الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ترحيب واسع بـ«الفراعنة».. وزيارة «السيسى» تثير اهتمامهم

ترحيب واسع بـ«الفراعنة».. وزيارة «السيسى» تثير اهتمامهم
ترحيب واسع بـ«الفراعنة».. وزيارة «السيسى» تثير اهتمامهم




أديس أبابا ـ أحمد إمبابى
ما أن تطأ قدماك كمصرى العاصمة الاثيوبية أديس أبابا، ربما تتغير كثير المشاهد والصورة الذهنية التى قد يحملها الكثيرون تجاه الشعب الاثيوبى ونظرتهم لمصر، على خلفية الخلافات القائمة بشأن الحقوق المائية من نهر النيل وبناء سد النهضة والمخاوف من تأثر حصة مصر المقدرة بـ55 مليار متر مكعب من اجمالى مياه النهر.
تتغير النظرة بمجرد طريقة الاستقبال والترحاب الذى يحمله كثير ممن تقابلهم ويعرفون أنك مصري، والحميمية التى قد يعبر عنها فى مقابلتك، وليس غريبا أن تجد من يقترب منك ليعرض المساعدة، فى مشاهد تختلف فى كثير من صورها عن طرق الاستقبال فى دول أفريقية أخرى خاصة للمصريين.

ليس هذا بحديث مبالغة، ولكن تلك الحالة عبر عنها كثير من الاثيوبيين عند سؤالهم عن مصر والعلاقة معها والشعب المصرى ونظرتهم للخلاف القائم بشأن قضية سد النهضة، وكيف يرون القيادة الجديدة فى مصر.
ولتوضيح الصورة بكاملها، ننقل بعضا من المشاهد والمشاعر التى عايشتها «روزاليوسف» منذ اللحظات الاولى فى أديس أبابا، وبمجرد الوصول لمطار أديس أبابا الدولى انتابتنى حالة من القلق والخشية من مضايقات قد نتعرض لها لمجرد أنى مصرى – بحكم الخلاف القائم بين البلدين – ولكن سرعان ما تبددت تلك المخاوف حينما استقبلنى موظف أو مواطن إثيوبى يعلم أنى مصرى بابتسامة قائلا: «مرحبا بك «you are welcome».
وزاد الأمر بمشاعر التقدير والاحترام التى يحملها كثير من الشعب الاثيوبى للمصريين، حيث دائما ما يؤكدون حبهم لمصر وعمق العلاقات معها، ودائما ما استقبلتنا تحية المواطنين فى الشارع الاثيوبى وبينما نحن فى طريق الذهاب والعودة لمقر الاتحاد الافريقي، حيث مكان انعقاد القمة الافريقية الرابعة والعشرين ومقر الإقامة بأديس ابابا، سواء بالإشارة أو الترحيب بالهتاف لمصر (Egypt). وهناك من الأحياء الفقيرة فى اديس أبابا من يجدها فرصة لطلب المساعدة، فعند الاقتراب منك أو السيارة التى تستقلها ويعلم بجنسيتك كمصرى أو كعربى سرعان ما يعرض الغناء أو الهتاف بالعربى أملا فى الحصول على مساعده مالية.
استقبال السيسى
قبل زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى الأولى لاثيوبيا نهاية شهر يناير للمشاركة فى اجتماعات القمة الافريقية الرابعة والعشرين، كانت هناك حالة من الترقب لدى المواطن الاثيوبى لزيارة الرئيس المصرى ونشاطه على هامش القمة وفعالياته المختلفة مع الجانب الاثيوبي، بل ان كثيرا من المواطنين العاديين فى الشارع حرصوا على الذهاب لمقر الاتحاد الافريقى كمحاولة لرؤية الرئيس السيسى ومتابعة نشاطه وتحركاته.
وكان استقبال السيسى فى اديس ابابا حافلا وحاشدا، فبعد المراسم الرسمية باستقبال وزير الخارجية الاثيوبى للرئيس فى مطار اديس ابابا، كان هناك استقبال شعبى آخر من الوفد المصرى وعدد من الاثيوبيين فى مقر اقامته، حيث استقبله الاثيوبيون بالورود .
وبعد وصول الرئيس لمقر اقامته لفتت الجالية المصرية وخاصة العاملين فى شركة المقاولون العرب بأثيوبيا بالوقفة التى نظموها أمام مقر الاتحاد الإفريقى وشاركهم فيها كثير من الاثيوبيين للترحيب بالسيسي، حيث قاموا بالهتاف له والرقص على أنغام الاغانى الوطنية.
وبعد أن تناقلت الوكالات والمحطات المختلفة الحادث الارهابى الذى وقع فى العريش مساء الخميس 29 يناير، بدت مشاعر التعاطف من قبل الشعب الاثيوبي، حيث حرص الكثير للسؤال عن الوضع فى سيناء وتطورات الوضع هناك بعد مغادرة السيسى للقاهرة .
يصلى من أجل مصر
بينما كان الوفد الاعلامى المصرى خارجا من مقر الاتحاد الافريقى بالعاصمة الاثيوبية أديس أبابا فى طريق العودة بعد انتهاء مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسى بالقمة الافريقية والعودة للقاهرة، فوجىء بشاب إثيوبى واقفا بمقربة من مقر الاتحاد ويرفع الكتاب المقدس ويهتف للرئيس عبدالفتاح السيسي.
المشهد كان محفزا للكثير من المصريين ودافعا لهم للتوقف لاكتشاف تفاصيل هذا المشهد، وعندما اقتربت من هذا الشاب وسألته عن سبب وقوفه، فقال إنه جاء لرؤية الرئيس السيسي، فهو محب لمصر.
وعن سبب رفعه للكتاب المقدس، قال الشاب إنه يصلى ويدعو من أجل حفظ مصر واستقرار مصر! كم كانت تلك الكلمات كافية لتغير كثير من مشاعر الوفد المصرى الذين تابعوا هذا المشهد بعد حالة الحزن التى سيطرت على الجميع بعد وصول نبأ الحادث الارهابى الذى وقف بالعريش فى اول يوم لزيارة السيسى لاثيوبيا.
كان المشهد دافعا لاستطلاع رأى الشارع الاثيوبى حول مصر والشعب المصرى والتعرف على رأى المواطنين الاثيوبيين عن قرب بشأن القضايا القائمة بين البلدين، خلال جولات مختلفة ومناطق متعددة بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا وأحياء متنوعة ما بين فقيرة وراقية، الذين لم تختلف اجاباتهم عن مشاعر التقدير للمصريين.
تعاملات المصريين تغيرت
مشهد أخر يعبر عن التقدير الشعبى للمصريين عبر عنه «فكري» وهو سائق يعمل لدى شركة مصرية تعمل بإثيوبيا.
قال إن علاقته جيده بزملائه المصريين فى العمل، وأن العمل فى الشركة المصرية أفضل بكثير من غيرها والدليل أنه يعمل فيها منذ عامين إلى الآن.
وتوقع «فكري» أن تكون العلاقات المصرية الاثيوبية ستعالج أخطاء الماضي، قائلا: «ستصبح أفضل من ذى قبل لأن تعاملات المصريين تغيرت وهو يلمس ذلك فى عمله».
وعن الوضع فى العلاقة بين الحكومات لحل الخلافات المشتركة خاصة ما يتعلق بنهر النيل وسد النهضة، رفض فكرى الحديث عن هذا الأمر قائلا: «لا علاقة لى بعمل الحكومات لأن علاقات السياسة معقدة».
شعبية البابا شنودة
 قال الشاب الاثيوبى «ليجالم» إنه يتابع تطورات الوضع فى مصر وما يحدث فيها من عدم استقرار بسبب الجماعات الارهابية والمتطرفة، مشيرا إلى أن مصر واثيوبيا متشابهتان فى التدين وفى أمور كثيرة وهما أكبر دولتين فى افريقيا.
وأضاف: الشعب الاثيوبى لا ينسى زيارة البابا شنودة الثالث للكنيسة الاثيوبية، وكانت فى مارس 2008، منوها إلى أن البابا شنودة كرجل دين عظيم لديه شعبيه كبيرة هنا ونحن نحبه لانه قام بزيارتهم أكثر من مرة.
وقال إن نهر النيل مفيد لنا جميعا ولكل دول إفريقيا، والمياه هبة من الله ولانستطيع ان نمنعها عن مصر أو أية دولة أخرى وسد النهضة لن يقلل حصة مصر.
جولة فى شوارع أديس أبابا
ليست هناك فروق كبيرة أو كثيرة بين روح الشعب الأثيوبى عن الشعب المصري، حيث هناك تشابهات كثيرة فى الطقوس وطريقة الحياة، فأول ما تلاحظه التدين الشديد سواء لأبناء الدين الاسلامى «أقلية» أو المسيحيين أصحاب النفوذ والسلطة، وليس بغريب أن تسمع أصوات الصلاة فى المساجد وعبر مكبرات الصوت دون اعتراض أو مضايقات، ونفس الوضع مع أجراس وترانيم الصلاة بالكنائس المنتشرة فى كل مكان.
« روزاليوسف» حرصت على التجول فى مناطق عدة باديس ابابا ما بين احياء فقيرة وعشوائية ومناطق راقية لنقل صورة الشارع الاثيوبى وطريقة حياته.
مشاهد الفقر تسطيع أن تشاهدها فى مناطق عدة بأديس ابابا، من حيث البيوت المبنية بالطوب أو الصفيح، ولكن تلمس فى نفس الوقت رغبة وجدية فى التنمية، واهتمام من المواطن العادى وحرصهم على أن تظهر مدينتهم فى أفضل صورة. ويعبر عن تلك الروح ممارسات المواطنين فى الشارع، من حرصهم على نظافة الشوارع فى كل مكان، وعمال النظافة الذين ينتشرون فى الشوارع أغلب الوقت لتجميل شوارعها.
من الصعب أن تجد أثرا للقمامة فى الشوارع وحتى فى المناطق العشوائية والفقيرة، فضلا عن الالتزام المرورى الذى يلتزم فيه الجميع من سائقين ومشاة، رغم ضيق الشوارع.
تبدو أديس أبابا وكأنها مدينة تبحث عن صورة عصرية لها باعادة الاعمار وتنظيم الحياة بها، تسعى لاستغلال امكانياتها الطبيعية من مساحات خضراء مرتفعات مليئة بالاشجار والمناخ الافريقى المميز.
الأحياء فى أديس أبابا مقسمة حسب طبيعتها، فهناك مناطق محددة للاسواق ومحلات الملابس والمتاجر، وأخرى مخصصة لصناعات الجلود والمشغولات اليدوية والافريقية، فى حين هناك مناطق راقية تحيط بقصر الحكم وقصر ميلس زيناوى الذى يقطن به رئيس الوزراء الاثيوبى ديسالين وأطلق عليه اسم زيناوى نسبة لرئيس الوزراء الاثيوبى السابق، بينما تقع منطقة الجامعة والمدارس والمعاهد المتخصصة جنبا إلى جنب فى منطقة واحده.
الأبراج العالية
ورغم أن طبيعة الارض فى اثيوبيا غير مسطحة حيث تغلب عليها المرتفعات، إلا أن  هناك كثيرة من الأبراج السكنية بدأت تنتشر فى المدينة، وهناك عشرات المبانى السكنية الجديدة تزيد عن عشرة طوابق والتى لازالت تحت الانشاء التى تغير من الطابع المعمارى لأديس أبابا.
ومن المشاريع الجديدة التى تعتزم الحكومة افتتاحها مشروع المترو الذى يربط ضواحى العاصمة الاثيوبية، حيث تعكف الشركة المنفذة على وضع اللمسات الاخيرة للمشروع والذى سيسير فيه القطارات فوق كوبرى علوى بوسط المدينة وليس عبر نفق أرضي.
الوضع الأمني
وأثناء السير فى شوارع المدينة، فوجئنا بتحذيرات من البعض بضرورة أخذ الحذر والحيطة من المتعلقات الشخصية خشية من التعرض للسرقة، ورغم ذلك لم نلمس أية مخاوف أمنية من السير فى الشوارع بأديس أبابا بشكل منفرد.
يستطيع الأجنبى أن يسير فى شوارع أديس دون قلق على عكس دول افريقية اخرى فلا توجد مخاطر أمنية كبيرة، كما أن غالبية الشعب الاثيوبى يلتزمون بالاستيقاظ مبكرا مع الساعات الاولى لشروق الشمس والمكوث بمنازلهم مبكرا قبل الحادية عشرة أو الثانية عشرة مساء على الاكثر حيث تبدو الشوارع خالية من المارة.
طقوس الإجازة
وفى يوم الاجازة الاسبوعية، وهو يوم الأحد من كل أسبوع، هناك طقوس كثيرة للاثيوبيين، بداية من الاقبال على مجازر اللحوم والاسواق لشراء مستلزماتهم، والذهاب للكنيسة والمتنزهات المختلفة بالعاصمة، وتفاجىء منذ الصباح بحفلات الافراح ومواكب السيارات لزفاف العرس وفقا للطقوس الاثيوبية.
يتصدر عناوين الصحف
أولت الصحافة الاثيوبية اهتماما خاصا لزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى لاديس ابابا للمرة الاولى والمشاركة فى القمة الافريقية، وركزت كبرى الصحف الاثيوبية على مشاركة السيسى فى القمة وتابعت نشاطه ولقاءاته المختلفة خاصة مع الجانب الاثيوبي.
صحيفة «ريبورتر» وهى كبرى الصحف الاثيوبية خصصت المانشيت الخاص لها فى تغطية القمة الافريقية الرابعة والعشرين للرئيس السيسي، وتحت عنوان عريض «الاتصالات الواجبة»  نشرت الصحيفة صورة للسيسى وهو جالس فى قاعة نيلسون مانديلا بمقر الاتحاد الافريقى والتى شهدت اجتماعات القمة الافريقية ومن خلفة وزيرى الخارجية والرى فى حديث جانبي.
وألقت الصحيفة الضوء على زيارة السيسى القصيرة وتطورات الوضع فى مصر بعد الحادث الارهابى فى سيناء والتى اضطرت السيسى لقطع زيارته لاثيوبيا والعودة لمتابعة الوضع فى القاهرة. وفى الصحفات الداخلية نشرت الصحيفة واسعة الانتشار صورا للسيسى وبينما وزير الخارجية الاثيوبى يستقبله فى مطار اديس ابابا، وروت بالتفصيل فعاليات زيارة السيسى القصيرة وردود الفعل بشأنها فى تقرير مطول.
انتشار محدود
وبالحديث عن الصحافة الاثيوبية ، فانتشار الصحافة باثيوبيا ليس كبيرا، حيث يوجد عدد محدود من الصحف والمجلات وهناك مطبعة قومية فى العاصمة اديس ابابا تطبع بها الصحافة، ولايوجد انتشار للصحافة، حيث لايوجد اقبال كبير من المواطنين عليها.
ويعتمد كثير من المواطنين فى اثيوبيا للحصول على خدماتهم الاعلامية عبر المحطات التلفزيونية والقنوات المختلفة وأيضا المحطات الإذاعية.