الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«الإندبندنت»: لن تحدث مواجهات مباشرة لأسباب سياسية

«الإندبندنت»: لن تحدث مواجهات مباشرة لأسباب سياسية
«الإندبندنت»: لن تحدث مواجهات مباشرة لأسباب سياسية




ترجمة - وسام النحراوى
قد تصدق التوقعات الحالية التى تقول أنه بإمكان إسرائيل و«حزب الله» زيادة التصعيد والمواجهة فى حرب جديدة لا مثيل لها، وقد أجريت تقييمات مماثلة ثبت صحتها قبل اندلاع جميع الصراعات الأخيرة التى شهدها قطاع غزة (2009، 2012، 2014).
وفى الواقع إذا نشب نزاع جديد، ستمر كل من إسرائيل ولبنان بفترة عصيبة للغاية، فالحرب فى عام 2015 ربما ستكون أكثر كثافة وتدميراً بشكل اكبر مما كانت عليه فى عام 2006،ومن المرجح أن تكون جميع المناطق الإسرائيلية مستهدفة حسب التقارير العبرية، وليس فقط الشمالية منها.

من جهتها نفت صحيفة «الاندبندنت» البريطانية أن زيادة حدة التوتر بين إسرائيل وحزب الله اللبنانى بعد مقتل جنديين إسرائيليين فى هجوم لتلك الجماعة على دورية إسرائيلية قرب مزارع شبعا، ردا على هجوم إسرائيلى قبل نحو أسبوعين أسفر عن مقتل عدد من قياداتها فى سوريا، من الممكن أن يقودهم إلى ما وصفته بـ«الحرب الكارثية».
وقالت الصحيفة البريطانية إن رد حزب الله السريع على إسرائيل لا يظهر كانتقام من جانب حزب الله ولكنه بمثابة رسالة للجارة الجنوبية بأنه بغض النظر عن مشاركة الجماعة بالقتال فى سوريا فإن الهجمات على قواتها لن تمر دون رد.
وأضافت «الاندبندنت» أنه مثلما يبعث الهجوم رسالة لإسرائيل هو أيضا عمل جرىء فى مجال العلاقات العامة لطمأنة اللبنانيين الذين ربما بدأوا يشككون فى قدرات حزب الله العسكرية.
وترى أنه برغم خطورة الحادثة فإن نشوب حرب شاملة بين الجانبين غير محتمل لأن هجوم حزب الله كان محسوبا بحيث يكون متناسبا بقدر الإمكان مع الهجوم الإسرائيلى فى جنوب سوريا، ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية من غير المرجح أن يجازف رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بحرب كارثية مثل التى نشبت عام 2006.
وفى السياق كتبت «فورين بوليسي» الأمريكية أنه فى الوقت الذى يكسب فيه حزب الله أرضا فى الجولان تدق إيران الآن باب أكثر الحدود الإسرائيلية هدوءا. وأشارت المجلة إلى أن احتمال نشوب حرب أخرى بين إسرائيل وحزب الله على غرار حرب 2006 يطل برأسه مرة أخرى، وفقا لما يراه بعض المحللين.
واعتبرت المجلة الأمريكية الهجوم الإسرائيلى على قيادات حزب الله ملحمة أخرى فى الحرب المستمرة بين الجانبين، ويؤكد أيضا على تحول استراتيجى فى القوة بين إيران ونظام الأسد، وأضافت أن نجاح حزب الله فى فتح جبهة جديدة بالجولان كان إنجازا كبيرا، لأنه بوجود مدخل أكبر إلى الجولان، أو على الأقل قطاعات منه، يكون لدى الحزب منطقة غير لبنانية جديدة يستطيع استغلالها لاستهداف إسرائيل.
وتابعت «فورين بوليسى» أن هذا النجاح لإيران ووكيلها حزب الله يمثل خطوة فى عملية لتطويق الإسرائيليين عسكريا.
من هنا فإن صراعا مماثلا من شأنه أن يضع ضغوطا هائلة من أجل تحقيق نجاح بارز، الأمر الذى قد يدفع بالطرفين إلى الاستمرار بالقتال ورفعه إلى مستويات أعلى من العنف.
ومن خلال إدراك اسرائيل أنه لا يمكن تدمير «حزب الله» من خلال العمليات العسكرية فقط، فمن المرجح أن تركز إسرائيل على تحقيق أهداف استراتيجية محدودة بل واضحة فى أى حرب جديدة قد تندلع، مثل التقليص بشكل كبير من قدرات الحزب العسكرية وتدمير قدر كاف من البنى التحتية لتلطيخ سمعة «حزب الله» بصفته المدافع عن لبنان، الأمر الذى ربما يؤدى فى الوقت نفسه إلى زيادة العداء العام تجاه الحزب.
وبالتأكيد فإن النقاد داخل إسرائيل وخارجها قد يحتجون على هذه الأهداف لأسباب مختلفة، فالصراع الموسع يوقع خسائر كبيرة يمكن أن تزيد من الضغوط لتوسيع المهمة، إضافة إلى أن هذا الصراع قد يؤدى إلى تعقيد العلاقات الإسرائيلية الأمريكية، فإذا بادرت إسرائيل بعمليات واسعة النطاق، قد تدعو إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما إلى ضبط النفس.
ومن شأن اندلاع صراع كبير بالمنطقة أن يكون له تداعيات مهمة على الحرب فى سوريا، إذ يمكن أن ينتشر القتال إلى سوريا على طول حدود هضبة الجولان ويضع قوات نظام الأسد فى مرمى النيران الإسرائيلية.
على الجانب الآخر فإن «حزب الله» سيكون مجبرا على سحب قواته من سوريا من أجل تلبية احتياجاته فى هجوم إسرائيلى يطال جنوب لبنان، الأمر الذى من شأنه أن يضعف الدعم الحاسم الذى يقدمه إلى دمشق.
 وإذا تكبد الحزب خسائر عسكرية هائلة أمام إسرائيل، يمكن عندئذ أن تتراجع قدرته على تقديم مثل هذا الدعم على المدى الطويل.
وبالتالى فمن المتوقع أن يؤدى صراع عام إلى وقوع إصابات مدنية وعسكرية كبيرة من الجانبين، فمن المرجح أن يؤدى القتال على الأرض فى جنوب لبنان وربما فى شمال إسرائيل إلى سقوط أكبر عدد من الضحايا العسكريين.
وفى حال تواجد المدنيين فى وسط العمليات الأرضية، وهو أمر محتمل فى جنوب لبنان، فستلحق بهم خسائر كبيرة فى تلك المناطق ولا بد أيضا من توقع وقوع ضحايا من المدنيين فى المناطق التى يتم منها توجيه الضربات الجوية والضربات بالصواريخ والقذائف، خاصة عندما تكون تدابير الدفاع غير كافية.
يمكن أيضاً توقع تدمير البنى التحتية المدنية فى كل من إسرائيل ولبنان، فإذا تمكن «حزب الله» من المحافظة على معدلات عالية من عمليات إطلاق النار على إسرائيل، ستنجح بعض الأسلحة فى الوصول إلى أهدافها العملياتية وسيتم ضرب بعض الأهداف، سواء بسبب عددها الكبير أو بسبب دقتها الإضافية.
وبما أن «حزب الله» يعمل من داخل المناطق المدنية، فإن الضربات الإسرائيلية قد تسبب بعض الضرر فى تلك المناطق حتى إذا تم اعتماد تدابير احتياطية وتكتيكات دقيقة.
إلى جانب ذلك قد يتم استهداف البنية التحتية اللبنانية أيضا مثل الجسور والطرق، ومرافق الاتصالات بسبب فائدتها العسكرية.
ومن المرجح أن تتسبب حرب مماثلة باضطرابات اجتماعية واقتصادية على نطاق واسع فى إسرائيل وفى لبنان، فقد تمكنت حركة «حماس» من تحقيق ذلك فى جنوب إسرائيل العام الماضي، كما أن الهجمات فى مناطق أكثر شمالية أظهرت إمكانية تعطيل البلاد فى ظل عمليات إطلاق الصواريخ المستمرة.
وبالمثل، أظهرت حرب عام 2006 أن العمليات الجوية الإسرائيلية يمكن أن تطال العمق اللبنانى وتتسبب بآثار اقتصادية واجتماعية فادحة. ومن شأن اندلاع حرب جديدة أن تتضمن على الأرجح شن هجمات جوية أكثر انتشارا وذات آثار أوسع نطاقا.
ووفقا لتقديرات الاستخبارات الإسرائيلية، فإنه من المرجح أن يحاول الحزب أن يحافظ على قدرة على إطلاق النار تتألف من حوالى ألف صاروخ وقذيفة يوميا، ما يحجم المعدل اليومى التقريبى لعام 2006 الذى بلغ 118 صاروخا وقذيفة.
ولعل الأهم من ذلك أن «حزب الله» يمتلك الآن صواريخ تتمتع بالمدى والدقة اللازمين لضرب أهداف استراتيجية كبيرة مثل المطارات والمقرات الإسرائيلية والمواقع المهمة اقتصاديا.
فالثقل الأكبر فى الهجوم سيطال شمال إسرائيل وإلى حد أقل وسطها إلا أنه بإمكان الحزب فى الوقت الحالى الوصول إلى أهداف فى الجنوب الإسرائيلى أيضا.
كما يمكن للحزب اللبنانى أيضا أن يحاول التسلل إلى إسرائيل عبر لبنان أو سوريا، فقد هدد «حزب الله» بالقيام بذلك فى صراع مستقبلي، وقد اعترفت الاستخبارات الإسرائيلية بالتهديد، فضلا عن أن عمليات الحزب فى سوريا ربما منحته قدرة أفضل للقيام بذلك.
إلى جانب ذلك، سلطت حرب غزة فى العام الماضى الضوء على التهديد الذى تطرحه الأنفاق الهجومية عبر الحدود. وعلى الرغم من أن الأوضاع على الحدود اللبنانية ليست مناسبة لاتباع هذا التكتيك بقدر ما كانت عليه فى غزة، إلا أن إسرائيل تشعر بالقلق حيال ذلك وتبحث بشكل نشط عن الأنفاق فى تلك المنطقة.
وعلى الصعيد الدفاعى، قد يحاول «حزب الله» الحد من فعالية العمليات الجوية الإسرائيلية المتوقعة من خلال نشر قواته فى المناطق المدنية وتحت الأرض، ومن خلال استخدام كل ما يملك من أسلحة مضادة للطائرات، وربما تشمل تلك الأسلحة أنواعا جديدة أو محسنة من صواريخ أرض - جو.
وقد يحاول الحزب أيضا إضعاف أى تقدم برى إسرائيلى إلى داخل جنوب لبنان عبر الاعتماد على مراكزه المحصنة هناك واستخدام الأنظمة المضادة للدبابات وأنظمة الرمى غير المباشر.
أما على الصعيد الدفاعي، فقد تحاول إسرائيل استخدام تدابير فاعلة مثل «القبة الحديدية» وأخرى غير فاعلة مثل «الدفاع المدني» لتقليص آثار هجوم «حزب الله» بالصواريخ والقذائف أثناء الانتظار بأن تؤدى العمليات الهجومية لـ«جيش الدفاع الإسرائيلي» إلى التقليل من حجم التهديد.
على مدى السنوات القليلة الماضية، عملت إسرائيل و«حزب الله» على تحسين قدراتهما لتتناسب مع نوع الحرب التى يتوقعان خوضها، إلا أن الحرب الأهلية السورية أتت وغيرت المشهد الاستراتيجى بشكل كبير.
فمن جانبه وسع «حزب الله» بشكل كبير من حجم ومدى الصواريخ والقذائف التى فى مخزونه، ففى عام 2006، خاض الحرب بحوالى 13 ألف صاروخ قصير ومتوسط المدى، مما سمح له بضرب أهداف فى جميع أنحاء شمال إسرائيل.
أما اليوم، فمن الممكن أن يمتلك ما يفوق عن 100 ألف صاروخ وقذيفة من بينها عدد من الأنظمة بعيدة المدى فضلا عن أنظمة ذات دقة محسنة، الأمر الذى يسمح للحزب بضرب كافة أنحاء إسرائيل بدقة متزايدة.
إلى جانب ذلك، يدعى الحزب أنه قادر على تنفيذ عمليات هجومية برية داخل إسرائيل، ووفقا لمدير إنتاج المعلومات فى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، من المرجح أن تخترق قوات «حزب الله» الحدود وتحارب داخل شمال إسرائيل فى حال اندلاع حرب أخرى.
ومن الملاحظ أن الوضع الاستراتيجى لـ«حزب الله» تغير أيضا فى أعقاب التزامه بإرسال قوات كبيرة إلى سوريا، إذ يخدم حوالى 5 آلاف من عناصره فى سوريا فى أى وقت من الأوقات.
ومن جهة قد يضعف هذا الوضع اهتمام «حزب الله» بخوض صراع كبير مع إسرائيل لأنه يحد من عدد القوات التى يمكن للحزب أن يحارب بها. ولكن من جهة أخرى، لا يبدو أن الحزب أرسل إلى سوريا عدة أنواع من الأسلحة التى من شأنها أن تكون أكثر إفادة له فى مواجهة إسرائيل، كما أنه اكتسب خبرة فى العمليات العسكرية فى سوريا يمكن أن تزيد من فعاليته فى حرب برية مستقبلية.  أما من الجانب الإسرائيلى فقد قام «جيش الدفاع الإسرائيلى» أيضا بتحسين قدراته بشكل بارز منذ عام 2006، بما فى ذلك تعزيز الاستخبارات والقوة الجوية والمدفعية لتوجيه الضربات، مما يزيد من قدرته على تحديد الأهداف وضربها.
كما عزز الجيش الإسرائيلى من قدراته على المناورة على الأرض من خلال نشر دبابات أكثر تقدما وقدرة وناقلات جنود مدرعة، وعبر تجهيز الوحدات المدرعة الرئيسية بنظام الحماية الذاتية الذى يستطيع أن يتصدى للذخيرة المضادة للدبابات.
إضافة إلى ذلك، فقد قامت إسرائيل بتعزيز قدرتها فى الدفاع عن نفسها ضد تهديد صواريخ «حزب الله» القصيرة والمتوسطة المدى من خلال اعتماد نظام «القبة الحديدية» المضاد للصواريخ، الذى لم يكن موجودا فى عام 2006. كما تم تطوير نظام الدفاع المدنى الإسرائيلى واختباره فى النزاعات الأخيرة التى دارت مع حركة «حماس».