الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

المذيعة التى دخلت «فلسطين» بختم «إسرائيلى» لتقدم حلقة «بايتة»

المذيعة التى دخلت «فلسطين» بختم «إسرائيلى» لتقدم حلقة «بايتة»
المذيعة التى دخلت «فلسطين» بختم «إسرائيلى» لتقدم حلقة «بايتة»




كتب - عمر حسن


إن بقاء مصر دولة متماسكة عسكريا خاصة فى سيناء يصب فى صالح القضية الفلسطينية أولا وأخيرا، فأولى بنا أن نعالج الوضع فى سيناء ونساند القوات المسلحة مع أهالى سيناء الذين أوهمهم البعض بأن الجيش يعاديهم ويعمل على تهجيرهم من أراضيهم وهو ما لا ترضاه القوات المسلحة بأى حال من الأحوال.
إلا أن هذه الدعوات قد لاقت صدى لدى بعض ضعفاء النفس من أهالى سيناء من الذين يتعاونون مع أيادى الارهاب لنصب شراكهم على الأكمنة الأمنية ومواضع ارتكاز القوات بما يترتب عليه فقدان الجنود والضباط يوميا على الحدود وتكبد خسائر مادية كبيرة.
فبدلا من أن تذهب الإعلامية «ريهام سعيد» لأهالى سيناء لتفقد مشكلاتهم وتسليط الضوء عليها والعمل على إصلاح الشرخ الذى أوجده المتآمرون بين أهالينا فى سيناء - حماة بوابة مصر الشرقية - وبين القوات المسلحة، فضلت «سعيد» الذهاب للأراضى الفلسطينية المحتلة لتصور حلقتين بداخلها، فهيا نرى ماذا فعلت الإعلامية بدخولها الأراضى المحتلة.
عرضت فى بداية حلقاتها رحلة الوصول إلى فلسطين عن طريق الحدود الأردنية ومدى حرص طاقم العمل على عدم الحصول على ختم إسرائيلى على جوازات سفرهم، وكأنها لا تعلم أن هذا هو السبيل الوحيد للدخول إلى الأراضى الفلسطينية وأن الوثيقة الفلسطينية التى حملتها من السلطة الفلسطينية ليس لها أية أهمية مقارنة بالتأشيرة الإسرائيلية على جوازاتهم والسماح لهم بدخول البلاد، فبعد الوقوف لساعات طويلة فى طوابير المسافرين أمام شباك يجلس بداخله جندى إسرائيلى، نجحت الإعلامية فى الحصول على التأشيرة «الإسرائيلية» لدخول الأراضى «الفلسطينية».
وهنا نتوقف للحظة ونتذكر موقف الراحل البابا شنودة الثالث من زيارة الأقباط للقدس، حيث أصدر أوامره للمسيحيين فى مصر بعدم زيارة القدس المحتلة لأنه كان يرى أنه فى حالة ذهاب الأقباط للقدس سيشجعون السياحة والعملة الإسرائيلية، وميزانية إسرائيل تزيد بسببنا، وأنه لن يدخلها إلا جنبا إلا جنب مع أخيه المسلم، وذلك فى الوقت الذى دخلت فيه «سعيد» الأراضى المحلتة بختم «إسرائيلي» ومحفظتها ممتلئة «بالشيكل» عملة إسرائيل و«فيزا» إسرائيلية فى مشهد مخز.
واستكملت «سعيد» رحلتها داخل الأراضى المحتلة متجولة فى شوارع رام الله ومصورة لنا حجم المعاناة التى يعيشها سكان المدينة من مناوشات يومية وحصار داعية ايانا بالرضا بالواقع الذى نعيشه فى مصر قائلة: «احمدوا ربنا يا مصريين وبوسوا ايديكم وش وضهر» .. وحاولت خلال الحلقة اختراق مواضع القصف برام الله، كأنها لا يهمها الموت وما يشغلها هو نقل المعاناة الفلسطينية، فعندما حاولت الاقتراب أكثر كادت أن تمسها إحدى الطلقات الإسرائيلية، وقد حذرها الشباب الفلسطينى من التقدم بدرجة أكبر، فردت: «مانا كدا لو مت هكون شهيدة معاكم، على فكرة أنا مصرية»، رغم أنها فى قمة رعبها إلا أنها تحاول إبراز روح الشجاعة والمغامرة التى تتحلى بها، إلا أنها بمجرد سماع دوى اطلاق الرصاص تعدل عن خطواتها فى التقدم للأمام ثم تركض وتتحرك يمينا ويسارا أمام الشاشة تكريسا لمفهوم المذيعة البطلة فى أذهان المشاهدين، رغم كونها مؤمنة من جانب فريق عمل كبير يضم فلسطينيين ومصريين لكنهم لا يظهرون أمام الشاشة.
ثم أكملت جولتها بشوارع فلسطين حتى عثرت على أحد الأفراح، فدخلت بينهم وارتدت وشاح المقاومة ورقصت على أنغام «تسلم الأيادي» بأحد المخيمات الفلسطينية، ثم تعرضت أثناء سيرها لموقف محرج من رجل عجوز حين سألته عن امتلاكه جواز سفر أردني، ليرد عليها قائلا: «نعم أحمل باسبور اردني، وعمرى ما كان معايا باسبور فلسطيني، امشى صورى مع حد غيري، وانا مش عاوز باسبور فلسطيني، انا مرتاح كده، امشى صورى مع حد غيرى انا مش عاوز اتحبس».. تابعت ريهام رحلتها متوجهة للقدس التى دخلتها بشكل يهين كل عربى، حيث إن زيارة «سعيد» للقدس ودخلوها بهذه الطريقة أمام ملايين المشاهدين فى برنامجها «صبايا الخير يعد تطبيعا واضحا مع الكيان الصهيونى، فهى لم تكتفِ بالزيارة فقط، بل دعت الملايين حول العالم لزيارة القدس التى دخلتها هى كاللص الذى يدخل منزل لسرقته تحت تفتيش مهين من جانب قوات الكيان الصهيونى، وصورت لنا كيف أنه قد دنسوا الأقصى بأقدامهم كما نعلم جميعا وفرضوا الحاميات عليه من جميع الأبواب، لا دخول ولا خروج حتى للفلسطينيين أنفسهم إلا بحمل تصريح عليه ختم القوات الصهيونية، فدخولنا المسجد الأقصى لن يكون إلا فى الوقت الذى ندخله رافعين رءوسنا غير مهانين ولا مذلولين، بل محروسين بقوات الشرطة الفلسطينية وليست الإسرائيلية.
وبعد نجاحها فى دخول المسجد الأقصى بعد سحب الكاميرا من طاقم العمل على البوابة وتهريبها عن طريق أحد الفلسطينين للداخل قالت: «احنا غالبًا الملايكة حرسانا محدش حاسس ان احنا بنصور خالص يا رب كملها على خير.. هو ده المسجد الاقصى القديم.. نفسى اصورلكوا كل شبر فى المكان عشان اقولكوا لازم تيجوا، لازم تيجوا احنا من حقنا نيجي، احنا من حقنا نتعبد هنا، من حقنا نصلى هنا، لازم تيجوا تدعموا فلسطين، وفى نفس الوقت تثبتوا للناس دى ان المكان ده مش بتاع حد، المكان ده عربى وهيفضل عربى، انا عمرى ما تخيلت ان انا هقدر آجى فى يوم من الايام».
ثم ترجلت فى شوارع القدس وتحدثت مع الناس معربة عن سعادتها البالغة عندما سمعت أحدهم يقول: «صبايا الخير أهم بيصوروا» وهو ما تباهت به الإعلامية أن برنامجها يحظى بشعبية تصل إلى فلسطين.. هذا ما فعلته ريهام سعيد على مدار حلقتين تم الترويج لهما اعلانيا على قناة «النهار» بشكل مكثف لنشاهد فى النهاية تصويرا شبه تقليدا عن الواقع الفلسطينى، وتكرارا لمشاهد نعلمها جميعا من قبل، فهل تم حل القضية الفلسطينية بعد زيارتها لها؟ هل تغير الواقع المرير الذى نعلمه جميعا فى فلسطين بعد اذاعة حلقاتها ؟ وهنا يقودنا الحديث إلى طرح سؤال مهم، ألا وهو «هل أفلست ريهام سعيد فى ملء محتوى برنامجها؟» أم «هل نضبت مشكلات مصر التى تعرضها بشكل أسبوعي؟»