الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«الاختطاف» تجارة مربحة تجتاح إفريقيا

«الاختطاف» تجارة مربحة تجتاح إفريقيا
«الاختطاف» تجارة مربحة تجتاح إفريقيا




ترجمة - وسام النحراوى
ظاهرة تنذر بسريان عدواها إلى الكثير من بلدان القارة الافريقية، مع أنها حاليا تستوطن نيجيريا التى تتصدر لائحة البلدان الأكثر خطرا على مستوى الاختطافات تليها كل من مالى والنيجر ثم كينيا فالكونجو الديمقراطية ووفقا للتقرير الصادر عن «مكتب إدارة المخاطر»، المتخصص فى إداراتها  وتقييمها بما فيها عمليات الاختطاف، ومقره لندن.
 ذكرت الدراسة أن افريقيا  فى طريقها للحصول على لقب «قارة الاختطافات» وانتزاعه من «آسيا» ، فالمختطفون والشركات المتخصصة فى التفاوض مع المختطفين التى أصبحت لافتة تحكم عالم الجريمة وتحولت إلى تجارة مزدهرة ومربحة للغاية، فمخاطر الاختطاف كظاهرة تدق ناقوس الخطر وتهدد بتفاقمها فى حالة عدم التصدى لها بطرق جذرية.

ودللت الدراسة على موضوعها بسرد ما حدث أثناء الإفراج عن الموظفة التابعة لـ «البعثة الأممية المتكاملة ومتعددة الأبعاد فى أفريقيا الوسطى» والتى اختطفت من قبل ميليشيات «أنتى بالاكا» المسيحية، ولايزال معها اثنان من الرهائن من الناشطين فى المجال الانسانى، بينهما مواطنة فرنسية، قيد الاحتجاز من قبل الميليشيات.
فلم تكن مهمة رجل الدين المسيحى فى إفريقيا الوسطى «كوبين لامايا» التى استمرت على مدى يومين، يسيرة بالمرة، حيث كان عليه التفاوض من أجل الإفراج عن الرهائن مع العناصر «الخارجة عن السيطرة» لميليشيات «أنتى بالاكا» المسيحية.
«لامايا» أكد أن الوضع كان معقدا للغاية وعلى قدر من الحساسية، لذلك لم يتم ذكر شىء عن المفاوضات، فالصمت هو أيضا جزء من استراتيجية التفاوض، غير أنه، وعقب يوم واحد من إطلاق سراح الرهينتين، تم اختطاف أحد الوزراء فى حكومة إفريقيا الوسطى، لتترجم توسع ظاهرة الاختطافات، والتى أضحت بدورها تمهد وتؤسس لتجارة مزدهرة، من شمالى كيفو فى جمهورية الكونجو الديمقراطية إلى شمالى مالي، مرورا بنيجيريا ومنطقة أقصى الشمال الكاميرونى وفقا لدراسة صادرة عن مركز متخصص فى تقييم مخاطر الاختطاف الشهر الجارى وتضمنت تقييما للظاهرة فى العام الماضى.
وحسب التقرير، فقد تضاعف عدد الأشخاص المختطفين فى إفريقيا ثلاث مرات، بين عامى 2004 و2014، وتقع نيجيريا على رأس قائمة الدول الأكثر خطرا تليها مالى والنيجر وكينيا والكونغو، وتعد عملية اختطاف الـ 237 تلميذة فى شهر أبريل 2014 من قبل مقاتلين مسلحين من جماعة «بوكو حرام» فى نيجيريا من أبرز عمليات الاختطاف التى شهدتها القارة الافريقية على مدى عقود.
وذكر الخبير لدى الفرع الإفريقى لشركة «آون»، وهى شركة دولية متخصصة فى مجال التأمين على الاختطاف وطلب الفدية، «دانى اتريدج» أن الأحداث الأخيرة فى نيجيريا تلفت الانتباه إلى العلاقة بين عمليات الاختطاف وتمويل الإرهاب، فى حين انخفضت عمليات الاختطاف ذات العلاقة بالقرصنة فى الصومال لتتفشى، فى المقابل، فى غرب إفريقيا.
ووفقا لدراسة أجرتها شركة «هيسكوكس» الدولية الرائدة فى مجال التأمين على الاختطاف وطلب الفدية، فإن الصينيين هم المستهدفون الأوائل من قبل الخاطفين، يليهم الفرنسيون والألمان.
ففى مايو الماضى، اختطف 10 مدنيين صينيين، عقب هجوم استهدف أقصى شمال الكاميرون من قبل عناصر يشتبه فى انتمائهم لمجموعة «بوكو حرام»، قبل أن يتم تحريرهم فى شهر أكتوبر من العام نفسه.
ونظرا لطبيعة عمليات التفاوض بين المختطفين وأطراف الوساطة أو عائلات الضحايا، فإنه لا توجد إحصاءات موثوقة عن عمليات احتجاز الرهائن وكيفية دفع الفديات.
وحسب شركة الاستخبارات الخاصة «ستراتفور»، يتم دفع حوالى 100 مليون دولار لجماعات مثل «تنظيم القاعدة فى المغرب الإسلامى» فى مالى و«بوكو حرام» فى نيجيريا و«الشباب» فى كينيا. هو ما يسمح لهم أساسا بشراء الأسلحة.
غير أن الخاطفين لا يستفيدون لوحدهم من هذه الظاهرة، بل إن مكاتب الاستشارات مثل «إدارة المخاطر» أو «كونترول ريسك»، تقدم مجموعة من الخدمات لتقييم المخاطر المتعلقة بعمليات الاختطاف وكذلك خدمات للتفاوض مع الخاطفين.
كما توفر بعض شركات التأمين الأخرى عقود تأمين على الاختطاف وطلب الفدية بالنسبة للأجانب الذين يعيشون فى مناطق معرضة للخطر، إضافة إلى خدمات أخرى تتراوح بين الحماية والتفاوض، ووفقا لـ«هيسكوكس»، فإنه يتم دفع 310 ملايين دولار سنويا بموجب هذا النوع من التأمين.
وبالنسبة للدول الإفريقية كما فى بقية العالم، فإن القضية الرئيسية تتمثل فى الخضوع أو عدم الخضوع لمطالب الخاطفين. ففى شهر يناير 2014، طلب مجلس الأمن الدولى من الدول الأعضاء الامتناع عن دفع أى فدية لإطلاق سراح الرهائن بموجب القرار 2133، الذى تمت المصادقة عليه بالإجماع فى وقت لاحق من الشهر نفسه.
رغم ذلك، أعلن وزير العدل المالى «محمد على باتيلى»، فى ديسمبر 2014، الإفراج عن أربعة سجناء مقابل تحرير المواطن الفرنسى «سيرج لازارفيك»، والذى أطلق سراحه بعد 3 سنوات فى الأسر فى أيدى «تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامي» المتمركز شمالى البلاد.
وفى السياق نفسه أكد مدير المركز الإفريقى للدراسات والبحث حول الإرهاب السفير فرانسيسكو جوزى ماديرا أن أكثر من 35 بالمائة من حالات الاختطاف المرتكبة من قبل الجماعات الإرهابية مقابل دفع فدية قد سجلت فى إفريقيا.
وفى مداخلة لدى افتتاح أشغال ورشة إقليمية حول «إعادة تفعيل مذكرة الجزائر حول مكافحة الاختطافات ودفع الفدية» أشار مدير المركز الإفريقى للدراسات والبحث حول الإرهاب إلى أن الانتشار الكبير لهذه الحالات فى إفريقيا لاسيما فى منطقة الساحل منذ «أن اتخذ الإرهاب الدولى شكلا جديدا مع تقسيم القاعدة إلى عدة فروع مستقلة» «تضطر إلى البحث عن مصادر تمويلها بنفسها».
وأضاف ماديرا أن هذه الفروع مسلحة بتجهيزات متطورة مما يجعل الشرطة المحلية غير قادرة على محاربتها، مشيرا إلى أن الجماعات الإرهابية تسيطر على مناطق كاملة، واصفا انتشار هذا النشاط بـ«الصناعة المربحة».
وأوضح مدير المركز الإفريقى للدراسات والبحث حول الإرهاب أن تطور نشاطات الاختطاف فى إفريقيا يعود لعدة عوامل لاسيما غياب المنشآت والإمكانيات المالية والبشرية وتفشى الفساد والإجرام واختلال توزيع الموارد وانعدام الاستقرار السياسى.
وأعلن ماديرا عن تنظيم أربع ورشات إقليمية فى إفريقيا فى 2014 «الشمال والغرب والشرق والقرن الإفريقى» بالتنسيق مع المنتدى العالمى لمكافحة الإرهاب مذكرا بأن المركز يوفر بعثات فى 18 بلدا إفريقيا من أجل «تحديد نقاط الضعف» التى تؤدى إلى انتشار الاختطافات مقابل دفع الفدية.
ودعا ماديرا فى هذا الصدد إلى ضرورة وضع ترسانة قانونية وطنية ردعية إلى جانب تطبيق الآليات الدولية المعتمدة فى هذا الإطار بما فى ذلك «مذكرة الجزائر» حول الممارسات الحسنة فى مجال الوقاية من عمليات الاختطاف مقابل الفدية، وهى لائحة تحث الدول على وقف دفع الفدية للجماعات الارهابية مقابل اطلاق سراح الرهائن.
ولدى تطرقه إلى انعكاسات هذه الممارسات على البلدان الإفريقية اعتبر سفير الولايات المتحدة فى الجزائر هنرى انشر أن النشاط السياحى قد تراجع بنسبة 99 بالمائة فى بعض المناطق التى تأثرت بسبب ما يروج عن «عدم استقرارها» بما ينطوى ذلك من انعكاسات سلبية على أفاق التنمية فى هذه البلدان.
ومن جانبهم أكد وزراء الخارجية العرب فى ختام اجتماعات دوراتهم العادية على رفضهم كل أشكال الابتزاز من قبل الجماعات الإرهابية مثل دفع الفدية التى تستخدمها لتمويل أنشطتها الإجرامية.
وتبنى وزراء الخارجية العرب ضمن بند الإرهاب الدولى وسبل مكافحته اقتراح الجزائر القاضى برفض كل أشكال الابتزاز من قبل الجماعات الإرهابية بالتهديد أو قتل الرهائن أو طلب فدية لتمويل جرائمها الإرهابية.
ودعا الوزراء الدول العربية التى لم تصادق على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب إلى المصادقة عليها مجددين تأكيدهم على إدانة الإرهاب بجميع أشكاله وصوره ومهما كانت دوافعه ومبرراته وضرورة التفريق بين الإرهاب والمقاومة المشروعة ضد الاحتلال وعدم اعتبار العمل المقاوم عملا إرهابيا مع الأخذ بالاعتبار أن قتل الأبرياء لا تقره الشرائع السماوية ولا المواثيق الدولية.
على صعيد متصل، سجلت المكسيك أكبر معدلات الاختطاف فى العالم، وأشارت دراسة أن 20% من حالات الاختطاف فى العالم سجلت فى المكسيك وحدها.
وقالت الدراسة التى قامت بها مؤسسة التأمين «كونترول ريسكس» المكسيكية ان التقديرات تشير إلى أن قوات الأمن المكسيكية متورطة فى 70% من حالات الاختطاف.
ونقلت صحيفة «ريفورما» المكسيكية عن المدير السابق لقسم التحليلات بالاستخبارات المكسيكية دوايت دير قوله «فى حين تراجعت الجرائم الأخرى كالقتل فى المكسيك إلا أن حوادث الاختطاف والابتزاز تزايدت عن ذى قبل».
وذكرت الهيئة الرقابية المكسيكية للأمن والعدالة ورعاية القانون حسب بياناتها أن حالات الاختطاف التى سجلت فى المكسيك وصلت إلى 1139 شخصا. مشيرة إلى أن الأرقام الحقيقية يمكن أن تكون أعلى بكثير من ذلك.
وأضاف التقرير وفقا لتحقيق أجراه مكتب الإحصاءات أنه تم اختطاف أكثر من 105.000 شخص فى المكسيك العام الماضى.
جدير بالذكر أن ظاهرة الاختطاف فى المكسيك أصبحت معروفة على شكل دولى دون قدرة السلطات على كبح جماح هذه الظاهرة الخطيرة لاسيما بعد ثبوت تورط عناصر الشرطة لمشاركتها فى هذه الظاهرة الخطيرة.