الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

اختيار مرسى لهشام قنديل رئيسا للحكومة الجديدة يؤكد «أن الثورة المصرية لم تكتمل»




 إن الرئيس مرسى كأول رئيس مصرى منتخب ديمقراطيا ارتقى إلى مستوى أسوأ التوقعات، فعلى الرغم من كونه أحد الكوادر ذات الخبرة فى جماعة الإخوان المسلمين وبرلمانى كبير، إلا أن اختياره لهشام قنديل ليكون رئيسا لحكومته الجديدة  يؤكد مخاوف وشكوك الكثيرين بشأن انه يفتقر إلى الخيال الواسع والتوهج الذى يتطلع إليه المصريون. 
إن الأسوأ من ذلك هو أن مرسى لم يبد أنه يمتلك الشجاعة والقوة ليحقق فصلا حاسما مع المؤسسة القديمة التى كانت تحكم البلاد، فهو اختار رئيسا للحكومة من الحكومة المنتهية ولايتها، التى هو نفسه وحزبه الحرية والعدالة قادوا حملة ضدها لعدة أشهر من أجل إقالتها ولكنهم فشلوا فى ذلك من خلال تصويت بحجب الثقة عنها.

إذا كان تعيين قنديل هو أفضل ما يمكن أن يأتى به الرئيس بعد أسابيع من المشاورات، فليس هناك سبب وجيه ليبقى المتابعون متحمسون لمعرفة من الذين سيختارهم رئيس الوزراء الجديد ليكونوا أعضاء حكومته الجديدة التى كان من المفترض أن تكون أول «حكومة ثورية» لمصر.
 
بالنسبة لتاريخ مصر، فان أهم ما يميز هشام قنديل هو كونه أصغر رجل يشغل منصب رئيس الوزراء، كما أن التاريخ سوف يذكر أيضا أنه أول رئيس وزراء ملتح، وهو الأمر الذى أثار تكهنات حول عما إذا كان فى الواقع ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين، لكن هؤلاء الذين يثيرون مثل هذه التكهنات والمخاوف قد نسوا أن أيديولوجية الإخوان «المحافظة»، جنبا إلى جنب مع اللحية، قد أصبحت هى الاتجاه السائد فى مصر منذ فترة طويلة قبل الثورة.
 
وتعليقا على تصريحات قنديل التى قال فيها أنه سيبقى على بعض الوزراء من الحكومة المنتهية ولايتها، معظم المصريين يعرفون أنه لن يكون فى الواقع صاحب الكلمة العليا فى هذا الشأن، فعلى سبيل المثال، أنه من غير الوارد انه سيكون لديه أى كلمة فى مسألة اختيار وزير دفاع جديد لأن هذا المنصب من المرجح أنه سيتم الاحتفاظ به للمشير محمد حسين طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذى كثيرا من وراء الكواليس هو الحاكم الفعلى للبلاد منذ الإطاحة بمبارك العام الماضى.
 
بينما سيتابع الكثيرون من الذى سيتولى قيادة الفرع الثانى للماكينة الأمنية للدولة، وزارة الداخلية.
 
إذا قنديل قام بإعادة تدوير أحد الجنرالات القديمة للشرطة، فستكون مصر تسير بثبات على طريق إعادة إنتاج السياسات القديمة التى فشلت فى حل مشاكلها الكثيرة.
كما ان تصريحات قنديل بأنه سوف يقوم بتعيين حكومة تكنوقراط تمثل مواصلة للتقليد المصرى القديم من خلال اختيار مجموعة من الأكاديميين المتخصصين ليكونوا وزراء، بحيث يتم اختيار أستاذ فى الهندسة لوزارة الصناعة، وأستاذ طب لوزارة الصحة   الخ.
هذا الأسلوب ممارسة قديمة فقدت مصداقيتها منذ عهد جمال عبد الناصر، الذى لم يكن يريد سياسيين ولكنه أراد «تكنوقراطيين» يستطيعون فقط تنفيذ الأوامر.
 
إن رئيس الوزراء الشاب قضى حياته المهنية فى القطاع العام المتهالك فى مصر الذى بالكاد يوفر أوراق اعتماد وتوقعات موثوقة بأن أى شخص يخرج منه يمكنه أن يضع البلاد على طريق «النهضة» التى كانت الكلمة الرنانة لمرسى وتعهده الانتخابي، لأن الأشخاص الذين يصعدون من خلال بيروقراطية الدولة هى بطبيعتهم رجال موظفون مطيعون ومتحفظون للغاية وبعيدون عن الديناميكية المتوهجة، وبالطبع ما تحتاجه مصر الآن هو عكس ذلك تماما.
 
كما أن اختيار مرسى لرجل من الحكومة المنتهية ولايتها ليكون بمثابة رئيس وزرائه الجديد يثير مرة أخرى مسألة عما إذا كان مرسى فى الواقع يحكم البلاد بحرية كاملة فى ظل المؤسسة العسكرية التى عينت نفسها كحارس لمصر منذ ما يقرب من ستين عاما.
 
إن اختيار قنديل لمنصب رئيس الوزراء هو مرة أخرى تذكير مرير بالنسبة لأولئك الذين أيدوا الثورة بأن الثورة المصرية لا تزال بعيدة عن الاكتمال، وسوف تظل ناقصة ما دام رجال الحرس القديم فى الجيش والشرطة وكبار البيروقراطيين يحتفظون بمناصبهم، موضحا أن مرسى لا يمكن أن يكون الرئيس الثورى للبلاد إذا استمر فى الاعتماد على الحرس القديم.