الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مات عمر بن الخطاب!

مات عمر بن الخطاب!
مات عمر بن الخطاب!




كتب: أشرف بدر
قبل الإعلان رسميا عن نتائج المؤتمر الاقتصادى، لن نتعجل فى سرد حزمة النجاحات التى حققها، وأبرزها جذب قائمة ذهبية من كبار المستثمرين ورجال الصناعة ومجتمع المال والأعمال الدوليين وضخ ملياراتهم فى اواصر الاقتصاد الوطنى ، وهذه شهادة بثقة العالم فى مصر الجديدة».. علاوة على الهزيمة المنكرة لقوى الظلام والتطرف التى أرادت وأد كل إصلاح تسعى اليه القيادة الحالية.
وأردت أن أنأى عن المؤتمر الذى وصفه المراقبون والخبراء وكبريات المؤسسات الدولية بـ«الناجح قبل ان يبدأ» وانه طاقة النور التى تضىء المنطقة ككل وليس مصر.. ونتناول قصة حقيقية نشرت لطفل مأزوم بسبب موت الفاروق عمر بن الخطاب، بعد أن رأى انه هو «مخلص» مصر من عبودبة الفرد، ومطعم الفقراء والبؤساء.
 ويحكى والد الطفل عن تفاصيل قصة نجله يقول: شىء من خوف ممتزج بوجوم يكسو وجه زوجتى عندما فتحت لى الباب عقب عودتى من العمل.
 سألتها: ماذا هناك؟
 قالت بصوت مضطرب:  الولد.. أسرعت إلى غرفة أطفالى الثلاثة منزعجًا فوجدته فوق السرير منزويًا فى انكسار وفى عينيه بقايا دموع.
 احتضنته وكررت سؤالى: ماذا حدث؟ لم تجبنى.. وضعتُ يدى على جبهته.. لم يك هناك ما يوحى بأنه مريض.
 سألتها ثانية: ماذا حدث؟!
 أصرت على الصمت.. فأدركت أنها لا تريد أن تتحدث أمام الطفل الصغير.. فأومأت إليها أن تذهب لغرفتنا وتبعتها إلى هناك بعد أن ربت فوق ظهر صغيرى.
عندما بدأت تروى لى ما حدث منه وما حدث له أيضًا هذا الصباح بدأت أدرك،  فالقصة لها بداية لا تعرفها زوجتى.. هى شاهدت فقط نصفها الثانى.. رحت أروى لها شطر القصة الأول كى تفهم ما حدث ويحدث، القصة باختصار أنى أعشق النوم بين أطفالى الثلاثة أسماء وعائشة وهذا الصبى الصغير وكثيرًا ما كنت أهرب من غرفة نومى لأحشر نفسى بقامتى الطويلة فى سريرهم الصغير.. كانوا يسعدون بذلك وكنت فى الحقيقة أكثر سعادة منهم بذاك.
 بالطبع كان لا بد من حكايات أسلى بها صغارى.
 كانت أسماء بنت الثمانية أعوام تطالبنى دائمًا بأن أحكى لها قصة سيدنا يوسف أما فاطمة فكانت تحب سماع قصة موسى وفرعون أو الرجل الطيب والرجل الشرير كما كانت تسميهما هى.
وأما صغيرى فكان يستمع دون اعتراض لأى حكاية أحكيها سواء عن سيدنا يوسف أو عن سيدنا موسى.
 ذات ليلة سألت سؤالى المعتاد سيدنا يوسف أم سيدنا موسى.. صاحت كل واحدة منهما تطالب بالحكاية التى تحبها.
فوجئت به هو يصيح مقاطعًا الجميع:عمر بن الخطاب.
 تعجبت من هذا الطلب الغريب.. فأنا لم أقص عليه من قبل أى قصة لسيدنا عمر.. بل ربما لم أذكر أمامه قط اسم عمر بن الخطاب.. فكيف عرف به.. وكيف يطالب بقصته.
 لم أشأ أن أغضبه فحكيت له حكاية عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه.. ارتجلت له هذه الحكاية بسرعة حدثته عن خروجه بالليل يتحسس أحوال رعيته وسماعه بكاء الصِبية الذين كانت أمهم تضع على النار قدرًا به ماء وحصى وتوهمهم أن به طعامًا سينضج بعد قليل ليسدوا به جوعهم.حدثته كيف بكى عمر وخرج مسرعًا..
 ثم عاد وقد حمل جوال دقيق على ظهره وصنع بنفسه طعامًا للصبية.
 فما تركهم حتى شبعوا وناموا
 نام صغيرى ليلتها سعيدًا بهذه الحكاية.
 فى الليلة التالية فوجئت بصغيرى يعلن أنه سيحكى لنا قصة عمر بن الخطاب
 قلت له مستهزئاً: أتعرف؟
 أجاب فى تحد : نعم
 لا أستطيع أن أصف دهشتى وأنا أسمعه يحكيها كما لو كان جهاز تسجيل يعيد ما قلته.
 فى ليلة أخرى أحب أن يسمع حكايات ثانية لعمر بن الخطاب..
 حكيت له حكاية ابن القبطى الذى ضربه ابن عمرو بن العاص.. وكيف أن عمر بن الخطاب وضع السوط فى يد ابن القبطى وجعله يضرب ابن العاص.
 فى الليلة التالية أعاد على مسامعى حكايتى. كان قد حفظها هى الأخرى..وهكذا أمضينا قرابة شهر.. فى ليلة أحكى له قصة عن عدل عمر.. أو عن تقواه.. أوعن قوته فى الحق.. فيعيدها على مسامعى فى الليلة التالية.
 فى إحدى الليالى فاجأنى بسؤال غريب:هل مات عمر بن الخطاب؟
 كدت أن أقول له – نعم مات!
 لكنى صمت فى اللحظة الأخيرة فقد أدركت أنه صار متعلقًا بشخص عمر بن الخطاب.
 وأنه ربما يصدم صدمة شديدة لوعلم أنه قد مات.. تهربت من الإجابة.
فى الليلة التالية سألنى ذات السؤال تهربت أيضًا من الإجابة.
 بعدها بدأت أتهرب من النوم مع أطفالى كى لا يحاصرنى صغيرى بهذا السؤال..
 صباح اليوم خرج مع والدته..
 فى الطريق لقى امرأة وعلى كتفها صبى يبكى كانت تسأل الناس شيئًا تطعم به صغيرها، فوجئ الجميع بصغيرى يصيح بها لا تحزنى سيأتى عمر بن الخطاب بطعام لك ولصغيرك.
 جذبته أمه بعد أن دست فى يد المرأة بعض النقود.
 بعد خطوات قليلة وجد شابًا مفتول العضلات يعتدى على رجل ضعيف بالضرب بطريقة وحشية.
 صاح صغيرى فى الناس كى يحضروا عمر بن الخطاب ليمنع هذا الظلم.
فوجئت أمه بكل من فى الطريق يلتفت نحوها ونحو صغيرى.
قررت أن تعود إلى المنزل بسرعة.
 لكن قبل أن تصل إلى المنزل اعترض طريقها شحاذ رث الهيئة وطلب منها مساعدة دست فى يده هو الآخر بعض النقود وأسرعت نحو باب المنزل.
لكنها لم تكد تصعد درجتين من السلم حتى استوقفها زوجة البواب لتخبرها أن زوجها مريض فى المستشفى وأنها تريد مساعدة.
 هنا صاح صغيرى بها:
 هل مات عمر بن الخطاب؟!
عندما دخلت الشقة كان صوت التلفاز عاليًا كان مذيع النشرة يحكى ما فعله اليهود بالقدس ومحاصرتهم للمسجد الأقصى.
أسرع صغيرى نحو التلفاز وراح يحملق فى صورة الجنود المدججين بالسلاح وهم يضربون المصلين بقسوة بالهراوات والرصاص المطاطى التفت نحو أمه وهو يقول:
 مات إذن عمر بن الخطاب!
 راح يبكى ويكرر، مات عمر بن الخطاب..مات عمر بن الخطاب.
 دفع صغيرى باب الغرفة صمتت أمه ولم تكمل الحكاية.. لم أك محتاجًا لأن تكملها فقد انتهت.
 توجه صغيرى نحوى بخطوات بطيئة وفى عينية نظرة عتاب
مات عمر بن الخطاب؟
رفعته بيدى حتى إذا صار وجهه قبالة وجهى رسمت على شفتى ابتسامة وقلت له.
 أمك حامل. ستلد بعد شهرين. ستلد عمر.
 صاح فى فرح : عمر بن الخطاب
 قلت له: نعم.. نعم ستلد عمر
ضحك بصوت عالٍ وألقى نفسه فى حضنى وهو يكرر
 عمر بن الخطاب. عمر بن الخطاب
 حبست دموعى وأنا أترحم على عمر بن الخطاب.
 نعم مات عمر ولكن لم تمت أمة الإسلام التى أنجبت عمر
 نعم مات عمر ولكن لم يمت القرآن الذى عمل به عمر
 نعم مات عمر ولكن لم تمت الشجاعة والنخوة والرجولة التى أورثت لأمة الإسلام
 نعم مات عمر ولكن سيخرج من أمتنا ألف ألف عمر.