السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

نظرات فى النقد الإذاعى

نظرات فى النقد الإذاعى
نظرات فى النقد الإذاعى




 كتب - د.حسن على محمد

 

النقد الفنى التليفزيونى لم ينل حقه فى صحافتنا المصرية، رغم أنه قد اصبح علما راسخا بين علوم الاعلام  ولم تفرد له مساحة تليق به لترقى بالاداء وتنور المشاهد وتثقف الشباب وتدعم المجتهد من المذيعين وفريق العمل التليفزيونى.
لقد ساد النقد الانطباعى على حساب النقد الفنى المتخصص وحسبنا ما تموج به صفحات الإذاعة والتليفزيون فى صحفنا القومية والحزبية والخاصة حين نجد محررًا فنيًا قد جلس إلى مكتبه ثم راح يكيل المدح لهذه المذيعة ويكيل القدح لذلك المذيع دون إثارة  من علم أو فن..!
شتان بين محرر فنى يعرف قدر نفسه كناقل للأخبار أو عارض لبرنامج أو مسوق لمسلسل بين الناس، وهو فى هذا يحترم نفسه ويحترم قلمه ويحترم جمهور القراء، وبين مدع يعتبر نفسه ناقدا فنيا يعرف دقائق المهنة ويعرف أقدار المبدعين وأوزانهم الفنية وهو فى سوق النقد الفنية يقدم بضاعة مغشوشة فنجد كلامًا لا يخرج عن (تهاويم وفذلكات) لا قيمة لها فى عالم النقد الفنى المعتبر، ظنا منه أن النقد التليفزيونى هو مجرد عرض لحلقة أو مسلسل أو نشرة أخبار، يقدح فيه فلانا  أو يمدح علانا.
 أما الأمر الأسوأ من هذا فهو ما كتب من مؤلفات حول نقد برامج الإذاعة والتليفزيون فهى فى معظمها لا تعدو أن تكون مجرد مقالات أو هى شبيهة بما نراه فى مقالات بعض محررى الفنون فى الصحافة العربية..! وهى مؤلفات تخلو من الخبرة الفنية والمنهجية والعمق ولا تشى لنا بسعة الثقافة الفنية الإذاعية والتليفزيونية لأصحابها.
  ولقد قرأت مئات المقالات فى النقد الإذاعى لكتاب كبار وعشرات الكتب فى التذوق الفنى فوجدت أكثرهم متأثرا فعلا بالنقد الأدبى ويتعامل مع النص الإذاعى (مرئيا أو مسموعا) كما لو كان نصًا أدبيًا، فيما عدا كتابات دقيقة عن الصحافة الفنية فى مصر للدكتور أحمد المغازى صدرت فى جزءين وثم مقالات نقدية بديعة للدكتور على الراعى المذيع القديم والناقد المعروف رحمه الله وكذلك بعض كتابات فاروق شوشة فى الأهرام.
  ومن يتابع الآن التطور التكنولوجى فى الإذاعة والتليفزيون والفضائيات والانترنت سيجد أن مياها كثيرة جرت والنقاد عنها غافلون، بل هم مشغولون بأشياء سوف تصبح فى ذمة تاريخ الإعلام عما قريب جدا ربما فى أقل من عشر سنوات!
 ولقد كان لضعف تأهيل المحررين الفنيين وعدم متابعة بعض النقاد للجديد أثره السيئ على ركود الفن الإذاعى المصرى.. هذه حقيقة يجب أن نسلم بها، ودع عنك تلك الكتابات الصحفية التى تجامل أكثر مما تنقد وتحدث ضجيجا إعلاميا دون أن تقوم أو تبين جماليات العمل الإذاعى والتليفزيونى.
  ولا شك فى أن استحواذ أقلام معينة على ممارسة النقد فى الصحافة المصرية وإقصائها للنقاد الحقيقيين قد أحدث فجوة بل وغيابًا للنقد الفنى التليفزيونى المبدع، ترتب عليه شبه غياب للوعى النقدى فى صحافتنا المصرية وبتنا لا نفرق بين النقد والدعاية واختلط النقد بالمجاملات وغدت الساحة النقدية الفنية مرتعًا لأنصاف الموهوبين يجاملون أنصاف المبدعين!
  كما أن الإنتاج العربى المسموع والمرئى تزايد حجمه وتنوعت أشكال إنتاجه دون أن يحظى بتقييم دورى يرتكز إلى منهجية أو موضوعية أو حتى دراسات فنية إنتاجية تقود خطاه فى زحام ملايين الساعات الإنتاجية بعد طوفان الفضائيات واشتداد المنافسة بين الجميع عربيا وأجنبيا ولكن هذه الدراسات تقف عند حدود منح الدرجة العلمية لطالبها وتبقى حبيسة المكتبات الجامعية ولا توضع تحت بصر القيادات الإذاعية العربية.
  والمشكلة فى النقد الأكاديمى أنه مشغول بالإحصاء والاستبيانات والنسب المئوية، ومشغول عن الجانب الجمالى والإبداعى بالجانب الأكاديمى وضبط العينة والمعاملات الإحصائية ثم ننتهى إلى نتائج لا تقبل التعميم ولا تنير للمبدع الإذاعى طريقه مما يجعله بعيدا عن متناول الإذاعيين ولا يستفيدون منه بشىء.
 نخلص الى طرح مجموعة من التساؤلات المهمة:
▪ هل فى الساحة النقدية الآن نقاد إذاعيون مبدعون، متمرسون، خبراء؟
    ـ وإذا كانت لدينا هذه النوعية من النقاد فهل لديهم الحرية والاستقلالية التى تجعل لأصواتهم صدى عند أصحاب القرار فى مؤسساتنا الاعلامية وعند المبدعين من مذيعين ومخرجين وفنانين وغيره؟
   ـ وإذا كانت لدينا هذه النوعية من النقد الحر المستقل فهل نجحت فى الإسهام فى تطوير إنتاجنا الإذاعى؟