الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«عرض كبير» يستغنى عن المهنية بالمصطلحات الجنسية

«عرض كبير» يستغنى عن المهنية بالمصطلحات الجنسية
«عرض كبير» يستغنى عن المهنية بالمصطلحات الجنسية




كتبت - هايدى حمدى


الكوميديا السياسية الساخرة أو كما يسميها البعض «الكوميديا السوداء» نوع من البرامج المأخوذة عن الإعلام الغربى، أُدرجت حديثا ضمن البرامج التى تقدمها المحطات التليفزيونية المصرية، ويعتبر «باسم يوسف» أحد مؤسسيها فى مصر، ومن جعبته خرجت سهام الكوميديا الساخرة لتخترق الأخلاقيات والآداب العامة على مختلف القنوات الفضائية الأخرى، وأصبحت «موضة» يستغلها البعض فى رفع نسب المشاهدة على قنواتهم من لا شىء؛ من خلال الاعتماد على المصطلحات الجنسية المبتذلة التى تجذب فئة كبيرة خاصة من جمهور الشباب، فضلا عن كونها تصطنع السخرية من بعض المواقف السياسية التى لا تستدعى هذا الكم من «الايفيهات السخيفة» فى محاولة لاستعراض عضلات المعارضة الزائفة.
ويعتبر برنامج «عرض كبير» أحدث ذيول البرامج الساخرة على شاكلة برنامج «البرنامج» الذى أوقفته شاشة الـ«سى بى سى» على قناتها بحجة استخدامه لمصطلحات جنسية تخدش الحياء العام، لتأتى بآخر أكثر خدشا وابتذالا.
ولم تجد القناة أفضل من «أكرم الشرقاوى»، بطل حملة اعلانات ميلودى الهابطة ، ليكون مذيع البرنامج، فيطلق علينا بذاءاته الجنسية كما أطلقها من قبل على قناة «ميلودى» التى حصد من ورائها شهرة واهمة، كغيره من زملائه الذين اشتركوا معه فى تلك الحملات وأصبحوا نجوما من ورق، يتذكرهم الناس بمصطلحاتهم المبتذلة، فيزيدهم ذلك فخرا واعتزازا.
اشتهر«الشرقاوي» بتقديم شخصية مقدم البرامج الإيطالى (مارتلّو روفيانو) فى البرنامج الكوميدى (فيفا لا سوستا) الذى استضاف فيه شخصيات عامة ومتنوعة، إلا أن حواراته معهم كانت فى كثير من الأحيان تنجرف إلى الإيحاءات والألفاظ  الجنسية كعادته.  
وعلى الرغم من إيقاف قناة «سى بى سي»  للإعلامى الساخر باسم يوسف بسبب اتهامه باستخدام إيحاءات جنسية خلال حلقاته، عاد «الشرقاوي» ليقدم برنامجه الجديد «عرض كبير» على نفس القناة، ومنذ الحلقة الأولى، استخدم إيحاءات لا يقبلها المجتمع المصرى وفئات المشاهدين الأسوياء بطبيعة المجتمع الشرقى الذى نعيش فيه.
تنوع محتوى الحلقة بين السخرية والتهكم على الحكومة، وبين الرقص مثل «البهلوان» بصحبة فرقة «البرنجان» لتضفى جوا من البهجة، واختتمت باستضافة الفنانة «رانيا يوسف» الذى مارس معها كل أشكال البذاءات الاعلامية الممكنة.
على جانب آخر نجد جمهورا بائساً يصطنع الضحكة مجبرا، فالبرنامج لم يأتِ بجديد حقا، فضلا عن «ثقل الدم» الذى يتمتع به ذلك المذيع الذى حاول بشتى الطرق إثارة حاسة الضحك لدينا، لكن مع الأسف فشل، فاتجه إلى الإكثار من الإيحاءات الجنسية مع الجماهير ومع ضيفته، ناهيك عن فشله فى ادارة الحوار معها وتكرار النظر أكثر من مرة إلى الأسئلة التى وضعها له فريق الاعداد، فكان أشبه بملقن نشرة الأخبار، الذى يقرأ و لا يرتجل، بما يعكس ضعف مقوماته الإعلامية.
وعن أبرز اللقطات التى سلط عليها الضوء، قصة ذقن «توت عنخ آمون» التى كُسرت وتم إصلاحها بطريقة خاطئة، حيث تعرض للتلف نتيجة الترميم الخاطئ من إدارة الترميم بالمتحف المصرى، ما أدى لتلف القناع، وعرض «الشرقاوي» هذا الأمر فى صورة سخرية من ريهام سعيد، مقدمة برنامج صبايا الخير، فقام بتغيير اسم البرنامج إلى «ضحايا الخير»، واصطنع حوارًا دار بين «سعيد» و«توت عنخ آمون» أظهر فيها إيحاءات غير أخلاقية، فقال موجهًا الحديث إلى آمون بعد أن تمعن النظر فى الأسفل: «فى حاجة تانية اتلحمت»، وعاد لتلميحاته فى نهاية هذا الفيديو، فقال: «أقسم بالله العظيم لو حاجة تانية اتكسرت انا اللى هلحمها».
واتجه إلى قضية الجهاز المركزى للمحاسبات الذى كشف النقاب عن فساد بقيمة مليون و٢٠٠ ألف جنيه مصرى لصالح سبعة من موظفى مكتب وزير الإسكان، على حد قوله، حيث قال: «الجهاز المركزى للمحاسبات كشف أن وزارة الاسكان إدت مليون و٢٠٠ ألف جنيه لسبعة من الموظفين من مكتب الوزير، ايه ياجماعة ما يمكن مكافأة ممكن فعلا يكونوا بيشتغلوا بليل متظلموش حد»، بعدها قام بعرض ڤيديو ملىء بالرقص والخمر كأنه بيت مشبوه، وذلك إشارة منه على أن هذا المبلغ من فساد الوزارة وأن تلك المبالغ الطائلة تُصرف على المحرمات.
أما عن عيد الحب ، فكان له النصيب الأكبر فى تلميحاته الوقحة، حيث قدم نصائح للرجال للاستمتاع بهذا اليوم، إلا أن تلك النصائح لا يجوز التفوه بها فى عرض تليفزيونى يشاهده الملايين صغارًا وكبارًا، فقال: «اشترى صندوق كبير واملاه قش وقطن وجلايتر على قد ماتقدر وحط فيه صورتها ولما تديهولها قولها وبص فى عينيها  قولها حياتى ملقتش اغلى منك هدية اقدمها ليكى هتلاقى وشها احمر ونسيت الهدية وممكن تفاجأك بواحدة مشبك «بوسة»، ولو عايز تهرب من اليوم دا خالص قولها انك ظهرت فى حلقة منى عراقى بتاعة الحمام الشعبي»، فى إشارة منه إلى قضية «حمام رمسيس» التى اتهمت فيه منى عراقي، مقدمة برنامج «المستخبي» أن كل من ارتاد هذا المكان يكن غرضه ممارسة الشذوذ الجنسي.
وفى آخر فقراته، استضاف الفنانة رانيا يوسف التى قامت مؤخرًا ببطولة فيلم «ريجاتا» المعروض حاليًا فى السينمات، وقال عنها: «أنا مضيت عقد البرنامج دا بس عشان اللحظة بتاعة رانيا يوسف»، وكانت الأسئلة التى وجهها لها يندى لها الجبين، فمنها: «احكيلى عن أرخص فلانتين قضيته فى حياتك؟»، لترد عليه قائلة: «قلة أدب يعنى آه هى كانت فعلا قلة أدب».
وعن الحديث عن فيلمها الجديد «ريجاتا»، قالت: «أنا بحب أدخل فى الحاجات اللى فيها قلق ودوشة مش الحاجات العادية» وكان رده وانفعلاته توحى بأشياء غير أخلاقية، فقال: «طب ورينا كدا الحاجات اللى فيها قلق ودوشة دي»، فردت باستغراب قائلة: «أوريك ايه؟! الحاجات اللى بتعمل قلق؟! اللى هى ازاى دي؟».
وعرض أحد مشاهد فيلم «ريجاتا»، مركزًا على اللقطات الجنسية التى يندى لها الجبين، وعلّق بعدها موجهًا تساؤل إليها، فقال: «ليه وزير الثقافة طلب يشوف الفيلم لوحده؟»، وكأنه يريد تشويه صورة الوزير بالإيحاء بمدى استمتاعه بتلك المشاهد المستفزة... الخ.
هذا ما قدمته الـ«سى بى سى» لنا ولجمهور الوطن العربى، مع العلم أن «عرض كبير» هو نسخة «فاشلة» من برنامج «البرنامج»، لكن تحت مسمى مختلف ومقدِم جديد، وعلى الرغم من أن تلك الأسباب كانت وراء الإطاحة بيوسف -حسبما كان معلنًا- إلا أنه مستمر، لكن الفارق بين البرنامجين هو أن باسم يوسف حذّر من أن حلقاته للكبار فقط، فغير مسموح للصغار دون سن الـ18 مشاهدتها، فما النفوذ الكبير الذى توصل إليه «أكرم الشرقاوي» لعرض هذا البرنامج بهذه الجرأة التى اعتاد عليها منذ ظهوره على الشاشات؟