الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المصالحة مع قتلة الأبرياء إرادة «شعبية - دينية» وليست قرارًا سياسيًا

المصالحة مع قتلة الأبرياء إرادة «شعبية - دينية» وليست قرارًا سياسيًا
المصالحة مع قتلة الأبرياء إرادة «شعبية - دينية» وليست قرارًا سياسيًا




كشف الدكتور محمد شيخ، رئيس مجلس الشئون الإسلامية فى الجزائر، عن النتائج التى حصدتها الدولة وخسائرها فى القضاء على الإرهاب فى التسعينيات أن التجربة نجحت وبنتائج قوية بعد إعمال لغة العقل وترك السلاح.
وأكد فى حواره لـ«روزاليوسف» أن أكثر من 200 ألف قتيل، و7 آلاف مفقود، و30 مليار دولار، كانت خسائر الجزائر من الإرهاب، مشيراً إلى أن ثورات الربيع العربى تعتبر سبباً فى انتشار كل هذا الإرهاب.
■ هل بالفعل المنتسبون للإسلام لهم أخطاء؟
- عظمة الإسلام تخفى على كثير من المسلمين ممن يحتكون بالأمة الإسلامية، ولا يمكن أن نتناسى أن للمنتسبين للإسلام أخطاء، لكن هناك أخطاء بدرجات متفاوتة ناتجة عن فهم خاطئ للدين الإسلامى وبعض النصوص الإسلامية، واتباع الشباب الصغار لكبار يتحدثون بما لا يعلمون، ونحن عشنا فى الجزائر تجربة مريرة مع الإرهاب فى التسعينيات لدرجة أن خطب ومنابر بعض الدول العربية التى لا داعى لذكر اسمائها كانوا يدعون للإرهابيين  على منابرهم بالنصرة على الدولة، بل والأدهى والأمر تصفهم بالمجاهدين.
■ ثورات الربيع العربي.. هل تعتبر سبب انتشار الجماعات الإرهابية؟
- بالطبع ثورات الربيع العربى سبب فى انتشار الإرهاب، كما أن الوقت الحالى يتميز بتقنيات تكنولوجية هائلة وشبكات التواصل الاجتماعى، خاصة الصفحات الوهمية، حيث إن التواصل أصبح سهلا وسريعاً عابراً للحدود والقارات، وبالنظر إلى التسعينيات نجد أن أصاحب الفكر التكفيرى فى الجزائر كان ينشرون علمهم فى الكتب فكان يسهل صد أفكارها التكفيرية أو يحاول نشر فكره من خلال المنبر، لكن اليوم أصبح الوضع صعبًا فكنا نستريح عندما نجد الشاب دخل غرفته وأغلق على نفسه، لكن الشاب الآن عندما يدخل غرفته نصبح أكثر قلقلاً عليه خاصة من تعامله مع مواقع التواصل الاجتماعى الفيس بوك وغيرها، فالتكنولوجيا عائق فى القضاء على الإرهاب.
■ البعض يرى أن تجربة الجزائر فى محاربة الإرهاب فى التسعينيات تصلح حاليا.. ما رأيك؟
- تجربة الجزائر فى القضاء على الإرهاب فى التسعينيات كانت ناجحة بارعة ونطالب العالم بتطبيقها لأنها حققت نتائج قوية، فبعد أكثر من 200 ألف قتيل، و7 آلاف مفقود، و30 مليار دولار خسائر، أستطعنا أن نوقف الارهاب وحدنا ولم يساعدنا أحد فى هذا الوقت من خلال  قيادة جزائرية صمدت أمام الإرهاب.
■ إذن ما الدروس المستفادة من حرب الجزائر؟
- تجربة الجزائر رائدة ووحيدة لكنها تجربة يجب على المجتمع الدولى أن ينظر إليها من خلال نتائج حققتها، وأوقفت من خلالها  العنف والإرهاب والتشريد والحرق واستطاعت أن تعيد الذين غرر بهم  من الشباب وتدمجهم فى المجتمع، وذلك لأننا أدركنا أن هناك مجموعة كبيرة من الشباب غرر بهم بسبب قلقهم أو كرههم للنظام  فى الجزائر آن ذاك.
■ من وجهة نظرك هل يمكن التصالح مع إرهابي؟
- خلال محاربتنا للإرهاب عملنا على تغيير لغة القتل لأنها لا فائدة، وحرصنا خلال الجلسات أن نسألهم عن مدى علمهم إن كانوا أخطأوا من عدمه، ونطالبهم بالتوبة والرجوع عما فعلوا إلى الله، فكان الإرهاب فى الجزائر يسيطر على قلب العاصمة، وكانت لو توقفت أمامى سيارة لسقط قلبى وقتها من رعب الإرهاب والتفجيرات، لكن ندرك أنه ليس هناك إلا المصالحة، وهذه المصالحة ليست قرارًا سياسياً وإنما إرادة شعبية ودينية وسياسية ومشروع المصالحة نوقش فى مجلس الحكومة والبرلمان ومجلس الأمة الجزائري، وشرح فى كل وسائل الاعلام واستفتى عليه فى الشوارع، وحصل على نسبة 97% للقضاء على الإرهاب قالوا نعم للمصالحة مع الإرهابيين وليس مواجهة السلاح، وكانت هناك جرأة مع هذا القرار وفعل هذا الشىء على الرغم أننا انتقدنا كثيرا حول المصالحة مع الارهاب، لكن حلت المشكلة.
■ هل المصالحة لها جذور تاريخية فى الإسلام؟
- الفتنة الداخلية قاتلة ولم يصدقنا العالم عندما قولنا إننا نتصالح مع الإرهاب، والعالم كان يقول إن الجيش الجزائرى كان يقتل الأفراد وكان سؤال تاريخى طرح من العالم وقتها من يقتل ومن هنا كان لابد من التوقف عند الدم، فمن أراد أن يتوب أهلا به من لم يتب فالسلاح معه هو الحل.
■ هل شارك شباب جزائريون فى الهجمات الإرهابية على شارلى إيبدو؟
- لا نمانع بأن نقول هناك بالفعل شباب جزائرى يشارك فى التنظيمات الإرهابية التى تقلق المنطقة هذا الوقت، بل وإنكاره أمر لا يصح على الإطلاق، لكن حادثة شارلى إيبدو يجب أن ننظر إليها بنظرة العدل والإنصاف، فالجريدة أساءت للإسلام ولا نتغافل عن هذا والقرآن منعنا من سب غير المؤمنين، لكن من نتائج أحداث شارلى ايبدو نطالب بقانون ترعاه هيئة الأمم المتحدة يجرم فعل الإساءة للإسلام جميعا وللرموز الدينية، والمسلم لا يتعدى على الرموز الدينية لغير المسلم والعكس.
وأيضا حرية التعبير لها حدود، وفعل شارلى إيبدو لا يبرره رد فعل من نسبوا للإسلام، لكنها حماقة ارتكبت من بعض المتطرفين، فالغرب عموما وأعداؤنا فى الخارج يعنيهم أن تصبح الدول العربية دويلات وعصابات تتناحر بينهم، ودراسات أكاديمية تؤكد ما أقول.
■ أين الجزائر من الإلحاد؟
- لا ينتشر الإلحاد بنسبة كبيرة فى الجزائر، وليس لأحد يكره الناس على الدخول فى الدين داخل بلادنا، ولكل شخص الحرية فى اختيار معتقداته الدينية، وتبنى مجموعة من الناس رأيا لا يعنى بالمرة أن يقوموا بفرضه على غيرهم، فلابد أن تطبق قواعد الديمقراطية، فضلا عن أن الملحد يريد أن يطبق الديمقراطية على المسلم ولا يطبقها على نفسه.