الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رئيس مصر القادم في مطبخ إسرائيل وأمريكا
















 
التراشق بالألفاظ والاتهامات بين مرشحي الرئاسة المصرية تعدي حدود المجتمع المصري ووصل إلي دهاليز البيت الأبيض الذي حذر تل أبيب من محاولة التأثير علي اختيارات الناخب المصري في إشارة واضحة لما حدث مؤخرا ضد عمر سليمان لحساب الأطراف الأخري وهو ما أكدته أبحاث سياسية قام بها معهد الجمهوريين الجدد المعارض للبيت الأبيض موضحة أن ما يتعرض له سليمان من هجوم يكشف عن خطة ممنهجة لإعادة ترتيب المشهد والأوراق السياسية في مصر.
وأكد معهد الجمهوريين الجدد أن الإدارة الأمريكية استعلمت مؤخرا من الحكومة الإسرائيلية عن سبب تصريحات حزب العمل الإسرائيلي التي جاءت علي لسان «بنيامين بن إليعازر» أحد قياديي الحزب له وأعلن فيها تأييد حزبه وإسرائيل المرشح الرئاسي المصري «عمر سليمان» مما أثار معه الغاضبين في مصر من ترشح سليمان ومنح معارضيه أداة جديدة للتشنيع عليه.
ترتيبا علي معلومات المعهد الأمريكي كان سليمان قد أكد لأمريكا عبر وسطاء بالقاهرة اتهامه لإسرائيل بأنها تلعب لعبة جديدة تهدف فيها لنجاح رئيس مصري وراءه مجموعة لا خبرة لها بالعمل مع تل أبيب عن طريق إشاعتهم علانية ودوليا تأييدهم لشخصه وهو ما يتعارض مع المنطق السياسي الذي يقول أن تأييدهم لأي مرشح مصري علانية يعني ببساطة رفض المصريين له وهو ما تهدف إليه تل أبيب طبقا لإتهام عمر سليمان الذي تحول لمادة ثرية لمعاهد الأبحاث السياسية الأمريكية تمت فيها دراسة دلائل ومؤشرات صحة اتهامات سليمان من أن هناك مؤامرة علي ترشح العالمين ببواطن الأسرار المصرية للرئاسة.
الخطير أن سليمان اتهم إسرائيل لدي الإدارة الأمريكية بأنها عقدت فعلا اتفاقات جانبية مع أطراف مصرية فاعلة خلال العام الماضي مؤكدا أن لديه التفاصيل يحتفظ بها لنفسه حاليا حتي التوقيت المناسب وأن تلك الأطراف لا تعرف ما تدبره إسرائيل في الخفاء لمصر.
الغريب أن الإدارة الأمريكية اكتفت بأن طلبت من إسرائيل الكف عن التصريحات التي تحسب كأداة ضد مرشح لحساب الغير وكوسيلة لتوجيه الناخب المصري بطريقة غير مباشرة من أجل احترام العملية الانتخابية الديمقراطية في مصر.
كان معهد «الجمهوريين الجدد» المعارض للبيت الأبيض قد بحث بتعمق خلفيات وأسانيد اتهامات عمر سليمان لتل أبيب ووضع المعهد تقريرًا شديد الأهمية خلال الساعات الأخيرة الماضية كشف أن محاولة ضرب عمر سليمان كانت غير موفقة ومكشوفة سياسيا صاحبها تحرك من جهات ووسائل إعلام متعددة تتحكم فيها جماعات الدعاية اليهودية بأمريكا وأوروبا في عملية منسقة فيما بينها مما ساهم في توتر الشارع المصري الثائر ويهدد بتفجر الموقف بالقاهرة.
يبرز في ذات الإطار أن البروفيسور «إريك تراجر» الباحث الأمريكي الشهير في معهد الجمهوريين الجدد ومعهد دراسات الشرق الأدني وأبحاث السياسة الأمريكية الخارجية قد طبق دلائل اتهامات سليمان علي جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لها في مصر مهاجما إياهم في شكل بحث خاص عن التغير التاريخي في أيديولوجية السياسة لدي جماعة الإخوان المصرية الذي تكشف طبقا للبحث أهداف زيارة وفد من الجماعة للولايات المتحدة من زيارة واشنطن مؤخرا وكان علي رأسه عضو الجماعة «عبد الموجود الدرديري» وخمسة أعضاء آخرين وكان تراجر قد بدأ بحثه قائلا: «لقد أثبتت الجماعة في مصر أن للعملة ثلاثة أوجه وليس كما عرفنا حتي الآن وجه الملك للعسكري الحاكم في مصر ووجه لكتابة الدستور نيابة عن الشعب المصري ووجه الحليف للصديق الأمريكي».
وفي ذات التوقيت نشر الباحث الشهير مقالا له علي موقع معهد الجمهوريين الجدد حمل عنوان: «حملة الإخوان الترويجية الكاذبة خلال زيارتهم لواشنطن» مؤكدا أن الإخوان ظهروا بمظهر تاريخي جديد خلال حديثهم للإدارة الأمريكية ولوسائل الإعلام بواشنطن بشكل أثار التساؤلات لدرجة أنهم علي حد تعبير الباحث إريك تراجر ادعوا لأول مرة كذباً أن الأزهر انسحب من «تأسيسية الدستور» بسبب عدم تمثيله علي نحو يرضي علماءه مؤكدا أن هناك تحولا تاريخيا وسياسيا خطيرا حدث في أيديولوجية جماعة الإخوان المسلمين في مصر كشفت عنه تلك الزيارة.
في بحثه المثير قام إريك تراجر بعمل إسقاطات سياسية مقصودة سجل فيها محتوي اتهامات  عمر سليمان لأطراف مصرية لم يسمها في صلب اتهاماته لإسرائيل علنا وأكد تراجر أنه لا يستبعد وجود اتفاقات سرية وتربيطات أمريكية إسرائيلية مع أطراف مصرية لأن المصلحة العليا لواشنطن وتل أبيب تحتم محاولة دفع الناخب المصري لاختيار أشخاص ولاعبين جدد لا خبرة لهم في العمل مع الولايات المتحدة الأمريكية أو مع الإدارة الإسرائيلية مما يعطي للإثنين معا الأفضلية في المناورة السياسية علي طرف مصري مستجد سياسيا علي الساحة يتشوق لحجز مكان شرعي له بين الكبار.
الجدير بالذكر أن «ميشيل كراولي» الباحث المتميز في معهد الجمهوريين الجدد كشف في بحث مواز عن الأطراف المتصارعة في مصر أن الإدارة الأمريكية اعتمدت الاسلاميين الجدد كلاعب أساسي في مصر وأن كلمة سر الاتفاق بين الجانبين علي خلاف المعتقد لدي الجميع بدأت بدعوة أوباما الرسمية لأعضاء الجماعة لحضور خطبته التاريخية التي ألقاها في جامعة القاهرة في يوم الخميس الموافق 3 يونيو 2009 خلال زيارته الأولي لمصر وقتها.
وكشف كراولي أن أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون رتبا كل شيء خلال تلك الزيارة التي جلسا فيها بعلم مبارك مع الإخوان وأن المحادثات الجانبية بينهم انطلقت رسميا عشية يوم الخميس 3 يونيو 2009 وليس كما يعتقد البعض بداية من يناير 2011 في أعقاب ثورة 25يناير مؤكدا أن الثمن الذي طلبه الإخوان من أوباما في القاهرة يومها كان التخلي عن نظام مبارك وإحلال التحالف مع مجموعة مبارك الفاسدة بمجموعة الإخوان التي قدمت نفسها كجماعة متطورة الأفكار منفتحة علي التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية.
كان كراولي قد فجر في بحثه تفاصيل عديدة استند فيها علي تقرير صادر عن المخابرات الإسرائيلية في بداية يناير 2012 مؤكدا أن إسرائيل تجد الفرصة سانحة حاليا لضرب كل العصافير السياسية بالمنطقة علي حد تعبيره بحجر الإخوان في مصر وأن أهم بنود الخطة الإسرائيلية - الأمريكية لإدارة أوباما الديمقراطية هو تركيع ما تبقي من الهامة المصرية في المنطقة عن طريق إعادة ترتيب الأوراق مع طرف لا خبرة سياسية له وذلك بإبعاد ما يمكن تصنيفهم بالخبراء المصريين في التعامل مع تل أبيب والأجهزة الأمريكية مقابل انتخاب طرف وصفه كراولي بـ«الهاوي» كوسيلة للسيطرة علي تصرفات الحكم الجديد وإعادة الأمور في الشرق الوسط إلي خانة المربع الأول .
الغريب أن الباحث كراولي ومعه تراجر قد اتفقا في إثبات معلومات شديدة الدلالة حيث أكد الاثنان أن اختيار الجماعة لمرشح رئاسي مفاجأة لم يكن وليد الصدفة أو الحاجة السياسية كما زعمت الجماعة عندما أعلنت عن الشاطر مرشحا رسميا في البداية بل طبقا لبحث كراولي رشحت الجماعة الشاطر في يونيو 2011 عقب تأكدها أن الأوراق السياسية في مصر قد اختلطت وقد كانت ساعة الصفر بالنسبة لهم قد بدأت العد منذ نجاحهم خلال الانتخابات البرلمانية في السيطرة علي مجلسي الشعب والشوري وأصبح الطريق للرئاسة مفتوحا من وجهة نظرهم.
أما أكبر الدلائل التي جاءت في البحث الأمريكي تأكيدا علي أن اتهامات عمر سليمان أن إسرائيل تقف ضد ترشحه للرئاسة لها ما يؤيدها علي أرض الواقع، كان تقرير المخابرات الإسرائيلية التي استندت عليه أبحاث تراجر وكراولي حيث ذكرا فيها أن سليمان لم يعد مؤثرا ولا يقف وراءه أحد في مصر بعد تخلي المؤسسة العسكرية عنه مع جهازه القديم في إشارة لجهاز المخابرات المصرية الذي ترأسه سليمان علي مدي 18 عامًا بينما تأثير جماعة الإخوان المسلمين في غزة بدا أنه سحري وظهر واضحا في قضية إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير «جلعاد شاليط» الذي ساهمت جماعة الإخوان في مصر علي حد تعبير الباحثين في الإفراج عنه.
كان الباحثان قد كشفا أن الإخوان يتحكمون الآن في آخر أوراق اللعبة الرئيسية التي تسعي إسرائيل للسيطرة علي حاملها في المنطقة من أجل غلق ملف القضية الفلسطينية نهائيا مما يفتح الباب لتل أبيب لدخول البيت العربي من أقصر الطرق وهي أوراق أهم مليون مرة لدي أمريكا وإسرائيل من اللعب مع شريك قديم مثل عمر سليمان لم يقدم شيئًا يذكر لتل أبيب طبقا للتقرير الإسرائيلي سوي حماية معاهدة السلام والحدود بين مصر وإسرائيل.
وكان التقرير الأمريكي قد فجر نقاطًا شديدة الخطورة عندما قام بعمل إسقاطات لها دلائل فيما يحدث في سيناء بينما يهدد بتفجير ملف تهديد الحدود ضد إسرائيل ومصالحها في ظل وجود المؤسسة العسكرية علي رأس الحكم في مصر مما يحرج المجموعة القديمة لحكم مصر وفي ذات الوقت يعطي الجماعة حرية منح الوعود الخلفية لأمريكا مرة تلو الأخري علي أساس أنهم الوحيدون الذين يملكون عصا السحر في غزة وعلي الحدود وهو ما أتي بثماره مع البيت الأبيض ومن ورائه إسرائيل التي عملت علي مد يد المساعدة بشكل غير مباشر لم تطلبه الجماعة عن طريق إعلان إسرائيل تأييدها العلني لعمر سليمان مما أجج الشارع المصري الثائر ضد كل رموز الماضي وعلي رأسهم المرشح القوي ضد الجماعة في الانتخابات.      
وطبقا لبحث تراجر وكراولي يذكر أن السبب الرئيسي وراء إعلان أمريكا والبيت الأبيض منذ ساعات بأنهم سيحترمون إرادة الناخب المصري طالما توفرت الشفافية والشروط الرسمية للانتخابات المصرية هو مشكلة إسرائيل مع عمر سليمان مؤكدا أن الرسالة الأمريكية قد فهمت ووصلت القاهرة وتم قبولها كضمانة أمريكية سياسية بعدم تكرارها.
 

بن اليعازر

هيلارى كلينتون

محمد بديع