الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

واشنطن بوست : بندر بن سلطان من بيزنس السلاح الي رئاسة الاستخبارات السعودية





قالت صحيفة واشنطن بوست: أنه في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها النظام السعودي حيث الاحتجاجات في منطقة شرق السعودية، ذات الأغلبية الشيعية، ومطالب الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، في وقت خسر فيه النظام الأمير نايف الذي اعتبره مراقبون حارس النظام، والرجل الأقوي في الأسرة المالكة، وفي أوضاع غير مستقرة إقليميا حيث  مازال العراق يعاني من التفكك والاحتجاجات تشتعل في البحرين والسودان، ولم يستقر التحول الديمقراطي في مصر، وانفجار مبني الأمن القومي في سوريا أذن بقرب نهاية وشيكة لنظام الأسد حليف إيران وروسيا، أمام معارضة مسلحة تدعمها السعودية وقطر وتركيا وتباركها أمريكا وإسرائيل.. بين كل هذه الظروف جاء القرار المفاجئ من الملك السعودي عبد الله باستبدال الأمير مقرن بن عبد العزيز ، وتعيين الأمير بندر بن سلطان السفير بالولايات المتحدة الأمريكية رئيسا لجهاز الاستخبارات السعودي.

 

الأمير  مقرن  عين رئيسا للاستخبارات السعودية عام 2005 وقال موقع المنار التابع لحزب الله:إن استبعاده جاء بسبب أن مقرن «من الجناح المطالب بإعادة النظر في السياسة التي تتبعها السعودية حيال الأزمة السورية، ومنع الانجراف والانزلاق وراء حكام قطر وخططهم».

 

ديفيد أوتاواي كاتب قصة حياة الأمير بندر علق علي تعيين الأمير بندر بن سلطان في هذا التوقيت «إنه الشخص المناسب في الوقت المناسب، لديه سياسة أجنبية متشددة ويعتبر من الصقور البارزين في بيت آل سعود»

 

فمن هو الأمير بندر بن سلطان؟ 

 

ولد بندر بن سلطان عام 1949 لأم سودانية كانت خادمة فهو كما وصفه ويليام سمبستون «ابن غير شرعي للأمير سلطان» ويصفه أوتاواي في طفولته بأنه كان يلعب حافي القدمين علي طريق ترابي خارج أمام منزل والدته في الرياض، وكان طموحا في شبابه، انضم وهو في عمر 17 لسلاح الطيران السعودي، وكان عازما علي تقديم نفسه للعالم، وارتفع بين المناصب والرتب وفي عام 1970 سافر إلي تكساس لتلقي تدريبات إضافية، وكان معجبا بالكاوبويس فرقة دولاس من رعاة البقر، والذي وصفه بأنه «رائع» وبمرور الوقت دهن طائرته الخاصة بالأزرق والفضي.

 

في أواخر الستينيات شارك في كلية كرانويل لسلاح الطيران في بريطانيا وتوطدت علاقته بوليام سمبسون الذي ألف كتابا عنه مبرزا صفات في شخصيته قد يغفل عنها كثير من المتابعين، وصفه نيلسون مانديلا بكلمات نشرت في مقدمة الكتاب بأنه «الرجل البارع ذو الحضور المؤثر» ، ويقول سمبسون عن شخصيته التي تحمل تناقضات درامية، فالأمير يشعر بالارتياح في الرياض وسط الصحراء تماما مثل المنحدرات الثلجية في أسبن بالولايات المتحدة الأمريكية أو وسط الاجتماعات السياسية الصعبة مع رؤساء الدول، ثري مقبل علي الحياة ورغدها ورب أسرة يحب عائلته ويخلص لها، وصريح يحوز علي ثقة الجميع، ومن أمهر وسطاء صفقات السلاح في العالم.

 

يقول الأمير عن نفسه «أحب انعدام الأمن الذي يحيط بي، إذا جرحتني أنزف وإذا وجهت إلي كلاما نابيا أنزعج وأتألم، وإذا كان علي أن أواجه الخطر أو التحدي، فإننا جميعا مدربون علي الخروج سالمين وفعل ما يجب فعله»

 

بدأ يلمع نجم الأمير كدبلوماسي بارز بعد عمله مع الرئيس الأمريكي كارتر علي بيع طائرات إف ـ 15 إلي السعودية، ومساعدة قدمها في تمرير معاهدة قناة بنما في الكونجرس، وهذه المعاهدة أدت إلي تعيينه سفيرا للمملكة في الولايات المتحدة الأمريكية وفقا لوليام سمبسون ، وبعد أن أصبح سفيرا عمل مع الرئيس ريجان ومدير وكالة الاستخبارات المركزية بيل كيسي لكسب الحرب الباردة، وله دور رئيسي في مسألة إيران ـ الكونترا، وأقنع الرئيس جورباتشوف في سحب القوات السوفيتية من أفغانستان، وأسهم مع غيره في مفاوضات إنهاء الحرب العراقية الإيرانية، وكان جورج دبليو بوش يصطحب الأمير وعائلته لصيد السمك، ويعرج عليه كولن باول للعب تنس الريشة، وأصبح في حرب الخليج عضوا في مجلس الأمن القومي بحكم الأمر الواقع.

 

ذهب الأمير إلي أمريكا للمرة الثانية في منتصف سبعينيات القرن المنصرم، وهذه المرة يدخل نفسه في خضم صفقة أسلحة مثيرة للجدل أعطت الولايات المتحدة للسعودية طائرات متقدمة، وصفه أوتاواي بأنه يعد «تجسيدا حيا للعلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية» في السبعينيات من القرن المنصرم، ويعتبر الأمير أول مبعوث شخصي للملك وعين بعد ذلك سفيرا في واشنطن 1983 ـ 2005 وعمل مع رؤساء الولايات المتحدة الخمسة وكانت له علاقات وثيقة بعائلة بوش إلي الدرجة التي كان ينادي بـ«بندر بوش»، والتي سخر منها المخرج مايكل مور في فيلم «فهرنهايت 11/9».

 

في إطار علاقة السعودية بأمريكا وصفه ديفيد أوتاواي «رسول الملك» فوفقا لما جاء في كتابه عن ديفيد أوتاواي حقق الأمير بندر «رسول الملك» «معجزة الزواج الغريب» بين «نظام ملكي سري وثيوقراطي إسلامي وذو ثقافة سنية» وبين نظام أمريكا حيث المجتمع «متعدد دينيا ومنفتح وديمقراطي ويحوي ثقافات بابل» ومن ثم كان التحالف بين الجانبين «مهمة حساسة» وتتطلب «التقليل من شأن الخلافات، والسرية، والازدواجية الصريحة في كثير من الأحيان» وعلي مر السنين يقول ديفيد «كان الكثير من الدبلوماسية وفي بعض الأحيان ازدواجية وذلك لم يقع فيه الملك أو الرئيس ولكن أحد رجال الأسرة المالكة، الرجل الذي يصف نفسه بالأمير القروي إنه بندر بن سلطان».

 

تورط الأمير بندر بن سلطان في قضايا عديدة أبرزها صفقة سلاح بريطاني للسعودية أو ما بات يعرف بصفقة اليمامة، وشملت تزويد السعودية بطائرات تورنادو وهوك الحربية وتأمين الدعم الفني لها، وإنشاء قاعدة عسكرية ضخمة لهذه الطائرات، وبلغت قيمة الصفقة 50 مليار جنيه استرليني، وحققت وزارة الدفاع البريطانية في دفع الشركة البريطانية لأكثر من 60 مليار جنيه خلال الصفقة، ولعب بندر بن سلطان دور المفاوض عن الجانب السعودي ووفقا لتقارير صحفية تلقي دفعات مالية سرية لأكثر من عشر سنوات.

 

بعد تعيين الأمير رئيسا للاستخبارات قال جمال خاشقجي صحفي سعودي بارز «بندر عدواني جدا، ولا يمثل علي الإطلاق الدبلوماسية السعودية الحذرة، وإن كان الهدف هو جعل بشار يتهاوي سريعا، فسيكون له مطلق الحرية في فعل مايراه ضروريا»

 

وفي ظل الوضع الحرج في سوريا وما يمكن أن يقدمه الأمير يقول أوتاواي لـ«رويترز» أنه قد سبق له التفاوض مع سوريا وإيران وروسيا وأضاف: «إنه يريد أن يظهر عضلات السعودية، خاصة إذا كان الأمريكيون معه»