الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«الغرب» يواصل وقاحته.. والإرهاب يشغل «العرب»

«الغرب» يواصل وقاحته.. والإرهاب يشغل «العرب»
«الغرب» يواصل وقاحته.. والإرهاب يشغل «العرب»




تحقيق: نسرين عبدالرحيم

بدأت قضية الرسوم المسيئة لأول مرة فى 30 سبتمبر 2005، حيث قامت صحيفة «يولاندس بوستن» الدنماركية بنشر 12 صورة كاريكاتيرية للرسول الكريم «صلى الله عليه وسلم»، وفى 10 يناير 2006، قامت الصحيفة النرويجية «ماجزين» والصحيفة الألمانية «دى فيلت» والصحيفة الفرنسية «فرنس سور» وصحف أخرى فى أوروبا بإعادة نشر تلك الرسوم، وبررت الصحف الأجنبية نشر تلك الرسوم بما سموه بـ«حرية الرأى والتعبير».
الجاليات والأقليات الإسلامية فى الاحتجاج على تلك الرسوم، وسرعان ما هدأت الأمور، ومضت الأعوام حتى ظهر الفيلم المسيء للنبى الكريم «صلى الله عليه وسلم»، وما تلاه من احتجاجات وأعمال عنف فى بعض الدول مثل مصر وليبيا.


فيما أثارت تلك الرسوم عاصفة كبيرة فى العالم الإسلامي، وخرجت التظاهرات المنددة والرافضة لتلك الرسوم فى جُل العواصم العربية والإسلامية، وكذلك شاركت.
وعلى مدى 9 سنوات مضت، لم تتعرض أى صحيفة أو مجلة نشرت الرسوم المسيئة لهجوم مسلح مثل الهجوم الأخير، رغم أنه كانت هناك توقعات وتهديدات بذلك، وتُرِك أول من نشر الرسوم، وكان سببًا فى تكرار تلك الفعلة السيئة..
وعلى الرغم من تنديد العالم الإسلامى بل ومشاركة عدد من قادة الدول فى مسيرت فرنسا لرفض الإرهاب، فإنه بات على المجتمع العربى بل على الأمة الإسلامية أن تتفق على خطوات واضحة للدفاع والرد بطريقة مثالية وعاقلة على الإساءات التى أصبحت متكررة للإسلام وللرموز الدينية.
التقت «روزاليوسف» عددًا من المفكرين السياسيين، والرموز الدينية الإسلامية والمسيحية، لمناقشة كيفية دفاع الأمة الإسلامية على رموزها المقدسة، ولمحاولة تحليل الموقف اليهودى خاصة بعدما أكد نتانياهو عقب أحداث المتجر اليهودى، أن إسرائيل باتت على قرب خطوة واحدة من إعلان إسرائيل دولة يهودية.
يقول الدكتور كمال حبيب، المفكر السياسى: إنه على الدول العربية والحكومات محاولة بناء موقف موحد يتم طرحه على المستوى المحلى، والمؤسسات الدينية، ولابد على مجلس الأمن والأمم المتحدة أن تتخذ قرارًا بشأن الإساءة للأنبياء والأديان مثلما اتخذ قرارًا لمكافحة الإرهاب من قبل.
وأوضح حبيب أنه لابد من اتخاذ قرار بشأن عدم التعرض للعقائد، طالما أن التعدى على العقائد ينتج كراهية، ويقود إلى حروب ومواجهات بسبب العدوان الغربى على عقائد المسلمين، الأمر الذى أدى لظهور تيارات يمينية متطرفة بأمريكا، بل وظهور «الإسلاموفوبيا»، لذا لابد أن يُتخذ قرار أممى ينص على أنه ليس من حق أحد سواء كان كاتبًا أو فنان كاريكاتير أن يمس بمعتقدات الآخرين، وألا يدخل ذلك ضمن حرية التعبير.
وأضاف المفكر السياسى أن تاريخ اليهود والهولوكوست لا أحد يأتى ناحيته، فلا مراجعة لفكر الهولوكوست لا فى الأعداد ولا الأرقام، وأتذكر ما تعرض له الفيلسوف والكاتب الفرنسى روجيه جارودى، فبعد مجازر «صبرا وشاتيلا» فى لبنان، أصدر جارودى بيانا احتل الصفحة 12 من عدد 17 حزيران 1982 من جريدة «لوموند» الفرنسية بعنوان «معنى العدوان الإسرائيلى بعد مجازر لبنان»، وقد وقع البيان مع جارودى كل من الأب ميشيل لولون والقس إيتان ماتيو، وكان هذا البيان بداية صدام جارودى مع المنظمات الصهيونية التى شنت حملة ضده فى فرنسا والعالم.
وتابع: فى عام 1998، أدانت محكمة فرنسية جارودى بتهمة التشكيك فى محرقة اليهود فى كتابه «الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل»، حيث شكك فى الأرقام الشائعة حول إبادة يهود أوروبا فى غرف الغاز على أيدى النازيين، وصدر ضده بسبب ذلك حكم بالسجن لمدة سنة مع إيقاف التنفيذ.
وأضاف حبيب: جارودى قال عن شمولية الإسلام، فى كتابه «الإسلام دين المستقبل» يقول جارودى عن شمولية الإسلام: «أظهر الإسلام شمولية كبرى فى استيعابه لسائر الشعوب ذات الديانات المختلفة، فقد كان أكثر الأديان شمولية فى استقباله للناس الذين يؤمنون بالتوحيد وكان فى قبوله لأتباع هذه الديانات فى داره منفتحا على ثقافاتهم وحضاراتهم.
ولفت المفكر السياسى إلى أنه رغم وصف الصحافة الفرنسية والغربية لجارودى بالفيلسوف المعادى للسامية، فضلا عن أنه لم ينكر حقيقة المحرقة، ولم يتبن الدعاية النازية، بل أقر بحجم المأساة اليهودية وبحرب الإبادة النازية ضد اليهود، علاوة على أنه فسر أن النازية نزعة عنصرية استعمارية لم تستهدف اليهود وحدهم، وإنما استهدفت شعوبًا وقوميات أخرى.
وأشار: كان يقول جارودى إن أحداث المحرقة ضخمت وأعطيت أبعادًا أسطورية غير تاريخية، من أجل توظيفها فى صراعات الحاضر، وإن المأساة اليهودية التى تمت بالكامل على المسرح الأوروبى وظفت لحجب حروب الإبادة وجرائم التقتيل والتهجير القسرى التى ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين، ناهيك أنه اعتنق عقب ذلك الإسلام، بل قام بتأليف كتاب تحت اسم الإسلام دين المستقبل.
ويرى حبيب أنه كان أحرى بالمسلمين فى الغرب من الناحية القانونية أن يتقدموا بدعاوى للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان للمطالبة بضرورة احترام عقائد الآخرين أيًا كانت فى المواثيق العالمية، ولا يجوز التعرض لها، وإلا تعرض للمساءلة القانونية.
وطالب المؤسسات الدينية مثل الأزهر والشخصيات المؤثرة وغيرها، بأن تدعو لانتفاضة تدافع خلالها عن المعتقدات، ولكى يظهروا للغرب أن سلوكهم مرفوض مثل ما حدث بالشيشان، حيث انتفض 100 ألف مسلم لرفض الكراهية ونبذ العدوان على العقائد.
ومن جانبه، أكد الدكتور رفعت لقوشة، المفكر السياسى، أن الأمر من البداية يقتضى فتح حوار مع جميع أطياف المجتمع الأوروبى، بحيث يكون محددًا فى نقاط بسيطة وواضحة، مشيرا إلى أن أطياف المجتمع الأوروبى ليست الحكومات، إنما البرلمانات الأوروبية والمنتديات الخاصة بالمثقفين، متسائلا: من يملك الحق فى رفع قضايا أمام المحاكم الأوروبية؟، خاصة أن المحكمة تلزم بأن تكون الإساءة لرمز معين يرفع الدعوى بنفسه، أى من تعرض للإساءة هو من يقوم برفع الدعوى، فمن إذا يملك رفع القضية الخاصة بالإساءة للأنبياء؟
ويرى لقوشة أن الأمر يقتضى أنه عندما يتم التحرك للرد على الإساءة التى لحقت بالرسول، فإنه يكون من المفيد الاتصال بالمجموعات الدينية الأخرى البوذية والهندوسية والمسيحية واليهودية، إذ لابد من توحيد الموقف.
وأضاف: بالعودة إلى ذاكرة التاريخ فى فرنسا، كانت هناك دار عرض سينمائية، أعلنت ذات يوم أنها ستعرض فيلمًا من وجهة نظر مخرجه يقدم السيد المسيح عليه السلام، على أنه قام بعلاقة آثمة والعياذ بالله مع مريم المجدلية، وبمجرد الإعلان عن عرض هذا الفيلم، تلقت السينما تهديدات بالتفجير وتم تفجير إحدى القنابل بها وقامت السينما بعد ذلك بسحب الفيلم، ما يؤكد أن ردود الافعال الغاضبة والعدوانية ليست مقتصرة على المسلمين فحسب، إنما الإساءة للمعتقدات هو عمل يعد إجراميًا يؤثر على جميع الأديان والديانات الأخرى عندما تطال الإساءة رموزهم.
وتابع المفكر السياسي: إذا ذهبنا فى القصة بهذا الشكل، قد يكون مفيدًا أن نطرح الأسئلة ونصر على الحصول على اجابات، لأن الموضوع سار قابلا للتكرار من زاوية أولى فى مشهد شارلى إبدو، ومن زاوية أخرى فى الحدث نفسه بعد التفجير أن يذهب أحد لتفجير قنابل أمر مرفوض تمامًا، ولا يتماشى مع مبادئ الإسلام.
وأوضح أن المشهد يذهب إلى بعض التصورات، فالشخص الذى قام باحتجاز الرهائن، لماذا احتجز الرهائن فى متجر يهودى، فالمتاجر فى باريس كثيرة ولكن قلة منها التى تتخصص فى بيع الطعام اليهودى، وبالتالى يصبح السؤال منطقيًا، ذهب بفعل عشوائى للحصول على رهائن، هذه العشوائية كيف تفسر ان يختار هذا التكفيرى متجرًا يهوديًا ويترك الـ 9 الأخرى من المحلات الفرنسية.
ويرى لقوشة أن تلك المجموعات الإرهابية مخترقة، وثبت هذا فى التاريخ، بمعنى أنه يمكن أن يدخلها أجهزة أمنية مختلفة من العالم وتخترقه، وتبين فيما بعد كيف تم اختراقها، لذلك يمكن أن توظف فى الأحداث بشكل غير مرئى، فلم يكن من قبيل المصادفة بعد شارلى إبدو أن يصرح نتانياهو بأن إسرائيل على خطوة واحدة من اعلان يهودية دولة اسرائيل، بمعنى انه منذ عام 48 اعلنت دولة إسرائيل دولة ديمقراطية متعددة الأطياف والديانات، ولكن المطلوب الآن أن يتم الاعتراف بها دوليا بأنها دولة يهودية.
وأشار إلى أن اعلان نتانياهو يهودية إسرائيل لم يكن من قبيل المصادفة، فضلا عن أنه يعد لاجتماع فى الأمم المتحدة تحت شعار معاداة السامية، ففى تقديرى الشخصى لا يبدو هذا بالنسبة لى تداعيات عشوائية، إنما أمور مرتبة ومنظمة، فمن المؤكد أن الذين ذهبوا إلى الفعل لا يعلمون كل هذا، ولكن غيرهم من قياداتهم يعلمون.
فيما أكد القمص رويس مرقص، وكيل البطريركية المرقسية بالاسكندرية، أن الحرية لا تعنى ازدراء الأديان، بل إن الحرية تعنى الالتزام واحترام حرية المعتقدات، فيجب على الجميع احترام معتقدات الآخرين، لذلك يجب أن تكون هناك دعوة للحوار مع تلك الدول التى لا تحترم معتقدات الآخرين ولا تحترم الاديان، ويجب على جميع دول العالم أن تتكاتف لمحاربة الإرهاب وازدراء الاديان، ويجب أن يكون ازدراء الاديان والإرهاب فى كفة واحدة، لأنهما وجهان لعملة واحدة فمهما كانت عقيدة الآخر يجب أن نحترمه.
فى حين أكد وكيل وزارة الأوقاف بالاسكندرية أنه لابد أن يكون هناك مواقف من هذه الدول والجرائد التى تسىء للإسلام، وتبيح الإساءة له، فلابد أن يكون هناك دور لجامعة الدول العربية ولابد أن تحدد معاملتها مع هذه الدول، فكما يحترم الإسلام وتحترم جميع الدول الإسلامية جميع الانبياء والمرسلين، يجب أن يحترموا نبينا محمد، لذا لابد أن يكون هناك موقف من جامعة الدول العربية.
وأضاف لا أحبذ قطع العلاقات لأنه ربما تكون هناك مصالح متبادلة ومشتركة وتكون تلك المصالح مفيدة لبعض الدول الإسلامية فى التجارة والعلاقات الدولية، إنما لابد أن تكون هناك وقفة احتجاجية ضد هذه الدول وضد تلك الصحافة التى لا تحترم المقدسات والاديان ولا تحترم مشاعر الآخرين.
وأشار إلى أن الوسائل التى تستخدمها الجماعات المتشددة باسم الدفاع عن الإسلام، إنما هى تسىء للإسلام والمسلمين، لأن الإسلام دين حب وسلام وإخاء وليس دينًا دمويًا أو إرهابًا، لذلك نحن نرفضها، فى الوقت نفسه لابد أن يكون هناك موقف محايد، مشيرا إلى ضرورة تعاون المنظمات الإسلامية مثل منظمة المؤتمر الإسلامى وغيرها وتتفق على ضرورة ترسيخ مبدأ الاحترام المتبادل للاديان السماوية.
ومن جانبه أكد الشيخ جابر قاسم أن دول الغرب دائما ما تكيل بمكيالين، ففى الوقت الذى تتم فيه الإساءة للأديان التى كان آخرها الإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم، والاساءة للأمة الإسلامية التى تقدر بنحو مليار وثلاثمائة ألف مسلم ويتدخلون فى حرية الرأى والتعبير، حيث التقرير الأخير الذى يعد محاولة للتدخل فى الشأن الداخلى لمصر.
وأشار قاسم إلى أنه لابد أن يكون هناك دور للأزهر الشريف، فنحن دول إسلامية وطبقا للدستور يمثلنا الأزهر، والازهر مسئول عن الدعوة الإسلامية والعلوم، فأين دور الأزهر، الذى من المفترض أنه يمثل المسلمين من جميع أنحاء العالم فهو قبلة للمسلمين والإسلام.