السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«التموين» تتبرأ من أزمة البوتاجاز.. و«الرقابة والتوزيع» يلتزمان الصمت

«التموين» تتبرأ من أزمة البوتاجاز.. و«الرقابة والتوزيع» يلتزمان الصمت
«التموين» تتبرأ من أزمة البوتاجاز.. و«الرقابة والتوزيع» يلتزمان الصمت




تحقيق – داليا سمير

مشاجرات دائمة.. اعتداءات سافرة.. وساطة ومحسوبية.. سوق سوداء.. رحلة عذاب × عذاب.. كل هذا جراء الأزمة الطاحنة التى تشهدها محافظات الجمهورية لنقص أسطوانات البوتاجاز، والتى دائما ما تتكرر سنويا فى فصل الشتاء، ولكن وصلت المشكلة ذروتها خاصة أن موجات الصقيع التى تتعرض لها البلاد لم تشهدها مصر منذ 20 عاما، وسط كل هذا يخرج علينا المسئولون كالعادة بحجج واهية ما أنزل الله بها من سلطان، علاوة على أن الآونة الأخيرة تبادلت الوزارات الاتهامات حول من المسئول عن الأزمة؟.


فيما اكتف القيادات الحكومية بتبرير تفاقم الأزمة بنقص الإمكانات المالية التى تغطى استيراد الكميات المتبقية من الاستهلاك، إلى جانب الظروف المناخية التى تعطل سوق الاستيراد، ولكن أنوه إلى أن المواطن البسيط لا يعرف كل هذا، وإنما حلمه هو الحصول على الدعم بكامل طاقته، بدءا من رغيف الخبز وحتى اسطوانة البوتاجاز.
حاولت «روزاليوسف» التقاء المواطنين فى بعض المناطق لرصد الأزمة ومدى المعاناة التى وصلوا لها جراء نقص الاسطوانات المدعمة بل واختفائها، فضلا عن ارتفاع اسعارها عنان السماء فى السوق السوداء.
فى البداية استاءت زينب عاطف، ربة منزل، 34 سنة، وأحد قاطنى منطقة النهضة، من سيطرة التجار على الأسطوانات المدعمة وانتشارها فى السوق السوداء، منوهة إلى أن الأزمة عكست بدورها ارتفاع سعر الاسطوانة المدعمة فى المستودعات لـ15 جنيها بدلا من 8 جنيهات، علاوة على أن سعرها فى السوق السوداء أصبح 35 جنيها.
وأوضحت ألفت محمد، مدرسة، 40 عاما، أنه فى ظل الأزمة الطاحنة أصبح الحصول على أنبوبة البوتاجاز المدعمة من التموين أو المستودعات مستحيل، علاوة على المشاجرات التى تتم بين المواطنين والتجار فى السوق السوداء حول الأسعار التى ارتفعت عنان السماء، مستنكرة غياب الرقابة على المستودعات، قائلة: «موظفو التموين فضلوا الجلوس فى أماكنهم عن النزول إلى أرض الواقع لمتابعة الأزمة».
وتلفت هند محمد، من سكان السيدة زينب، إلى أنها لابد أن يتواجد المواطن فى مخازن مستودعات محيط زينهم من الساعة الخامسة صباحا، وذلك فى طابور انتظار يتجاوز الكيلو مترات، فى الوقت الذى انتابت فيه موجة البرد القارس محافظات الجمهورية، لافتة إلى معاناة كبار السن والمرضى الذين لا يتحملون الوقوف فى طوابير الانتظار لساعات، ناهيك أن أصحاب المستودعات استغلوا الأزمة وقاموا بارتفاع أسعارها دون مراعاة الحالات المادية.
أما حسام عبدالظاهر، بمنطقة ميامى الإسكندرية، يقول إن اختفاء الأنابيب المدعمة، دفعهم للجوء الكثير إلى السوق السوداء، والذى وصل فيها سعر الاسطوانة الواحدة لـ 60 جنيها، متسائلا: إلى متى ستظل الأزمات تتجدد من وقت لآخر؟، مطالبا الحكومة بوضع حلول عاجلة بدلا من المسكنات التى ملَّ منها المواطنون.
بينما قالت أم هاشم سالم، 60 عاما، إننى أنتظر الحل الذى ينقذنا من استغلال تجار السوق السوداء ضعف حالاتنا المادية، مشيرة إلى أن الحصول على اسطوانة بوتاجاز يمر بـ 3 مراحل، الأولي: الذهاب إلى مستودع الأنابيب لتسلم البطاقة الشخصية، والثاني: تسليم الأنبوبة الفارغة، والأخير: الذهاب من الساعة السابعة صباحا حتى الساعة الثامنة والنصف مساءً، وفى النهاية ترجع بـ«خفى حنين»، إلى جانب الاعتراضات بالمشاجرة وتقطيع الشعر وتمزيق الملابس.
وأشارت أم هاشم إلى أنها علي الرغم من كبر سنها إلا أن مسئول المستودع لم يراع ظروف كبر سنها، منوهة إلى أن هذا الوضع حال الكثير من السيدات اللائى يتراصين فى انتظار الفرج والحصول على الأنبوبة، مستنكرة من قيام اصحاب المستودعات بالاتفاق مع الباعة والتجار على بيع الأنابيب، حيث ومع وصول تجار السوق السوداء يقوم العمال بمنح التجار دون إلقاء بال للمتراصين فى طوابير الانتظار، متسائلة: «هى فين الحكومة اللى المفروض تيجى تغيثنا من الظلم ده؟».
وأضافت الحاجة نعمات السيد: إن المشاجرات والتكدسات على الاسطوانات بسبب الأزمة منعتها من الحصول على اسطوانة البوتاجاز، منوها إلى أنها لم تجد بديلا سوى الرجوع إلى الطرق البدائية «الكانون»، المكون من 4 قوالب طوب أحمر يتوسطها اشعال الأحطاب والأخشاب من فوقها إناء الطهي، رغم أنها مريضة بـ«حساسية الصدر»، ولكن كل هذا تفاديا للأزمة والمهاترات.
وتابعت السيد: «عاوزة أقول للحكومة حاجة.. أنا مش معايا 60 جنيه أجيب بيهم أنبوبة وبوفر علاجى بالعافية علشان كده عملت «كانون» أطبخ عليه علشان أطعم أولادى ومايحسوش بالجوع»، مطالبة بفرض الرقابة على تجار السوق السوداء وأصحاب المستودعات المخالفين.
وطالب إبراهيم حسني، ماجستير قانون خاص، الدولة بتكليف لجنة من وزارة البترول لبحث الأزمة، ومحاسبة المقصرين من الموظفين الذين تسببوا فى خلق الأزمة وقصروا فى توزيع الاسطوانات المدعمة، مطالبا بفرض الرقابة على السوق السوداء لمنع تفاقم الأزمة ورحم المواطنين من المبالغ الطائلة التى أقرها التجار دون سائل ولا مسئول.
وشدد حسنى: على الدولة أن تعترف بالأزمة الطاحنة التى يعانى منها الشعب بأكمله، مشددا على تجنب الحلول الهشة، والبعد التام عن توجيه الاتهامات بين الوزارات التموين من جهة والبترول من الجهة الأخرى، منوها إلى أن وصول الحصص المقررة للمحافظات من الغاز الصب يضمن سد العجز فى المراكز والقرى والنجوع.
بينما أوضح نور محمد، صاحب عربة فول، بمنطقة الدقى بجوار مستشفى الشبراويشي، أن أزمة الأنابيب أثرت عليهم بالسلب، حيث دفعتهم إلى القيام بتسوية قدرة الفول يوما بعد يوم بدلا من يوميا، وذلك لصعوبة حصوله على اسطوانة الغاز التى أصبح يشتريها من السوق السودا بـ70 جنيها بدلا من 26 جنيها، فالآن أصبح فى متاهة وسط متاهات الحكومات الزائفة.
قال فتحى محمد بائع الفول إن أزمة الغاز التى توعدت الحكومة بحلها من الاسبوع الماضى لم تنته حتى الأن، مشيراً إلي أن السوق السوداء سيطرت عليه السريحة، الذين يستغلون الظروف ويبيعون الأنبوبة بـ40 جنيها بدلا من 10 جنيهات، مضيفا أن التموين متواطئ مع سماسرة السوق الذين يسرقون حصة المواطن فى الدعم الذى تخصصه الدولة.
أما أحمد مصطفى، صاحب مستودع أنابيب بقرية عرب الغديرى فى القليوبية، أوضح أن أصحاب المستودعات والمخازن ليسوا سببا فى الأزمة، خاصة أن نقص الكميات من وزارة البترول فى طرح الكميات اللازمة للأسواق، مشيراً إلى أن شركة بوتاجاسكو تدفع بسيارات محملة من الاسطوانات للأسواق والميادين لإنهاء الأزمة، فضلا عن أنها تهتم بأصحاب مزارع الدواجن أكثر من غيرهم، وفقاً لاتفاقية شعبة الدواجن معها بتوفير الأنابيب الكبيرة للمزارع لتدفئة «الكتاكيت».
بينما نفى مسئول مخزن توزيع الأنابيب بمنطقة حدائق زينهم، فى مصر القديمة، والذى فضل عدم ذكر اسمه، وجود أزمة فى الأنابيب، معرباً أن المواطنين هم من يفتعلون الأزمة وقتما يشاءون، وزعماً منه بأنه يبيع الأسطوانة الصغيرة بـ8 جنيهات والكبيرة بـ20 جنيها، منوها إلى أن الموزعين فى الشوارع وراء رفع الأسعار، لغياب الرقابة المحلية عليهم، قائلاً: «بدل ماتيجيبوا اللوم علينا روحوا دوروا على السريحة اللى بيستغلوكم وارحمونا بقى».
من جانبه قال حسام عرفات، رئيس شعبة المواد البترولية باتحاد الغرف التجارية، إنه قد زاد الطلب على اسطوانات البوتاجاز فى ظل فترة البرد القارص الذى تعرضت له البلاد الأيام القليلة الماضية، مشيراً إلى أن الأحوال الجوية خلال الفترة الماضية أدت إلى تأخير عمليات الشحن والتفريغ بالموانئ ومصانع التعبئة.
وأوضح عرفات أن تأخير الشحن والتفريغ أثر على كميات البوتاجاز الواردة إلى المحافظات، ما تسبب فى حدوث اختناقات فى العديد من المحافظات وبالتالى ارتفاع سعر الأسطوانة فى السوق السوداء لافتاً إلي أنه فى خلال 48 ساعة سيقوم المسئولون بضخ متتال من الاسطوانات، والذى يصل لـ«مليون و200 ألف» اسطوانة يوميا هذا من جهة الشعبة البترولية، مشيراً إلي أن مصانع البوتاجاز التى يصل عددها 48 مصنعا تعمل بكامل طاقتها لحل الأزمة.
وطالب رئيس شعبة المواد البترولية باتحاد الغرف التجارية الجهات والأجهزة الرقابية والمحلية باتخاذ الاجراءات اللازمة لتوفير ووصول الاسطوانات بالسعر المدعم للمواطنين، يفضلا عن القضاء على السوق السوداء التي تستغل الأزمة وقاموا برفع الأسعار عنان السماء أمام المواطن الغلبان مشيراً إلي أنه يتم التعامل الآن مع أى اختناقات تحدث فى المناطق عن طريق ارسال سيارات معبأة باسطوانات البوتاجاز لتلبية احتياجات المواطنين.
وعلى صعيد متصل رفض المهندس حمدى علام، رئيس الرقابة بوزارة التموين، الإدلاء بأى معلومات سلبية أو ايجابية فى ظل وجود الأزمة الطاحنة فى نقص اسطوانات البوتاجاز بل اختفائها فى بعض المناطق.
من جانبه أكد الدكتور عبد العزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن أن الشعبة قامت بتوقيع اتفاقية مع شركة بتروجاسكو لتوصيل اسطوانات الغاز للمزارع، وذلك لتفادى الأزمة، موضحا أن المزارع التى تعاقدت بالفعل مع الشركة لم تشعر بالأزمة، منوها إلى أن التعاقد تضمن توصيل الأنبوبة للمزارع بـ35 جنيها، فى الوقت الذى ضطر فيه أصحاب المزارع لشرائها من السوق السوداء بـ75 جنيها.
ولفت عبد العزيز إلى أن تلك الأزمة قد رفعت سعر الأعلاف، الذى أعكس بدوره ارتفاع سعر الدواجن، وأما بالنسبة لصغار المربين هم أكثر المتضررين من نقص الاسطوانات، لتعرضهم لأزمتين حقيقيتين فى نفس الوقت برودة الطقس من جهة ونقص الاسطوانات من جهة أخري، لافتا إلى أن هناك تخوفات من خروج عدد كبير من المربين من دورات الإنتاج خلال الفترة المقبلة، خاصة أن الغالبية العظمى من المزارع مفتوحة ومعرضة لبرودة الطقس.