الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

ثورة يوليو الباقية.. وأكاذيب الإخوان المفضوحة!




 
رجال سيد قطب يحكمون مصر الآن
 
 
مواليد الستينات.. وما أدراك ما مواليد الستينيات.. مواليد التعليم فى مدارس الدولة.. والإحساس بالكرامة.. مواليد بذرة الوطنية المتدفقة.. رضعوها منذ ميلادهم، من أمهات عرفن معنى كرامة المرأة.. فى مجتمع ساواها بالرجل.. مواليد الستينيات.. وما أدراك ما الستينيات.. ملابس قطن المحلة المصرى.. الذى رأيته بعدها بسنوات طوال يباع فى العاصمة واشنطن.. بأغلى سعر.. دون خصم سنت واحد فى موسم التنزيلات.. مواليد الستينيات.. الذين تربوا على أدب ومسرح وفنون عمالقة الثقافة العربية.. مواليد الستينيات.. وماأدراك ما الستينيات.. جيل شباب الثمانينيات.. الثمانينيات.. وما أدراك ما الثمانينيات.. أوج ازدهار «الجماعة».. وليقولوا ما يشاءون عن قمعهم.. واعتقالهم.. والتضييق عليهم.. ففى الثمانينيات.. عرفت الكثيرين من زملاء الجامعة من اليساريين.. المعتقلين سياسيا.. الذين كانوا يخرجون من حبسهم لتأدية امتحانات منتصف العام أو نهايته.. الثمانينيات التى قتل فيها الشهيد «سليمان خاطر».. ليخرج شباب الناصريين واليساريين فى مظاهرات فى كل مكان.. تنديداً بقتله.. الثمانينيات.. صحبة كلية الحقوق جامعة عين شمس.. جمعية النديم وأبوها الروحى الدكتور «حسام عيسى».. المحامى المتألق محمد عثمان – نقيب محامى شمال القاهرة – والمحامى المتميز ياسر فتحى.. الذى سجلنى - دون أن يسألنى - فى الحزب الاشتراكى العربى الناصرى.. عند تأسيسه فيما بعد.. مواليد الستينيات.. الذين عرفوا منذ نعومة أظافرهم.. النزهة فى منطقة وسط البلد وكورنيش النيل.. فقد عرف آباؤهم أخيرا أن تلك أوطانهم.. مازلت أحتفظ من تلك الحقبة بأعز ما يمكن أن أحتفظ به.. صورة لوالدى – رحمه الله – يرتدى زيا عسكريا ويضع يده فى يد «الزعيم» عبد الناصر مسلما.. فقد كان من فدائيى القناة فى 1956.. تلك هى ثورة 1952 وما أدراك ما ثورة يوليو!
 
 
«عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية».. تلك كانت مطالب ثورة 23 يوليو 1952.. وللمفارقة، فهى نفس مطالب ثورة 25 يناير 2011.. أى بعد ما يقرب من 60 عاما! ولم يكن أبدا غريبا أن ترتفع تلك المطالب.. تصاحبها أغانى ثورة يوليو.. فقد اكتشف المصريون عندما فتشوا فى نفوسهم.. أن ما يطلبونه هو استدعاء روح ثورة 23 يوليو 1952.. ولم يكن غريبا أيضا أن تنتبه «الجماعة» لذلك مبكرا.. لتبدأ العمل مبكرا.. فبمجرد أن تبدد الضباب قليلا بتوارى المخلوع.. بدأت المهمة الكبرى لتلك الجماعة.. هدم تلك الثورة وقائدها فى ذات الوقت.. فكراهية «جمال عبد الناصر».. تحولت فيما يشبه «الفوبيا» إلى كراهية لثورة يوليو نفسها.. وصار أمر هدم تلك الثورة طوال 42 عاما – منذ 1970 – مهمة أقسم الجميع رغم اختلافهم على إتمامها.. أما الحجج المتباينة فقد كانت تدور وتلف حول كلمة واحدة: الديمقراطية.. وكأن الأنظمة الثلاثة التى أعقبت وفاة «الزعيم» عبد الناصر.. كانت حقا أنظمة تسعى لأجل الديمقراطية!
 
 
قد لا يدرك هذا الجيل من الشباب معنى الكرامة الإنسانية.. التى سعى إليها المصريون.. حتى صارت عنوانا رفعه الزعيم «ارفع رأسك يا أخى.. فقد مضى عهد الاستعباد».. لأنهم لا يعرفون كيف كان يحكم المصريون قبل قيام الثورة.. فـ«محمد على» بانى مصر الحديثة.. أصدر ذات يوم أوامره بعدم ضرب أولاد البلد – كان يقصد المصريين من غير الأتراك والأوروبيين – بالكرباج.. والاكتفاء بضربهم بالحذاء! ظلت تلك هى الطريقة التى عومل بها المصريون من تلك الأسرة سنوات طوال.. وعندما قامت ثورة 23 يوليو.. كانت استكمالا لعقد من الوطنية، بدأه أحمد عرابى ومصطفى كامل وسعد زغلول.. للخروج من قبضة تلك العائلة.. وأتمه «الزعيم» جمال عبد الناصر».. وأبشرهم بأن معاولهم سوف تتناثر شظايا قبل أن تؤتى ثمارا ينتظرونها منذ زمن.. واعتقدوا أن أوان تحققها قد حل.. فالكاتب الكبير «محفوظ عبد الرحمن» قال: الثورات لا تعيش بالاحتفالات، ولا تموت بالثأر!
 
 
ما أدراك ما ثورة يوليو!
 
 
مصر الثورة.. أسست جهاز مخابرات هو واحد من أفضل 5 أجهزة على مستوى العالم.. قادت حرب الاستنزاف وفجرت المدمرتين بيت شيفع وبات يم فى ميناء إيلات.. كبدت العدو الإسرائيلى خسائر فادحة.. انحازت للفقراء وحولت مصر إلى قلعة صناعية.. مصانع الحديد والصلب وشركات الغزل والنسيج وصناعة السكر.. أممت قناة السويس ووقعت اتفاقية جلاء الانجليز عن مصر.. أنشأت إذاعة القرآن الكريم ومدينة البعوث الإسلامية.. قامت بتحديث الأزهر الشريف وتحويله إلى جامعة حديثة.. يمتد دورها إلى أماكن عدة خارج الوطن.. مصر الثورة.. قامت بترجمة القرآن الكريم للغات عدة.. حتى لتلك البلاد التى كانت تحارب الأديان.. أنشأت مجموعة الحياد الإيجابى وعدم الانحياز.. ومنظمة المؤتمر الإسلامى.. مصر الثورة صارت حضنا دافئا.. وذراعين ممدودتين لكل حركات التحرر فى العالم.. مصر الثورة ألقت بظلالها الوارفة على قارت العالم.. فصارت سفيرا للقيم الإنسانية مرحباً به أينما حط بجناحيه.. وحقيقة أشفق على الدكتور «محمد مرسى».. بعدما قاله فى التحرير «الستينيات وما ادراك ما الستينيات».. ماذا سيفعل السيد الرئيس أينما يولى وجهه.. فى إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ودول أوروبية عدة.. أينما يولى وجهه سيجد صورة «الزعيم» جمال عبد الناصر.. فالكاتب الكبير «محفوظ عبد الرحمن» يروى أن له صديقا يونانيا كان يعيش فى الإسكندرية.. قال له ذات مرة.. أنه لم يلتق عبد الناصر فى حياته.. لكنه كان يحكى لأهله وأصدقائه عندما يعود لليونان عنه، كى يكسب احترامهم وتقديرهم.. وفى قبرص.. دخل الكاتب محلا لشراء ملابس له ولعائلته.. وقد رفض صاحب المحل تقاضى ثمنها قائلا له: «أنت من بلد ناصر».. ماذا سيفعل الدكتور مرسى إذا ذهب فى زيارة رسمية لإحدى الدول فى أمريكا اللاتينية.. وفوجئ بأسئلة حول ثورة يوليو التى يقدرونها.. و«ناصر» الذى يعشقونه.. هل سيقول لهم: «ناصر.. ما أدراكم ما ناصر»؟
 
 
كراهية الإخوان للزعيم أساسها رغبتهم فى الحكم!
 
 
يقول الكاتب والمحامى الشهير – الإخوانى سابقا – ثروت الخرباوى: «إن الخلاف بين الإخوان والضباط الأحرار.. أو بمعنى أدق بين الإخوان وثورة يوليو.. لم يكن خلافا حول العقيدة أو الإسلام أو الحريات أو الديمقراطية.. لم يكن خلافا على الفكرة.. ولكنه كان خلافا على الحكم.. خلافا حول السيطرة والرغبة فى الاستحواذ والهيمنة.. فالإخوان لا تعنيهم قضايا الحريات.. إلا حريتهم فقط.. ففى بداية ثورة يوليو كتب الأستاذ سيد قطب مقالا يطالب فيه جمال عبد الناصر بهجر الديمقراطية.. وتحويل الحكم إلى حكم ديكتاتورى.. طالب قطب بإقصاء كل المعارضين للثورة.. ولم تكن تلك المطالبات مجرد رأى لواحد من الإخوان.. ولكنه كان اتجاها للجماعة».
كما يقول: «الإخوان لم يساهموا فى الثورة بقليل أو كثير.. ولكنهم أرادوا مصادرة الثورة لمصلحتهم.. فكروا فى ركوبها والاستيلاء على قادتها.. لذلك حدث الخلاف الأول حول كيفية مشاركة الإخوان فى الحكم.. رأى عبد الناصر أن الإخوان يجب أن يشاركوا فى الوزارة بالعدد الذى يراه هو.. وبالأشخاص الذين يختارهم.. ووقع اختياره على الشيخ «أحمد حسن الباقورى».. لكن «حسن الهضيبى رفض الاقتراح.. فقد كان ينظر لتنظيم الضباط الأحرار على أنهم تنظيم تابع لجماعة الإخوان ينبغى أن يأتمر بأمره.. وصمم على أن تقوم الجماعة بتشكيل الوزارة كلها.. وهو ما رفضه جمال عبد الناصر.. وترتب على ذلك الخلاف الشهير بين الشيخ الباقورى والجماعة وخروجه منها.. وهنا تأتى شهادتان فى منتهى الأهمية.. شهادة الشيخ الباقورى فى مذكراته.. وشهادة فريد عبد الخالق القطب الإخوانى الكبير وصديق حسن البنا.. بتفصيلات حول رغبة الإخوان فى الاستئثار بالحكم دون غيرهم.. وعاب فريد على حسن الهضيبى حينها ضيق أفقه السياسى والدور الكبير الذى لعبه فى إضرام النار بين الإخوان والضباط الأحرار».
 
 
أما الشيخ الباقورى رحمه الله فيقول فى شهادته: «جمال عبد الناصر رحمه الله كان زعلانا من الإخوان.. لأنه فى ليلة قيام الثورة كان قد اتفق مع بعض الإخوان أن يشاركوا.. والذى حدث أنهم لم يحضروا فى الموعد المحدد.. ورفضوا التحرك ولم يتعاونوا – كما يزعمون – واعتبر عبد الناصر موقفهم هذا هروبا.. وربما يكون قد فكر فيما هو أكثر من الهروب.. الخيانة مثلا.. ولكنه لم يقل شيئا سوى أنهم خذلوه!!»
 
 
أما شهادة «سامى شرف» مدير مكتب رئيس الجمهورية عن رغبة الإخوان فى الاستحواذ على السلطة.. وفرض هيمنتهم على نظام الحكم الجديد فقد قال: فى اليوم التاسع والعشرين من يوليو 1952.. تم لقاء بناء على طلب المرشد العام للإخوان فى منزل صالح أبو رقيق حضره الرئيس جمال عبد الناصر.. طلب المرشد فى اللقاء أن تطبق الثورة أحكام القرآن الكريم.. وأجابه الرئيس بأن الثورة قامت حربا على الظلم والاستبداد السياسى والاجتماعى والاستعمار البريطانى.. وهى بذلك ليست إلا تطبيقا لأحكام القرآن الكريم.. فطلب منه المرشد أن يصدر قرارا بفرض الحجاب.. حتى لا تخرج النساء إلى الشارع سافرات.. وأن تغلق دور السينما.. فرد عبد الناصر: أنت تطلب منى طلبا لا طاقة لى به.. فأصر المرشد على طلبه.. فقال عبد الناصر: اسمح لى أن نتكلم بصراحة ووضوح: أنت لك بنت فى كلية الطب.. هل بنتك اللى فى كلية الطب بتروح الكلية بالحجاب؟ أنا أعرف أنها بتروح الكلية بدون حجاب.. فإذا كنت فى بيتكم مش قادر تخلى بنتك تطلع الشارع حاطة حجاب.. عاوزنى أنا أطالب الناس وأقوللهم حطوا الحجاب.. وبعدين هل بنتك بتروح السينما وللا ما بتروحش؟ بتروح السينما.. طب إذا كان الراجل فى بيته مش قادر يخلى ولاده ما يروحوش السينما.. عاوزنى ازاى أمنع الناس تروحها!».
 
 
الجماعة تقف ضد اتفاقية الجلاء!
 
 
وفى تلك الجلسة طالب الهضيبى أن يختار هو الوزارات التى ستكون للإخوان.. وعددها.. ويوكل إليه اختيار الأسماء التى ستشغلها من الإخوان.. ولكن عبد الناصر رفض بشكل قاطع.. هنا تحول الأمر.. وبدأت الجماعة تنقلب على الثورة وتتخذ مواقف ضدها.. فرفضت بشدة «هيئة التحرير» التى كانت التنظيم السياسى لنظام الحكم الجديد.. ثم قامت بتشكيل خلايا سرية تحت إشراف المرشد العام مباشرة.. يقوده عسكريون من الإخوان مثل: ابو المكارم عبد الحى، عبد المنعم عبد الرؤوف، حسين حمودة، صلاح شادى.. ثم قامت بتشكيل التنظيم الخاص الجديد بعد حل التنظيم القديم.. وتولى قيادته يوسف طلعت بدلا من عبد الرحمن السندى.
 
 
وبحلول عام 1954.. كان تركيز عبد الناصر على عقد اتفاقية لجلاء الانجليز عن مصر.. وبعدها يبدأ نظام الحكم الجديد فى تدعيم أركانه.. لكن حسن الهضيبى كان لا يرى ذلك.. فأعلن رفضه للاتفاقية.. وبدأت مظاهرات الإخوان تخرج للشوارع رافضة الاتفاقية.. وانتشرت المنشورات التى تتهم عبد الناصر بالخيانة.. وجرت وساطات عدة انتهت إلى إفراج عبد الناصر عن كل الإخوان المحبوسين.. لكنه كان يعرف الهضيبى جيدا.. فقد قال أن الهضيبى لن يعجبه وسوف يرفض الاتفاقية.. وبالفعل.. أعلن مجددا رفضه لها.. وظلت المظاهرات تندد بها.. والمنشورات تتهم عبد الناصر بالخيانة!
 
 
حادث المنشية.. وما أدراك ما حادث المنشية!
 
 
يقول الخرباوى: «وفى ذات العام.. أضمر الهنداوى دوير المحامى أمرا فى نفسه.. واستعان بالقناص الإخوانى محمود عبد اللطيف.. وأمده بالسلاح وخطط معه لاغتيال الخائن عبد الناصر.. وحينما علم الهضيبى بالأمر الذى ينوى التنظيم الخاص إتمامه قال وفقا لشهادة الشيخ القرضاوى فى مذكراته: لا شأن لى بهذا الأمر لكن إرادة الله شاءت أن يقوم عبد العزيز كامل رئيس شعبة امبابة.. وكانت تربطه صلة بعبد الناصر.. بتحذيره.. وفى مساء 26 يوليو 1954.. فى ميدان المنشية بالإسكندرية.. انطلقت الرصاصات.. لكنها طاشت.. فلم تصب عبد الناصر.. لكنها أصابت علاقته بالإخوان فى مقتل.
 
 
لم يكن أسلوب عبد الناصر – وفقا لشهادة سامى شرف – هو تصفية الحسابات مع خصومه.. وكان يرفض وبإصرار تصفية البشر.. عازفا عن سفك الدماء باسم الثورة.. لم يكن أبدا دمويا.. ولا ساديا يتلذذ بعذاب أعدائه.. ومنذ اليوم الأول للثورة، وقف ضد إعدام الملك فاروق.. ففاروق لم يغادر مصر متنازلا.. ولا خطاب التنازل عن العرش الذى كتبه كان من بنات أفكاره.. بل تلك هى الصيغة التى رآها الضباط الأحرار ملائمة لمكانة مصر.. وهى الصيغة الأكثر تحضرا التى رفعتها ثورة بيضاء.. حتى لو كانت مع ملك حدثت الثورة ضده!
 
 
الستينيات.. وما أدراك ما الستينات.. تنظيم سيد قطب!
 
 
وما أدراك ما الستينيات.. الستينيات التى بدأها «الزعيم» جمال عبد الناصر عام 1960 بالإفراج عن كل المسجونين ممن صدرت ضدهم أحكام من الإخوان المسلمين.. وتم صرف جميع مستحقاتهم بأثر رجعى بموجب قانون صادر من مجلس الأمة.. عادوا بعدها إلى وظائفهم كما كانوا.
 
 
ثم لم يمض وقت كبير بعد خروجهم من السجن.. فقد قرروا العمل سريعا.. وكان كتاب «معالم فى الطريق» الذى كتبه سيد قطب هو دستورهم.. ملتفين حول فكرة واحدة.. تكفير عبد الناصر.. ومن ثم استباحة اغتياله.. وعدد كبير من رجال الدولة والكتاب والأدباء والصحفيين والفنانين وأساتذة الجامعات.. يقول سامى شرف إن تفاصيل تلك العمليات التى خططها الإخوان فى الستينيات.. محفوظة فى أرشيف سكرتارية الرئيس للمعلومات بمنشية البكرى.. وأرشيف المباحث العامة.. والمخابرات الحربية.. تلك التفاصيل تحوى كيفية صناعة مواد حارقة وناسفة.. وخطط نسف الكبارى والقناطر ومحطات توليد الكهرباء.. ومطارى القاهرة والإسكندرية.. والمبنى الرئيسى للتليفزيون المصرى ومبنى ومحولات الإذاعة المصرية.. كما حوت الخطة تفاصيل إحداث شلل عام فى جميع المرافق..
 
 
أما اغتيال «الزعيم عبد الناصر فقد كان فى عدة خطط «أ» و«ب» و«ج».. أثناء تحركه فى أى موكب رسمى.. سواء فى القاهرة أو الإسكندرية.. خطة أخرى لنسف القطار الذى كان يستقله فى طريقه للإسكندرية للاحتفال بالثورة.. وخطة ثالثة لاغتياله فى طريقه لمنزله فى منشية البكرى أو قصر الرئاسة بالقبة.. وقد كشفت تلك الخطة بضبط محاولة وضع متفجرات فى بالوعة فى شارع الخليفة المأمون.
 
 
حالة الهوس الفكرى التى صاغها «سيد قطب» استغلتها أجهزة مخابرات دولية.. أهمها جهاز المخابرات الأمريكية الذى كان يهدف للتخلص من مجموعة القيادات فى دول العالم الثالث.. التى أفرزتها حركة التحرر الوطنى بعد الحرب العالمية الثانية.. فالجماعات السرية التى اعتادت التعامل مع الانجليز لمصالحها الخاصة.. لم تجد أى غضاضة من ترسية العطاء على الأمريكان.. لم لا وهم القوة الكبرى الآن.. وتلك هى قصة تنظيم 1965 الشهير!
 
 
رجال تنظيم سيد قطب يحكمون الوطن!
 
 
 
الذى لا يعرفه الكثيرون أن تنظيم «سيد قطب» هذا أبرز رجاله: المرشد العام الحالى الدكتور «محمد بديع» ونائبه «رشاد البيومى» وأمين عام الجماعة «محمود عزت» والرجل الأقوى «خيرت الشاطر».. الذى بدأ حياته – وفق شهادة الإخوانى السابق هيثم أبو خليل والأستاذ حسنين كروم – اشتراكيا ناصريا وعضو فى منظمة الشباب الاشتراكى.. وآخرون!
 
 
فى مطبوعة الحرية والعدالة – التى يقال عنها مجازا صحيفة وإن كان الأقرب لوصفها منشور أو نشرة – فى يوم الثلاثاء 21 فبراير 2012.. قال المرشد «محمد بديع» نصا: «أسوأ ما فى الفترة الناصرية.. التى حكم فيها جمال عبد الناصر.. تحطيم الإنسان المصرى الذى نعانى منه حتى الآن.. هذا السحق الذى قصد به الإنسان المصرى عبر تطبيق الفكر الاشتراكى هو ما تسبب فى تحطيم القيم والناس بالقهر والظلم»!
 
 
ذلك التنظيم الذى يدعون أنه لم يكن موجودا.. وأنه تهمة لفقها لهم «جمال عبد الناصر».. تماما كقضية ميليشيات الأزهر.. تهمة ظالمة دبرها لهم نظام مبارك.. لكن كتاب «مذابح الإخوان فى سجون عبد الناصر» لمؤلفه «جابر رزق» أحد قيادات تنظيم سيد قطب – 1965 – أورد التفاصيل الكاملة لهذا التنظيم وتشكيله وتسليحه.. وأكد ان التعذيب كان فى بداية كشف التنظيم ولم يمتد لجميع المعتقلين.. ولكن الإخوان اخفوا كل ذلك! نعم يجب أن يخفوا كل ذلك.. أو يعترفان بحمل السلاح لإجهاض ثورة قامت لتحرير وطن من براثن استعمار؟ أيعترفون بأنهم راغب سلطة يسعون للحكم، على جثة رجل ومخلص ووطن جريح؟ أيعترفون بأن مصر لا تعنيهم.. ما يعنيهم دولة خلافة كبرى؟ لا والله كان واجبا أن يخفوا ذلك!
 
 
أما «سيد قطب» نفسه فقد اعترف تفصيليا بحكاية هذا التنظيم فى رساله لعبد الناصر.. نشرتها جريدة المسلمون فى عددها الصادر يوم الاثنين 11 يوليو 2012..
 
 
تنكيل عبد الناصر بالإخوان.. كذبة صدقوها!
 
 
كلمات من قبيل التنكيل والاضطهاد والانتقام وغيرها.. لم تكن فى قاموس «الزعيم» جمال عبد الناصر.. وأدلتى على ذلك كثيرة.. ذكرها الأستاذ حسنين كروم.. فأولئك الذين صدرت ضدهم أحكام أو تم حبسهم فى تنظيم 1965.. أو ما قبله فى 1954.. لم يتم أبدا التنكيل بهم أو بأهلهم كما يحلوا لهم أن «يتغنوا» كمظلومين دائما.. فمثلا المرحوم عبد القادر عودة الذى جرى إعدامه فى 1954 عين ابنه الدكتور خالد معيدا بجامعة أسيوط.. وتدخل عبد الناصر بنفسه لإرساله فى بعثة للخارج بعد هزيمة يونيو.. والمرحوم محمد فرغلى الذى أعدم مع عودة عين ابن شقيقته فى الأزهر، وهو الشيخ الداعية محمد الراوى وصدرت له العديد من الكتب ثم أرسل فى بعثة إلى نيجيريا.. أما المرشد العام السادس محمد مأمون الهضيبى فقد كان قاضيا عندما اعتقل والده حسن الهضيبى عام 1954.. وترقى فى عمله حتى أصبح رئيسا لمحكمة قطاع غزة.. رجل الأعمال الإخوانى يوسف ندا المقيم فى سويسرا.. استمر شقيقه صبحى طيارا فى القوات الجوية.. المرشد السابق محمد مهدى عاكف حوكم بالإعدام فى 1954 وخفف إلى المؤبد وظل شقيقه ضابطا فى الجيش وترقى حتى وصل إلى رتبة لواء.. وكان صديقا للمشير عبد الحكيم عامر.. والفريق محمد فوزى.. حتى الكاتب حسنين كروم نفسه.. تم القبض على عمه ابراهيم كروم الذى كان فتوة بولاق ابو العلا وقاد مظاهرة عابدين الشهيرة عام 1954.. فتشت منازل الأسرة كلها بحثا عن السلاح.. ولم يلحق بأى منهم أذى.. ثم خرج الرجل من السجن بعد عامين عند وقوع العدوان الثلاثى.. بل وتم اختياره قائدا للمقاومة فى غرب القاهرة.. بل وتم تسليمه آلاف البنادق والمدافع الرشاشة للتصدى للعدوان إذا ما وصل إلى منطقته..
 
 
فى سبتمبر 1970.. لم نكن نعرف المليونيات.. ولم يكن تعدادنا 80 مليونا.. لكن المشهد على كوبرى قصر النيل.. وفى ميدان التحرير.. وشارع رمسيس حتى شارع الخليفة المأمون.. مرورا بالعباسية.. فى كل الميادين فى محافظات مصر.. بكاء المصريين على رحيل «الزعيم».. كان المشهد حيا بجدارة.. تلقائيا بجدارة.. لا تخطئه سوى عيون كتب الله على أصحابها، ألا ترى الحقيقة الواضحة وضوح الشمس.. لأن قلوبها مظلمة!!
 

 
حسن البنا
 

 
سيد قطب