ومصر بخير هى ثورة الشعب المصرى العظيم إذن، وهى كفعل ثورى يمكن فهمها فى إطار ثقافى إنسانى بشكل أكثر وضوحا من فهمها كفعل سياسى، لأنها كانت صدمة ثقافية إنسانية للجميع، للسلطة التى ثار الشعب ضدها، ولنقاط تجمع الفساد الحصينة، ولغرور القوة والمال، بل وصدمة للأحزاب السياسية المعارضة الشرعية آنذاك، وأيضا للجماعات السرية التى كانت محظورة من أطياف الإسلام السياسى جميعه، إلى بقايا الاشتراكيين والمتعلقين بأهداب سردية الشيوعية الكبرى، صدمة إنسانية ثقافية للمناضلين المنفردين النبلاء، صدمة للمحبطين والمكتئبين والسعداء برضا النظام السابق وحظائره المتعددة صدمة للخائفين والمتوائمين، اصطف المصريون فى 25 يناير بمختلف اطيافهم الاجتماعية والدينية والاقتصادية والسياسية وكان المشترك الاساسى بين الجميع هو مشترك ثقافى واحد مصدره مصريتهم وشعورهم بأن القائل «لا» الآن هم الفئة الناجية من جحيم الهوان والخوف والعار والإنسحاق النفسى والتواطؤ الفكرى، والسجن الابدى فى المصالح الضيقة الصغيرة، كان القائلون لا والمطالبون بتغيير النظام قد وهبوا أنفسهم للشهادة فى سبيل الحق والخير والحرية وبالتأكيد فى سبيل الوطن كانت مغامرة كبرى لكل من ساهم فيها وكان فشلها هو الباب المفتوح للسجن والموت والتشرد، السكوت والفساد هما القيمتان السلبيتان المستهدفتان من القيم الثقافية الاصلية للشعب المصرى التى ظهرت جلية وهى الكرامة والحرية، والإنسانية وهو الصدام الثقافى القيمى الشعبى الجماعى، هو ما حقق صورة التجانس الثائر السلمى المنسجم الحضارى، لثورة الشعب المصرى فى 25يناير.
 والتى هى ثورة شعبية حقيقية ستظل مكتوبة بحروف من نور فى تاريخ نضال المصريين، وفى تاريخ سعى الإنسانية نحو الحرية.
هذا عن الوجه المضىء لثورة 25 التى تحل ذكراها، والذى سيظل مصدر الفخر الكبير الدال على أن شعب مصر حى كريم متصل بميراثه الثقافى الحضارى منذ مهد الحضارة الفرعونية حتى الآن.
أما وجهها الآخر فهو الوجه المتنازع عليه، وهو وجهها السياسى، والسياسة هى إدارة المعطيات الواقعية العامة لتحقيق المصلحة والقوة، وهكذا وبعد الموقف الثقافى الأخلاقى القادم من ثوابت الوطنية المصرية للمؤسسة العسكرية وانحيازها لإرادة الشعب المصرى فى 25يناير، بدأت المناورات والتحركات السياسية وكان أكبر القوى المنظمة هما قوة الإسلام السياسى الذى سعى لسرقة الثورة ، ورموز نظام ما قبل 25يناير الحكومية والأكاديمية والرأسمالية والثقافية والمعلوماتية الذين قاموا بالمناورة للالتفاف عليها، مرة بظاهرة أطلق عليها المتحولون ومرة بالادعاء الثوري، ومرة بالسعى لوصفها بالمؤامرة الفاشلة.
أما الثوار الأصليون فقد عادوا لمنازلهم لأنهم لم يستهدفوا السلطة بل الثورة كفعل ثقافى أخلاقى.. إلى أن جرت مياه كثيرة فى النهر وحدثت ثورة 30 يونيو الشعبية لتصحيح المسار، ثم خرج المصريون خروجهم الثقافى الأخلاقى المضاد لسرقة مصر، وما إلى ذلك، ليكتشفوا قائدهم الجديد وليدفعوا به ويطالبونه بقيادة مصر ثم يختارونه رئيسا منتخبا للبلاد، إلا أن الموقف بعد انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسى، كما هو بعد ثورة 25 يناير من الناحية السياسية فرموز النظام السابق وقوى الإسلام السياسى هما المتصارعان على شرعية 25 يناير، والتحول السياسى والازدهار الاقتصادى فى ظل المعادلات السياسية الإقليمية والدولية المعقدة، وفى ظل انهيار وفساد طويل فى مصر يحتاج بالتأكيد لسنوات طويلة.
لا شك أننا نعيش من الناحية السياسية بقايا عصر تخلف واضحة، أما مكسبنا الحقيقى فهو حضور الجماهير الكبيرة والشباب للعملية السياسية وكسر حاجز الخوف، وهو المكسب الثقافى الإنسانى، وهو صدمة 25 يناير وتحولها الثقافى نحو القدرة على أن تقول لا، وهو المكسب الحر الذى ينبغى لمصر أن تفخر به وتدعمه، وينبغى للرئيس المنتخب وللدولة المصرية أن تدرك أن المعارضة والمتابعة والتقييم والمطالبات المشروعة بتحقيق أهداف ثورة 25 يناير يجب أن يكون دعمها هو الهدف الأساسى للدولة المصرية لتهيئة البيئة الحاضنة لعملية سياسية ديمقراطية تقوم على الثراء والتنوع، جدير بالذكر أيضًا أن مصر لم تذبح من ثارت عليهم ، مصر تسامحت واحتضنت من خرج شعبها ضدهم وقدمتهم للقضاء، مصر قادرة عبر العقل الشعبى الجمعى القادم من ايمان تاريخى بالله يؤمن بقيمة التسامح والعفو عند المقدرة كفضيلتين دينيتين وإنسانيتين وثقافيتين، على ممارسة تسامح الانبياء، أما مكسبنا الحقيقى وقيمة 25 يناير، فهو قدرتها على تغيير جذرى فى طريقة تفكير الدولة والمجتمع أما تحقيق اهدافها فأول سبيل فيه هو الضمان التام لحرية التعبير، وأن تقول للسيئ أنت سيئ، وان نرفض ما لا نراه صالحًا، وأن تستجيب الدولة والمجتمع طالما كان ذلك مطلباً مشروعاً واضحاً ويهدف للمصلحة العامة مصر الحرية هى نتاج جهاد الثوار الذين عادوا للبيوت والذين صعدوا للسماء والذين صمتوا بعد أن استعادوا لمصر فى 25 يناير قيمها الثقافية الحضارية النبيلة، اما العملية السياسية فهى تحتاج للصبر والتضامن والتسامح والحرية، وهى بالتأكيد تحتاج للوقت، أما قرار النائب العام الافراج عن مائة من الطلاب المتهمين فى قضايا سياسية بمناسبة 25 يناير فهو باب للأمل، يجب تعزيزه بتسامح ومراجعات فكرية مع قوى اليسار الشابة المتحمسة المتهمة ايضا فى قضايا خرق قانون التظاهر وغيرها، فالمراجعات الفكرية متاحة لليسار كما يجب ان تكون متاحة لشباب التيار الإسلامى، شريطة التأكد من احترام القانون وعدم العودة للعنف، يبقى فى نهاية الأمر ملاحظات ثلاث أساسية: الأولى أن قيماً جديدة ايجابية واستعادة جادة مازلت تحدث بهدوء وثقة للدولة المصرية هى مكسبنا الحقيقى الصلب الواضح على أرض الواقع ومنه يمكن البدء فى تحقيق اهداف 25 يناير، الثانية سقوط النظام السابق وفضحه وتركه للعار ولعقاب التاريخ والمستقبل، فسقوط النظام يساوى سقوط قيمه الحاكمة أما الرموز العاملة بالدولة المصرية فتقييمها أمر نسبى حسب كل حالة بعينها، وبعضهم وطنيون يساهمون الآن فى سفر مصر نحو المستقبل، الثالثة كشف الخلل البنيوى فى مشروع الاسلام السياسى، وعدم اتساقه مع العالم المعاصر وغياب الكفاءة والاخلاص عنه، واتضاح ذلك للذهنية الشعبية مكسب هام للغاية، ولذلك فتجديد الخطاب الدينى مسألة شديدة الاهمية على أن يلازمها اشاعة ثقافة الديمقراطية، لأنه لا إصلاح للخطاب الثقافى بدونهما معًا، نحو تدريب عملى على ممارسة حرية التفكير والفعل فى اطار القانون، أيا مهرة الوقت اركضى بمصر نحو النور، وكل عام ومصر وثورة 25 يناير بخير وسعادة.