السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

شوية ملاءمة يا بتوع المواءمة!

شوية ملاءمة يا بتوع المواءمة!
شوية ملاءمة يا بتوع المواءمة!




كان من الطبيعى- بل والواجب- أن تعلن الفضائيات المصرية سواء كانت قومية أو خاصة الحداد القومى بعد أن هزت أحداث الجريمة المنحطة التى قامت بها الجماعة الإرهابية وراح ضحيتها مجموعة من أنبل أبناء مصر وخيرة أبناء جيشها العظيم.
كل مصرى سواء فى مصر أو خارج مصر أحس أنه أب وأخ وقريب لكل شهيد من هؤلاء الشهداء الأبرار.
كانت اتصالات المصريين من مصر ومن خارجها تعرب عن حزنها النبيل والصادق ورغبتها العارمة فى الانتقام من الأوغاد السفلة أعداء الحياة.
كل هذه الفضائيات غطت شاشاتها بشريط أسود دليلا على الحداد والحزن وهذا طبيعى ومنطقى وربما تعبير رمزى محمود كمشاركة لأسر الشهداء وكل المصريين فى حزنهم وألمهم.
لكن لم يتغير كثيرا مضمون ما تبثه هذه الفضائيات، ولم يتغير شىء يذكر فى خريطة البرامج والمسلسلات، وكأن المشاركة فى أحزان وطن وشعب تلخصت فى شارة سوداء، أو ارتداء المذيعة لملابس سوداء أو غامقة!!
يبدو أن عبارة لكل مقام مقال لم يعد لها وجود فى حياتنا، عبارة خرجت ولم تعد كما  خرجت معها كلمات جميلة ومهمة مثل «الهيبة»!
هل معقول أن يستضيف برنامج اسمه «نص الأسبوع» مساء السبت الماضى بنتاً مصرية كل انجازها فى الحياة أنها قررت أن تتحدى السائد والمألوف فى حياتنا الاجتماعية، وأن تجرب أن ترتدى  فستان زفاف وتنزل به إلى الشارع، ثم تركب سيارة تاكسى، ثم تركب المترو وسط دهشة الناس سواء فى الشارع أو المترو.
لا أعترض على فكرة الأخت «سماح» ولا على استضافة المذيعة الاستاذة «ريهام السهلى» لها، فالوقت والزمن والحدث الجلل أكبر وأخطر من مشاهدة سماح وهى ترتدى فستان الزفاف!!
وفى نفس اليوم راح برنامج رياضى على قناة النايل سبورت يستعرض بطولة أمم إفريقيا والمباريات القادمة - التى لم يعد للمشاهد أو المتابع المصرى أدنى علاقة بها.
وراحت البرامج الرياضية فى الفضائيات الأخرى تلت وتعجن فى تعادل الأهلى والزمالك، وراحوا يتفننون فى الكلام، ووسط أحزان المصريين راحت الفضائيات الأجنبية الناطقة بالعربية مثل الحرة والبى بى سى وغيرهما تذيع خبر المذبحة والجريمة المروعة فى كلمات قليلة، أما الجانب الأكبر من اللت والعجن فقد كان بطلته الشهيدة «شيماء الصباغ» ثم الهجوم والتنديد بمن قتلوها!!
لن أحدثكم عن  الفرح الغامر والسرور والحبور الذى انتاب بتوع الجزيرة وشقيقاتها اللاجئات فى اسطنبول برعاية سلطانها الجديد حيث الأكل والمرعى والصرف بدون حدود والثمن الشماتة فى كل حادث إرهابى يلحق بمصر والمصريين.
لعلك سمعت أو استخدمت يوما كلمات من عينة: وضيع، حقير، منحط، وضاعة، حقارة، سفالة، كل هذه الصفات أراها مجتمعة فى أشخاص هذه المحطات التركية التى تحمل أسماء مصرية!!
أما جنرالات الفضائيات وأفندية النخبة فقد أرتدوا ثياب الماريشال «مونتجمرى» و«روميل» وهات يا شرح وتفسير وتحليل وكلام فارغ يتقاضون ثمنه فى نهاية الحلقة!
لقد أطلق الشعب شعارا رائعا وعبقريا يقول: «الجيش والشعب والشرطة إيد واحدة وهو ما تحقق بالفعل، لكننا نريد من إعلامنا المرئى والمكتوب أن ينضج قليلا، ويترفع عن المزايدة والعنتريات وينحاز لجيش وشرطة هذا الشعب».
متى يهتف الشعب بصدق: الإعلام والشعب ايد واحدة؟!
الاجابة عند أهل الإعلام وتحقيق ذلك بيدهم وحدهم، عندما ينحازون للحق والحقيقة، عندما لا يتاجرون بهموم الناس وآلام الفقراء واستخدامهم كديكور فى برامجهم!!
ما الذى فعلته هذه الفضائيات تجاه كل شهداء مصر عامة وشهداء الجيش والشرطة خاصة - سوى الكلام والكلام ومصمصة الشفاه.
كنت أحلم أن يقوم أصحاب هذه الفضائيات - ولا أشك فى وطنيتهم وجدعنتهم وشهامتهم - أن يجتمعوا ويعلنوا عن مبادرة إنسانية نبيلة بعمل وثيقة تأمين لأبناء هؤلاء الشهداء حتى يكبروا ويتخرجوا من جامعاتهم!
كنت أحلم بشيء من هذا؟! ولكنه حلم كباقى الأحلام التى أحلم بها ولا تتحقق لأننى غالبا أنام وأنسى أتغطى سواء بلحاف أو بطانية!!
قامت الدولة بما قامت به تجاه أسر وأبناء هؤلاء الشهداء وهذا واجبها لكن ماذا فعل رجال الأعمال غير برقيات وكلمات العزاء التى تبثها الفضائيات التى يملكونها؟!
إن الجريمة الإرهابية الأخيرة تؤكد أن كل شيء أنكشف وبان وأن السيد الدكتور محمد البلتاجى الذى كانت تتسابق البرامج على استضافته ليتحفنا بجواهر الدرر كان صادقا عندما قال قبل حوالى عام ونصف العام: «سيتوقف كل شيء يجرى فى سيناء بمجرد الإفراج عن د.محمد مرسى»؟!
هل أتجاسر وأحلم بأن تقاطع الفضائيات كل هؤلاء «النخبجية» الذين لا يزالون يحلمون بالمصالحة والتصالح والصلح خير من عصابة إرهابية لا تؤمن أصلا بفكرة الدولة والوطن، فعندهم الوطن وثن!!
رحم الله كل شهداء مصر أمس واليوم وغداً.