معاذ الكساسبة.. ومشهد أمتنا الحزينة
ناجح إبراهيم
كتب: د. ناجح إبراهيم
■ مشاهد الموت والقتل والذبح فى كل مكان فى أمتنا.. لقد أحصيت فى أسبوع واحد من مشاهد القتل والموت والحرق ما يندى له الجبين.. فهذه داعش تحرق الطيار الأردنى المسلم حيًا.. مع أن الإمام أحمد بن حنبل حرم شوى السمكة وهى حية.. ورغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن تعذيب الناس بالنار.. ونهى عن حرق الأشجار والنخيل حتى فى أرض العدو.. فاحترم الشجرة والنخلة المثمرة حتى لو كانت فى أرض عدوه.
■ وهذه أنصار بيت المقدس تفجر الجنود المصريين من أبناء الجيش المصرى فى سيناء.. وهؤلاء ثلاثة شبان أعدوا سيارة متفجرة ولكنها تنفجر فيهم وبهم قبل أن تنفجر فى مبنى شرطى بالإسكندرية .
■ وهذان شابان يحرقان عربات الترام بالإسكندرية دون أن يفكرا أنها أرخص مواصلة للفقراء والمساكين من بنى وطنهما.
■ مشاهد كلها قتل ودماء وتفجير وحرق.. هذا هو المشهد فى وطننا المغلوب على أمره.. وكلها تنبئ أن هناك خللا ً عميقا ً أصاب الشخصية المصرية والعربية والإسلامية.. وأن «فقه القتل» يغلب على فقه «الحياة الصالحة» .. و«فقه التكفير» يغلب على «فقه الهداية».. و«فقه التخوين يفوق «فقه العدل مع الخصوم».. و «فقه الموت» فى غير ميدان يفوق «فقه الإحياء».. وأن «فقه الكراهية» يفوق «فقه الحب».. و«فقه الإقصاء» يفوق «فقه التوافق الوطنى».. و«فقه صنع الحرائق فى الإنسان والأوطان» يغلب على «فقه إطفاء الحرائق المادية والمعنوية».. وأن الجميع يريد أن يقوم بدور البنزين والنار وليس دور الإطفاء والماء.. وأن «فقه الحرب» فى غير ميدان ودون طائل يغلب «فقه السلام».. وأن «فقه التنفير» يغلب «فقه التبشير».. و «فقه التعسير» أقوى من «فقه التيسير».
■ و«فقه الدماء والأشلاء» أقوى من «فقه الإحياء» وحفظ الأنفس.. وأن «فقه التهديد والوعيد» أقوى من «فقه الرفق والملاطفة».. وأن «فقه الغضب» يفوق «فقه الحلم».. و«فقه الانتقام» يفوق «فقه العفو».
■ وأن الجميع فقدوا أكثر عقلهم ومعظم دينهم وأكثر حكمتهم إن كان عندهم حكمة أصلا.. وأن «فقه الدعاء على الآخر» يغلب «فقه الدعاء له».. وأن «فقه العبثية والعدمية» يفوق «فقه الحكمة والتدرج والأناة».
■ وأن «فقه المصالح والمفاسد» انتهى من قاموس القوم جميعًا.. وأن «فقه المآلات والنتائج» أصبح منبوذًا من الجميع.. و«فقه رعاية الموقف السياسى» وإنفاق كل الأموال والجهود لأجله أهم من «فقه رعاية الضعفاء» والموقف من الفقراء والمساكين.. وإعطائهم شيئا من تلك الجهود الهائلة.. و«فقه الهدم» بات أغلى وأجمل لدى القوم من «فقه البناء».. وأرى أنه لا أمل فى القوم جميعا حتى تنصلح هذه الصورة المغلوطة.