الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عيادات المدارس.. «عفوًا لا يوجد دكتور»

عيادات المدارس.. «عفوًا لا يوجد دكتور»
عيادات المدارس.. «عفوًا لا يوجد دكتور»




 تحقيق - دنيا نصر


لا تتقدم الدول إلا بسواعد شبابها لذا نجدها تهتم بالنشء والأجيال القادمة لانها تعرف انه لا سبيل للتقدم إلا بهم، وتعد المدرسة هى أولى الأماكن التى تبدأ فيها رعاية النشء الصغير، فوفرت الدولة  لهم سبل الرعاية خاصة الرعاية الصحية، لكن فى الآونة الأخيرة خاصة بعد انتشار العديد من الأمراض باتت العيادات الصحية مجرد أرفف متهالكة، وأدوات طبية قديمة، وأطباء غائبين وغاب الاهتمام بإصلاحها وتطويرها، وحل محل الأطباء ممرضات لا يملكن أى خبرات طبية، لايتعدى دورهن إلا صرف بعض الأدوية، وفى بعض المدارس قام المسئولون بتحويل تلك العيادات إلى مخازن للكتب.
فى البداية تقول عايدة محمود إن ابنتها بالمرحلة الاعدادية بإحدى المدارس التى تظهر بها العديد من الأمراض،مضيفة ان الطبيب لايحضر سوى يوم واحد كل 3 شهور، ويمر بشكل روتينى على فصول المدرسة، مشيرة إلى أنه ليس هناك أخصائية صحية تتابع حالات الطلاب بشكل يومى، مشددة على ضرورة وجود أطباء مؤقتين فى جميع المدارس حتى تتم المتابعة الصحية للطلاب يوميا،ما يعمل على منع انتشار الأمراض، مؤكدة انه عندما ظهر وباء أنفلونزا الطيور ومن بعده أنفلونزا الخنازير أعلنت حالة الطوارئ،، وكانت التعليمات الوقائية والاجراءات الطبية وقرارات تفعيل وتطوير العيادات المدرسية على أشدها، ولكن كالعادة تراجع كل شىء مع انحسار الوباء لنستيقظ على وباء جديد يكشف غياب دور العيادات الطبية فى المدارس وقصور التأمين الصحى.
وأعرب عصام السيد عن استيائه الشديد من تقصير مسئولى وزارة الصحة والتأمين الصحى تجاه طلاب المدارس، قائلا «ابنى فى مدرسة حكومى وملوش تأمين صحى وشهريا لازم يصاب بأى مرض نتيجة عدم وجود عيادة طبية بالمدرسة، وذلك لتحويلها إلى «منفذ بيع للأغذية والحلويات» الخاصة بالمدرسة.. فى حين أن هناك العديد من الزائرات الصحيات ببعض المدارس يمرون يوميا على الطلاب لمتابعة حالتهم الصحية وفى حال ظهور أعراض مرضية على أى طفل تخطر مدير المدرسة تمهيدا لنقل الطالب المصاب إلى المستشفى على الفور، مشيرا إلى ان هذا يحدث فقط فى المدارس الخاصة، وليست الحكومية منها، مضيفا أن بعض المدارس يذهب طبيب التأمين الصحى إليها مرة كل أسبوع أو عشرة أيام، حيث إن كل طبيب مسئول عن ثلاث أو أربع مدارس.
وقالت فاطمة عصام إنه من المفترض أن تكون هناك عيادة تأمين صحى فى كل مدرسة وممرضة وغرفة للعزل وطبيب من التأمين الصحى للكشف على الطلبة واكتشاف أى مرض وعلاجه والابلاغ عن أى مرض معد يظهر فورا إلى المسئولين لاتخاذ الاجراءات الوقائية اللازمة.. مشيرة إلى أن اختها بمدرسة براعم الإيمان والتى يجب أن تكون «اسما على مسمى» فهى مدرسة حكومية و لا يوجد بها حتى ممرضة أو اخصائية صحية تتابع حالات الطلاب الصحية، مشيرة إلى أن هناك تقصيرا شديدا من قبل وزارة الصحة والتى يجب ان تقوم بتوزيع الأطباء أو الممرضات على المدارس خاصة الحكومية التى كانت ولاتزال مهملة، ففى بعض المدارس لا توجد عيادة وانما غرفة صغيرة مغلقة تسمى غرفة العزل ولا يوجد طبيب أو ممرضة، وعرفت بعد ذلك أن ناظر المدرسة هو الذى يقوم بتحويل الحالات المرضية إلى اقرب وحدة صحية من المدرسة ويجرى طبيب الوحدة الكشف وصرف الدواء وإعطاء الإجازات المرضية.
فيما أكد أحمد أبو المجد مدرس بإحدى المدارس الحكومية أنه لا يوجد بالفعل عيادة أو ممرضة أو طبيب، قائلا: «نحن كمدرسين مسئولون عن اكتشاف أى حالة مرضية بين الطلاب ونقوم بإبلاغ مدير المدرسة بها وهو من يقوم بتحويل الحالة إلى الوحدة الصحية، فنحن فى هذه الحالات لا نعرف اذا كان الطالب مريضا أم لا وهل مرضه معد أم لا، ومن المفترض أن الطبيب هو الذى يعرف هذا لكن عندما «يسعل» الطالب لمدة يومين نبلغ مدير المدرسة الذى يمنحه اجازة ويطلب منه أن يصطحب والده إلى الوحدة الصحية وإحضار شهادة مرضية من طبيب بعدد أيام الغياب ولا أحد يعرف نوع المرض، فالطبيب يأتى حسب ظروفه، مضيفا انه من المفترض أن تكون هناك ممرضة فى كل مدرسة ويوجد طبيب لكل مدرستين أو ثلاث حسب كثافة المدرسة وعدد الطلاب.
متسائلا: «كيف أطلب من الطالب ان يغسل يديه بالصابون ولا يوجد صابون بالمدرسة صحيح فيه حجرة عزل لكنها موجودة فقط لعزل حالات أنفلونزا الخنازير وهى مغلقة الآن بأغلب المدارس خاصة الحكومية، مشيرا إلى أن هذه الغرفة لا تصلح أبدا أن تكون عيادة حيث إن سقف الحجرة من الصاج ولا يوجد بها مروحة والشمس تضرب فيها طوال الوقت مما يجعل الجلوس فيها مستحيلا، حيث كانت العيادات منذ سنوات تمتلئ بالأطباء الأكفاء والتزامهم بالتطعيمات التى تمد طلاب المدارس بالحذر الشديد ضد الأمراض التى تواجههم والتى منها الحصبة والجدرى والتطعيم أيضا ضد شلل الاطفال.
وتقول حنان حمدى مدرسة بإحدى المدارس إن الحكومية على وجه الخصوص لا توجد بها عيادة أو طبيب أو ممرضة والطلاب ليس لديهم بطاقات صحية ودورات المياه خالية من الصابون أو المطهرات، كما أن رائحتها لا تطاق من عدم النظافة الواضحة على الأرضيات والاحواض،
قائلة: «إنه فى السنة الماضية كان يوجد بعض الأمراض التى انتشرت بشكل كبير وملحوظ وكان من ضمن هذه الأمراض مرض أنفلونزا الطيور وأنفلونزا الخنازير فأتى طبيب من التأمين الصحى وطلب فحص فصل من الفصول وطلب تحويل إحدى الحجرات إلى غرفة عزل تحسبا للطوارئ وقال عندما تظهر أى أعراض على الطلاب مثل ارتفاع درجة الحرارة أو كحة شديدة لمدة يومين يعزل المصاب ونبلغ مديرية الصحة على الفور، وطلب منا أيضا أن نطلب من التلاميذ أن يحضروا معهم صابونة ومنديل، ولكن هذا العام ومنذ بداية الدراسة لم يأت أى طبيب، ولم نر أى اهتمام من قبل المسئولين عن الحالات الصحية التى تواجه الطلاب طوال عامهم الدراسى، فهناك بعض المدارس تستغل غرف العزل لتجميع بعض الكتب الدراسية أو استبدالها بـ«بيع الحلويات والأغذية» المدرسية والتى أحيانا توزع على طلاب المدارس.. والطلاب لا توجد لهم بطاقات صحية، لكن عندما يصاب طالب أو يتعب نطلب منه ان يذهب إلى الوحدة الصحية حسب تعليمات وزارة التربية والتعليم.
فيما قال حسام عبدالغفار المتحدث باسم وزارة الصحة: إن التأمين الصحى يمد العيادات فى المدارس بالمطهرات والصابون، ولكن حسب احتياجات العيادة فقط وتطهر الآلات التى تستخدم، وطبيب التأمين غير مسئول عن نظافة دورات المياه والممرضة تمر للتأكد من نظافتها ويوجد فى العيادات ماسكات بكميات كبيرة تحسبا لظهور أى حالات أنفلونزا الخنازير أو ما شابه من هذه الأمراض، بالاضافة إلى ان وزارة التربية والتعليم هى المسئولة عن توفير الصابون والمطهرات وليست وزارة الصحة، ففى السنوات الماضية كانت الوزارة تمد المدارس بكميات كبيرة من الصابون والمطهرات لكن هذه السنة لم يتم ارسال أى مطهرات أو صابون، مضيفا ان فى كل مدرسة توجد غرفة صغيرة مكتوب عليها غرفة العزل، عيادة نظيفة تجلس بها ممرضة، دورات المياه نظيفة وبها صابون ومطهرات فنحن نحافظ على صحة الطلاب ونقلل حالات الغياب بسبب المرض، حيث إن غسل الأيدى بالصابون يمنع العدوى بنسبة تصل إلى 90%، مشيرا إلى انه يوجد بكل مدرسة طبيبة من التأمين الصحى وهى تأتى لكل مدرسة كل يومين وفى حالة ظهور أى مرض بين الطلاب نقوم بإبلاغها فورا.
ويعلق هشام عطا رئيس قطاع الطب العلاجى بوزارة الصحة على ما يحدث بعيادات المدارس بأن أغلب هذه المدارس لا توجد بها ميزانية كافية لشراء الاحتياجات والأدوات والمعدات الطبية كالصابون والمطهرات، ولكن طبيب التأمين الصحى يأتى لكل مدرسة كل ثلاثة أيام ويقوم بالكشف على الطلاب المرضى بعد أن تقوم الممرضة باحضارهم للعيادة ويكتب لهم العلاج ويعطيهم الإجازات، مضيفا ان التأمين الصحى ملزم بعلاج طلاب المدارس طبقا لقانون التأمين الصحى الخاص من الابتدائى وحتى نهاية المرحلة الثانوية، وتقوم الوحدة الصحية بصرف العلاج بالمجان، والطالب يدفع ثلث ثمن العلاج.. كذلك صرف العلاج بكل سهولة وإعطاء الاجازات المرضية لهم، وفى حالة الأمراض المعدية تبلغ السلطات الصحية عند ظهور أى مرض جديد، حيث يقوم أطباء التأمين بمساعدة الطب الوقائى التابع للوزارة باكتشافه والوقاية ومكافحة الأمراض المعدية المنتشرة بالمدارس.
ويقول عمرو قنديل مدير الطب الوقائى أن التأمين الصحى مسئول عن العيادات الموجودة فى المدارس، فيما يخص نظافتها وتوفير ممرضة وتوفير الصابون والمطهرات اللازمة لنظافة العيادة، وتطهير الآلات التى يستخدمها الطبيب أثناء عمله، والسبب فى انتقال المرض بهذا الشكل السريع يرجع إلى عدم التزام الطلاب بالنظافة وغسل الأيدى دائما.. مشيرا إلى أن الأطباء الجدد «شباب الأطباء» يرفضون العمل فى التأمين الصحى بسبب ضعف الرواتب ويقوم التأمين بتعويض العجز فى عدد الأطباء بالتعاقد مع أطباء التأمين الصحى الذين خرجوا على المعاش للعمل بمكافآت، والمرور على المدارس للكشف على الطلاب، وكل طبيب يكون مسئولا عن ثلاث أو أربع مدارس حسب كثافة المدارس فى المنطقة، والمفروض أن يكون فى كل مدرسة عيادة وممرضة، ويقوم التأمين بمد الأطباء فى العيادات بالصابون والمطهرات والديتول تحت بند الصرفية الطبية، لان الطبيب لا يستطيع العمل بدون تعقيم وتطهير الآلات التى يعمل بها وغسل يده قبل الكشف على كل طالب.. مضيفا  أن تطبيق مشروع التأمين الصحى الاجتماعى الشامل الجديد سوف يقضى على كل الثغرات الموجودة الآن فى التأمين الصحى سواء للطلبة أو الموظفين أو كل الفئات الأخرى، لأن المشروع سيعالج كل الثغرات ونواحى القصور.