الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تفجير «براميل الفوضى»

تفجير «براميل الفوضى»
تفجير «براميل الفوضى»




كتب - اشرف بدر

رأينا ابتهاجا مكتوما لدى البعض بالداخل والخارج لقيام عمليات مسلحة فى مصر، وهذا أمر مخيف ومنذر بعواقب وخيمة.. فما دخل السلاح ثورة إلا دمرها.. ولو عاد الزمن إلى الوراء، وخير السوريون بين بقاء بشار «المجرم السفاح» دون ثورة، وبين ثورة تسلحت ودمرت البلاد من وراء تسليحها هذا، لاختار السوريون «بشار».
دخول السلاح يعنى أن تصبح الثورة لعبة بيد أجهزة الاستخبارات، ويعنى فى النهاية دمار مصر وقتل الآلاف من شعبها، وهذه أسوأ نتيجة، لإن من يدفع ضريبة الحرية والوطنية أكثرهم من البسطاء والمحرومين، وليس الفارين إلى «بلاد قبلة صناعة الفوضى» ولا وسط قصور الشرق والغرب،  ولا فى حسابات الجبهات والأحزاب والمنظمات المشبوهة عملًا وفعلًا.
  الواقع المصرى فى ذكرى 25يناير يقف الجميع على رأسه فى محاولات البعض إغراق الوطن يغرق بفعل القيادات المتهالكة يمينا ويسارًا التى تبحث كيف ترضى أمريكا ورجالها «حمد وأردوغان وغيرهما من التابعين الجدد، لتدشن عهدًا جديدًا ومشهدًا سياسيًا قوامه الفضائح والتلهية عن المشاكل الحقيقية!!.
إن النظام المصرى أمامه فرصة تاريخية للإطاحة بكل المرتزقة وأصحاب السبوبة والأجندات، ويعمل على إحياء «الحوار الجاد» القائم على الوطنية والسلمية والتدين غير المغشوش، ودمج كل المعتدلين وغير الملوثة أيديهم بدماء الأبرياء فى الحياة السياسية، وإجراء مصالحة شعبية واسعة لنزع فتيل الاحتقان الذى يسعى البعض ليتحول إلى سرطان أو إلى «خراج» ممجوج بالصديد فى حلق النظام.
كما أن إعادة بناء الأمة تتطلب من القيادة أن تبدع حلا للتوافق، واستيعاب كل فئات المجتمع، مهما صدر من بعضها من تصرفات انتقامية وأعمال عدوانية.
لابد من مراجعات مع شباب الجماعات المسلحة، لتبصيرهم بسماحة دينهم، وأباطيل من يسوقونهم إلى جحيم يحرق كل أخضر ويابس على بسيطة وطنهم من أجل استعادة «كرسى» كسرت إرادة الشعب كل أرجله، ولم يعد له مكان على الأرض.
لابد للنظام أن ينظر بل ويراهن على كتلة شعبية لها وزنها الكبير.. كتلة ترفض السير فى الطريق الكارثى للتجاذبات، ولا ترى أملا فى اليمين الدينى ولا فى خصومة اليساريين والناصريين، وانحازت طبيعيًا لكل من يناضل لرفع مصلحة الوطن والشعب.
هى كتلة شعبية حقيقية، أزعم أنها الأكبر عددا وقدرة، وتضم ملايين الشباب والطلبة والمناضلين و المناضلات والمثقفين وممتدة فى امتداد الوعى بتآمر السياسيين وتكالبهم على الدم المصرى.
كتلة مُرتبطة بصدقها وعمقها الوطني، ترى فى الشباب قيادة لها، وفى الشيوخ الخبرة والحنكة، وفى المرأة المستقبل وتحمل نصف مسئولية الإصلاح والنهوض بمصرنا.  
ولابد أيضا من بث الفهم الصحيح فى نفوس هؤلاء الشباب بكيفية نصرة مصلحة الوطن دون أى مصلحة أو مكسب سياسى زائف.. ويكون ذلك من خلال علماء وشيوخ الأزهر النابهين، وليس شيوخ الفضائيات .
 ونضرب بالشيوخ النابهين ما روى أن شاه إيران عقد مناظرة بين سبعة علماء من الشيعة أمام سبعة علماء من السنة.. وفى المكان والزمان المحدد حضر العلماء الشيعة ولم يحضر أحد من علماء السنة إلا واحد وجاء متأخرا ودخل عليهم حاملا حذاءه تحت إبطه فاستغرب علماء الشيعة قائلين: لماذا تحمل حذاءك وأنت تدخل على شاه إيران؟
فقال لهم: لقد علمت بأن الشيعة كانوا يسرقون الأحذية فى عهد رسول الله!
فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا: ولكن لم يكن هناك شيعة فى عهد الرسول .
فقال: انتهت المناظرة، من أين جئتم بدينكم إذن؟
لاحظ الحجة التى كان عليها علماء الدين.. ولاحظ الفرق بين ما هو عليه شيوخ الفتنة والدم أمثال القرضاوى ووجدى غنيم، وبين ما يريد لنا إسلامنا من صالح العباد والأوطان.
إن أى نظام على ضعفه فى حسم الأمور أفضل ألف مرة من ثورة «فاشية مسلحة».. وإلا ساعتها سنرى براميل متفجرة مصنعة فى بلدان الإلحاد، وإمبراطوريات الاستعمار القديم،  تدمر البلد وتقضى على الأخضر واليابس، لأن السلاح إذا تحول إلى خيار شامل فسيعنى الكارثة الشاملة.
وشرف لثورتنا المصرية أنها لم تستسلم لطواغيت الفوضى والدمار والعمالة الذين يسعون لتفتيت المنطقة من أجل استعادة أمجاد إمبراطوريات زائفة أبيدت بدماء زكية فى ثورات التحرر والبسالة والحرية.