الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«واشنطن» تستعين بـ«الحوثيين» ضد «القاعدة»

«واشنطن» تستعين بـ«الحوثيين» ضد «القاعدة»
«واشنطن» تستعين بـ«الحوثيين» ضد «القاعدة»




ترجمة - وسام النحراوى
تناولت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية تعامل البيت الأبيض مع الحوثيين فى اليمن، مشيرة إلى أن الحوثيين أو «الثوار الشيعة»، الذين أعلنوا سيطرتهم على الحكومة فى صنعاء، لا يبدو أنهم حلفاء طبيعيون للولايات المتحدة.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن أحد شعارات الحوثيين المفضلة هو «الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، لعنة الله على اليهود»، وأنهم يحصلون على المال والتسليح والتدريب من إيران، فقد أعلنت إيران شكرها للحوثيين، مؤكدة أن صنعاء أصبحت الآن بيد إيران، بالإضافة إلى العراق وسوريا ولبنان.

بالرغم من كل هذه المعطيات، وجدت الصحيفة أن المسئولين الأمريكيين يتسابقون للاتصال بقيادات الحوثيين لطمأنتهم أن الولايات المتحدة لا تعدهم عدوا، فى حين لم تبد القيادات الحوثية استعدادها للتحدث مع الأمريكيين، لكن واشنطن تحاول فتح قناة معهم.
وتساءلت «لوس أنجلوس تايمز» لماذا تحرص الولايات المتحدة على التحدث مع منظمة تسعى لتحجيم التدخل الأمريكى فى بلادها؟، والجواب هو لأن الحوثيين وحلفاءهم هم من يسيطرون على اليمن، وهى أحد الميادين الرئيسية فى حرب الولايات المتحدة على تنظيم «القاعدة»، والحوثيون يكرهون هذا التنظيم.
وتشير الصحيفة الأمريكية إلى أن المسئولين الأمريكيين يعتبرون فرع تنظيم «القاعدة» فى اليمن هو «التهديد الأكبر» لميله للقيام بعمليات بعيدة المدى ضد الأمريكيين، حيث إن تنظيم «القاعدة» فى شبه الجزيرة العربية حاول تفجير طائرات أمريكية أكثر من مرة، ولم ينجح.
 وأوضح التقرير الصادر عن الصحيفة أن الحوثيين مسلمون شيعة، بينما تنظيم «القاعدة» سنى، لكن الصراع ليس طائفيا، بل هو صراع تقليدى على النفوذ، فقد سيطر الحوثيون على معظم الشمال الغربى لليمن لقرون، وأقلقهم دخول تنظيم «القاعدة» إلى جنوب الأراضى التى يسيطرون عليها.
يذكر أن الجانبين قد خاضا معارك على الأرض، وكانت إحدى شكاوى الحوثيين من الحكومة التى انقلبوا عليها، أنها لم تبذل جهدا كافيا فى حرب تنظيم «القاعدة»، وقد أصدر الأخير بيانا ضد الحوثيين يتهمهم بأنهم «شركاء أوفياء للولايات المتحدة».
ومن الواضح أن أمريكا تنظر إلى الحوثيين استنادا لمبدأ «عدو عدوى هو صديقى»، لكن ماذا عن علاقتهم بإيران؟، حيث حذرت قيادات سياسية أمريكية من خطر الزحف الإيرانى، مشددة على وجوب إرسال قوات عمليات خاصة إلى اليمن.
وأفادت «لوس انجلوس تايمز» بأن إدارة أوباما تحاول التقليل من شأن هذه التحذيرات، وتقول إنها مبالغ فيها، مبررة موقفها بأن الحوثيين يحصلون على الدعم من إيران، لكنهم ليسوا تحت سيطرة إيران.
ومن الجدير بالذكر أن الحوثيين قاموا بحل البرلمان اليمنى، بعد تعثر الحوار لأسابيع، ويحاولون إقامة حكومة مؤقتة، ويقولون إنها ستحتوى على ممثلين عن أطياف المجتمع كلها، ويشكل الحوثيون ثلث المجتمع اليمنى المؤلف من 25 مليون نسمة، ولن تنجح أى حكومة حوثية فى الحصول على ثقة الجنوب السنى.
وذكرت الصحيفة أن تركيز الإدارة الأمريكية الآن يجب أن ينصب على استعداد الحكومة القادمة للانضمام للحرب ضد الإرهاب بحماس الحكومة السابقة ذاته،  وقد تم اختبار ذلك عندما قامت الطائرات الأمريكية دون طيار بتجديد ضرباتها ضد تنظيم القاعدة فى اليمن، بعد التوقف لشهور نتيجة الفوضى فى صنعاء.
وأعرب المسئولون الأمريكيون عن رضاهم من عدم وجود أى معارضة تذكر، لكن هذا الصمت قد لا يطول، حيث رفضت القيادات الحوثية قبل ذلك التدخل الأمريكى فى اليمن، وقالوا إن بإمكانهم التعامل مع تنظيم «القاعدة» بأنفسهم، مضيفين أن سياسة الطائرات دون طيار تجد معارضة شديدة فى اليمن، ولا أحد يؤيدها هناك.
وتختم «لوس أنجلوس تايمز» تقريرها بالتأكيد أن تلك الهجمات قد تكون أحد أسباب سقوط الرئيس اليمنى عبدربه منصور هادي، الذى ارتاح له المسئولون الأمريكيون بسبب تعاونه، لكنه لم يستطع الحفاظ على دعم القوى السياسية له.
ولفتت الصحيفة إلى أن الحوثيين أعلنوا عن تعيين عدد من الوزراء الرئيسيين من الحكومة المستقيلة لطمأنة الغرب وقوى إقليمية مثل السعودية بأنهم جديرون بالثقة، لكن هذه المحاولات باءت بالفشل، حيث نددت دول مجلس التعاون الخليجى بإصدار «الإعلان الدستورى» فى اليمن، الذى وصفته هذه الدول بالانقلاب.
واختتمت الصحيفة بالقول إن الرئيس أوباما يعتقد أنه ليس هناك بديل للحوثيين حاليا للحفاظ على الشراكة مع السلطة اليمنية، لكن ينبغى عليه أن يكون حذرا حتى لا يندم فى نهاية المطاف، فعندما تعلن حكومة هشة تحالفها مع الولايات المتحدة «مثلما فعل الرئيس المستقيل عبدربه منصور هادى»، هذا لا يعنى أنها حصلت على الحكمة المطلوبة، وقد يكون عدو عدوك صديقك اليوم، لكن هذا لا يجعله صديقا للأبد.
وفى سياق متصل، ذكرت صحيفة «الاندبندنت» البريطانية أن تصاعد أعمال الفوضى فى اليمن وسيطرة «الحوثيين» على الحكم بعد استقالة الرئيس عبدربه منصور هادى وحكومته، جعل وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» غير قادرة على متابعة ترسانة الأسلحة الكبيرة التى مدت بها الجيش اليمنى خلال السنوات الماضية.
واشارت الصحيفة إلى أن فرض التمرد الحوثى، المدعوم من إيران، سيطرته على الحكم مكنه من التحكم فى قواعد الجيش اليمنى والأسلحة الامريكية بما فى ذلك أسلحة المدفعية والدبابات التى تم تزويد الجيش اليمنى بها كجزء من استراتيجية مقاومة تنظيم «القاعدة»، وتجنب تدخل القوات الأمريكية.
وأكدت «الاندبندنت» أن الاضطرابات فى اليمن قلصت من قدرة البنتاجون على التحكم فى الشبكات الإرهابية والتفتيشات الروتينية التى يجربها منذ سنين فى اليمن.
وعلى الرغم من عدم صدور تقارير رسمية تؤكد كم المعدات التى فقد البنتاجون السيطرة عليها، والمقدرة منذ عام 2006 بـ400 مليون دولار، وتشمل معدات للرؤية الليلية والمراقبة وأجهزة راديو عسكرية وطائرات نقل.
كما أن تصاعد أعمال العنف والاضطرابات فى اليمن بين كل من الحوثيين وتنظيم القاعدة الذى تعهد بالدفاع عن السنة ضد هجمات المتمردين، جاء وسط عدم وضوح توجهات وموقف الجيش اليمنى، الذى تم تدريبه على يد الولايات المتحدة، خاصة تدريبات طائرات الاستطلاع بدون طيار، التى بدأت قبل تولى الرئيس باراك أوباما الرئاسة، لكنها زادت تحت رعايته.
وقد دعم الجيش الامريكى الأمن اليمنى، خاصة القوات الخاصة، حيث دافع باراك أوباما عن استراتيجية إدارته ضد متشددى «القاعدة» فى اليمن ووصفها بأنها كانت الحل الامثل أمامه والبديل المناسب عن إرسال قوات أمريكية إلى اليمن، مؤكدا أنه ليس من السهل إرسال قوات برية إلى اليمن.
وذكرت «الاندبندنت» أن واشنطن أصبحت مضطرة إلى تبادل المعلومات بخصوص ضرباتها على «القاعدة» بعد سيطرة «أنصار الله» على جميع أجهزة الامن والاستخبارات فى صنعاء، وألمحت البنتاجون إلى وجود اتصالات مع ميليشيا «أنصار الله» فى اليمن، فيما لاتزال الاوضاع السياسية اليمنية فى حالة عدم استقرار منذ حدوث الفراغ الدستورى فى السلطة.
من جهته أكد المفكر الكويتى الدكتور عبدالله النفيسى، أن الولايات المتحدة الأمريكية اتفقت مع الحوثيين على تمكينهم من حكم اليمن، بإشراف المبعوث الأممى إلى اليمن جمال بن عمر.
ويتضمن الاتفاق وفقا لـ«النفيسى» أن يقوم الطيران الأمريكى بإسناد جوى للحوثيين، فيما تقوم الولايات المتحدة بدفع تكاليف الحرب ودفع رواتب المقاتلين الحوثيين ورعاية أسر القتلى الحوثيين وعلاج الجرحى.
وأوضح أن الاتفاق بين الجانبين شمل قيام الحوثيين بحسم ضرب القاعدة فى مدة لا تتجاوز السنتين، مشيرا إلى أن الحوثيين اشترطوا سرية الاتفاق.
وشدد على أن الاتفاق بين أمريكا والحوثى يأتى فى سياق التخادم الأمريكى الإيرانى فى الشرق الأوسط.