الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

اللامركزية الطريق الوحيد لمكافحة الفوضي













 
أكد دكتور اشرف عبد الوهاب القائم باعمال وزير الدولة للتنمية الادارية ان مستقبل الدولة في مصر مرتبط بالتحول الي الحكومة المنفتحة Open Government التي تهدف الي أن تتسم الحكومة بالشفافية، المساءلة، الكفاءة والتشاركية، وهذا يشترط وجود جهاز اداري كفء، يعمل بشفافية ويمكن للمجتمع المدني متابعة أعماله وأسلوب تقديمه للخدمات الحكومية، والمشاركة في اتخاذ القرار، مشيرا إلي أن يجب ان يتم تحديد دوره في الدستور لضمان ان يكون الجهاز محايدا، يقدم خدماته لجميع المواطنين بغض النظر عن الدين أو النوع الاجتماعي او التوجه الحزبي، كما يجب ان ينفذ اعماله بشفافية كاملة ويمكن قياس أعماله ونتائج تنفيذ خططه وبرامجه.
وأضاف عبدالوهاب أن اللامركزية هي افضل الطرق للنهوض بالتنمية في مصر حول الكثير من القضايا المهمة كان الحوار:
 
 
 
■ ماهي معوقات الجهاز الاداري؟
المعوقات كثيرة.. اولها القوانين واللوائح المنظمة لعمله. فالقوانين لا تسمح بإعطاء فرصة للإبداع والتطوير بالإضافة الي تطوير ادائه وقياسه بشكل مختلف. ومع زيادة حجم الجهاز الاداري اصبح عدده أكبر من المطلوب لإدارة الدولة بشكل فعال فلابد من وضع خطة محددة طويلة الاجل (خلال عشر سنوات مثلا) لإعادة تخطيط الجهاز الاداري ليكون حجمه مناسبا لمهامه ويقدم خدمات جيدة للمواطنين. مع العلم بان العودة الي الحجم الامثل للجهاز الاداري تتيح زيادة الرواتب بشكل ملموس وفي نفس الوقت تؤدي الي رضاء الموظف عن ذاته وأهميته.
■ وما دور الوزارة في تطوير الجهاز الاداري؟
ـ الوزارة معنية بالأساس بجميع اعمال تطوير الجهاز الاداري للدولة. فبدءا من وضع الجهاز في الدستور الجديد، مرورا بوضع الاطار العام لإدارة الدولة، اقتراح القوانين واللوائح ونظم العمل المطلوبة للتطوير، تطوير منظومة العمل الحكومي باستخدام نظم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وأخيرا بناء القدرات في الجهاز الاداري. وقد تكون المساحة غير كافية لمناقشة وعرض جميع المشروعات التي تقوم بها الوزارة ولكني سأختار بعضها لتوضيح أهميتها وتأثيرها في تطوير الجهاز الإداري وكذلك الحياة اليومية للمواطن:
الاطار العام لإدارة الدولة: وهي رؤية الوزارة لدور الدولة وتحول الحكومة الي جهة تنظيمية، تضع المعايير والقواعد التنظيمية وتراقب تنفيذ بجميع الجهات للاعمال (قطاع عام، هيئات خدمية، قطاع خاص، مجتمع مدني) مع تعريف سلطة كل مستوي من المستويات التنظيمية (وزارة / هيئة خدمية / هيئة اقتصادية/ ادارة محلية) وكيفية انشاء/دمج /الغاء المؤسسات الحكومية بما يمنع التشابه والتكرار بين المؤسسات وإهدار المال العام بدون عائد حقيقي.
الادارة بالنتائج: وهو مشروع تقوم به الوزارة بالتعاون مع عدد من الوزارات القائمة علي وضع ومتابعة خطة الدولة وذلك للتحول من التخطيط التقليدي الي التخطيط القائم علي قياس نتائج التنفيذ وربطها بالاهداف العامة للدولة.
مبادرة بناء الصف الثاني بالحكومة: وقد قام برنامج التطوير المؤسسي بتحديد الاماكن الشاغرة من وظائف الادارة العليا بمختلفة وحدات الجهاز الاداري للدولة وتحديد متطلبات تأهيل الصف الثاني حتي يمكن اعداده مبكرا وتجهيزه في الوقت المناسب. ويتم التنفيذ حاليا مع وزارة المالية.
 برنامج تقديم الخدمات الحكومية: وهو المعني بتطوير الخدمات الحكومية وانشاء قنوات جديدة لتقديم الخدمات الحكومية سواء من خلال الانترنت، نوادي التكنولوجيا، التليفون المحمول، مراكز خدمة العملاء، بعض مكاتب البريد، ومراكز الخدمات الجماهيرية. والهدف من ذلك هو  الوصول بالخدمة الي كافة شرائح المجتمع بغض النظر عن مستواها التعليمي او مقدرتها علي امتلاك او استخدام حاسب الي. ولعل من أشهر المشروعات التي قامت الوزارة بتنفيذها ويتم تشغيلها بنجاح تنسيق الجامعات المصرية، تطوير الادارة بالوحدات المحلية، خدمة تكليف الاطباء، خدمات المحاكم وتطويرها، خدمات الوثائق الشخصية، تطوير ادارات المرور، خدمات حجز التذاكر، بوابة الوظائف الحكومي،HYPERLINK «http://www.jobs.gov.eg»www.jobs.gov.eg وخدمات أخري موجودة علي بوابة الخدمات الحكومية HYPERLINK «http://www.egypt.gov.eg« www.egypt.gov.eg
معايير جودة الخدمات الحكومية: تم وضع هذه المعايير بالاسترشاد بمعايير جودة الخدمات الاوروبية وتطويرها لتناسب واقع الخدمات الحكومبة في مصر. وقد تم البدء في تدريب عدد من مديري مكاتب تقديم الخدمات بوزارتي العدل والداخلية وكذلك التواصل مع مؤسسات المجتمع المدني لتدريبهم علي كيفية قياس جودة تقديم هذه الخدمات.
تطوير التسجيل بمكاتب الصحة: تطوير 700 مكتب ليتم التسجيل بالرقم القومي للمواليد والوفيات وتقديم خدمة متميزة لمتابعة التطعيمات.
البنية الاساسية لشبكة الحكومة: تم بناء البنية التكنولوجية لربط قواعد البيانات الحكومية بعضها ببعض (الرقم القومي – التعليم – الصحة - ...) لتوفير البيانات بشكل دقيق وتقديم خدمة جيدة للمواطن.
بوابة المشتريات الحكومية: تتيح بيانات جميع المناقصات والمزايدات الحكومية للاطلاع والتعرف علي مشتريات الحكومة لدعم الشفافية والنزاهة وكذلك توفير بيانات تحليلية تستفيد منها الشركات الصغيرة في تحديد نشاطها HYPERLINK «http://www.etenders.gov.eg»www.etenders.gov.eg . وقد حصل هذا المشروع علي جائزة الامم المتحدة للخدمة العامة (فئة مكافحة الفساد) لعام 2011.
قاعدة بيانات الاسرة والبطاقة الذكية: وهي البطاقة المستخدمة حاليا لتوفير السلع التموينية المدعمة للاسر محدودة الدخل بعدد حوالي 14 مليون بطاقة علي مستوي الجمهورية. ويتم حاليا تعميم استخدام البطاقة لتطبيقات أخري مثل: صرف المعاشات الضمانية، صرف كوبونات البوتاجاز، والتأمين الصحي (تم تجربته بنجاح في محافظة السويس). ومن أهم نتائج تنفيذ هذا النظام (بخلاف التوفير في كميات السلع المدعمة التي لم تكن تصل لمستحقيها) هو توفر بيانات عن الاسر المستحقة للدعم بما يكفل امكانية استهدافها بانواع مختلفة من الدعم تتناسب مع احتياجاتها.
■ ذكرت وضع الجهاز الاداري في الدستور، فهل تواصلتم مع الجمعية التأسيسية للدستور في هذا الشأن؟
ـ بالفعل، الجهاز الاداري يجب ان يتم تحديد دوره في الدستور لضمان ان يكون الجهاز محايدا، يقدم خدماته لجميع المواطنين بغض النظر عن الدين او النوع الاجتماعي او التوجه الحزبي. كما يجب ان ينفذ اعماله بشفافية كاملة ويمكن قياس اعماله ونتائج تنفيذ خططه وبرامجه. كما ان هذا الجهاز يجب ان يتواصل مع المجتمع المدني لتحسين أدا ئه. بالإضافة الي ذلك فان انشاء/الغاء/دمج الوحدات الادارية يجب ان يخضع لمراجعة البرلمان لضمان عدم التعارض والتضارب بين الاجهزة. ولقد تواصلت مع المستشار حسام الغرياني وعرضت عليه تصورنا للجهاز الاداري في الدستور وقام سيادته بتحويل المقترح للجنة المختصة.
■ ما هو دور الوزارة في مجال مكافحة الفساد الاداري؟
ـ اولا الوزارة عضو في اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد وكذلك لجنة النزاهة والشفافية والتي قامت بتنفيذ اول دراسة مصرية متكاملة عن ادراك المصريين للفساد، وكانت هذه الدراسة احد اسباب الغاء الوزارة من التشكيل الوزاري في اول حكومة بعد الثورة. ثانيا تقوم الوزارة بدور رئيسي في التوعية، وبناء القدرات في مجال اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد، والمشاركة في وضع الخطة الاستراتيجية لمكافحة الفساد في مصر، وذلك من خلال المشروع المشترك مع مكتب الامم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات. ايضا فان الوزارة تمثل مصر في محادثات شراكة دوفيل فيما يخص محور الحوكمة. كما ان الوزارة تقوم باتباع مبدأ الفصل بين مقدم الخدمة وطالبها في تنفيذ مشروعاتها بما يساهم في خفض فرص الفساد والافساد!
■ هل اللامركزية قادرة علي حل مشاكل التنمية في مصر؟ وما دور الوزارة في هذا المجال؟
اللامركزية تنظيم إداري يجب أن ينص عليه في الدستور لتحديد صلاحيات الإدارة المحلية في مقابل السلطة المركزية. ولقد تحول كثير من الدول المركزية إلي اللامركزية مثل فرنسا وبولندا، وان كانت التجربة الفرنسية أقرب لنا من حيث امكانية التطبيق. وتهدف اللامركزية إلي توفير إدارة افضل للمجتمعات المحلية بما يضمن رفع مستوي المعيشة وتنمية هذه المجتمعات بما يكفل تحويلها من مجتمعات طاردة إلي مجتمعات جاذبة للاستثمار والعمالة. ولقد قامت الوزارة بالمشاركة مع وزارة الدولة للتنمية المحلية بدراسة النماذج المختلفة ووضع تصور للهيكل التنظيمي للجهاز التنفيذي للمحافظة في ظل اللامركزية. وأود في هذا المجال ان أنبه إلي ان المحافظ حاليا يقوم بمهمتين متعارضتين: الاولي دور رقابي حيث انه عين الحكومة المركزية علي الاقليم والثانية دور تنفيذي حيث انه رئيس مؤسسة المحافظ بكامل هيئتها ومسئول عن اعمالها. لذلك فيجب مراعاة ان دور المحافظ في حالة اللامركزية يجب ان يقتصر علي الدور الرقابي (يعين من جانب الدولة وبالتالي لايتم انتخابه) بينما الدور التنفيذي فيمكن شغله بأشكال متعددة (في فرنسا يكون رئيس المجلس المحلي المنتخب هو في نفس الوقت رئيس مؤسسة المحافظ)
 ■ كنت قد تحدثت عن نظام جديد للعمل وهو ان يعمل موظف الحكومة من المنزل ؟
ـ نعم نظام العمل من المنزل هو نظام معمول به في معظم الشركات الكبري حاليا ويمكن ان يكون هناك داخل بعض الاماكن موظف يعمل ولو ليوم واحد من داخل المنزل وبالطبع فان هذا يعتمد علي طبيعة العمل، وكفاءة الموظف والتزامه، وقدرة المدير علي ادارة هذا النموذج عن بعد، وتوفر البنية التكنولوجية بالمؤسسة لقيام الموظف بالوصول إلي مستنداته عن بعد.  فهناك طبيعة عمل من الممكن أن يؤديها الموظف من منزله وهناك اعمال لايمكن أن يعمل من خلالها الموظف الا داخل المؤسسة مثل تقديم تقارير او تحليلات لبيانات، والقدرة علي قراءة تقارير لاستخراج توصيات، ويؤدي عمله بنفس مستوي الكفاءة من منزله، ويمكنه التواصل بالتليفون مع زملائه. وتستفيد من هذا النموذج فئات متعددة ابرزها المرأة وذوو الاعاقة.
تحدثت في السابق عن وجود بوابة الكترونية خاصة بكل محافظه مااهمية تلك البوابه؟
هي باختصار بوابة الكترونية تتيح بيانات وخدمات المحافظة للمواطنين مع امكانية التفاعل مع الموطن سواء بتقديم اقتراح او شكوي ومتابعتها حتي الحصول علي رد من المسئولين. فمن خلالها يمكن للمواطن طلب الخدمة اي بدل من ان يذهب المواطن ويقف في طابور لمعرفة شيء ما او تقديم شكوي في الحي او الاستعلام عن شيء ما، يستعلم عن الخدمة من البوابة الالكترونية ويعرف ما الذي تم ويستفسر عن اي شيء من البوابه فيمكن للمستثمر ايضا ان يستعلم عن اي شيء يهمه. وللمواطن ان يقدم الشكاوي فهناك محافظون اصبحوا يستخدمون تلك البوابة للتعرف علي مشاكل المواطنين ومقترحاتهم
■ ما تحديات التنمية الادارية في مصر؟
ـ كما ذكرت، فان التطوير الاداري مرتبط باعادة النظر في القوانين والتشريعات المرتبطة بعمل الجهاز الاداري، مراجعة دورات العمل ومنظموته بالحكومة، وأخيرا تأهيل العاملين بالجهاز الاداري من أجل تقديم خدمة جيدة. ولا أذيع سرا اذا قلت ان مشكلة مصر تكمن في الادارة. فنحن لانعتني بالإدارة وتنفيذها بالشكل السليم بينما ينصب معظم اهتمامنا علي التأكد من تطبيق اللوائح  دون دراسة حقيقية للعائد من تنفيذ المشروعات واستدامتها.
■ هل هناك رؤية لتطوير قطاعات الدولة بوزارة التنمية الادارية؟
ـ لنا رؤية في تطوير القطاعات المختلفة بالدولة من الناحية الادارية بما يضمن سهولة تنفيذ اعمالها، رفع كفاءتها، ومكافحة الفساد الاداري، مع ضمان تقديم خدمة جيدة للمواطن. فبالنسبة لقطاع التعليم فنري تطوير المنظومة التعليمية من حيث: الاهتمام بالتعليم الفني وارتباطه بسوق العمل بشكل فعلي، واعتبار الثانوية العامة مرحلة دراسية منتهية تسمح للحاصل عليها بدخول سوق العمل او التوجه الي الجامعة في حالة امتلاكه للقدرات المناسبة، تحرير الجامعات من قبول اعداد لاتتناسب مع قدراتها والنظر في هياكلها التمويلية بالشكل الذي يسمح لها بتقديم خدمة تعليمية جيدة.

مصر تعاني من فوضي شديدة في تقديم الخدمات