الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عظـات التكفيريين

عظـات التكفيريين
عظـات التكفيريين




كتب: عاطف بشاى

قامت الدنيا ولم تقعد.. وأصبح شغل الناس الشاغل فى كل أرجاء المحروسة هو حكاية ذلك المحافظ الوسيم «هانى المسيرى» الذى يشبه نجوم السينما «الهليودية» فى الأربعينيات والخمسينيات (حيث تبدو ملامحه أقرب إلى «كلارك جيبل» بدون شارب) وقرينته د. «أميرة أبو طالب» ابنة «نعيم أبو طالب» محافظ الإسكندرية الأسبق وحفيدة الكاتب والمفكر الإسلامى «مصطفى صادق الرافعى» صاحب المؤلفات المهمة فى زمن التنوير فى عشرينيات الزمن الماضى.. وهى ناشطة نابهة ترأس جمعية تتصل بشئون البيئة للعناية بنظافة شوارع «المعادى» وتخليصها من تلال القمامة..
هذه الزوجة حضرت مع زوجها بعض الاجتماعات والندوات لتداول الأفكار لحل مشكلة القمامة.. والسعى الدءوب لتفعيل دور المجتمع المدنى لخدمة المدينة وتكوين فريق عمل للتطوع فى مجالات النظافة والصحة العامة والتنسيق الحضارى وإدارة ملفات المحافظة التى تنتظر حلولا ناجعة لمشاكل جماهيرية عويصة.. كما أنها قامت بزيارة أحد قصور الثقافة وتحدثت مع بعض القائمين عليه عن نشاطاته وأوجه القصور به.. وكيفية التغلب عليها لإحداث التطور المنشود..
وإذا بالحملات تتصاعد للمطالبة بإقالة المحافظ من منصبه بدعوى السماح لزوجته بإدارة ملفات المحافظة الخاصة والحساسة بها متحديًا الرأى العام باصطحابها فى جولات رسمية أحيانًا.. وبمفردها فى أحيان أخرى.. وقد حققت نجاحات متتالية ترشحها أن تكون سيدة «الإسكندرية» الأولى.. مما أثار غضب وحقد الفاشلين والرجعيين والظلاميين من أعداء المرأة.. بل إن المفارقة الكوميدية أن تأتى الاحتجاجات من نساء فها هى صحفية المعية تكتب فى غضب ولوذعية مقالة نارية تستنكر بحنق خرق السيدة لآداب السلوك والأصول المرعية.. مؤكدة أن السيدة المعنية تسعى فى خبث ولولبية إلى انتزاع لقب سيدة الثغر الأولى.. وتصيح محتدة ومحتجة أنه ليس هناك إلا سيدة أولى هى قرينة الرئيس «السيسى» والتى ورغم صفتها الرسمية تلك فإنها لا تقتحم الكادر ولا تظهر تحت الأضواء.
وها هو صحفى يعلن فى حدة جارحة ومهينة أنه إذا كان المصريون يوجد فى قاموسهم الشعبى تعبير «جوز الست» إشارة إلى الرجل الذى حول زواجه من امرأة إلى وظيفة.. فإن هذا القاموس لم يعرف الست التى حولت زوجها من رجل إلى «وظيفة رسمية» أو مهمة حكومية كما فعلت السيدة زوجة المحافظ.. وهناك أسماء كثيرة يطلقها العامة على البنات مثل «ست أبوها» أو «ست الدار» لكن لم نسمع حتى الآن عمن أطلق على ابنته اسم «ست جوزها»!!
لقد تضافرت جهود قوى الجمود والتخلف وأبطال سيناريو الردة الحضارية من الإخوان والسلفيين والظلاميين وأتباعهم ممن غسلت أدمغتهم بثقافة الحلال والحرام والاشتراك مع الأفاقين من فلول الفساد والمصالح غير المشروعة واتفقوا جميعًا على إدانة الحرام الممثل فى سيدة لا تؤمن بأن أصوات المرأة عورة.. وتسعى للجلوس إلى منصات العمل العام لتؤدى ما تراه واجبها فى مجتمع مريض يعانى «العناتيل» فيه من الإحساس الطاغى بالنقص والعجز وبارانويا الذات المنتفخة بخواء عقلى وفكرى واستسلام ذميم لمسلمات عفى عليها الزمن وتجاوزتها حركة التاريخ بالإضافة إلى ازدواجية كريهة ترحب «بالمرأة المعيلة» لزوج يبتزها ويأكل من عرق كفاحها لكنه يرفض ويستنكر ويشجب ممارسة حقوقها فى الحياة.. وفى التعبير عن رأى حر أو مشاركتها فى العمل العام لخدمة المجتمع..
إن دولة الإخوان - التى كانت تحكم مصر - مازال تأثيرها واضحا حتى الآن على الشارع المصرى.. فقد كرسوا لكل المفاهيم المتخلفة عن المرأة ممثلين تراجعًا حضاريًا سوف يستمر طويلا فى ظل غياب ثورة ثقافية تقتلع جذور التخلف وتسعى لبناء دولة عصرية جديدة.. لا ينفث فيها الظلاميون ظلام فتاواهم الكريهة ولا تنتشر فيها تلك الكتب الصفراء التى مازالت تحتشد بها المكتبات والأرصفة ويقبل عليها العامة وتتراجع فيها قيم ومفاهيم الحضارة الحديثة فى عدو مخيف للوراء لحساب أصولية ذميمة.. هذه الكتب التى تحمل عناوين مثل «لم النساء أهل النار» ونساء أهل النار وهى كتب كما هو واضح من عناوينها ومن محتواها أنها تحتقر المرأة وتحط من شأنها وتحاول أن تدوس على مكتسباتها لتحصرها فى مجرد أنثى محرضة على الفجور.. ولابد درءًا للفتنة أن ترتدى أكفانًا متراكمة تخفيها عن الناظرين وتبعد شرها عن المؤمنين خوفًا عليهم من الذلل الذى يستوجب نار جهنم وبئس المصير..
وعبثًا حاول المحافظ الشاب أن يبرر سبب اصطحابه زوجته معه فى بعض المؤتمرات.. وبئس ما قال الرجل - من وجهة نظرهم المتخلفة - أنه يستشيرها ويأنس إلى رأيها ويطمئن إلى حكمتها.. ألا يعلم أنه يكثر فى كتب التراث وفى اللغة العربية ضرب المثل بالمرأة فى تفاهة الرأى وخواء العقل فالنساء شر كلهن والأقدمون قالوا: لا تثق بامرأة - من أطاع عرسه فقد أضاع نفسه - ذل من أسند أمره إلى امرأة - من اقتراب الساعة طاعة النساء - إياك ومشاورة النساء فإن رأيهن إلى أفن - لا تطلعوا النساء على حال ولا تأمنوهن على مال - اعص النساء وهواك وافعل ما شئت - وبعض الأبيات التحذيرية التى تستهل بها ألف ليلة حكاياتها بقولها:
لا تأمن إلى النساء / ولا تثق بعهودهن / يبدين ودًا كاذبًا / والغدر حشو ثيابهن / بحديث «يوسف» فاعتبر / متحذرًا من كيدهن / أو ما ترى إبليس أخرج/ أدما من أجلهن.
 أما حقيقة الأمر فى الضجة المثارة حول «أميرة» وزوجها محافظ الإسكندرية ما هى إلا مؤامرة دبرها أشاوس الأشرار من الأصوليين بمساندة بعض الفاسدين فى المحليات للإطاحة بالمحافظ أو فى أضعف الإيمان تقليص دوره بإجباره على وقف قراره بعد إصدار تراخيص جديدة للمبانى وعدم توصيل المرافق الأساسية للمبانى المخالفة والتى وصل عددها إلى رقم مخيف هو (27) ألف عقار مخالف..
تلك هى الحقيقة بعيدًا عن تدخل «زوجة الرجل المهم»
وأعوذ بالله من شر الشياطين!!