الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الثقافة الجماهيرية والمبانى فائقة الجودة

الثقافة الجماهيرية والمبانى فائقة الجودة
الثقافة الجماهيرية والمبانى فائقة الجودة




كتب: د.حسام عطا

دكتور سيد خطاب الرئيس السابق للهيئة العامة لقصور الثقافة هو الرئيس الرابع خلال شهور معدودة يترأس هذا الكيان الثقافى الهام، جدير بالذكر ان الهيئة العامة لقصور الثقافة التى انشائها الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة الاشهر وصاحب الاثر البالغ فى البنية الاساسية لوزارة الثقافة ولمقدرتها على البقاء صامدة حتى الان، كانت الثقافة الجماهيرية هى الوريث للجامعة الشعبية التى كانت تفتح ابوابها للجماهير قبل ثورة 1952، تغير اسم الهيئة العامة لقصور الثقافة ومنذ تغير هذا الاسم وهى تعمل بفلسفة تختلف عما كانت عليه عندما عرفت باسم الثقافة الجماهيرية، تملك الهيئة اذرعًا ضخمة متشعبة فى معظم مراكز وقرى وعواصم محافظات مصر، مشاكلها هى هى منذ د. سمير سرحان رحمه الله فى منتصف الثمانينيات اذ عملت بكثافة ثم غرقت فى ديون بقيت متراكمة لسنوات طويلة كديون حكومية سابقة حتى الان، كل ما حدث ان الانشطة الثقافية بدأت تتراجع بالتدريج، وبدأ العديد من الفنانين يخشون الاقتراب منها لانها تبدو كالثقوب السوداء التى تبتلع كل من يقترب منها، بدأت العروض الفنية الروتينية المكررة تصبح طاردة للجمهور، مع صعوبة تكاليف الحياة اليومية تراجعت فكرة الهواية التى كانت هى العصب الرئيسى للعمل داخل أروقه الثقافة الجماهيرية، عملت الثقافة الجماهيرية منذ اوائل التسعينيات حتى الان بنظام المهرجانات والمؤتمرات الكبرى، ثم تغلق معظم قصور الثقافة ابوبها امام الجمهور معظم العام، حاول كل المخلصين العمل على استعادة دورها، ظهرت منذ رئيسها الاسبق حسين مهران ظاهرة فى اواخر التسعينيات حتى الآن، اسماها المهتمون بالشأن الثقافى المبانى فائقة الجودة، تلك المبانى تمثلت فى تجديد المبانى القديمة الرشيقة الخشنة ذات اللون الرمادى مفتوحة الابواب، حميمة الصلة بالبسطاء، هؤلاء الذين يخشون الاقتراب الان من هذه المبانى الرخامية الكبرى شديدة الفخامة مكيفة الهواء، والتى يقوم عليها حراس من الامن الداخلى للهيئة يتابعون الجمهور بطريقة لصيقة، وهناك فارق كبير بين استقبال الجمهور فى مبان للخدمة الثقافية واستقباله فى مبان حكومية أخرى، غياب الثواب والعقاب للمديرين الثقافيين صنع حالة من اللامبالاة، وانهار النشاط الاعتيادى اليوميى مثل زيارة المكتبات العامة والمراسم، وعدد ليالى العروض للفرق الفنية محدود للغاية ولا يصل بالخدمة الثقافية للجمهور العام، الغاء جمعيات الرواد أدى إلى غياب الدعم المادى البسيط للانشطة، اللوائح والقوانين القديمة تعوق حركة الانتاج الابداعى، مما ادى إلى تركيز الاهتمام على الصياغات المهرجانية، عندما جاء د.سيد خطاب وهو الذى تعلم فى الثقافة الجماهيرية فى مسقط رأسه بالفيوم، وينتمى إليها كما ينتمى لمكان عمله الاصلى باكاديمية الفنون، وحاول بتواضعه وصلاته الشخصية بمعظم المهتمين بالحركة الثقافية فى الاقاليم أن يعيد مفهوم الثقافة الجماهيرية بقدرتها على التواصل مع الجمهور العام، ولكن ملف المبانى فائقة الجودة التى تقترب ميزانيتها سنويًا من تسعين مليون جنيه، أدى إلى خلافات حادة، فى قضية قريبة أحالت فيها الرقابة الادارية رئيس الشئون الهندسية السابق بالهيئة للنيابة العامة، ثم خرجت علينا جريدة «المصرى اليوم» فى عدد الخميس 12/2/2015 لتقول على لسان د. جابر عصفور انه احال رئيس الهيئة السابق د. سيد خطاب للنيابة العامة، انه الملف الشائك ملف المبانى فائق الجودة، يكفى ان اضرب مثلًا بتجديد مبنى قصر ثقافة اسيوط الذى تكلف اربعة واربعين مليون جنيه معظمها واجهات رخامية وتكييف مركزى، وصياغة معمارية مغلقة تفصل الجمهور عن حيوية الحركة بالمبنى، مبان كثيرة مماثلة مثل قصر ثقافة الاسماعيلية، وقصر ثقافة الفيوم، كمية من الاسمنت والعزل والفصل بين المبنى ومحيطه الحيوى، سيد خطاب المثقف الشريف الذى خرج من منصبه السابق كرئيس للرقابة على المصنفات الفنية دون أى نقلات واضحة فى اسلوب حياته او رصيده المالى، واحد من عشاق العمل الثقافى السرى الصوفى مع الاطراف والفنانين غير المشهورين، واتهام الدكتور جابر عصفور له بأنه يرعى الفساد مسألة تحتاج إلى تدليل واثبات واضح، لأن سيد خطاب الفلاح الشريف البسيط المكافح المعلم باكاديمية الفنون لم نعهده طوال مساره المهنى مرتبطًا بالفساد، سيد خطاب ابن جيلى الخمسينى الذى تم حرمانه لسنوات طويلة من العمل التنفيذى ولا نود ان يعود لعمله الاكاديمى إلا كريمًا، فما هى حقيقة تلك الإحالات للنيابة العامة؟ كل ما هو مطلوب ان ينتهى دوره فى العمل العام كرجل مكافح مولع بالعمل فى الظل وفى الأطراف، دون ان تلحقه اتهامات تبدو حتى الان مرسلة، اما الثقافة الجماهيرية والمبانى فائقة الجودة فهى مسألة تحتاج للتدقيق والمراجعة، لاستعادة التنمية الثقافية فى ربوع مصر ولاستعادة الدور الثقافى الضرورى فى مسألة التنمية الثقافية، أسئلة معلقة تنتظر الاجابة، اما مقعد الاستاذ فينتظر سيد خطاب كريمًا موقرًا، اما خطورة العمل العام التى يتعرض فيه الشخص الفاعل للاتهام تلو الاتهام فهى مسألة تنتظر الأدلة والايضاح حرصًا على رجال الثقافة المصرية، وحرصًا على تقديرنا ومحبتنا للناقد الكبير د. جابر عصفور وزير الثقافة المصرى.