الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أحجار على رقعة الشطرنج.. أموال ودماء! ـ الحلقة الخامسة




 
للألوان والرموز دلالات كبيرة ومهمة بالنسبة للحركات السرية فى العالم عبر العصور.. وأكثر الألوان شهرة فى كل تلك الحركات، اللون الأحمر.. بداية ارتباط هذا اللون بالحركات السرية، ترجع إلى العام 1750.. حيث تروى الموسوعة اليهودية حكاية الصائغ اليهودى «امشل موسى باور».. الذى أنهكه التجوال فى أوروبا الشرقية.. فاستقر فى النهاية فى فرانكفورت.. وافتتح محلا للصرافة، رافعا على بابه درعا أحمر اللون.. وتلك كانت المرة الأولى التى يعلن فيها شخص عن أفكاره لـ«جماعته» برفع هذا اللون.. قبل أن تنتشر الشارات الحمراء فى حركات الثورة العالمية فيما بعد.. بل إن العلم الأحمر تحول إلى رمز للثورة الفرنسية نفسهاوكذلك فعلها «لينين» فى الثورة البلشفية فى روسيا، بل إنه ذهب لأبعد من ذلك بأن تحول علم بلاده بعد الثورة إلى اللون الأحمر تعلو طرفه المطرقة الشهيرة والمنجل.. ونجمة داود!
 

مؤسسة روتشيلد دعمت النورانيين لتمكينها من العالم!

 
 
 

 
 
عرضنا منذ عدة أسابيع.. حلقات أربع من كتاب «أحجار على رقعة الشطرنج» للكاتب الأمريكى «وليم جاى كار».. والكتاب تأتى أهميته فى أنه كان مثار أحاديث كثيرة بعد ثورة 25 يناير 2011.. بين الساسة وأولى الأمر.. وفى أوساط المثقفين والمحللين والكتاب.. وكالنار فى الهشيم تحول الاهتمام بالكتاب إلى حالة وسط قطاعات الشباب والمهتمين بالقراءة.. ويبدو أن تلك الحالة هى التى دفعت شركة الشريف ماس للنشر والتوزيع إلى نشره مطلع العام الحالى بعد أن عكف على ترجمته من الإنجليزية الأستاذ عصام عبد الفتاح..
 
«أحجار على رقعة الشطرنج».. تم اجتزاء فقرات منه لتوظيفها إعلاميا للهجوم على الشباب الذين دعوا للنزول فى 25 يناير 2012 لإعلان استمرارية الثورة.. وكلنا يتذكر الهجوم الضارى الذى استخدمت فيه أفكار هذا الكتاب على أولئك الشباب والحركات الليبرالية واليسارية الداعية له، واتهامهم من قبل مسئولين ومحللين عسكريين ورموز لجماعات حملت السلاح ضد الوطن من قبل.. واستخدمت كلمة «أناركية» على قطاع واسع كما لم تستخدم من قبل لإلصاقها بهؤلاء الشباب.. وصار قناع «فانديتا» الشهير علامة على أن مرتديه مخرب يريد تدمير مصر.. الكتاب رؤية موثقة لكاتبه تحمل وجهة نظره.. انتهى فى توثيقه عند الحرب العالمية الثانية.. وما أراد الرجل تفسيره باختصار هو أن تلك الجماعات السرية.. التى غذاها ووقف وراءها رأس المال اليهودى.. تلك الجماعات السرية كانت شيوعية.. لكن ما استخدمته من أساليب.. هو نفسه ما تستخدمه كل الجماعات السرية، عبر شتى العصور.. بغض النظر عن الأيديولوجية التى تعتنقها.. فأسلوب تلك الجماعات والآليات التى تستخدمها لا تختلف شكلا أو مضمونا مع ما تنتهجه الجماعات السرية التى ترفع شعار الإسلام السياسى.. ولا مع غيرها التى ترفع شعارات أخرى.. لب الموضوع ليس فى تصنيف الأيديولوجيا التى ترفعها الجماعة السرية.. لكن فى وسائلها وأهدافها!!
 
روتشيلد ووايزهاوبث والبروتوكولات
 
يبدأ المؤلف حكايته المثيرة من القرن الثامن عشر.. وبالتحديد فى 1770.. وكانت مؤسسة «روتشيلد»، لأصحابها من المرابين اليهود قد قامت باستئجار «آدم وايزهاوبث» ليقوم بمهمة خاصة جدا.. هى مراجعة وإعادة تنظيم بروتوكولات حكماء صهيون القديمة - الدستور السرى لبنى صهيون - على أسس حديثة.. «وايزهاوبث» أستاذ يسوعى للقانون فى جامعة «آنجولد شتات».. ارتد عن المسيحية واعتنق المذهب الشيطانى - عبادة الشيطان - وبالفعل عمل الرجل على مهمته المقدسة، حتى استطاع الانتهاء منها بعد 6 سنوات عام 1776.
 
ما قام به «وايزهاوبث» هو إعادة صياغة مخطط للقضاء على الأديان.. وتدمير الحكومات الموجودة.. بهدف الوصول إلى حالة من الفوضى.. مستخدما تحويل الشعوب إلى «جوييم» وهى كلمة يهودية تعنى قطعان من البشر يسهل اقتيادها.. عن طريق تقسيمهم إلى معسكرات متصارعة.. مع الحفاظ على تصارعهم إلى الأبد.. باستخدام أسباب لا تتوقف لإزكاء هذا الصراع.. اقتصادية وسياسية وعنصرية واجتماعية وغيرها.. وفى مرحلة لاحقة تجرى عملية تسليح واسعة لتلك المعسكرات المتصارعة.. بينما يجرى تدبير حادث ما كل فترة.. يدفع بهذه المعسكرات للاشتباك فيه.. فتضعف نفسها بنفسها.. مقوضة سلطة حكوماتها الوطنية.. ومحطمة مؤسساتها الدينية..
 
«جماعة النورانيين» تسعى للتمكين!!
 
وبعد انتهائه من مهمته.. أسس «وايزهاوبث» «جماعة النورانيين» عام 1776 لتنفيذ مخططه العصرى المستقى من بروتوكولات حكماء صهيون.. وكلمة النورانيين تعنى حملة مشاعل النور للعالم.. التى بدأت العمل فورا، باستهداف ذوى القدرات الفكرية المتميزة.. والمتفوقين عقليا فى كل المجالات: فى الفنون والآداب والعلوم والاقتصاد والصناعة.. واستقطابهم فى تلك «الجماعة».. التى صارت مهمتها السيطرة على مفاصل الدول التى تستهدفها.. الأماكن الحساسة فى مختلف المستويات فى الحكومة.. السيطرة على الصحافة – وحينها لم يكن هناك من وسائل إعلام سوى الصحافة – لبث الأفكار التى يرغبون تمريرها.. وهو ما يتيح لها «التمكين» لعناصرها التى دربتها جيدا!!.
 
تبث «جماعة النورانيين» فيمن ينضمون إليها من طلاب متفوقين وشخصيات ذات نفوذ، الانتماء لأفكار تلك «الجماعة».. دون اكتراث بوطن أو حكومة أو تقاليد أو ثقافة مجتمع أو خلافه.. فالهدف الذى تعلنه هو الوصول إلى حكومة عالمية واحدة.. تنضوى تحتها كل دول العالم.. وحتى تصل «الجماعة» إلى أهدافها عليها بتدريب أعضائها بشكل دائم تدريبات خاصة.. تضمن لهم التفوق الجسدى.. كما تضمن لهم عدم الحيد عن الأفكار التى تبثها فيهم.. عبر جلسات - هم يسمونها روحية - تجرى فيها عملية السيطرة على عقولهم من ناحية.. ومن ناحية أخرى يتم التركيز على الهدف الأسمى بحكومة واحدة، الذى سيحصلون من خلاله على ما يستحقون بتصدر المشهد العالمى!!.. هل يعنى ذلك شيئا مشابها فى مصر أو منطقتنا العربية؟!
 
مؤتمر نيويورك يعلن الشيوعية منظمة عالمية نورانية!
 
وفى عام 1829.. فى مدينة نيويورك.. عقدت «جماعة النورانيين» أول مؤتمر لها.. كان المتحدث الرئيسى فيه نورانى إنجليزى يدعى «رايت».. أعلن فيه على الحضور أن «جماعة النورانيين» قد قررت ضم الإلحاديين والعدنيين وجماعات تخريبية أخرى.. فى منظمة عالمية واحدة تعرف بـ«الشيوعية».. تستتر وراءها جماعته.. وأطلق حملة لجمع التمويل اللازم لهذا المشروع الجديد.. ومن أرصدتها تم تمويل «كارل ماركس» و«إنجلز».. عندما كتبا «رأس المال» و«البيان الشيوعى» فى حى سوهو فى العاصمة الإنجليزية لندن عام 1830
 
وفى الوقت الذى كان يكتب فيه «ماركس» البيان الشيوعى.. مات الأب الروحى للفكرة الأولى.. حكومة عالمية واحدة.. «وايزهاوبث».. بعد أن قال لمستشاريه الروحانيين فى أواخر أيامه أنه تاب وعاد إلى الكنيسة.. وكأنما يريد أن يقول: «ولهذا خلق الله الندم
 
أصل «جماعة النورانيين»
 
يذكر الكاتب أن حاخامات اليهود، كما هو معروف عنهم، يزعمون لأنفسهم السلطة المطلقة فى تفسير ما يسمونه المعانى السرية للكتابات المقدسة.. وعندما أنشئت «الجماعة».. تشكل المجلس الأعلى لهذه «الجماعة» من ثلاثة عشر عضوا.. يكونون اللجنة التنفيذية لمجلس الـ33.. وهؤلاء هم من وضعوا أسس العقيدة الإلحادية التى نشرت البيان الشيوعى عام 1848 الذى كتبه «كارل ماركس».. كان أحد هؤلاء النورانيين عم «ماركس».. وبقيام تلك «الجماعة» يكون اليهود قد عادوا للعمل الخفى بمبدأ «الجماعة السرية» مرة أخرى.. لكن هذه المرة كان العمل أكثر تنظيما.. لا يعتمد على تحرك منفرد لحاخامات كثر.. بل على جماعة واحدة منظمة.. امتدت أفرعها المختلفة فى كل الدول الأوروبية.. تعمل وفق منهج منظم.. يستقى أوامره من قيادته الأعلى.. وباعتبارها الوسيط الأوحد مع الله.. فلا يملك أى عضو النقاش، ناهيك عن الاعتراض.. فقط «السمع والطاعة»!!
 
ميلاد الشيوعية من رحم «جماعة النورانيين»!!
 
مثلث: الشيوعية والنازية والصهيونية.. تستخدم لإثارة حروب عالمية ثلاث، وثورات كبرى ثلاث أيضا.. أما الحرب العالمية الأولى، فقد كان الهدف منها هو إتاحة المجال أمام «جماعة النورانيين» للإطاحة بحكم القياصرة فى روسيا.. وتحويل تلك المنطقة إلى معقل للحركة الشيوعية.. أما الحرب العالمية الثانية فقد كان الهدف من ورائها «تمكين» الصهيونية حتى تستطيع إقامة دولة إسرائيل فى فلسطين.. والوصول إلى مرحلة تعادل فى المجموع بين الشيوعية وقوى العالم المسيحى.. وتنتهى الثالثة بالpكومة الواحدة.
 
ويوضح الكاتب أن الحركة الشيوعية فى بدايتها، جرت عملية تضليل واسعة بشأن تعريفها لجمهور الناس.. فدارت آلة إعلامية ضخمة تصورها على أنها حركة عمالية قامت للدفاع عن حقوق العمال ومواجهة الرأسمالية.. ولكن ضباط مخابرات أمريكيين وبريطانيين، كانوا قد حصلوا على وثائق وبراهين صحيحة تثبت أن الرأسمالية العالمية هى التى مولت بواسطة المصارف العالمية، كل الأطراف والحروب بدءًا من عام 1776.. وأن الآلة الدعائية الضخمة التى دارت عجلاتها لإقرار المذهب الشيوعى بالقوة.. أطلقت سيول من الشائعات لتدمير سمعة المثقفين والعقلاء والمفكرين إبان عملية الإقرار هذه.. وصار كل من يتحدث بخلاف ما يبثه أنصار الشيوعية.. متهما بأنه من «فلول» القيصرية.. وعدو للشعب.. ألا من أوجه شبه بين هذا، وما يجرى على الأرض الآن؟!!
 
دماء على طريق الثورة الإنجليزية
 
كانت انجلترا هى الهدف الأول للجماعة.. لأنها البلد الأول الذى تم طردهم منه.. فانتشرت خلاياها النائمة تبث الشقاق والخلاف بين الجميع.. بين الشعب والحكومة.. العمال وأرباب العمل والمالكين.. الدولة والكنيسة.. وبدأت آلتهم تعمل بنشاط.. فاستشرت الفتنة فى صفوف الشعب.. ولم يلبث الشعب الانجليزى أن تحول إلى معسكرين: كاثوليكى وبروتستانتى.. ثم انقسم الأخير إلى معسكرين المستقلين والمتزمتين.. وسرت الكثير من الشائعات للشىء وعكسه فى نفس الوقت.. وبات عموم الشعب الانجليزى لا يفهم شيئا مما يحدث حوله.. غارق فى مشاكله الاقتصادية.. وفى محاولة فهم ما يجرى حوله.. يعتريه القلق والذعر والخوف من المستقبل المجهول.. وتصاعدت الحوادث الصغيرة التى كانت دائما تفسر بأنها حوادث فردية من سرقة وقتل وعنف.. وعم الانفلات..
 
أما الاضطرابات التى وقفت وراءها تلك الجماعات فقد أورد الكاتب أن شرحًا وافيًا لها ورد فى المجلد الضخم «حياة الملك شارل الثانى» الذى كتبه «اسحاق دزرائيلى» أحد كبار اليهود الإنجليز ورئيس وزراء لعدة مرات.. ويذكر فى الكتاب تفاصيل القلاقل والاضطرابات التى اثيرت فى أوساط الساسة والعمال، إلى جانب المجادلات الدينية.. ومحاولات كل فصيل احتكار الحقيقة لنفسه، واتهام الآخرين بالضلال.. ويذكر الكاتب أن التفاصيل التى أوردها «دزرائيلى» تكاد تتطابق مع تلك التى اعترت فرنسا قبيل وأثناء الثورة الفرنسية فيما بعد!!
 
آل روتشيلد وآل روكفلر!
 
للألوان والرموز دلالات كبيرة ومهمة بالنسبة للحركات السرية فى العالم عبر العصور.. وأكثر الألوان شهرة فى كل تلك الحركات، اللون الأحمر.. بداية ارتباط هذا اللون بالحركات السرية، ترجع إلى العام 1750.. حيث تروى الموسوعة اليهودية حكاية الصائغ اليهودى «امشل موسى باور».. الذى أنهكه التجوال فى أوروبا الشرقية.. فاستقر فى النهاية فى فرانكفورت.. وافتتح محلا للصرافة، رافعا على بابه درعا أحمر اللون.. وتلك كانت المرة الأولى التى يعلن فيها شخص عن أفكاره لـ«جماعته» برفع هذا اللون.. قبل أن تنتشر الشارت الحمراء فى حركات الثورة العالمية فيما بعد.. بل إن العلم الأحمر تحول إلى رمز للثورة الفرنسية نفسهاوكذلك فعلها «لينين» فى الثورة البلشفية فى روسيا، بل أنه ذهب لأبعد من ذلك بأن تحول علم بلاده بعد الثورة إلى اللون الأحمر تعلو طرفه المطرقة الشهيرة والمنجل.. ونجمة داوود!!
 
أما سر الصائغ اليهودى «أمشل موسى باور».. فيكمن فى ابنه «امشل باير باور»، الذى دربه على كل ما يتعلق بأمور مهنة الصياغة والربا.. بدأ حياته كاتبا فى مصرف «اوبنهايمر».. ولما أظهر براعة وموهبة فى شئون عمله.. كافأه أصحاب المصرف بإدخاله شريك فيه.. ولكنه عاد إلى فرانكفورت ليدير الأموال التى تركها والده بعد رحيله.. ولأنه يعرف الدلالة السرية التى يعنيها الدرع الأحمر المعلق على باب محله.. فقد قرر أن يتخذ إسما جديدا لعائلته.. ولما كانت كلمة «الدرع الأحمر» باللغة الألمانية تعنى «روتشيلد.. فقد اختفى اسم عائلة «امشل باور» من الوجود.. ليعلن ميلاد عائلة «روتشيلد».. التى مولت لقرون طويلة الحركات السرية فى العالم.
 
دعا «ماير روتشيلد» عام 1773 اثنى عشر رجلا من رجال المال والصرافة والأغنياء لإقناعهم بتجميع ثرواتهم وتاسيس مجموعة عمل واحدة.. تقوم بتمويل كل الحركات السرية الناشئة.. وبدأت اجتماعاتهم بشرح تمويلهم للثورة الانجليزية، والأخطاء التى وقعوا فيها.. ومنها البطء الذى انتاب تلك الثورة.. واللين الذى تم التعامل به مع الذين قاوموها.. ورغبتهم فى تصحيح ذلك فى الثورة الفرنسية.. بالسرعة المناسبة.. والعنف والقسوة الكافيين لإنهائها كما ينبغى.. وهو ما اعتمد على المناورة بثروتهم الضخمة المجمعة لدعم تلك الثورة.. وخلق ظروف اقتصادية ضاغطة تدفع إلى تفشى البطالة بصورة شاملة بين الفرنسيين.. فيصبحون على شفا المجاعة.. وأولئك الجوعى يجب أن ينصب جام غضبهم على الملك والنبلاء والكنيسة ورجال الصناعة والأعمال.. وهى مرحلة مبدئية يتم بعدها الدفع برجالهم بين صفوف الشعب.. مطالبين بالانتقام من كل أولئك.. فيلصقون بهم كل الاتهامات الممكنة، الحقيقية والباطلة.
 
أما الحرية السياسية فهى - وفق ما يرى - ليست سوى فكرة لا يمكن أن تصبح حقيقة.. فالهدف هو الوصول للحكم، وما على أى راغب فى السلطة سوى التبشير بالحرية السياسية بين الجماهير.. حتى تؤمن بتلك الفكرة.. وإذا ما آمنت بها قبلت التنازل عن بعض حقوقها دفاعا عن تلك الفكرة.. ومن ثم يستطيع الانتهازيون بسهولة حصد تلك الحقوق فى شكل امتيازات، مبعدين أولئك الحالمين بالحرية!!.. أما من أوجه شبه بين هذا وما يحدث الآن على أرضنا ومن حولنا؟!
 
الثورة الفرنسية.. تعويض عن سابقتها!
 
لم تعلن «جماعة النورانيين» عن خطتها بالتخلص من الجميع فى فرنسا.. فقط أعلنت عن رغبتها فى «التطهير».. تطهير السياسة من الحكام الحاليين واتباعهم.. وبالتالى استقطاب كل اعداء هؤلاء الحكام إلى حين..
 
ودارت عجلة تهيئة المناخ للثورة بأسرع ما تكون.. وانتشر افراد اللجان الثورية فى كل مكان يثيرون الفتن والشائعات.. وتذكر كتب التاريخ أن الملكة «مارى أنطوانيت» كانت امرأة لعوبا خليعة متهورة، أفسدت القصر وخانت زوجها مع أحد أصدقائه.. يذكر ذلك كحقيقة واقعة.. والواقع أن ذلك كله لم يكن سوى الصورة التى قامت برسمها الحركات السرية داخل الماسونية الفرنسية.. فى نطاق حملة التشهير الواسعة التى شنت عليها.. وهو ما ساعدهم فيما بعد على دفع الشعب الفرنسى وسط هذه الحمى إلى المطالبة برأسها بعد الثورة.. يكفى فقط أن توضع صورك فى لافتات.. أو تنشرها «جماعة» بعينها على أنك عدو لها.. يكفى فقط أن ترفع صوتك وسط جماهير غاضبة مضللة جرت لها علمية غسيل مخ ممنهجة بأن تقول: «هذا هو عدو الثورة».. أو «هذا عدو الشعب».. أو «هذا عدو الإخوان».. لتنهال عليك هتافات تلك الجماهير فى أفضل الأحوال.. فيتم تشويهك فى يقين اولئك البسطاء.. ولو إلى حين!!
 
يجدر بنا الإشارة هنا إلى أن نضوجا ما قد اعترى رجال الصرافة.. وتطورًا كبيرًا قد لحق بوسائلهم وأساليبهم للسيطرة على الثورات على الأرض.. محققين نجاحًا كبيرًا فى تصدير فكرة أن «الكذب» على الجماهير هو الوسيلة المثلى للسيطرة عليها وتحريكها.. مثبتين أن سلاح الشائعات والاغتيال المعنوى لأصحاب الفكر والمثقفين.. هو السلاح الأكثر تأثيرا على عموم المواطنين.. فهو يفقدهم الثقة فيما يقول هؤلاء.. ويضمن للأطراف المحركة تمكنا تاما من عقول البسطاء.. يستطيعون عن طريقه توجيهها إلى حيث يبغون.. ولا مانع من التلويح بالحريات السياسية وصولا إلى الأهداف المرجوة!!
 
الجماعات السرية.. من طول اعتيادها على التحرك تحت الأرض.. عندما تواتيها الفرصة للعمل فوق الأرض.. ترتبك ويعتريها القلق.. وتبدأ سلسلة من الأخطاء القاتلة.. قد تؤدى فى النهاية إلى القضاء على تلك الجماعات.. ومشكلة تلك الجماعات، أنها لا تؤمن بالثورات.. هى جماعات إصلاحية.. بمعنى أنها جماعات لا يقوم فكرها على تغيير الأنظمة التى تعمل ضدها.. وإنما إزاحة رءوس تلك الأنظمة.. واتخاذ أمكنتها وإجراء بعض الإصلاحات عليها.. هى جماعات يقوم فكرها على الإبقاء على أوضاع المواطنين متردية.. وهنا يسهل لها السيطرة عليهم.. جماعات فى تكوينها الهرمى ليست ديمقراطية بطبيعتها.. ولا تؤمن بالديمقراطية ولا الحريات وحقوق الإنسان.. تؤمن بفكرة القائد صاحب الأمر الذى يجب أن يسمع، فيطاع!!
 
بنك أوف أمريكا.. كلمة السر لقيام الثورة!
 
ولأن التدخل المفرط من جانب الصيارفة العالميين فى شئون الولايات المتحدة.. فقد أورد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة فى محضر اجتماعهم فى فيلادلفيا عام 1781.. وجوب إصدار بعض القوانين التى تكفل لهم الحماية من استغلال أولئك المرابين.. فكانت الفقرة الخامسة من القسم الثامن فى المادة الأولى للدستور: «الكونجرس هو صاحب السلطة فى إصدار النقد وتحديد قيمته»..
 
فطن قادة الاستقلال الأمريكى إلى خطر تسلط مصرف انجلترا على مصرف أمريكا.. وبالتالى تسلطه على الاقتصاد الأمريكى.. فتدخلوا لدى الكونجرس واستطاعوا حمله على رفض منح مصرف «بنك اوف أمريكا» حق إصدار النقد.. وصدرت بعدها تعليمات «الجماعة» بزيادة السيولة فى الأسواق.. والتوسع فى منح القروض والضمانات.. وعندما غرق الأمريكيين فى مستنقع القروض واللهاث وراء المشتروات الاستهلاكية.. صدرت الأوامر مرة أخرى بغلق صنبور الموال.. وضغط مقادير العملة المتداولة فى الأسواق.. وهنا ولدت الأزمة.. ثم الانهيار الاقتصادى.. وذهبت تحذيرات القادة الوطنيين هباء..
 
روتشيلد تحارب على المكشوف!
 
قال «توماس جيفرسون»: «أنا أؤمن بأن هذه المؤسسات المصرفية أشد خطرا على حريتنا من الجيوش المتأهبة.. فقد خلقت بوجودها أرستقراطية مالية.. أصبح لديها سلطة تتحدى الحكومة.. ولا سبيل سوى استرجاع امتياز اصدار النقد من تلك المؤسسات وإعادته إلى الشعب صاحب الحق الأول فيه».
 
فما كان من «روتشيلد» إلا أن وجه التحذير التالى: «إما أن توافق الحكومة الأمريكية على طلب تجديد امتياز مصرف أمريكا.. وإلا فإنها ستجد نفسها فجأة متورطة فى حرب مدمرة»!!.. وأعتقد انه ليس أوضح من هذا التحذير الكاشف.
 
فرد عليه «اندرو جاكسون»: «إن أنتم إلا مغارة لصوص ومصاصى دماء.. ولسوف أعمل على تحطيمكم بل وأقسم بالله إننى سوف أحطمكم»!!
 
وهنا فقد «روتشيلد» هدوئه قائلا لـ»جماعته»: «علموا أولئك الأمريكيين الوقحين درسا قاسيا.. وليعودوا إلى الاستعمار وما قبل الاستقلال»!!
 
 
فى الحلقة السادسة: اغتيال لينكولن.. وانهيار الفضة!
 
 
روزفلت يكتب سطر الختام!.. الثورة الروسية.. شغب واغتيالات.. وإعلام موجه!