الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

داعش تشتاق لسيف على بن أبى طالب

داعش تشتاق لسيف على بن أبى طالب
داعش تشتاق لسيف على بن أبى طالب




كتب: د. ناجح إبراهيم
 
لم تنتصر داعش فى أى معركة عسكرية مع أى جيش محترف منذ بدايتها حتى الآن.. ولم تظهر لها عبقرية عسكرية فى حروبها حتى الآن.. وكل مواجهاتها حتى اليوم هى مع مدنيين أو صحفيين أو مواطنين عزل تارة من مصر أو اليابان أو بريطانيا أو استراليا.. وهى تستخدم هؤلاء المواطنين كمادة لبث الرعب والفزع فى قلوب كل خصومها.. وحتى تعطى صورة غير حقيقية عنها.. ولم تخض كتائب داعش أى معركة فاصلة مع جيش نظامى خارج المدن التى تستخدم فيها المدنيين كدروع بشرية..حتى العسكريون الماهرون فيهم كانوا ضباطًا  فى حزب البعث أو فى الجيش الليبى أو السوري.. ولم نسمع منها حتى بيانًا واحدًا يهدد إسرائيل أو يتوعدها أو يمنى الأتباع وغيرهم بأنهم يضعون تحرير الأقصى ضمن حساباتهم فى الأمد القريب أو البعيد أو حتى من باب التمنى.. بل إن داعش لم تطرف لها عين وهى ترى إسرائيل تدك غزة صباح مساء وتقتل قرابة ألفى شهيد غزاوى معظمهم من المدنيين وتجرح أكثر من 12 ألف غزاوى وتدمر غزة على رؤوس أصحابها.
ولما سئل الخليفة المسئول عن المسلمين فى العالم كله «أبوبكر البغدادى».. عن موقفه من إسرائيل وكيف ستتصرف داعش؟!.. أجاب باقتضاب وببرود وهدوء لا يناسب الموقف: ليس الآن.. واكتفى أشاوس داعش الذين يذبحون فى كل يوم المسلمين والمدنيين الغلابة من كل جنس ودين ويكرهون البطالة من الذبح بهذه الإجابة الاستراتيجية الساذجة دون أدنى مناقشة أو اعتراض.
أكاد أجزم بأن نصف الذين سيكفرون بالله العظيم أو نبى الإسلام الكريم أو سيكرهون الإسلام هذه الأيام ستتحمل داعش وزرهم.
لقد تفكرت طويلًا فى كلمة الشيخ الغزالى رحمه الله «إن نصف الذين يكفرون بالله يتحمل وزرهم دعاة نفروهم عن الحق أو عرضوا عليهم الإسلام بطريقة خاطئة».
 هذه هى داعش التى ذبحت الكثيرين وآخرهم العمال الصعايدة المسيحيون فى ليبيا.. وقد تأملت تاريخ الإسلام القديم والحديث فلم أر فيه جماعة أو مجموعة يمكن أن تصرف الناس عن الإسلام مثل داعش أو تنفرهم عنه أو تبغضهم فيه مثلها.
فهذه الجماعة بلغت من النزق والحمق والشطط والشيطنة مبلغًا لم يبلغه إبليس نفسه.. ولو أن إبليس نفسه جمع كل أتباعه وأشياعه فى أن يصرفوا الناس عن الإسلام ورسالته ما استطاعوا طوال عمرهم أن يفعلوا فى الناس فعل داعش فيهم.. وقد جعلت داعش الأردن بالأمس على قلب رجل واحد تكره داعش وأخواتها وأولاد عمومتها، واليوم يتكرر الموقف مع مصر وقبل ذلك تكرر مع اليابان وأمريكا وبريطانيا واستراليا ولبنان والعراق وسوريا.. فأين ذهب عقل هؤلاء إن كان لهم عقل؟!   
لقد خلصت حقًا  أن الإسلام قضيته عادلة يتولاها محامون فشلة عجزة حمقى فتخسر هذه القضية باستمرار.. وأن الإسلام تجارة رابحة يتولاها عادة تجار فاشلون يسيئون عرضها ولا يعرفون شيئًا  من مزاياها فتخسر باستمرار.
ولو تركت قضية الإسلام العادلة تدافع عن نفسها وتجارته الرابحة تتاجر وحدها ما أضير الإسلام أبدًا .
فهذه داعش تقدم أعظم إساءة للإسلام والمسيحية والأديان بذبحها هؤلاء الصعايدة المسيحيين المسالمين الغلابة والفقراء الذين ذهبوا إلى ليبيا من أجل لقمة العيش بعد أن ضاق بهم العيش فى وطنهم.. وبعضهم أسرته تتضور جوعًا.
ما ذنب هؤلاء حتى يقتلوا؟ وأى جريرة حتى ينكل بهم هؤلاء؟
فهؤلاء مواطنون بسطاء ليسوا فى خصومة مع أحد؟ وليسوا من أهل الصراع السياسى ولا من محترفى السياسة أو طالبى المناصب.. فكل همهم فى الحياة هو أن يعيشوا مستورين وأن يكون لكل واحد منهم بيت يؤويه وطعام يكفيه وعمل يستره عن تكفف الناس؟
وهل تستباح الأنفس المعصومة هكذا؟
وما علاقة هؤلاء بأمريكا ولا بغيرها من الدول؟
وهل الإنسان مسئول شرعًا  وقانونًا  عن أى دولة.. وهو الذى لن يسأل فى الدنيا والآخرة عن أبيه ولا أمه ولا ابنه ليصبح لدى داعش بين عشية وضحاها مسئولًا  عن دول لا يعرفها.. وملة ليس من أهلها.. فجهل داعش جعلهم لا يعرفون أن هؤلاء حتى من ملة غير ملة مسيحيى أمريكا؟
ألم يقرأ هؤلاء يومًا فى أى كتاب عن شخصية المسئولية والعقوبة التى جاء بها الإسلام قبل القانون الوضعى بقرون طويلة وهتف بها القرآن « أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى»،
وهل يرضى هؤلاء أن يطبق الغرب والشرق على الأقليات المسلمة نفس المنطق فيذبحونهم عند المحيطات لأنهم أقلية تخالفهم الدين والعقيدة؟
ألم يقرأ هؤلاء أن أهم «مقاصد الشريعة» التى نص عليها العلماء والفقهاء هى «حفظ النفس»..  كل الأنفس.. وأى نفس.. فالنفوس سواء.. وقد أطلق  القرآن الخطاب فى قوله تعالى «مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ».. فكل النفوس سواسية.. وكل الأنفس معصومة كما قال علماء الإسلام ولا تزول هذه العصمة إلا بدليل أنصع من شمس النهار من قرآن وسنة لا يحتمل تأويلًا.
النفوس البشرية هى بنيان الله الذى خلقه بيده ونفخ من روحه.. ومن أحيا هذا البنيان أحياه الله.. ومن هدمه هدمه الله وعذبه فى الدنيا والآخرة.. ومن قتل هذه النفس فكأنما قتل الناس جميعا.
وقد جاء القرآن وكل الرسالات بالإحياء «وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا»
يا سيدى يا رسول الله.. عذرًا..  فداعش لم ولن تفهم أن الإسلام أدخل امرأة النار فى هرة لأنها حبستها ومنعتها الطعام والشراب.. وهى الآن تحبس وتذبح مئات المسلمين والمسيحيين ذبح الشياة من غير رحمة ولا شفقة ودون سند من شرع أو قانون إلا شريعة الغاب.
عذرًا يا رسول الله فقد ناديت «افشوا السلام بينكم».. ففهمتها داعش «افشوا الدمار والقتل والدماء فى العالم كله».
عذرًا  يا رسول الله فقد عفوت فى يوم حنين عن 6 آلاف أسير مرة واحدة وعفوت عمن ظلمك من قريش قائلًا: «اذهبوا فأنتم الطلقاء» ولكننا لم نسمع أن داعش صفحت عن أى أحد أو رحمت أى إنسان مسلما أو غير مسلم.. فقلوبها كجلمود صخر.  
لقد فجرت داعش وزاد بغيها.. فلا يفل الحديد إلا الحديد.. ومن لا يصلحه الخير أصلحه الشر.. ومن أصابه العطب فى عقله ونفسه فلا يصلحه إلا سيف على ّ بن أبى طالب ودرة عمر بن الخطاب التى تدق رأسه لتخرج الوساوس والشياطين منها.