الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

د.حسن على يكتب: سوق الإعلانات فى مصر.. قليل من الفن كثير من الفهلوة !!

د.حسن على يكتب:  سوق الإعلانات فى مصر.. قليل من الفن كثير من الفهلوة !!
د.حسن على يكتب: سوق الإعلانات فى مصر.. قليل من الفن كثير من الفهلوة !!




إذا أردت أن تعرف أحوال المصريين وما يكتنفها من تخبط وعشوائية، فعليك بمشاهدة إعلانات التليفزيون وقراءة الصحف والتجوال عبر الطرق السريعة والكبارى والميادين والتى من واقع رصدنا لها نجد أنها تتسم بالتناقض الحاد فمن إعلانات التبرعات للمستشفيات والجمعيات الخيرية، إلى إعلانات القصور الفخيمة والشاليهات المبهرة بالغردقة والساحل الشمالى.. ومن إعلانات العطور والمجوهرات والسيارات الفارهة إلى إعلانات محلات الكشرى والفول والطعمية.
عوائد السوق الإعلانية المصرية بصفة عامة ضعيفة فقيرة لا تليق بحجم وتنوع وسائل الاعلام المصرية (أكثر من 155 قناة فضائية خاصة مسجلة فى السوق الإعلامية الحرة و33 قناة حكومية فى ماسبيرو إضافة إلى 44 إذاعة حكومية، وأكثر من ألف مطبوعة تصدر شهريا، وآلاف الطرق السريعة والداخلية والميادين والكبارى وآلاف الشركات والمصانع والمؤسسات وحركة بيع وشراء لحوالى 90 مليون مصرى.
عائدات سوق الاعلام والإعلان فى مصر يقدرها خبراء جمعية حماية المشاهدين بحوالى (700) مليون دولار وهو مبلغ محدود جدا تنفق ضعفه الامارات على الإعلانات سنويا مع الفارق بين عدد السكان هنا وهناك وعدد المؤسسات والصحف والقنوات وما إلى ذلك.
ومما جعلنا نسلم بضعف سوق الاعلان المصرى أن حجم السوق الإعلانية فى بعض الدول العربية الأقل سكانا ونشاطا من مصر مثل: الإمارات العربية نجد أن الانفاق الإعلانى الإماراتى يتجاوز مليار و200 مليون والسعودية 800 مليون دولار والكويت حوالى أكثر من مليار دولار وإجمالى الإنفاق الإعلانى فى العالم العربى يتجاوز 6 مليارات دولار فى مجمله بعيدًا عن السوق المصرية.
ولعل أحد أسباب ضعف سوقنا الإعلانية هو عدم الاستقرار السياسى فى السنوات الأربع الماضية وذلك الركود الاقتصادى وتلك الظروف الأمنية التى تسهب الصحف فى تفاصيلها غير مبالية بما يعكسه النشر حولها من ضرب للسياحة وقلق لرأس المال العربى والأجنبى، فضلاً عن حروب ضارية بين العاملين فى سوق الإعلانات من شركات ووكالات إعلان وبين القنوات الخاصة والتليفزيون الرسمى الذى بدا مرهقا ومن أكثر المضارين من هذه الاحتكارات.
بلغ الجرم مداه فى ضرب تليفزيون الدولة تحت الحزام حين نزلت إحدى القنوات الخاصة بقيمة سعر الإعلانات إلى 20 جنيها (للاسبوت الواحد) ثم تلك المؤامرات التى تحاك فى الخفاء بعمل تكتلات بين قنوات معروفة تسعى إلى احتكار السوق عبر محتكرين أجانب.
أما الاقتصاد السرى لإعلانات الطرق السريعة بين المحافظات وبخاصة طريق القاهرة - إسكندرية، والكبارى (كوبرى اكتوبر خير مثال) والميادين والطرق الداخلية وأسطح العمارات والتى تستحوذ عليها المحليات وتتحكم فى الاسعار دون رقيب مع غياب قانون ينظم صناعة الاعلان فى مصر، فحدث ولا حرج !!
والمتأمل لسوق الإعلانات المصرية يجد فيها كثيرًا من الشطارة والتجارة والفهلوة وربما بعض غش وتدليس (إعلانات الأغذية والأدوية مثالاً) وقليل من الابتكار والابداع، أغلبها بعيدة عن الفن الحقيقى الذى يمتع ويبهر ويسلى ويبيع،!! وكثير منها لا يحترم قيم الاسرة المصرية وبعض منها يحرض على العنف (راجع تقارير جمعية حماية المشاهدين حول حالة الإعلانات المصرية عام 2014 ستجد عجبا)، وكأن القريحة الابداعية المصرية قد جفت!!
إن سوق الإعلانات فى مصر يسيطر عليها 3 معلنين أجانب ومصريين يشكلون إمبراطورية الإعلان فى مصر.. بما فيها من احتكار.. وسياسة.. وحرب ديناصورات، انهم يحتكرون سوق الإعلانات المصرية على حين غفلة من أهلها!!
لدينا أحد أباطرة الاعلان فى مصر الملقب «بملك الإعلانات».. هذا لقبه بعد أن أصبحت وكالته الإعلانية مسئولة عن أغلب ما تبثه قنوات التليفزيون المصرية من إعلانات، خصوصا فى شهر رمضان، شبكة علاقاته الواسعة فى سوق الدعاية تشابكت مع دهاليز السياسة وساهمت فى توسيع نشاطه، حتى صار شبه محتكر لسوق الإعلان على الشاشة الفضية...، وقد أعجبته لعبة «التسويق السياسى» سواء للسياسيين أو الوزراء أنفسهم فنفذ من خلالها إلى مناطق النفوذ وصناعة القرار وخصص قناة كاملة للبث الإعلانى.
ومنذ فترة اتفقت شركتان على الاندماج عبر تأسيس شركة قابضة لاحتكار السوق الإعلانية على مستوى الصحف والفضائيات ولا زالت المعركة طاحنة بلا رحمة لأن معظم الوكالات اضطرت إلى حرق الأسعار بعد أن خفضت بعض القنوات سعر الإعلان بشكل كبير لجذب المعلنين.
والمشكلة الأساسية أن سوق الإعلانات فى مصر تسير بعشوائية شديدة، ولا توجد قواعد تحكمها ولا أبحاث علمية نرجع إليها أو نعتمد عليها، وهذا ما جعل السوق معرضة لأزمات طوال الوقت، وهنا نسأل: هل يوجد تشريع مصرى ينظم السوق الاعلانية؟ هل توجد جهة رسمية تحفظ حق الدولة ونصيبها من كعكة الإعلانات فى صورة ضرائب؟ هل توجد جهة ما تنظم سوق الإعلانات؟؟ لابد من وجود جهة أو غرفة لصناعة الإعلان لتحكم هذه العملية. والحديث مستأنف لكشف فساد سوق الإعلانات فى مصر.