الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«المصريون» يثقون فى قدرة «الرئيس» على مواجهة الإرهاب

«المصريون» يثقون فى قدرة «الرئيس» على مواجهة الإرهاب
«المصريون» يثقون فى قدرة «الرئيس» على مواجهة الإرهاب




ترجمة - إسلام عبدالكريم
شكلت الهجمات الإرهابية الأخيرة على معسكرات الأمن فى سيناء حلقة جديدة لزعزعة أمن واستقرار الدولة المصرية، خاصة بعد الإطاحة بنظام جماعة الإخوان المسلمين، ورئيسهم محمد مرسى، قبل أكثر من عام، لكن التطورات الأخيرة والتى أعقبها تكليف الرئيس عبدالفتاح السيسى، للفريق أسامة عسكر، بقيادة الجبهة الشرقية لمواجهة الإرهاب – بعد تشكيلها وترقيته – تؤكد التطورات السريعة والهامة التى تشهدها المنطقة، والتحديات الكبيرة فى مواجهة الجيش المصرى لفرض الأمن على منطقة سيناء الملتهبة منذ أربعة أعوام.

فى إطار المتابعات الدولية لهذه التحديات، كانت إسرائيل فى موضع الصدارة فى مراقبتها عن كثب للتطورات، لعدة اعتبارات، أهمها أن الحدود متلاصقة مع تلك المنطقة، ما يعطى انطباعا بأن أى خطر سيتمدد بالتأكيد إليها، كما أنها هى الأخرى تخشى من وصول التيار الأصولى المتطرف إلى مقاليد الحكم أو سقوط الدولة المصرية وانهيار الاتفاقات معها.
معلومات مسبقة
وفى هذا السياق، أعد السفير الإسرائيلى السابق فى القاهرة، تسفى مزئيل، تقريرا عن الهجوم الإرهابى والمعوقات أمام الجيش المصرى فى سيناء، وتساءل خلاله عن كيفيه عدم وجود معلومات مسبقة لدى السلطات بشأن العملية؟، خاصة أن العملية كانت سلسلة من الهجمات المتسلسلة.
وقال إنه بعد مضى أكثر من عام ونصف العام من سقوط نظام الإخوان إلا أنه يتعذر على الجيش المصرى القتال ضد الجماعات الإرهابية فى حرب عصابات فى أماكن مأهولة، مشددا أنها ليست مشكلة الجيش المصرى فقط، وأن أكثر الجيوش العالمية تطورا تجد صعوبة فى العمل فى هذه الظروف، مثل الجيش الأمريكى الذى وجد فى العراق وأفغانستان صعوبات جمة فى القتال هناك، لكن رأى أن يدور الحديث هنا عن مصلحة قومية من الدرجة الأولى وهى الدفاع عن الوطن داخل منطقة تعرفها جيدًا قوات الأمن، وليس فى دولة أخرى.
وتابع فى تقريره الذى نشره «المركز المقدسى للشئون العامة» أن هناك صعوبة لدى الجيش المصرى فى مواجهة حرب العصابات التى تدور فى سيناء، زاعما أن جيش الكنانة لم يتدرب بشكل كاف على حرب العصابات، سواء فى الداخل أو خلال الدورات التى تلقاها ضباطه فى أمريكا.
وأكد مزئيل على نقاط مؤثرة جدا فى سير الأحداث التى تشهدها سيناء، وهى تدفق المقاتلين الجهاديين من ليبيا بأسلحة متطورة، يضاف عليها كراهية غالبية بدو سيناء للأنظمة المصرية المتلاحقة التى عانت منهم التهميش والاضطهاد، فضلا عن تنكر أمريكا والغرب لنظام «السيسي»، وهى الأمور التى جعلت من الصعب على الجيش المصرى خوض إعمار الحرب بسيناء.
عشرات المصابين
وفى معرض التقرير، أوضح السفيرالإسرائيلى أن العملية الإرهابية المعقدة التى نفذها التنظيم الإرهابى «أنصار بيت المقدس» ضد بؤر الشرطة والجيش مؤخرا، التى أدت لسقوط عشرات المصابين، تظهر عددًا من المشكلات التى يجب ألا تقلق مصر فقط بل أيضًا إسرائيل والغرب بأسره، وفقا لرأيه.
ولفت مزئيل إلى أنه فى مصر نفسها كانت هناك الكثير من عبارات التضامن مع الجيش الذى يرمز إلى وحدة البلاد أكثر من أى جهة أخرى، والذى يتم تبجيله بصفته المدافع حتى النهاية عن الدولة وكيانها ومستقبلها، رغم الانتقادات التى تنشر فى وسائل الإعلام فى ظل وجود حرية تفوق ما كان فى الماضي.
وأدعى السفيرالإسرائيلى السابق، أن أقوى جيش عربى بالشرق الأوسط لم ينجح فى السيطرة على تنظيم إرهابى يعمل داخل أرض تحت السيادة المصرية بعد أن أدخل لسيناء كمًا كبيرًا من التعزيزات واسعة النطاق، تتضمن مروحيات، وحاملات جنود وغيرها من الأدوات، مشيرا إلى أن الانتقادات تتوجه بالطبع للرئيس «السيسى»، خاصة انه رجل عسكرى فى الأساس، أطاح بالإخوان المسلمين من الحكم وتعهد بضرب الإرهاب حتى الإبادة.
30 شهيداً
وجاءت العملية الأخيرة لتودى بحياة 30 شهيدًا، فى ظل وجود تقارير بأن العدد أكبر، وعشرات المصابين، على أى حال كانت هذه العملية هى الأكبر التى نفذها التنظيم الإسلامى منذ الإطاحة بمرسى من الحكم فى يوليو 2013، أعقبها قيام «السيسى» بقطع زيارته لأديس أبابا، حيث كان يشارك فى القمة السنوية للاتحاد الأفريقى وعاد للقاهرة لإدارة الحدث، وفى أول تصريح له، أكد «السيسي» أن مصر تواجه أقوى تنظيم سرى فى القرنين الماضيين، مشيرا بذلك وبقوة إلى تنظيم «الإخوان المسلمين».
وتناول السفير الإسرائيلى السابق أخطر تنظيم إرهابى على الساحة فى سيناء، ألا وهو «تنظيم أنصار بيت المقدس» أو «ولاية سيناء» بعد أن أعلن مبايعته لتنظيم «داعش»، موضحا أنه خلال الأشهر الـ 18 الماضية منذ الإطاحة بالإخوان من الحكم اتسعت للغاية نشاطات تنظيمات الإرهاب الإسلامى بسيناء التى اتحدت فى غالبتها تحت اسم «أنصار بيت المقدس» الذى اتضح أنه ذو قدرة عملياتية مذهلة.
وأشار إلى أن العمليات التى نفذها التنظيم تعتبر مثيلة للتى نفذها فى أكتوبر الماضى حين نجح فى قتل 31 جنديا فى هجوم على موقع عسكرى، ما أدى إلى فرض حظر تجوال ليلى على شمال سيناء وإقامة منطقة عازلة تمتد لـ 1000 متر على طول قطاع غزة، علاوة على أنه أعقباها إخلاء المنطقة من سكانها الذين تلقوا تعويضات، لكن ذلك لم يزد حبهم للنظام المصرى على أى حال – بحد زعمه ـ
تعزيزات قوية
ولفت السفير الإسرائيلى السابق إلى إدخال الجيش المصرى لتعزيزات قوية لشمال سيناء، وخرج فى عملية واسعة النطاق تم اكتشاف وتدمير 1850 نفقا، وتصفية واعتقال مئات المخربين وضرب العشرات من بؤرهم، وحقق العشرات من النجاحات فى سيناء.
وشدد على القلق المتزايد بين أوساط المصريين نفسهم من تلك العمليات الإرهابية، خاصة أن تلك العمليات لم تعد تقتصر على سيناء بل وصلت داخل مصر نفسها، فمن وقت لآخر تنفجر أو يتم اكتشاف عبوات ناسفة بالقرب من نقاط الشرطة، والمنشآت العامة، وأعمدة الضغط العالى ومنشآت أخرى، سواء بالقاهرة أو المحافظات المختلفة، موضحا أنه رغم أن الأضرار لا تزال بسيطة وبعض المخربين تم اعتقالهم، أو تصفيتهم، إلا العمليات تتواصل وعلى مر الوقت يمكن أن تضر بمعنويات السكان وكذلك النمو الاقتصادي.
ورأى أن جماعة «الإخوان» ﻻ تبدو مستعدة للإقرار بهزيمتها بقوة، وتصر على دعوة مؤيديها للتظاهر بشكل دورى رغم أنها لا تنجح فى حشد الجماهير وتضطر للاكتفاء بشكل عام بتظاهرات قوامها بعض مئات من الأشخاص فقط، لكن تلك التظاهرات تصبح أكثر عنفا، سواء من جانب المتظاهرين الذين يعبرون عن خيبة أملهم أو قوات الأمن التى تفقد صبرها.
وشدد السفير الإسرائيلى السابق أنه حتى الآن لم تفقد مصر استقرارها النسبى، وما زال «السيسي» يحكم البلاد بشكل جيد، ويعمل دون أن يغمض له جفن، وبنجاح غير قليل لدفع اقتصاد مصر، لكن الأجواء بين الجماهير ثقيلة إزاء الإرهاب المتواصل وعدم نجاح الجيش، مع ذلك، يواصل المصريون بشكل عام الاعتماد على «السيسي» ذلك لأنه ملاذ مصر الأخير للحفاظ على استقرارها ودفع اقتصادها.
وبدأ مزئيل يعدّد المشاكل الجوهرية التى تواجه الجيش المصرى، وتعوق مهمته فى دحر البؤر الإرهابية بشكل قاطع، أن الجيوش النظامية تجد صعوبة كبيرة فى خوض حرب العصابات ـ على حد زعمة ـ، فضلا عن أن مشكلة «البدو»، إذ رأى أنه رغم الجيش المصرى يعمل داخل أراضيه، فإن عليه مواجهة - على الأقل بشكل جزئي- سكان البدو الكارهين للنظام، الذين ﻻ يميلون للتعاون مع النظام الذى أهملهم واستحقرهم خلال العقود الماضية.
ولفت إلى أن نتيجة السياسات الحكومية السابقة مكّنت حركة «حماس» بداية بمساعدة البدو من إقامة شبكات تهريب صواريخ وأسلحة من السودان وليبيا لغزة عن طريق سيناء، وفى المقابل مكنت التنظيمات الإرهابية الإسلامية من إغراء البدو للانضمام لصفوفها وقتال النظام باسم «الإسلام»، الأمر الذى سهل استقرارها تحديدا فى شمال سيناء حتى خلال حكم «مبارك».
مخربون جهاديون
ونوه «مزئيل» إلى أنه تم الكشف مؤخرا عن بؤرة إرهابية جديدة، تضم مخربين جهاديين قادمون من ليبيا بهدف دعم تنظيم «أنصار بيت المقدس» الإرهابى، وبحوذتهم أسلحة وصواريخ متطورة من ترسانة «القذافى» التى نُهبت، لذا فإن الجيش المصرى يواجه مشكلة معقدة تتطلب تغييرا فى السياسات ومساعدة من الخارج أيضا.
وفيما يتعلق بمساعدة الخارج، كانت تلك النقطة الأبرز فى تحليل السفير، إذ رأى أن «الغرب يدير ظهره لمصر فى تلك الفترة»، معربا عن دهشته من أن مصر التى تصارع «الإسلام الراديكالي» لا تحظى بمساعدة من الغرب، وعلى الأخص الولايات المتحدة التى ترتبط مع مصر باتفاقات للمساعدات الأمنية منذ توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل.
وفد إخوانى
وأشار إلى أن إدارة الرئيس الأمريكى «باراك أوباما» تواصل إبداء تأييدها للإخوان وتعتبرهم تيارًا سياسيًا أصليًا وشرعيًا فى الإسلام، مشيرا إلى أنه خلال الأسابيع الماضية تجلى هذا التأييد بشكل لاذع وأظهر الضرر البارز الذى يمكن أن يلحقه بمصر، عندما تم استقبال وفد من جماعة الإخوان فر أعضاؤه من مصر لحديث بوزارة الخارجية بواشنطن.
أحد أعضاء الوفد تم تصويره بجوار شعار «وزارة الخارجية» بينما يشير بأصابعه بعلامة «رابعة»، ونشر الصورة على الشبكات الاجتماعية فى تحد واضح للرئيس المصرى «السيسى»، وأن مواقف الإدارة الأمريكية تتسم بالازدواجية،  فبرغم دعمها للإخوان إلا أنها أرسلت مؤخرًا عشر مروحيات أباتشى، كانت مصر بحاجة إليها فى حربها بسيناء ضد الإرهابين، لكن المساعدات الأمنية التى علقت كعقاب للسيسى لم يتم استئنافها بشكل كامل حتى الآن.
كما شدد على أن الرئيس الأمريكى «أوباما» يواصل تجاهله للسيسى، ولا تحظى مصر بمساعدة فى المجال القوات الخاصة وخوض حرب عصابات، مؤكدا أن هذا الأمر كان ليرفع قدرتها القتالية أمام الإرهاب بسيناء، إلا أنه لم يقم بهذا، كذلك لم يبذل الاتحاد الأوربى أى جهد فعلى لمساعدة مصر واكتفى بتصريحات الإدانة للهجمات الإرهابية لتى تستهدف قوات الأمن.
وضع متناقض خطير
وحلل هذا ورأى أن الموقف الغربى يحمل انعكاسات خطيرة على المنطقة برمتها، وقال إن المنطقة بصدد وضع متناقض وخطير، فمصر كأكبر وأهم دولة عربية التى تصارع تنظيمات الإرهاب الإسلامى التى تهدد استقرارها، تُركت وحدها ولا تحظى بأى مساعدة من الغرب، وعلى خلفية الصعوبات التى تواجهها مصر فى وقف الإرهاب بسيناء دون مساعدة غربية، يجب أن نتوقع حربا طويلة ودامية ذات تأثير سلبى على كل دول المنطقة، وليس مصر فقط.
وخلص «مزئيل» إلى أن الصراع فى مصر، مثل الدولة الإسلامية فى سوريا والعراق سوف يشعل العواطف، ويؤدى إلى تسلل جديد للشباب سواء من الدول العربية أو الدول الغربية، ويرفع مستوى خطورة الإرهاب سواء على إسرائيل أو فى الدول الأوروبية والولايات المتحدة، وزعم أنه بدون مساعدات خارجية للجيش المصرى فسوف تصبح سيناء ملجأ للمقاتلين العرب أو القادمين من الغرب، وستكون الحرب طويلة ودامية.