الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

أبو بكر الصديق أم البغدادى!

أبو بكر الصديق أم البغدادى!
أبو بكر الصديق أم البغدادى!




كتب: د. ناجح إبراهيم

داعش تقرأ الإسلام بطريقة عكسية أو بـ«الشقلوب» كما يقول العوام فى مصر.. تقرأه من الشمال لليمين وليس من اليمين إلى الشمال.. تتلو القرآن لا يجاوز حناجرهم كما أخبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الخوارج.. أنهم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم « أى لا يصل أبدا إلى قلوبهم فيهذبها ويرققها ويصفيها وينقيها.. ولا يصل إلى عقولهم فتدرك وتفقه وتتعلم فقه المآلات والنتائج أو فقه الأولويات أو فقه المصالح والمفاسد أو أى فقه آخر يفيد البشرية.
الرسول (صلى الله عليه وسلم) أوصى أمته بأهل الكتاب قائلا لهم : «من آذى ذميا فقد أذاني.. ومحذرا للمسلمين: «من ظلم معاهدا فأنا حجيجه يوم القيامة».. وداعش تطرد مسيحيى الموصل وتستولى على ديارهم وممتلكاتهم بغير حق وتخطف بعض أغنيائهم طالبة للفدية لإطلاق سراحهم.. وكأنهم بلطجية وليسوا حكاما.
والرسول وصحابته لم يهدموا كنيسة واحدة فى كل الدول التى قدموا إليها.. بل إن عمر بن الخطاب رفض أن يصلى فى كنيسة القيامة بالقدس حتى لا تتخذ مسجدا من بعده.. ولكن هؤلاء يستولون على كاتدرائية العذراء مريم فى الموصل ويهللون ويكبرون وكأنهم فتحوا القدس المحتلة.
فأين هم من القدس المحتلة.. فهم لا يتجهون إليها ولا يقاتلون الذين يحتلونها بل يقاتلون المسلمين ويذبحون الإسلام بدم بارد.
تدك غزة بالصواريخ فلا تحرك داعش ساكنا.. لكنها بين الحين والآخر تذبح الجنود العراقيين بدلا من أن تتوجه لفك حصار المسجد الأقصى الذى دخلته الجحافل الإسرائيلية منذ شهور.
وبدلا من التوجه نحو القدس المحتلة إذ بداعش تفجر قبور الأنبياء فى سابقة لم يجرؤ عليها أحد بحجة أن البعض من العوام يستغيث بها ويضع فيها الرسائل.. فتفجر قبر النبى يونس عليه السلام.. وقبر النبى شيث عليه السلام وهو الابن الثالث لسيدنا آدم.. وتصور ذلك بالفيديو وتبثه عبر النت وتفخر به بدلا من أن تخجل منه.
داعش لا تفهم رسالة الرسول حقا.. فهذا نبى الله يهتف فى البرية محذرا من حرق الناس أو تعذيبهم بالنار «إن النار لا يعذب بها إلا الله» ومحذرا أيضا «لا تعذبوا بعذاب الله عز وجل».. لكن داعش تتجاوز هدى النبى وتتغافله وتطمسه.
إنها لا تفهم أن الله لم يبح لأحد من خلقه أن يحرق أحدا من خلقه بالنار سواء كان إنسانا أو حيوانا أو طائرا.. ولم يبحه لأى نبى صاحب معجزة ولا لولى صاحب كرامة.. إنه أمر اختص الله به نفسه دون سواه وجعله فى الآخرة دون الدنيا.
 وقد أدرك الصحابة والعلماء الثقات ذلك وفهموا هذا المعنى عن نبيهم الكريم ودينهم الحنيف حتى نهت أم الدرداء عن تحريق البرغوث رغم ضرره وجواز قتله.. لكنها استنكفت أن تحرقه بالنار أو تأمر بذلك إحسانا منها وشفقة ورحمة.
وفهمه الإمام الزاهد أحمد بن حنبل الذى كان يقول « لا يشوى السمك فى النار وهو حى « رحمة وشفقة على هذا السمك حتى لا يشعر بعذاب النار وهو حى رغم أنه سيشوى بعد ساعات قليلة.. بل إن الإمام أحمد بن حنبل نفسه كان يدعو فى فقهه إلى معاملة الشاة قبل ذبحها معاملة خاصة حيث يقول « تقاد إلى الذبح قودا رفيقا وتوارى السكين عنها ولا تظهر إلا عند الذبح».
لقد فهموا ذلك من نبيهم العظيم الرحيم الذى سأله أحد الصحابة « إنى لأذبح الشاة وأنا أرحمها فقال له الرسول (صلى الله عليه وسلم) والشاة إن رحمتها رحمك الله».
 هذا هو الإسلام.. وهذه هى داعش.. هذه رحمة الإسلام وهذه قسوة داعش.. هذا عطف الإسلام وهذه غلظة داعش.
 إن داعش التى أحرقت الطيار الأردنى الكساسبة المسلم وهو حى ولم تكتف بذلك بل صورت هذا الجرم ونشرته فى الآفاق لم تقرأ يوما ما فعله الصحابة مع أسرى بدر حيث كان الصحابى يعطى الطعام لأسيره ويطوى يومه جائعا.. رغم أن هذا الأسير كان من المشركين الذين أذاقوا الرسول وأصحابه الويلات.. لكنهم يعلمون قوله تعالى « ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا»
داعش لم تقرأ يوما ماذا قال أبو بكر الصديق الذى يلوث بعض الجهلاء سيرته الناصعة بالباطل زورا وبهتانا.. لقد قال عن أسرى بدر: «يا رسول الله أرى أن تعفو عنهم أو تقبل منهم الفداء».
واليوم يزور البعض تاريخه الناصع المشرف والرفيق بأنه حرق أسيرا.. فمن أى كتاب استقوا علمهم.. ومن أى صحيفة صفراء جاءوا بهذا الهراء.. إنهم يريدون جمع داعش مع الصديق؟ وانّى لهما أن يجتمعا؟
لقد استبشر رسول الله «صلى الله عليه وسلم» برأى أبى بكر وقبله على الفور.. لأن رحمته وافقت رحمة النبى.. وعفوه وافق عفوه.. و شفقته وافقت شفقته.. وكيف لا والنبى والصديق كالكيان الواحد.. يأكل أحدهما فيشبع الآخر.. يتألم أحدهما فيتوجع الآخر له.. ويحزن أحدهما فيبكى قلب الآخر له.
يا قوم يا من تزايدون على مثل الصديق اعرفوا أقداركم والزموا حدودكم.
«داعش تقرأ» وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» فتفهمها هكذا وما أرسلنا إلا ذابحا للعالمين.. أو حارقا للعالمين.. أو مفجرا للعالمين..عيونهم فيها غشاوة.. ونفوسهم فيها جفوة.. إن بين داعش والإسلام هوة كبيرة.. فأين الثرى من الثريا.. وأين الغث من السمين وأين الباطل من الحق ؟!