الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حزب إيه اللى أنت جاى تقول عليه؟!

حزب إيه اللى أنت جاى تقول عليه؟!
حزب إيه اللى أنت جاى تقول عليه؟!




كتب: رشاد كامل
«حب إيه اللى انت جاى تقول عليه»
واحدة من أعذب وأجمل وأصدق أغنيات سيدة الغناء العربى «أم كلثوم» كلمات العبقرى الرائع الشاعر «عبدالوهاب محمد» وألحان عبقرى الموسيقى والنغم الموسيقار «بليغ حمدى».
لم أجد أفضل من هذه الأغنية لفهم أحوالنا الحزبية والسياسية ونحن على أبواب انتخابات مجلس النواب، واللت والعجن بين الأحزاب وبعضها وداخلها أكثر من الهم على القلب.
سمحت لنفسى بحذف كلمة «حب» من الأغنية ووضعت بدلاً منها كلمة «حزب» فأصبح المعنى أكثر وضوحًا سياسيًا وحزبيًا، وبعد الحذف والإضافة يمكن القول أو الغناء على نفس الإيقاع للأغنية:
«حزب ايه اللى انتى جاى تقول عليه
انت عارف أبله معنى الحزب ايه
لما تتكلم عليه».
صحيح يا ست وألف صح، هل كل سبعة أو ثمانية جلسوا على مقهى أصبحوا حزبًا، هل ألف شخص قرروا من فرط الملل أن يجتمعوا وينشئوا حركة أو حزبًا تحت التأسيس يمكن أن يقام لهم وزن سياسى.
ما هذا التهريج والمسخرة يا سادة باسم الحزب والأحزاب وما هذا الهطل الذى تمارسه برامج الفضائيات فى استضافة «نكرات» فهذا سكرتير عام الحزب وهذا أمين الإعلام بالحزب وهذه أمينة الصندوق، وذاك مسئول التنظيم والاتصال.. وكلام كبير وتنظير يشعرك أنك أمام حزب الأمة وكوادره بالملايين، بينما أعضاؤه فى الحقيقة هم هؤلاء الستة أو الخمسة الذين يستضيفهم الإعلام!
أكثر من تسعين حزبًا ولدت ونمت وترعرعت ونشأت منذ 25 يناير وحتى الآن، هذا غير الائتلافات الشبابية والحركات الثورية والتجمعات اللى مش عارف اسمها!!
لا شيء على أرض الواقع، لا شىء ملموس تلتف حوله الجماهير لن أتحدث عن برامج أو مبادئ فهذا «ترف سياسى» لحزب كل مقره غرفة فوق السطح ولافتة مكتوب عليها اسم الحزب وليكن «حزب السطوح الثورى».
كل هذه الأشكال سواء كانت أحزابًا أو حركات مجرد كلام فى كلام، وقعدات شاى وقهوة وشيشة والحديث باسم الشعب، ونحن الشعب وإرادة الشعب، والشعب يريد.
إنهم من «أفاضل الناس» فى الكلام خاصة الكلام الجامد قوى قوى من نوعية «أن الفلول وارتباكهم الشعورى وفسادهم «النيتشوى» يسهم فى إفساد ما بعد الالتباس العولمى، لما بعد أزمة الكولونيالية».
كلام حلو رغم أنه مش مفهوم، لكن لأنه غامض غموض السمك فى قاع المحيط، فهو يعجب بهوات وأفنديات النخبة والنخبجية، لكنه لن يصل لأذن وقلب مواطن واحد.. إنه يصلح مقالاً فى دورية محدودة الانتشار أو تبوح به لخطيبتك حتى تفلسع من سيادتك!!
النوايا الطيبة لا تصنع حزبًا لكنها تصنع شلة أو حركة، وكلها حركات!!
أتمنى أن نتعلم جميعًا من درس أستاذ الجيل ذلك الرائد العظيم  المفكر «أحمد لطفى السيد» ــ وهو من هو فى عالم الفكر والأدب والسياسة ــ فقد قرر الرجل أن يخوض الانتخابات سنة 1913 عن إحدى دوائر مديرية الدقهلية ــ فى انتخابات الجمعية التشريعية ــ وكان منافسه واحدًا من أعيان وكبار ذلك البلد ولم يكن يعرفه إلا أهله وأقاربه وبلدته، بينما كان «أحمد لطفى السيد» ملء السمع والبصر ومسئول جريدة الجريدة لسان حال حزب الأمة، ومقالاته عن الديمقراطية والحرية وفضائل مساواة المرأة بالرجل.. و.. و.
واهتدى منافس لطفى السيد لفكرة بسيطة للغاية فقد بدأ يطوف القرى حاملاً معه أعداد «الجريدة» ويبدأ فى الثناء والإشادة على منافسه الأستاذ أحمد لطفى السيد ثم يقول: بس يا خسارة، والله لو لم يكن لطفى السيد ديمقراطيًا لانتخبته وتنازلت أنا عن الترشيح!
ويهب واحد من أنصار لطفى السيد مدافعًا عنه ويتساءل: وما عيب الديمقراطية يا سيدى حتى تأخذهاعليه؟!
وهنا تبدأ اللعبة عندما يمسك المنافس بالجريدة ويشير إلى مقالات لطفى السيد قائلاً: ألا تدرى ما هى الديمقراطية والمصائب التى تجرها على الدين والعادات:  من منكم أيها الناس يرضى أن تتزوج امرأته بأربعة رجال»، وعندما يهمهم البعض مندهشين يواصل القراءة ويستعرض رأى لطفى السيد فى وجوب مساواة الرجال والنساء فى الحقوق ثم يتساءل:
أليس من حق الرجل أن يتزوج بأربع نساء؟! فإذا تساوت المرأة والرجل فى الحقوق، ألا يكون معنى ذلك أن تصبح للمرأة نفس حقوق الرجل فتتزوج هى الأخرى بأربعة رجال!! إذا كان هذا يرضيكم يا حضرات الناخبين فانتخبوا هذا الرجل الديمقراطى المؤمن بالديمقراطية.
وجاءت الانتخابات وسقط «لطفى السيد» سقوطًا ذريعًا ومروعًا لأنه ديمقراطى. وللأسف الشديد فإن عشرات الأفندية وهم لا يملكون واحدًا على مائة من علم وثقافة أستاذ الجيل ــ يتألقون ويبدعون فى الغرف المغلقة المكيفة ــ التى تسمى حزبًا ــ ولا يرون الشعب! فعلاً حزب ايه اللى انت جاى تقول عليه؟!