الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«طونى خليفة».. من لاعب كرة طائرة لـ«مذيع الفضائح»

«طونى خليفة».. من لاعب كرة طائرة لـ«مذيع الفضائح»
«طونى خليفة».. من لاعب كرة طائرة لـ«مذيع الفضائح»




كتب - عمر حسن
إلحاد، جنس، شعوذة، ادمان، فن وسياسة، تلك هى الموضوعات التى تخصص فى تقديمها على مدار خمسة وعشرين عاما من العمل فى مجال الإعلام، عاش خلالها باحثا عن «الفضيحة» فى كل مكان، بعد أن علم أن طبيعة الجمهور العربى تنجذب إلى مثل هذا النوع من البرامج، فاستغل ذلك أحسن استغلال ووضع نفسه فى خانة المذيع المثير دائما للجدل، فتهافتت عليه القنوات التى تشاركه فكره وأسلوبه فى تقديم البرامج، لتحقق برامجه أعلى نسب مشاهدة على موقع «اليوتيوب».

«طونى خليفة»، مذيع لبنانى من مواليد قرية «عمشيت» عام 1968 أى يبلغ من العمر 46 عاما، بدأ حياته كلاعب كرة طائرة، ثم فضل دخول الحقل الاعلامى فخاض لأول مرة تجربة التقديم الاذاعى وقام بعمل أول برنامج رياضى له على اذاعة «بيبلوس»، انتقل بعدها إلى إذاعة «لبنان الحر»، وفى عام 1992 انتقل إلى قناة «الإل بى سى» اللبنانية مع فريق إذاعة لبنان الحر بهدف تغطية الانتخابات النيابية، لكنه ظل بالمحطة ولم يتركها فتعددت مهامه داخلها ليتنقل فيها من مراسل إخبارى إلى مذيع نشرة أخبار.
فى سنة 1997 بدأ «خليفة» بتقديم برامج المسابقات والبرامج الفنية منها «بتخسر إذا ما بتلعب»، بعدها برنامج «ساعة بقرب الحبيب» ثم البرنامج الذى أحدث ضجة «لمن يجرؤ فقط» على فضائية «ال بى سى»، وغيرها. وفى عام 2007 ترك قناة «الإل بى سى» لينتقل بعدها إلى قناة «الجديد» ويقدم عليها برنامج «للنشر».
توجهت أنظاره بعد ذلك إلى مصر، فوجد فيها مجالا خصبا للعمل، وبالفعل التقى رجل الأعمال «طارق نور» واتفق معه على تقديم سلسلة من البرامج الحوارية «الجريئة» كى يُعلى من اسم القناة، فرحب «نور» كثيرا نظرا لتوافقه مع السياسة الإعلامية التى ينتهجها المذيع اللبنانى، وبدأت شهرته تتضاعف فى مصر بعد تقديم أول برامجه على مجموعة قنوات القاهرة والناس «لماذا» والذى وضعه تحت الأضواء نظرا للمادة الجريئة التى قدمها البرنامج من خلال مقابلات صريحة مع مجموعة من الفنانين والإعلاميين والشخصيات العامة الشهيرة ليبدأ سلسلة من نوعية هذه البرامج على نفس القناة أيضا.
أما عن الجانب السياسى، فقد حرص على إظهار الحياد أمام الجمهور إلا أنه فى الحقيقة كان ينفذ «أجندة» رجل الأعمال المصرى بما يتسق مع مصالحه الشخصية، فقد ساهم «خليفة» فى تلميع جماعة الإخوان المسلمين خلال فترة حكمها حيث خصّص برنامجا كاملا يحمل اسمهم وهو «عصر الاخوان»، يدور محتواه حول الجماعة وسياساتها فى ادارة شئون البلاد، فاستضاف به الفنانين والاعلاميين والسياسيين، ومن بينهم مرشد الجماعة السابق «مهدى عاكف» الذى أفرد له حلقتين كاملتين ناقش معه تاريخ الجماعة وانجازاتها، كما استغل الاسلاميين فى مناظرات مع خصومهم السياسيين والتى وصلت إلى حد السُباب والتخوين، وسط ابتساماته الصفراء.
بعد سقوط الإخوان فى مصر ركّز «خليفة» موضوعاته حول «الشذوذ الجنسى» وقضايا «الإلحاد» وما إلى ذلك من الموضوعات الشائكة التى يعُد أبطالها على أصابع اليدين مقارنة بتعداد السكان فى مصر، فعمد على تحويلها إلى ظاهرة شائعة فى مصر، بما يعكس صورة سلبية عنها للبلدان الأخرى، فاستضاف الراقصات وفتيات الليل و«الدجّالين» لتتحول برامجه إلى مستنقع إعلامى يضم كل «صعلوك» من حاملى الأفكار الشاذة، التى دافع عنها وأعطى لها من الصوت العالى بما لا تستحقه.
يتشدق «خليفة» بحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدنى فى الدفاع عن «الشواذ» ومضطربى الهوية، ويجعل من «فتيات الليل» والراقصات «فنانين»، فكانت آخر سقطاته ببرنامجه «أسرار من تحت الكبرى» الذى يعرض حاليا على «القاهرة والناس» حينما استضاف «شاكيرا» الراقصة المصرية على أنها فنانة استعراضية وأتى بصحفى من مؤسسة الاهرام على أنه ناقد، ودارت الحلقة بحوار مبتذل لا يرقى أن يُعرض حتى على شاشة قناة محلية لما تضمنه من مصطلحات جنسية صريحة، لكن تبقى العلاقات داخل برامجه هى أساس اختيار الضيوف، كما حدث فى حلقة فتاة «الايمو» التى كانت تعانى من صدمة مجتمعية أدت بها إلى الانعزال عن الناس وانتهاجها للسلوك العنيف، فضلا عن تشبهها بـ«عبدة الشيطان»،
فاستضاف معها «محمد عبد الله» رئيس تحرير جريدة «الشباب» بدلا من أن يأتى بخبير نفسى، لا لشىء إلا أن رئيس التحرير ذاك تربطه علاقة وطيدة برئيس تحرير البرنامج.. كان له الفضل فى إعطاء «أنصاف العلماء»، ممن يتاجرون بالدين، وزنا على الفضائيات، فاستضاف المدعو محمد عبد الله الشهير بالشيخ «ميزو» والذى قدم عدة فتاوى لا تمت للإسلام بصلة، حتى لقّبه بعض المشايخ بصاحب فتاوى البارات، فضلا عن تعمده إثارة الموضوعات التى من شأنها اشعال الفتنة الطائفية، كالخوض فى الأحكام الشرعية بخصوص الزواج عند المسلمين ومقارنته بالزواج فى المسيحية بل والاتيان بمشايخ الشيعة واجلاسهم جنبا إلى جنب مع باقى الديانات ليناقش الخلافات الشرعية بين الثلاثة وهو ما أدى لاحتدام النقاش ذات مرة بين اثنين منهم.
وجد «المشعوذون» فى برنامجه فرصة ذهبية للشهرة والترويج لأنفسهم، فاستضاف «قارئة الفنجان» التى ادعت استطلاع الغيب وكشف «الطالع»، فى مواجهة عالم أزهرى داخل الاستديو، وهو ما خلق نوعًا من الفجوة الكلامية فى الحوار ففى حين تحدث الشيخ بمنطلق علمى، تحدثت هى بلغة «الفهلوة» ورفع الصوت، فما كان منا سوى الاستماع مُجبرين لحديثها الذى اعتمد على «الخزعبلات» وتسخير «الجان».. يظل المذيع اللبنانى يتبع ذلك الأسلوب «المبتذل» فى اختيار موضوعاته، طالما وجد المُموّل الذى يغدق عليه الملايين فى سبيل التنكيل بالمجتمع المصرى واظهاره على أنه مجتمع «منحرف» انتشرت فيه الجريمة والمخدرات والشذوذ، فلم يبق به ما يستحق الثناء والمدح.