السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

د. حسام عطا يكتب المواطنون شاركوا وجدانيا فى الجنازة عبر الشاشات

د. حسام عطا يكتب المواطنون شاركوا وجدانيا فى الجنازة عبر الشاشات
د. حسام عطا يكتب المواطنون شاركوا وجدانيا فى الجنازة عبر الشاشات




رحيل الملك عبد الله بن عبدالعزيز آل سعود خادم الحرمين الشريفين، هو الحزن الصادم المطل من كل الشاشات على الأمة الإسلامية والعربية، رحيل حكيم العرب هو خبر صباح الجمعة الماضى الأليم، كانت ثوابته رحمه الله هى الإسلام والوطن والشعب السعودى الشقيق، مات ملك طالما أحاط شعبه والشعب العربى والأمة الإسلامية بعنايته، مآثره العديدة وتاريخه المشرف، بداية من حفظ وحدة المملكة العربية السعودية وتعزيز المحبة بين أهلها، أكثر من أن تحصى، وما هو قريب منها وحاضر فى قلب وعقل مصر، موقفه الداعم للشعب المصرى فى ثورة 30 يونيو، فبيان دعم المملكة للثورة وتأييدها لخارطة الطريق كانت السند الأساسى فى لحظة الأزمة المصيرية التى عبرتها مصر.
ولا يزال صدى موقفه المتمثل فى المؤتمر الصحفى لسعود الفيصل وزير خارجيته المحترف صاحب الثقل الذى جعله يجاور الرئيس الفرنسى فى قصر الإليزيه كاستثناء واضح لبروتوكول القصر الرئاسى الفرنسى ليعلن كسر حصار التحالف الغربى آنذاك ضد استعادة مصر لمسار ثورة 25 يناير، ليصبح التأثير السعودى بكل استثماراته الاقتصادية فى الغرب وثقله السياسى والدينى قادرًا على دعم الشقيقة مصر.
إذ أعلن المؤتمر الاعتراف بشرعية 30 يونيو فى انتظار دولى لتحقيق استحقاقات خارطة الطريق، كان هو وأبناء الشيخ زايد الكرماء فى الإمارات العربية المتحدة سببًا قويًا لدعم استعادة مصر، وكان معروفا عنه حبه الشخصى لهم وكان يحرص على أن يظهر محبته لهم علانية على الشاشات، فالمشهد الشهير المحفوظ فى ذاكرة الشبكة الدولية للمعلومات، وهو يدعو أطفال العائلة السعودية للدعاء لأبناء الشيخ زايد، بالسعادة والعمر المجيد، إظهار المحبة هى كبرياء الرجولة المعبرة عن عمق الثقافة العربية الحضارية، وقد كان علامة فى مقدرة الرجال على اظهار المحبة.
وقد كان حريصًا عليها بتواضع الكبار، وهو غفر الله له ذنبه وادخله فسيح جناته صاحب الدعوة لمؤتمر مصر الاقتصادى الذى ننتظره فى مارس القادم، وهو المؤتمر الذى استهدف من الدعوة له الدعم الفعلى المؤسسى الحقيقى للاقتصاد المصري.
أما المملكة صاحبة التقاليد العريقة فقد أعلنت بيان الديوان الملكى السعودى فى الساعات الأولى من صباح الجمعة ليصبح المساحة الأهم بالتأكيد فى كل الشاشات العربية والمصرية والدولية، البيان لم يترك لحظة واحدة لأية أسئلة، ففى رصانة الأنظمة الملكية المستقرة ووفقا للنظام الأساسى للحكم بالمملكة صدر بيان الرحيل باسم صاحب السمو الملكى ولى العهد سلمان بن عبد العزيز آل سعود وكافة أفراد الأسرة والأمة، ثم مباشرة تم إعلان البيان الثانى حيث تلقى سموه البيعة ملكًا للبلاد.
وتضمن البيان دعوته لمبايعة صاحب السمو الملكى الأمير مقرن بن عبد العزيز وليا للعهد، هذه إذن بيعة الأسرة المتماسكة القوية التى استطاعت الحفاظ على محبة شعب المملكة وتقديره لها، أما بيعة المواطنين لخادم الحرمين الشريفين وولى عهده فقد حدثت بقصر الحكم بالرياض بعد صلاة عشاء ذات اليوم، وللمرة الأولى يدخل أحفاد المغفور له خادم الحرمين الشريفين عبد العزيز آل سعود لولاية العهد.
إذ تم بعد ذلك بيعة ولى ولى العهد صاحب السمو الملكى محمد بن نايف، وقد تابعت البيعة الشاشات عقب رصد صلاة الجنازة على الملك عبد الله رحمه الله واستقراره فى مثواه الأخير عصر ذات اليوم، لتظهر أمام الجميع التقاليد العربية الأصيلة المعبرة عن الفهم الخاص لنظام الحكم الذى أفتى فقهاء الإسلام بأنه حلال وجائز شرعًا، هو انتقال سلس للسلطة فى نظام ملكى مستقر يحظى ببيعة تعبر عن الرضا العام بعد الاتفاق الأسرى الملكى السريع المتماسك.
أما مشاهد وداع الفقيد الكريم وخروج جنازته ومتابعة الشاشات له حتى دخول جثمانه لمثواه الأخير، فهى المشاهد التى حرصت الشاشات جميعها بلا استثناء على بثها بثا مباشرا، وهو الأمر الذى سمح بالمشاركة الوجدانية للمواطنين فى العالمين الإسلامى والعربي، وفى مصر على وجه الخصوص ساد حزن واضح وترحم على الفقيد الكريم البسطاء والطيبين فى البيوت والشوارع والمساجد، كما أعلنت الدولة المصرية الحداد لأسبوع قادم حزنًا عليه، إن رحيل إنسان حدث جلل يحدث كل يوم يذكرنا برهبة الموت، وأنه حق، أما رحيل ملك فهو رحيل يضع الملايين أمام مصير كل حى .. إنه الموت، روح تصعد، وجسد يواريه التراب، تذكرنا بأن الحياة حلم عابر، يذكرنا موته وهو الملك الكريم بضعفنا الإنساني، وبأننا لا نملك شيئا مهما امتلكنا، يذكرنا أن الآخرة خير وأبقى، وأن ملك حكيم قد رحل غفر الله له وتغمده برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جناته.