الخميس 19 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«المرتزقة» باعوا أنفسهم بـ«دولارات الغرب» لتمزيق «الأمة العربية»

«المرتزقة» باعوا أنفسهم بـ«دولارات الغرب» لتمزيق «الأمة العربية»
«المرتزقة» باعوا أنفسهم بـ«دولارات الغرب» لتمزيق «الأمة العربية»




حوار- محمود ضاحى
شدد الدكتور جودة عبد الغني، رئيس الجامعة الإسلامية فى كازاخستان، أن القضاء على التنظيمات الإرهابية يؤتى ثماره بالتزامن مع التخلص من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، مشيدا بالعمليات التى يشنها الجيش شمال سيناء لدحر المتطرفين، وإحباط المخططات الخسيسة والتى لا تمت للآدمية بصلة، مستنكرا من استغلال الإرهابيين النصوص القرآنية وتوصيفها لخدمة أهوائهم ومصالحهم الشخصية، فضلا عن أنهم يزعمون أن بن تيمية هو العالم بلا غير.. وذكر رئيس الجامعة الإسلامية فى كازاخستان خلال حواره  لـ«روزا اليوسف» أن انتشار الجماعات الإرهابية نتيجة حصاد سنوات من الإهمال واختفاء من يرشدهم إلى الإسلام الصحيح، ما تسبب فى وقوعهم كفريسة لبعض القوى الغربية التى تعمل منذ سنوات طويلة على تشويه الدين الإسلامي.
وأشار إلى أن ما يقوم به تنظيم داعش وغيرها من أعمال  ذبح  أو حرق أوغيره لن يؤثر على المسلمين، لأنهم مدركون لحملات التشوية التى تنتابها بعض الجماعات الإرهابية لتشويه صورة الإسلام ، منوها ً إلى أن الإسلام لم يغفل الجانب السياسي، إنما ولى اهتماماً كبيراً له، فضلا عن أن الشريعة الإسلامية تفى بمصالح الأمم فى كل زمان ومكان.. وإلى نص الحوار..

■ بداية ما المعنى والمقصود بتجديد الخطاب الديني؟
- حتى نستطيع أن نصحح مفهوم الكلمة، فلا يقصد بتجديد الخطاب الدينى تغيير فى الدين بل معناه تجديده بما يتناسب مع الواقع ومتغيرات العصر، دون تغيير أى شىء فى القواعد الأصلية كما يظن البعض.
■ انتشرت العمليات والتنظيمات الإرهابية مؤخرا.. فلماذا؟
- انتشارها مؤخرا ناتج عن الفترة التى عايشها العرب والمسلمون الفترة الماضية، ناهيك عن الفرصة التى تم منحها من ضعاف النفوس للمتطرفين لتمزيق الأمة الإسلامية والعربية، ما جعلهم فريسة لبعض القوى الغربية، التى تعمل منذ سنوات طويلة على تشويه الدين الإسلامي.
■ متى تم إنشاء الجامعة الإسلامية فى جمهورية كازاخستان؟
-  أنشئت الجامعة بعد زيارة الرئيس الكازاخستانى نورالدين نظرباييف، إلى مصر، فى عهد الرئيس الأسبق، حسنى مبارك، مطالباً بإنشاء مركز ثقافى فى كازاخستان، وتطور الأمر إلى أن تحول المركز لجامعة، والذى كان فى عام 2001، وتقلد رئاستها الدكتور محمود حجازى، من كلية الآداب جامعة القاهرة، ومكث بها رئيساً حتى 31 يوليو 2014، ثم تم اختيارى رئيسًا لها فى 31 أغسطس 2014.
■ ما الهدف من إنشائها؟
- تُعد الجامعة الإسلامية فى كازاخستان منارة إسلامية فى آسيا الوسطى «تعليم الإسلام باللغة العربية» وهو ما استدعى إنشاء العديد من المراكز لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، فضلا عن أنها تُعد روافد للجامعة، حيث يتم فيها تأهيل الطلاب لاستقبال المواد الإسلامية باللغة العربية، وقد تخرج فيها العديد من الأئمة، والمدرسين، وهذا العام بتوجيهات فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، تم تطوير الجامعة، من خلال إنشاء كليات «الشريعة ـ اللغة العربية ـ أصول الدين» وتم اختيار نخبة للتدريس بها من جامعة الأزهر.
فى حين أنه سيتم تطبيق خطة بدءًا من العام الماضى، لإعداد الطالب فى الكليات الثلاث بحيث يتخرج على نفس مستوى خريجى جامعة الأزهر، فضلاً عن أنه سيتم إرسال الطلاب المتفوقين فى الفرقة الثالثة إلى مصر، لاستكمال السنة الرابعة فى جامعة الأزهر.
■ أحداث الوطن العربى هل تؤثر على الطلاب المسلمين فى كازاخستان؟
- دولة كازاخستان تم استقلالها سنة 1971، وتعنى موطن الشعب الكازاخى الذى ينتشر فى روسيا والصين وتركيا وأوزبكستان إضافة إلى كازاخستان، ومع إنشاء الدولة الكازاخستانية الحديثة استعمل مصطلح كازاخى على مواطنى كازاخستان مهما كان أصوله، وكلمة كازاخى هى كلمة تعنى «الحر والمستقل» والتى ترمز لحياة البداوة الحرة والسكان الذين يتنقلون بحرية على صهوة الجواد.
أما مصطلح «ستان» فهى كلمة فارسية الأصل وتعنى «موطن» أو «أرض»، وبهذا، تعنى كازاخستان «موطن الأحرار»، وحينما أتى نور سلطان الرئيس الكازاخى اتفق مع الرئيس  حسنى مبارك على إنشاء الجامعة المصرية للثقافة الإسلامية بكازاخستان مهمتها تخريج طلاب يعلّمون  الناس أمور الدين  والفقه والحديث والتفسير وغير ذلك، وهؤلاء الطلاب المتخرجون يعملون فى المساجد التى أنشئت بعد الجامعة.
ويزيد عدد المساجد فى كازاخستان إلى 660 مسجدًا ويعود الفضل فى ذلك للجامعة الإسلامية هناك، وعندما تخرجوا الطلاب فى الجامعة أصبحوا يتعلمون ويعلمون أهاليهم الدين الإسلامي، عمر الجامعة 14عامًا، وذهبت لها رئيساً من جامعة الأزهر، وبعد توليتى قيادة الجامعة رتّبت المناهج والخطب الدينية لاعتمادها من الأزهر وسيتم تدريسها من العام المقبل، والأزهر لا يستطيع أن يستوعب جميع الدول، وإنشاء تلك الكليات يخفف الحمل على الأزهر.
■ كيف يمكن القضاء على التنظيمات الإرهابية من منظور دينى؟
- يمكن القضاء على التنظيمات الإرهابية إذا ما قضينا على المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن استمرار حملات القوات المسلحة فى تطهير سيناء من الإرهابيين هو البداية والنهاية لدحر المتطرفين، ونتمنى أن تؤثر الحوارات والمؤتمرات فى العناصر والمنظمات الإرهابية، خاصة أننا أمرنا بالحوار والجدال بالتى هى أحسن مع هؤلاء المارقين على الدين الصحيح، علاوة على أن الإرهابيين الآن يشهرون السلاح فى وجوهنا، وأقول «إن حاربنى فلا يفل الحديد إلا الحديد».
■ التغيير والتعديل فى كتب التراث أمر ملح.. ما رأيك؟
- كتب التراث منقّاة بحمد الله ولا يوجد فيها أى خروج عن صحيح الدين، وللأسف ما يقال حولها من تشجيع على التطرف أو غيره خطأ، ونحن نربط دائما الفقه والأحكام الشرعية بالواقع، وإن سرنا على هذا الطريق سيجدد الخطاب الدينى نفسه بنفسه، ولا نحتاج إلى ما يقال حول تنقية كتب التراث وأنها عفى عليها من الزمن ومن يقول ذلك فهم غير المتخصصين.
■ لماذا تعتبر كتب ابن تيمية تحديدا مصدر قلق واقتباس للإرهابيين وما يتفق مع أهوائهم؟
- هناك نصوص من القرآن  بنى عليها الإرهابيون فكرهم الذى انتشر بين كثير من الناس، ويدعون: «ابن تيمية العالم بلا غير»، وبحمد الله فى كل جامعات العالم الإسلامى لديهم الخطوة فى الاجتهاد وتعديل الكتب بما يتفق مع العصر، ولا يوجد فى كتب ابن تيمية انحرافات لكن ابن تيمية اجتهد وكتب، وأفكاره ما صح وأخطأ منها فحسابه عليها، لكن المذاهب الفقهية الأربعة فيها من الأحكام ما يغنينا عن أفكار المتطرفين التى ينتهجها المتطرفون، ويلوون أعناق الفكر.
■ ما تعليقك على خروج أمثال «إسلام  البحيري» على الفضائيات ورفضهم الاعتراف بالمذاهب الأربعة؟
- باب الاجتهاد فيه شروط منها أن يكون «عالماً باللغة العربية ـ حافظا لكتاب الله وسنة رسوله ـ ملمًا بعلم المنطق قادراً على الاجتهاد»، وهؤلاء كانت تتوافر فيهم هذه الشروط  قديماً وكتب عنهم هذا النتاج الفقهى الكبير، وإذا هاجم أحد الإعلاميين المذاهب فذلك يدل على جهل وعدم علم من يهاجمهم.
■ هل انتشار الإلحاد يرتبط بغياب العلماء؟
- العلماء لم يغيبوا على الساحة لكنهم غيبّوا، كما أن الإعلام له دور فى تغييبه، والقنوات الدينية أو غيرها لم يمكن لها سبب، والكثير غيب من العلماء لأكثر من خمسين عاما.
■ ذبح وقتل الجماعات الإرهابية هل له مردود سلبى على المسلمين فى كازاخستان؟
- الشعب الكازاخى ذكى جداً ويعرف الطيب من الخبيث والصح من الخطأ، وفى كل لحظة لو أعطيناهم من الوقت لا يكفى الوقت الخارج عن الجامعة ويريدون أضعافاً مضاعفة لتعليمهم أمور دينهم، وهم شعب فاهم ويحب الأزهر، وخريجو الشريعة هناك مدركون لما يحيط بالإسلام.
■ حدثنا عن انجازاتكم فى الجامعة الإسلامية؟
- أعمل على تغيير الجامعة الإسلامية فى كازاخستان من المسار الثقافى غير المتخصص إلى  المسار الديني، حيث قمت بإنشاء كليات شريعة وأصول دين ولغة عربية بما يتناسب وجامعة الأزهر.
■ بصفتك رئيساً لجامعة تضم آلاف الشباب.. برأيك لماذا انتشر الفكر المتطرف بين الشباب فى السنوات الأخيرة؟
- لقد تركنا الشباب ينهل من غير المتخصصين، من كل شاردة وواردة، ويتعلم منهم، ولو كان الأمر قد أسند منذ البداية إلى أهله، لأصبح عكس ماهو عليه الآن، والمسئولية الكبرى تقع على عاتق قادة الدول، حيث يجب أن يهتموا بقطاع الشباب، ويعطونه العناية اللازمة، ورسالتى لحكام المسلمين: «ياحكام المسلمين اهتموا بشابكم حتى لا نرى مانراه الآن».
■ اقتراب الدين من السياسة أو العكس يحدث خللا.. فلماذا؟
- لا شك أن هذا السؤال مهم، ويجب التنبه جيدا عند القيام بالرد عليه وأن نبرز النقاط التالية، الأولى: أن الإشكالية الكبرى فى نظر البعض تكمن فى فهم الأحكام الشرعية من جهة، وتنزيل هذه الأحكام على الواقع من جهة أخرى، فبعض المنتسبين إلى الإسلام لا يفرقون فى أحكام السنة النبوية مابين ما صدر عن النبى صلى الله عليه وسلم، بوصف التبليغ والإفتاء، وبين ماصدر عنه بوصف الإمامة والسياسة، ومن ثم يحركون الثابت ويثبتون المتحرك، ولا شك أن ذلك يؤدى إلى التناقض الكبير والخطأ الجسيم فى تنزيل أحكام الشريعة على الواقع، فالشريعة نزلت فى مسألة الحكم والسياسة بأحكام مجملة لاتفصل فيها.
أما النقطة الثانية فهى الانتقائية فى الاعتماد على الاسلام، فبعض المنتسبين له يأخذون ما يتناسب مع فهمهم فقط، وكذلك فعل بعض الساسة، والمظلوم فى النهاية هو الاسلام، الذى استغله كل فريق لمصلحته، والأخيرة هى محاولة فرض بعض الأمور المختلف فيها.
■ كيف ترى تكفير بعض الجماعات المتطرفة المخالفين معهم؟
- لا شك أن تكفير المخالف سمة تُعد هى الأكثر شيوعاً فى العلاقات بين الجماعات المتطرفة المنتسبة إلى الإسلام، مقلدين فى ذلك أسلافهم من الخوارج، حيث كان التكفير اللفظى الأسهل على ألسنة أهل الفرق والمناهج عند وقوع أول مخالفة، بل غالوا فى التحذير من الشرك حتى أدخلوا فى الشرك ما ليس شركًا، ومع ذلك فهم لا يتورعون فى الدفاع عن دعوتهم مستغلين النصوص الشرعية التى يوقعونها على غير وجهها الصحيح.