السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«نيوديلهى» أكبر مستورد للصناعات العسكرية الإسرائيلية

«نيوديلهى» أكبر مستورد للصناعات العسكرية الإسرائيلية
«نيوديلهى» أكبر مستورد للصناعات العسكرية الإسرائيلية




ترجمة - أميرة يونس

أعد الباحث والخبير العسكرى «يفتاح شابيرا» دراسة على موقع معهد دراسات الأمن القومى الإسرائيلى تحت عنوان «العلاقات الإيرانية – الهندية وتأثيرها على إسرائيل يتحدث فيها عن بداية العلاقات الدبلوماسية بين اسرائيل والهند والتى أخذت تقوى على المستويين الإقتصادى والأمنى، قائلاً: إن الهند هى أكبر مستورد للصناعات العسكرية الاسرائيلية، وأن الأخيرة هى ثانى أكبر مزود للهند بمنظومات السلاح المتطورة. وعلى الرغم مع ذلك لم تنجح إسرائيل فى استغلالها بالشكل المطلوب.


ينتقل الباحث الإسرائيلى ليصف علاقات الهند الوثيقة بإيران «العدو الأكبر لإسرائيل»، قائلاً: إن هذه العلاقات مرت بتغييرات على مدى السنوات الماضية بين اقتراب وابتعاد، إلا أن هذه العلاقات كان لها أساس صلب وجوانب تاريخية، ثقافية، اقتصادية، وأمنية كبيرة، الأمر الذى من شأنه أن يفسر سر عدم اتفاق إسرائيل والهند حول رؤيتهما لحصول إيران على القوة النووية.
ويقوم الباحث الإسرائيلى فى دراسته بتحليل منظومة العلاقات بين الهند وإيران ومدى تأثيرها على علاقات الهند بإسرائيل فى المستقبل. موضحًا أن العلاقات بين إيران والهند بدأت منذ القرن السادس قبل الميلاد حين احتل داريوس (الأول) أعظم ملوك الامبراطورية الفارسية الأخمينية بلاد الهند، وكانت العلاقات بين الدولتين متجمدة أثناء الحرب الباردة، فقد كانت لإيران علاقات حميمة بالولايات المتحدة. وفى مقابلها التزمت الهند بسياسة عدم الانحياز، على الرغم من تأييد إيران لباكستان وقت الحرب التى دارت بينها مع الهند وقدمت مساعدات سياسية ومادية لباكستان مع اتخاذ موقف صارم مضاد للهند بشأن كشمير، فإن العلاقات بين إيران والهند لم تتميز بعداوة شديدة. وعلى مر السنين تمت زيارات سياسية متبادلة بين البلدين، مما دفع إيران إلى منح الهند دعما سياسيا وقت حربها للصين عام 1962.
وتابعت الدراسة أن الثورة الاسلامية فى إيران غيرت وجه العلاقات مع الهند وتدهورت وقت الحرب الباردة، وذلك فى الوقت الذى تركت إيران فيه التوجه الموالى لأمريكا وانضمت إلى منظمة دول عدم الانحياز، الأمر الذى أصاب الهند بمخاوف كبيرة إثر جهود إيران لتصدير الثورة إلى جميع أنحاء العالم الإسلامى، واستمرت إيران فى السر فى التعاون مع باكستان على مساعدة المجاهدين فى أفغانستان.
فيما كشفت الثورة الإسلامية فى إيران بصورة سافرة عن فروق فى العلاقات بين إيران وباكستان التى استمرت فى علاقاتها بالولايات المتحدة وكانت لها علاقات وثيقة وتعاون مع المملكة العربية السعودية. وهنا بدأت تظهر لأول مرة خطوط الأزمة بين إيران الشيعية وباكستان والسعودية «السنيتين». لكن إيران ظلت باعتبارها جمهورية اسلامية تؤيد مواقف باكستان فى أزمة «كشمير».
وانتقل الباحث إلى التحول الذى طرأ على العلاقات بين الدولتين بعد انتهاء الحرب الباردة بزمن قصير. وكانت نقطة التحول البارزة زيارة رئيس وزراء الهند آنذاك «نرسيمها راو» لطهران فى يوليو عام 1993، والتى أعقبتها زيارات أخرى رفيعة المستوى أسفرت عن توثيق العلاقات وبناء مشاريع مختلفة بين البلدين، ومنذ ذلك الحين وطهران تحاول تحسين علاقتها مع الهند حفاظا على مصالحها مع استمرار معارضتها المبدئية لمواقف الهند من شأن كشمير.
 ولم تستمر العلاقات الحميمة بين البلدين طويلا حتى تدهورت مرة أخرى عقب توثيق العلاقات بين الهند والولايات المتحدة وتصويت الهند ضد إيران فى قضية برنامجها النووى فى اطار الوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 2006. وعادت العلاقات لتتحسن مرة أخرى عام 2008 بسبب نظام العقوبات الذى يزداد شدة على إيران، وهو ما تسبب فى تكوين منظومة علاقات متعددة الوجوه.
وتوضح الدراسة أن أهمية إيران الاستراتيجية بالنسبة للهند تتمركز حول أهمية مواردها من المحروقات، إذ إنها تملك حوالى من 10 فى المائة من احتياطى النفط الخام الثابت فى العالم، ونحو 15 فى المائة من احتياطى الغاز الطبيعى الثابت فى العالم، إذ إن الهند التى تسير منذ عشرين سنة فى مسار نمو مسرع وهى متعطشة إلى الطاقة. إذ لا يوجد لدى سكانها البالغ عددهم حوالى 600 مليون القدرة على الحصول على هذا الكم الهائل من الكهرباء سوى من إيران، لافتة إلى تصريحات مسئولين كبار قالوا فيها إنه إذا أرادت الهند أن تتبوأ مكانتها المناسبة فى اقتصاد العالم يجب عليها أن تزيد إمدادها من الطاقة بنسبة ثلاثة أضعاف أو أربعة وإمدادها من الكهرباء بستة أضعاف.
 ناهيك أن موقع إيران على ساحل الخليج الفارسى يمكنها من السيطرة على مضيق هرمز والتهديد بوقف النقل البحرى منه، كما أن لديها قوة من أكبر القوات المسلحة فى المنطقة مع قدرات بحرية كبيرة وامتلاكها عددًا كبيرًا من الصواريخ البالستية.
وهناك عامل آخر يؤثر على العلاقات بين الطرفين وهو أهمية إيران باعتبارها دولة مسلمة بالنسبة للهند التى يوجد فيها 160 مليون مسلم. وإلى ذلك فان الهند كما يبدو هى ثانى دولة من حيث عدد السكان الشيعة فى العالم.
وأضافت الدراسة أنه على الصعيد الجيو – استراتيجى فإن إيران بالنسبة للهند جسر برى إلى دول وسط آسيا، ومنها إلى شمال أوروبا. وأنه منذ تقسيم شبه القارة بين الهند وباكستان فقد كان هناك سد منيع أمام الهند من الوصول المباشر إلى وسط آسيا وحتى أفغانستان، وأصبحت إيران هى الجسر الوحيد الذى يمكنها من الوصول إلى أفغانستان اقتصاديا وأمنيا أيضًا.
واستمرارًا للعلاقات الجيو استراتيجية لإيران فكان هناك شأن استراتيجى مهم آخر فى العلاقات بين إيران والهند وباكستان وهو «أفغانستان»، التى يوجد بها العديد من الطوائف وبها مناطق تتكلم الفارسية وسكان شيعة لا يستهان بهم. وقد حاولت إيران فى بدء الطريق التعاون مع باكستان لكن إيران والهند وجدا أنفسهما سريعًا تتعاونان على مساعدة تحالف المنظمات فى شمال أفغانستان (من المتحدثين باللغة الطاجيكية والفارسية) فى مواجهة طالبان التى تؤيدها باكستان، وحينما قويت سلطة طالبان توترت العلاقات بين إيران والهند. وزادت هذه العلاقات سخونة حتى فى مجال المساعدة الامنية ولا سيما بعد دخول قوات امريكية إلى أفغانستان فى 2001 وإسقاط تنظيم «طالبان».
وتابعت الدراسة أن هذه الأيام تشهد عودة للمصالح الإيرانية - الهندية بسبب مصالح الهند فى أفغانستان فى الوقت الذى تنفق فيه مئات ملايين الدولارات على مشاريع اقتصادية على أراضيها، ولإيران كما قلنا مصالح مشابهة، وهى كالهند تخشى أيضًا ازدياد قوة طالبان بعد مغادرة الولايات المتحدة.
وعلى صعيد العلاقات بين الهند والولايات المتحدة فكان أبرز خطوة خطتها الولايات المتحدة نحو الهند اتفاق التعاون فى مجال الطاقة الذرية الذى تم توقيعه عام 2008، الأمر الذى يراه معد الدراسة «شابيرا» أنه اتفاق شاذ يناقض بشدة سياسة الولايات المتحدة، إذ إن الهند فضلاً عن أنها لم توقع على ميثاق منع انتشار السلاح الذرى كانت الهند تمتلك أسلحة دمار منذ 1998، وقد أملت الهند فى إطار الاتفاق ان تكتسب من الولايات المتحدة القدرة على انتاج الكهرباء الذرية التى تبلغ 25 ألف ميجاوات حتى عام 2020.
واليوم بعد مرور أكثر من أربع سنوات على توقيع الاتفاق، فلم تحصل الهند إلا على عقود محددة لإنشاء محطات طاقة ذرية، كما لم تتقدم الامور كما أملت مع الولايات المتحدة. وعلى الرغم من شراء الهند لمعدات عسكرية أمريكية، لكنها لم تحقق أية صفقات سلاح واسعة النطاق.
ويبقى موضوع إيران من الموضوعات المؤلمة فى نظام العلاقات بين الهند والولايات المتحدة التى أملت موافقة الهند الكاملة على سياسة امريكية تطمح إلى عزل إيران قدر المستطاع. وحاولت الهند من جهتها ان تفصل بين علاقتها بإيران والولايات المتحدة وان تكون لها علاقات بإيران كأنه لا علاقة لها بالولايات المتحدة، وعلاقات بالولايات المتحدة وكأن إيران غير موجودة. ولم تنجح هذه السياسة، وأثرت ضغوط الولايات المتحدة تأثيرا غير قليل فى علاقات الهند بإيران.
علاقات الهند بإسرائيل
وأضاف معد الدراسة والذى شغل منصب رئيس مشروع التوازن العسكرى فى الشرق الأوسط أنه فى ذلك الوقت بدأت تتطور علاقات الهند بإسرائيل كعلاقاتها بإيران وبالولايات المتحدة بعد عام 1992، ومنذ ذلك الحين قويت العلاقات بين البلدين فى مجالات اقتصادية واسعة، وفى عام 2012 بلغ حجم التجارة المتبادلة بين اسرائيل والهند (ولا يشمل هذا الماس) بنحو 2.15 مليار دولار (وتضاءلت التجارة منذ سنة 2010 بسبب تأثيرات الازمة الاقتصادية العالمية).
وأهتمت الدراسة بصورة خاصة بالتعاون الأمنى  الذى يشمل شراء منظومات أسلحة خاصة ونقل تقنيات عسكرية وتطوير مشترك لمنظومات عسكرية. مضيفًا أنه يتم حاليًا التباحث بين إسرائيل والهند حول صفقة لشراء طائرات للانذار الجوى المبكر، وتطوير مشترك لمنظومة صواريخ أرض – جو. وأصبحت إسرائيل ثانى أهم مزود بالسلاح للجيش الهندى إلا أن هذا لم يسمح لإسرائيل بأن تنشئ تعاونا استراتيجيا أو تعاونًا فى الجوانب السياسية الدولية.
وكان موضوع إيران مطروحًا للبحث فى العلاقات بين إسرائيل والهند من أول الطريق. وعبرت إسرائيل عن عدم رضاها عن العلاقات المشتركة بين الهند وإيران ولا سيما العلاقات الأمنية التى تمت بين إيران والهند (واشتملت على التدريبات البحرية المشتركة)، وعبرت إسرائيل أيضًا على مسامع الهنود عن مخاوف من تسرب تقنيات اسرائيلية إلى الإيرانيين.
هذا ولم يصدر عن الإيرانيين أى تحفظات على علاقة الهند بإسرائيل وفضلوا تجاهل الامر. وفى 2008 أطلقت الهند القمر الصناعى الإسرائيلى «تكسار». ونشر فى إسرائيل خبر اطلاق القمر على أنه قمر تجسس يرمى إلى تعقب شئون إيران، مما جعل إيران تعبر عن «قلقها» لدى حكومة الهند دون ان تذكر اسم اسرائيل.
واختتمت الدراسة بأن علاقات إسرائيل بالهند ستظل متعلقة بقدرة الأخيرة على السير بدقة متناهية فيما يخص منظومة علاقاتها. وإذا أرادت اسرائيل ان تحافظ على علاقاتها الطيبة بالهند فعليها ان تحرص ايضا على السير بدقة، وأن تستمر فى تقوية علاقتها بالهند وتحرص على عدم المس بمنظومة العلاقات حتى لو من خلال الضغط على الجانب الهندى فى نقاط مؤلمة.