السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

النسور المصرية تنحر داعش على الجبهة «الشرقية» و«الغربية»

النسور  المصرية تنحر داعش على الجبهة «الشرقية» و«الغربية»
النسور المصرية تنحر داعش على الجبهة «الشرقية» و«الغربية»




ترجمة ـ وسام النحراوى
تناولت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأمريكية فى إطار مقال تحليلى مدى قدرة الجيش المصرى على مواجهة التهديدات التى تفرضها الميليشيات سواء شرقا فى شبه جزيرة سيناء، أو غربا على الحدود الليبية، مشيرة إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى، شن غارات جوية على معاقل المسلحين فى ليبيا، وفى الوقت نفسه فإن مصر تحارب أحد أفرع تنظيم «داعش» فى شبه جزيرة سيناء.
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن حكومة السيسى وضعت نفسها عضوًا أساسيًا فى التحالف الدولى لمحاربة «داعش» ردًا على ما ارتكبه الإرهابيون فى حق المصريين، ويبدو أن السيسى - حيث وصفته الصحيفة بـ«الرجل القوى» - يحظى بدعم داخلى شعبى كاسح لتحقيق ذلك.
وأكدت «كريستيان ساينس مونيتور» أن السيسى يحارب فعليا المسلحين داخليا ومن بينهم تنظيم «ولاية سيناء» أحد أفرع «داعش» فى شبه جزيرة سيناء شرق مصر، واﻵن مع شن الطيران المصرى غاراته الجوية على عناصر التنظيم فى ليبيا، فإن مصر تعلن انخراطها فى حرب جديدة على حدودها الغربية.
وتساءلت الصحيفة: هل يستطيع الجيش المصرى الصمود فى الحرب على جبهتين وإلى متى سيستمر صموده فى حرب تنطلق من تهديدات تنظيم «داعش» الذى يبدو أن نفوذه يتوسع بعد أن سيطر على مساحات واسعة من العراق وسوريا وبدأ فى السيطرة على أجزاء من ليبيا؟ فضلا عن أن ليبيا انزلقت إلى مستنقع الفوضى وظهرت القوى الإقليمية لدعم طرفى الصراع الحالى.
لكن مع شن الغارات الجوية المصرية ضد المسلحين فى ليبيا، فإن السيسى عالج من خلالها المخاوف الداخلية فى المقام الأول، حيث جاءت تلك الغارات ردًا على الفيديو الذى نشره تنظيم «داعش» لإعدام 21 قبطيًا مصريًا من قبل مسلحيه فى ليبيا، وجاء إعدامهم ليوحد المصريين فى الأحزان والمطالبات أيضا من مقدمى البرامج التليفزيونية بضرورة الرد على تلك المذبحة.
 اضطرابات عنيفة
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن ظهور تنظيم «داعش» فى ليبيا المليئة بالاضطرابات العنيفة يشكل تهديدا فعليا للمصالح المصرية، فالمسلحون لم يهددوا فقط باستهداف المزيد من المصريين داخل بلادهم، بل يعتقد أيضا أنهم وفروا التدريب للمسلحين المصريين فى معاقلهم اﻵمنة، وحتى اﻵن فإن مصر لم تدرج نفسها ضمن دول التحالف الدولى لمحاربة «داعش»، الذى تقوده الولايات المتحدة، وتصر على احتياجها للاحتفاظ بقوة جيشها للحرب فى سيناء، حتى تحافظ عليها آمنة.
من جهته، رجح زاك جولد، مدير معهد دراسات الأمن القومى ومقره تل أبيب، أن تكون مصر قادرة على القيام بذلك دون توسيع أو زيادة لقدراتها، وحتى مع زيادة قواتها وتزويدها بتدريب أفضل، موضحا أن الحكومة المصرية أعلنت موقفها صراحة أن التحالف الدولى لمحاربة «داعش» ينبغى أن يركز على ما هو أكثر من سوريا والعراق.
وبدلا من إرسال طائرات حربية لتحلق فوق العراق وسوريا، عرضت حكومة السيسى تدريب قوات الأمن وجعلت الأزهر حائط صد ضد التشدد الإسلامي، لكن مصر اﻵن تناشد التحالف الدولى، الذى تقوده واشنطن ضد «داعش»، ليسلط انتباهه على ليبيا.
ومن جانبها، جددت الخارجية المصرية دعوتها للتحالف الدولى باتخاذ التدابير الضرورية لمواجهة التنظيم المتشدد والتنظيمات الإرهابية الأخرى على الأراضى الليبية، وسافر وزير الخارجية، سامح شكري، فى مهمة طارئة لواشنطن لطلب المزيد من الدعم لبلاده فى الحرب ضد «داعش»، فضلا عن إبرام مصر لصفقة أسلحة كبرى مع فرنسا وشراء 24 طائرة رافال.
نجاح استراتيجى
وعلى صعيد متصل، رأت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن تنظيم «داعش» قد يعتبر انضمام مصر للمعركة الليبية نجاحا استراتيجيا له، ويرجع السبب جزئيا إلى مساعى المتطرفين للاستفادة من تفشى الفوضى، ويأتى ذلك فى الوقت الذى تبذل فيه مصر قصارى جهدها لإحياء اقتصادها ومواجهة الإرهاب الداخلى فى شبه جزيرة سيناء.
من جهته، قال هارون زيلين، من معهد واشنطن: إن مقاتلى «داعش» يريدون أن  ينخرط الجيش المصرى فى صراعات جديدة، لأنهم يقاتلون فى سيناء أيضا، موضحا أن المتطرفين قد يحشدون الدعم المحلى ضد التدخل العسكرى المصرى، خاصة إذا قتلت الغارات الجوية مدنيين، علاوة على أن تنظيم «داعش» بنى أيديولوجيته على محاربة من يراهم أعداء له.
وأضاف زيلين: إن المتطرفين يريدون اتخاذ الغارات المصرية ضدهم كدليل على أن الله يقف بجانبهم، ليبرهنوا حينها على أنهم باقون ويتوسعون رغم احتشاد القوى الدولية ضدهم.
وذكر مسئولون غربيون أن المدن التى أعلن «داعش» عن فرض سيطرته عليها فى ليبيا ليست مكشوفة أو واضحة بشكل كاف لتكون أهدافًا سهلة، ما يعنى أن حملة القصف الجوى المصرى ربما لم تحقق أضرارًا كبيرة بمسلحى التنظيم، حسبما ذكرت الصحيفة.
واعتبرت «نيويورك تايمز» أن الغارات الجوية المصرية لمدينة «درنة» الليبية تمثل منعطفًا جديدًا فى انهيار النظام الإقليمى بعد ثورات الربيع العربى وظهور تنظيم «داعش»، لاسيما أن الغارات هى أعمق تدخل مصرى فى الفوضى التى تشهدها ليبيا حتى الآن.
ونوهت الصحيفة الأمريكية إلى أن التصعيد العسكرى المصرى سبق أن حذر منه مسئولون غربيون، معتبرين إياه عقبة أمام المفاوضات والتوصل إلى حل سياسى للصراع الحالى فى ليبيا، لكن البعض كذلك اعترف بحق مصر فى الرد على قتل مواطنيها هناك، ورفضت وزارة الخارجية الأمريكية التعليق.
فبعد 3 سنوات ونصف السنة من الإطاحة بالعقيد معمر القذافى، تتقاتل جبهتان من أجل السيطرة على السلطة الليبية ومواردها الهائلة، بما فى ذلك حقول النفط غير المستغلة وساحل البحر الأبيض المتوسط المقابل لأوروبا ونحو 100 مليار دولار من الاحتياطات النقدية.
وفى غياب حكومة فعالة أو قوة مهيمنة، تحول الصراع فى ليبيا إلى حرب بالوكالة متعددة الجوانب، حيث تدعم بعض الدول العربية المتنافسة الميليشيات والجماعات المتطرفة مثل تنظيم «القاعدة» و«داعش» المتمدد، فيما تشعر الحكومة المصرية بقلق متزايد إزاء التحالف الذى يضم الإسلاميين المتطرفين وميليشيات إقليمية سيطرت على العاصمة الليبية وأنشأت حكومة خاصة بها.
وفى إطار تطورات الأحداث، فإن مصر معرضة بشدة لهجمات مضادة محتملة من جانب القوى الإسلامية الليبية، ويرجع ذلك جزئيا إلى حدودها الصحراوية الطويلة مع ليبيا التى يسهل اختراقها، فضلا عن وجود مئات الآلاف من المصريين العاملين هناك.
وفى السياق نفسه، وصفت صحيفة «ديلى ميل» البريطانية عملية ذبح المصريين على يد تنظيم «داعش» فى ليبيا بـ«جرس انذار» للدول الغربية حول الخطر الذى ينمو على أعتاب القارة الأوروبية، مشيرًا إلى أن الجريمة هذه المرة جاءت قريبة للغاية من البريطانيين، إذ وقعت على أحد شواطئ البحر الأبيض المتوسط، جنوب جزيرة كريت حيث يقضى البريطانيون إجازاتهم الصيفية، مضيفا: إن الجريمة الوحيدة التى ارتكبها الضحايا هى «عقيدتهم وإيمانهم».
غياب القانون الليبى
ورأت الصحيفة البريطانية أن الحقيقة الواضحة هى تحول ليبيا إلى «دولة فاشلة» إذ تنتشر عمليات القتل والمعارك والأسلحة، فضلا عن اختفاء حكم القانون بالشارع، واستغلت العصابات والإرهابيون تلك الفوضى وبينهم تنظيم «داعش»، مضيفة: إن  انعدام القانون فى ليبيا يجعل منها مكانًا مثاليًا للبغدادى نظرا لثروتها الكبيرة من النفط والغاز وموقعها المتميز، فهى على حدود عدد من الدول الإسلامية وبوابة لدول مثل مالى وموريتانيا.
وشددت «ديلى ميل» على خطورة الانتشار الواسع للأسلحة داخل البلاد بالإضافة إلى ضعف السيطرة على الحدود، ما يجعل من ليبيا المصدر الرئيسى للأسلحة المهربة حول العالم، ووصلت الأسلحة الليبية إلى أكثر من 14 دولة وفقا لتقديرات الأمم المتحدة.
وفى النهاية، أشارت الصحيفة إلى أن السلطة الحقيقية فى ليبيا تقع تحت يد 1700 جماعة مسلحة تمتلك ترسانة ضخمة من الاسلحة، ويتقاضى اعضاؤها راتبهم من الأموال الحكومية، مضيفة: إن حدود الدولة الشمالية أصبحت مفتوحة لطالبى اللجوء السياسى والراغبين فى الوصول إلى أوروبا.