الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بعيدًا عن القطط المشتعلة

بعيدًا عن القطط المشتعلة
بعيدًا عن القطط المشتعلة




كتب - د.حسام عطا

ينسى الرأى العام الفن والثقافة والتعليم والاعلام بشكل متكرر، رغم انها المجموعة ذات الصلات المتفاعلة المؤثرة بالتأكيد فى عمل كل القوى الصلبة على مستوى السياسة والاقتصاد، والتنمية الشاملة، لان التفكير فى علاج الاوجاع الاقتصادية، واستكمال الاستحقاق الثالث من استحقاقات خارطة الطريق هو ما يشغل الرأى العام فى مصر، ولكن ثقة الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسى بالله فى مصر والمستقبل تجعله يذكر الرأى العام الدولة والمجتمع، بها كلما تراجع تداول الاهتمام العام حول مسألة اصلاح ذلك الشأن.
اما الولع بالقطط المشتعلة وتوليد المعانى العكسية فقد ظهر فى اهتمام الاعلام بالتركيز على اشارة الرئيس الاخيرة عن الفن واصلاح احواله وبالتحديد عن الدراما والسينما والتى خص الفنانة الكبيرة يسرا والنجم احمد السقا بها، الملاحظة ان الاعلام اهتم بربط الاشارة بتفسيرات مختلفة مرة فى اتجاه ربطها بشكل شخصى بكل من يسرا والسقا، ومرة فى اتجاه تفسيرها فى اطار انه مطلوب من الفن ان يرى الواقع السيئ جميلا، فى ايحاء نحو التأثير السلبى على حرية الابداع بينما كانت الاشارة على ما دار داخلها من تلطف ودعابة وتبسط مغلقة فى تأويلها على وضوح منطوقها بانها دعوة لاستنهاض ونقد الدور الغائب تقريبا للسينما والدراما التليفزيونية وبالتالى الانواع الدرامية الاخرى ذات الصلة، نحو تبديد اليأس واشاعة الامل، وتحسين وجه الحياة واستعادة القيم.
دارت حوارات متنوعة فى وسائل صناعة الرأى العام، ثم خفت الصوت واختفى دون ان نسمع او نرى أية اثار ايجابية فى هذا الصدد من الدولة او المجتمع المدنى حتى الان، وهذا التفسير السلبى الذى تبناه البعض فى اتجاه تحديد حرية الابداع والاعلام خاطئ تماما، لان الاشارة لم تذهب فى اتجاه الاعلام، والفارق بين الانتاج الفنى والاعلامى رغم تشابكها فارق كبير، فالسؤال المطروح الآن على جموع الفنانين ككل ترجمة للاشارة العابرة للرئيس السيسى يمكن صياغته على النحو التالى:
كيف يكون الفن نافذة تدخل منها اشعة الشمس الدافئة الى غرف اليأس الباردة؟
وهنا يجب التفريق فى الفهم الدقيق لدور الفن والاعلام كل على حدة فى علاقتهما بالواقع.
ذلك ان وسائل الاعلام كالصحف المطبوعة والالكترونية، والفضائيات والمواقع الالكترونية، وما الى ذلك يأتى دورها فى التفاعل مع الواقع فى علاج الشأن اليومى، ولذلك فشرط الاعلام الحفاظ على الحياد، ونزع الرأى عن الخبر المنقول من واقع صحيح، اما الفن فلكى يمارس دوره فى التفاعل مع الواقع فيجب ان يبتعد درجة واضحة عن نقل الواقع كما هو، لان الفن هو محاكاة وليس نقلا حرفيا للحياة، وبدون شرط اعادة ترتيب الواقع لا يصبح الفن فنا، بل يصبح بثا مباشرا يصور الواقع من وجهة نظر الفنان، ولان الدراما تختار الافعال الانسانية الاستثنائية اما الاعلام فهو يرصد كل حدث كان عاديا او استثنائى الطابع، واذا كان الاعلام يعتنى بنشر الحياة، فالدراما تعتنى بشعرها، بلحظاتها المكثفة الدالة، ولانها ذات خيال فهى تستطيع خلق حياة افتراضية موازية يمكن الاحتذاء بها من الجمهور العام، وهذا هو سر قدرة الدراما على ضبط الاخلاق وتقديم البدائل الحياتية واطلاق الامل، فالفن يستطيع خلق صور اجمل وأكثر ترتيبا تقدم نماذجا يتم اعادة انتاجها من الجمهور العام، سواء فى صناعة النموذج والقدوة او فى طرح مسارات جديدة للسلوك العام، وهذا هو دور الفن والدراما الطبيعى فى كل نظريات الدراما وعلوم النقد، ألا وهو اعادة ترتيب جزئيات الواقع المبعثرة لتحقيق فرص افضل لفهم وجودنا الانسانى وتحسين وجه الحياة.