الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المتطرفون يعتمدون على تفسير مغلوط لمفهوم «الجهاد» و«الولاء والبراء»

المتطرفون يعتمدون على تفسير مغلوط لمفهوم «الجهاد» و«الولاء والبراء»
المتطرفون يعتمدون على تفسير مغلوط لمفهوم «الجهاد» و«الولاء والبراء»




تحقيق : نسرين عبد الرحيم

امتدت يد الإرهاب الآثمة لتنال من رجال قواتنا المسلحة، إذ قام بعض الإرهابيين بتفجير إحدى الوحدات العسكرية متخذين الدين ستارا لهم ولأعمالهم القذرة وهو منهم برىء.
وتأتى تلك العمليات فى محاولة للنيل من  أمن واستقرار الوطن، لكن مخططهم فشل فى السيطرة على مصر لكى تكون إحدى ولاياتهم الدينية المتطرفة، ووضع أبناؤها لأنفسهم خارطة طريق من مراحل ثلاث، تحققت مرحلتان والاستحقاق الاخير من «الانتخابات البرلمانية» يتوازى زمنيا المؤتمر الاقتصادى فى مارس، وبنجاحه ستوضع مصرنا على الطريق الصحيح لأهداف ثورتى «25 يناير - 30 يونيو».


ولكن.. كلما اقترب هذا الاستحقاق البرلمانى، زادت وتيرة القتل سواء مدنيين أو عسكريين، بالإضافة لتزايد عمليات التخريب، وحتى لا تسيل دماء أخرى، فقواتنا المسلحة والشرطة والمدنيون عليهم أن يتكاتفوا على قلب رجل واحد لإفشال مخطط إسقاط الوطن الذى يعد أساس استقرار الوطن العربى بأكمله، كذلك فإن على الأجهزة الأمنية ممثلة فى الجيش والشرطة تطوير وتغيير أساليب الحماية والتعامل لإفشال أى مخططات إرهابية مستقبلا وفقا لآراء الخبراء الذين تحدثوا إلى «روزاليوسف» فى هذا التحقيق.
يقول د. إيهاب العزازى: ما حدث فى سيناء بهذا الشكل من الهجوم فى توقيت واحد على ثلاث مدن بمحافظة شمال سيناء، وهى العريش ورفح والشيخ زويد، بقذائف الهاون والأسلحة الثقيلة والصواريخ طويلة المدى، واستهداف منشآت تابعة للقوات المسلحة وكمائن ونقاط أمنية، هو إعلان حرب على مصر، فما حدث يعد أسلوب أجهزة مخابرات كبرى، خططت وجهزت للأحداث ورصدت تحركات القوات المصرية، ووضعت أهدافًا قوية لضربها فى توقيت واحد، لتشتيت الأجهزة الأمنية وإثارة الرعب والهلع فى قلوب المواطنين، ولا يهم حجم الخسائر، فهى فى كل الأحوال كارثة يجب التوقف عندها ودراسة أسباب الخلل والبحث عن الجانى الحقيقى ومن يموله ومن يخطط له ويقدم له الدعم المالى والعسكرى والاستخباراتى، فما حدث يدل على أن أجهزة مخابرات لدول لا يهمها استقرار مصر ولا المنطقة وليس جماعات منفصلة، هدفها إرسال رسالة للعالم مفادها أن مصر مخترقة وأننا قادرون على محاربة الجيش المصرى فى سيناء.
والسؤال الذى يطرح نفسه على الساحة: من المحرك لهذه الأحداث؟ فى الوقت الذى تتوالى فيه تصريحات الجماعات الإرهابية لإعلان مسئوليتها عن الحادث، سواء داعش أو أنصار بيت المقدس أو السلفية الجهادية أو القاعدة وغيرهم، وأؤكد أن جميعها أدوات فى أيدى قوى دولية تستخدمهم لتدمير العالم العربى وإرباك المشهد ككل، وإفشال عمليات التنمية والاستقرار، لتصبح هناك ذريعة جديدة للتدخل الأجنبى فى العالم العربي، فما يحدث فى سوريا وليبيا واليمن ومن قبلها العراق والصومال ولبنان، خير دليل على ذلك، ولكن كل ذلك بدعم من قوى داخلية على خلاف مع الأنظمة الحاكمة، فما يحدث فى سيناء أو أى جزء من الدولة المصرية يتم بالتنسيق مع قوى عدائية أسقطها الشعب المصرى فى ثورة 30 يونيو، سواء جماعة الإخوان الإرهابية أو حلفاءها من التيارات الجهادية والجماعة الإسلامية.
وهناك سؤال مهم جدا يجب على الجميع البحث عن إجابة له: هل توجد علاقة بين إعلان «داعش» أجزاء من ليبيا والسودان كإمارات تابعة لها، وما حدث فى سيناء؟ وهل ما حدث محاولة لفصل سيناء عن مصر وإجهاض حالة الحرب لدحر قوى الظلام والشر والتطرف فى سيناء؟ وهل داعش خططت لذلك؟ لأنه من الواضح أن داعش تحاصر مصر من حدودها الغربية والجنوبية، والآن تحاول قوى التطرف والإرهاب حصار الحدود الشرقية لمصر، لخلق الفوضى والخراب بها.
فى الوقت نفسه، هناك علامات استفهام أخرى كثيرة تشير إلى تورط جماعة الإخوان فى التفجيرات، منها الوفد الموجود الآن بقيادة جمال حشمت والقاضى المعزول وليد شرابى وغيرهما فى الخارجية الأمريكية، لإيهام العالم بأن مصر فى حالة فوضى عارمة، وكذلك ما يحدث على قنوات الإخوان مثل «مصر الآن» و«الشرق» من تحريض واضح لاستهداف المؤسسات العسكرية ورجال الشرطة، وتحديدا دعوة مقدم البرامج محمد ناصر لضباط الشرطة بعدم النزول لمواقعهم، وإلا سيتم قتلهم والتنكيل بهم والتمثيل بجثثهم، فهل هذا بالتزامن مع تصاعد تظاهرات الإخوان ومحاولة الاعتصام فى كرداسة والمطرية صدفة؟ أعتقد أن جماعة الإخوان شريكة فيما يحدث، سواء بالتحريض أو الدعم السياسى والمعلوماتى للحركات الإرهابية التى تعيث فسادا فى مصر.
وليبيا واليمن من الدول التى فى طريقها للتفكك والسقوط فى هاوية الصراعات السياسية والقبلية وسيطرة التطرف والإرهاب.
ويبقى السؤال مطروحا: هل المواجهات والحلول الأمنية هى القادرة على مواجهة الإرهاب؟ وأؤكد.. بالقطع لا.. لأن محاربة الإرهاب وأفكاره ومعتقداته هى حالة مجتمعية متكاملة وأدوار للدولة بمؤسساتها وللمجتمع المدنى، والأهم من ذلك هو سيادة دولة القانون والعدالة الاجتماعية والحرية والمساواة وتكافؤ الفرص، فجماعات الإرهاب تستغل فقر الشعوب وجهلها وإحساسها بالإحباط وعدم المساواة لتجندهم وتستخدمهم وسيلة لتحقيق طموحاتها وأحلامها، وهنا يجب على الدولة والمجتمع صياغة وثيقة جديدة لطرق محاربة الإرهاب فى مصر من جميع الجهات، فلن تنجح الحلول الأمنية وحدها، ويجب علينا جميعا دعم الدولة والتكاتف حول قياداتها من أجل العبور من هذا الفخ الكبير لتدمير الدولة المصرية.
من جانبه، أكد دكتور التخطيط وإدارة الازمات أحمد أبو زيد أن الجماعات الإرهابية تبنت تنسيقا غير مسبوق لارتكاب أعمال تخريبية، ومن المؤكد وجود عناصر إرهابية مدربة تخطط لمثل هذه الجرائم مع بيت المقدس، أى تتدرب وتخطط وتنفذ بالاشتراك مع بيت المقدس للقيام بهذه الأعمال الإرهابية الخسيسة، وإنه بلا شك، لن تثنى هذه الأحداث الإرهابية المصريين عن مواصلة طريقهم فى مكافحة الإرهاب والقضاء على البؤر الإرهابية والجماعات المتطرفة، وكل من يحمل فكرًا إرهابيًا متطرفًا يعادى الدولة ولا يؤمن بالحريات ولا المساواة، ولا كل مقومات بناء الدولة الديمقراطية.
وأشار إلى أنه لا يوجد فى الإسلام نمط دينى لمثل هذه الاعمال الإرهابية، فالإرهابيون يعتمدون على تفسير مغلوط لمفهوم الجهاد ومفهوم الولاء والبراء الدينى، ومفهوم نصرة الله والدعوة إلى دين الله، وهنا يظهر دور الأزهر الشريف فى محاربة مثل هذه الأفكار الضالة بالتعاون مع وزارة الاوقاف لتنفيذ ما دعا إليه الرئيس وهو تجديد الخطاب الدينى بما لا يمس العقيدة ولا يمس اصول الدين ولا القرآن ولا السنة، انما التجديد مقتصر على تغير الآراء الفقهية لبعض العلماء والفقهاء بما يتناسب مع الحال والزمان والمكان أيا كانت درجة قوة هؤلاء العلماء، وأيا كانت درجة ابحارهم فى العلوم فالإمام الشافعى كان فى الكوفة ولديه مذهب هناك، وتبنى مذهبًا فقهيًا يناسب حالهم ومكانهم وزمانهم، وعندما أتى إلى مصر عايش طلاب الليث بن سعد، فغير 90% من فتواه ووضع مذهبًا جديدًا فى مصر وسماه «المذهب الجديد»، فهذا يعنى أن الفقيه لابد أن يقدم أحكامه الفقهية بما يتناسب مع أحوال المنطقة وعادات الناس وتقاليدهم، وبما يحقق المصلحة، لأن فلسفة الإسلام الكلية قائمة على تحقيق مصلحة الإنسان أيًا كانت، وتدعم الحريات بشكل غير مسبوق، وتدعم السلام والتعايش السلمى بين بنى الإنسان، فلا بد من التفرقة بين الولاء والبراء، فيما يخص العقائد وتبنى التعايش فى وطن واحد، ولذلك وجب تجديد الخطاب الدينى، فالجماعات الإرهابية آجلا أم عاجلا سيقضى عليها، ولكن الأفكار الإرهابية ستظل موجودة ما بين عدد هائل من الشعب المصرى، لعدم وجود الخطاب المعتدل المتسم بالسماحة، يجب أن نزيل جميع الأفكار التى تجعل من أى إنسان إرهابيًا، يجب منع صعود المنابر للأشخاص غير المؤهلين، والنظرة السطحية للدين هى التى أوصلتنا إلى ما نحن فيه، يجب على قبائل سيناء التعامل بشكل قوى وجدى مع الجيش المصرى فى سيناء والإبلاغ عن اى تحركات وعناصر مشتبه بها، وأن يقوم الأهالى بالتعاون مع الجيش بالخروج من شمال سيناء، لكى ينفرد الجيش بالإرهابيين والميليشيات المسلحة، فالجيش يحسب خطوته خطوة بخطوة، فى ظل وجود المدنيين فى محافظة شمال سيناء.
وأشار أبوزيد إلى أنه يجب على المجتمع الدولى أن يساند مصر فى ما تواجهه من إرهاب على جميع المستويات، فالجيش المصرى سقط منه العشرات فى يوم واحد، ومئات على مدار تطهير هذه البؤر من الإرهابيين، ولكن تحركات المجتمع الدولى لا تعبر ولا تتوافق مع هذا الحدث الجلل، وعلى المقابل عندما حدث فى فرنسا الاعتداء الإرهابى على صحيفة شارل إبدو، انتفض المجتمع الدولى عن بكرة أبيه، بينما لم يحرك ساكنًا لما حدث فى سيناء، وبالطبع هذا غير مقبول لأن الإرهاب واحد والتهديد والخطر واحد أيًا كان مصدره، وأيًا كانت مناطق حدوثه.
إحكام الجيش قبضته على منطقة شمال سيناء والقتل والقبض على أعداد هائلة من الإرهابيين، أدى إلى استنفارهم بهذه الدرجة، اللافت للنظر أن قناة الجزيرة القطرية تعاطت مع الأحداث، وكانت منحازة للإرهابيين لدرجة أن مراسليها كبروا عندما وقعت هذه الاحداث، لكن العناية الإلهية تدخلت لكى لا يزيد عدد القتلى أكثر من ذلك، لأن قذائف الهاون والمتفجرات والمادة السائلة المتفجرة كانت من الممكن أن تقضى على مبان بأكملها لولا تعامل الأمن معها من على مسافة بعيدة، فتركيب قذائف الهاون وإطلاقها لا يستغرق دقيقة واحدة، والإرهابيون اعتمدوا على المباغتة والمفاجأة فى ضرب القوات المصرية، فهم يتميزون بالخسة والنذالة ولا يستطيعون المواجهة وجها لوجه، فالإرهابى يقتل من بعيد ولا يستطيع المواجهة كاليهود.
وأشار إلى أنه يجب على الجيش أن يسرع فى حفر المنطقة العازلة فى رفح، لكى يتم القضاء نهائيا على مصادر أو على ممرات الإرهابيين، وهى الأنفاق التى يأتى منها المال والسلاح، ويجب دك جميع قلاع وحصون الإرهابيين.
ومن جانبه، أكد الدكتور رفعت لقوشة أن المشهد يوحى ببعض الإشارات، حيث إن العملية الإرهابية تمت فى أكثر من موقع، وبالتالى نحن أمام عمل جماعى، فعندما يأتى عمل إرهابى فى أكثر من موقع بالتزامن، إذًا لسنا أمام فريق واحد يعمل، بل مجموعات وفرق تعمل على الأرض، وهذا يؤكد أن هناك تطورًا نوعيًا فى أداء المنظمات الإرهابية، العملية تتم فى أكثر من موقع، وبهذا التزامن تعطى انطباعًا بأنه تسبقها عمليات استطلاع ميدانى قامت بها عناصر على صلة بهذه المنظمات الإرهابية.
طبيعة العملية توحى بأن هناك أكثر من طرف شارك فى هذه العملية على الأقل فى التنسيق، ومن الممكن أن تكون المنظمات التى قامت بها ترتب لعمليات مقبلة هذا العام، إذا فالحاصل هناك تطور نوعى على الأرض له طبيعة احترافية، وهذا يتطلب مستوى وأداء أمنيًا جديدًا ومتطورًا وشديد الاحترافية، لابد من وجود تطور وذكاء، وهذا ايضا يؤكد أن تلك العملية تم التخطيط لها منذ فترة وأنه تم تجميع معلومات.
ومن جانبه، أكد اللواء أركان حرب دكتور محمد قشقوش بالمركز الإقليمى للدراسات الإقليمية، أنه دائما العمل ضد الجيش النظامى فى منتهى الصعوبة، فجيش نظامى ضد جيش نظامى لا توجد مشكلة، ولكن عندما تحارب مجهولا مختفيًا فى الكثافة السكانية، وبالتالى يحتمى بغطاء سكنى وبيئى، بل وهناك من العناصر الإرهابية من تربطهم بالقبائل بسيناء صفة نسب.
وأشار قشقوش إلى أن العناصر الإرهابية، إما يكونون ممن تم الافراج عنهم، وإما جاءوا من قطاع غزة، وأيضا جزء من السكان المحليين تم تدريبهم وعبروا من الأنفاق وتسلحوا وعادوا مرة أخرى إلى سيناء، وهذا موجود فى تقرير وزارة الخارجية الصادر بمايو 2014، ونتذكر عندما تم فى رمضان عملية قتل 15 جنديًا فى أثناء الإفطار، فإن القتلى هربوا إلى الحدود مع غزة وإسرائيل، وهذا يعد دليلا على أن هذا الطريق مسلوك ذهابًا وعودة.
وأضاف: للأسف فى فترة حكم المعزول محمد مرسى، منح الجنسية المصرية للأبناء من أم مصرية لجميع الدول العربية، وهذا الكلام كان قانونيًا، ولكن لا يطبق على الفلسطينيين، فالابن لأم مصرية وأب فلسطينى لا يمنح الجنسية، نظرا لضرورة حق العودة وحتى لا تضيع قضية اللاجئين، ولأنهم يريدون الاحتفاظ بحق العودة، وللأسف منح مرسى الجنسية المصرية للفلسطينيين من أم مصرية، فكان هناك 12 ألف حالة من ضمنهم 4050 ابنًا لأم مصرية وأب فلسطينى، حصلوا على الجنسية المصرية، وأيضا هناك فى سيناء من هم من افغانستان وباكستان تدربوا فى غزة.
وللأسف البيئة الحاضنة فى شمال سيناء، تقدر بنحو 300000 ألف نسمة، وبالتالى المنطقة من السهل الاختباء بها نظرا لطبيعتها.
واضاف: تقرير الخارجية الأمريكية يقول إنه خلال فترة حكم مرسى كانت وتيرة الإرهاب منخفضة، وعاد بعد عزل مرسى، وأكد التقرير أيضا أن الإرهاب زاد، وكلمة البلتاجى بأن الإرهاب سيتوقف بعودة مرسى لها دلالات.
وأضاف: مصر عاشت حربًا مع الإرهاب فى فترة الأربعينيات من تفجير دار الشرق للنشر وتفجير روض الفرج وقتل الخازندار ورئيس الوزراء النقراشى وتفجير حارة اليهود والسينما، مشيرا إلى أنه لابد للقضاء على الإرهاب أن تكون المعلومات مستمرة، فلا بد من اليقظة والحرس والفرز للعناصر.
وتابع: الأنفاق كانت منذ زمن من أجل تمرير الأكل والشرب والبنزين، مصر كانت تعطيهم كهرباء، لكن الموضوع تطور عندما أصبح هناك من يصرفون المليار لبناء نفق من قطاع غزة، ويكون له وكيل بالمنطقة فى سيناء، وعندما عملوا منطقة الحدود العازلة وجدنا أنفاقا داخل البيوت وتهريب سلاح.