الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

.. ونسيت الفضائيات «على أمين» صاحب فكرة عيد الأم!

.. ونسيت الفضائيات «على أمين» صاحب فكرة عيد الأم!
.. ونسيت الفضائيات «على أمين» صاحب فكرة عيد الأم!




تنافست البرامج فى الاحتفاء والحفاوة بأمهات عديدات متنوعات، وكانت قصة كل أم بطولة نادرة.
لم تختلف الفضائيات المصرية عن العربية فى تبجيل وتعظيم كل أم أعطت دون مقابل، وسهرت الليالى وتعبت وكافحت فى ظروف معيشية بالغة الصعوبة لكى تمنح وتعطى وطنها خيرة شبابه وبناته.
وكانت أغنية السيدة «فايزة أحمد» ست الحبايب هى نجم كل هذه البرامج، هذه أغنية خالدة دخلت التاريخ بكلماتها الصادقة التى صاغها الشاعر الكبير «حسين السيد»، وألحان الموسيقار الكبير الفنان «محمد عبدالوهاب».
حقًا وصدقًا وقولاً وفعلاً: ست الحبايب يا حبيبة يا أغلى من روحى ودمى.
إنها الأم الصابرة الصامدة المكافحة، المدرسة التى أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق».
فى العديد من البرامج راحت الأمهات تتذكر بكل اعتزاز وفخر قصص الأبناء من أبناء القوات المسلحة العظيمة والشرطة الذين ضحوا بحياتهم من أجل أمن وأمان وسلام وسلامة الملايين من أبناء مصر حفظها الله.
اختلفت الأمور تمامًا فى فضائيات العشيرة التى تبث من تركيا برعاية «أردوغان» وتمويله، كل أم فقدت ابنها فالانقلاب هو السبب، كل أم ابنها مسجون على ذمة التحقيق فى جرائم إرهاب، فالانقلاب هو السبب، نفس الأكاذيب والهلاوس التى تقال وتتردد منذ ثورة الثلاثين من يونيو!
ولم يكلف أفندية هذه المحطات الكريهة خاطرهم بتحية كل أمهات مصر دون تمييز، بل كل التحية والتقدير فقط لأمهات ينتمين إلى فصيل معين.
والغريب أنه فى زمن حكم العشيرة انطلقت أصوات منهم وعبر فضائياتهم تهاجم فكرة الاحتفال بعيد الأم، فهى فكرة ماسونية، صليبية، استعمارية جاءت لنا من الغرب الكافر الفاجر!
لكن لأن هذه الفضائيات تبث من تركيا التى تقول عن نفسها إنها بلد علمانى، فقد ركبوا الهوجة وهللوا لعيد الأم على طريقتهم الخاصة.
وفى زحام الكلام والحكايات الرائعة عن أمهاتنا، فات على كل هذه البرامج مع الأسف الشديد أن تذكر ذلك الرجل العظيم صاحب فكرة الاحتفال بعيد الأم فى مصر، ومنها انتقلت إلى باقى أنحاء العالم العربى.
هذا الرجل العظيم هو الكاتب الصحفى الكبير الأستاذ «على أمين» توءم «مصطفى أمين» وكانت البداية يوم السادس من ديسمبر عام 1955 عندما كتب الأستاذ «على أمين» فى بابه «فكرة» فى صحيفة الأخبار عندما كتب يقول: «لماذا لم نتفق على يوم من أيام السنة نطلق عليه لقب «عيد الأم» ونجعله عيدًا قوميًا فى بلادنا والشرق الأوسط! ثم عاد «على أمين» فى يوم 9 ديسمبر ليحدد هذا اليوم فكتب: «ما رأيكم فى يوم 21 مارس؟! إنه اليوم الذى يبدأ فيه الربيع وتتفتح فيه الزهور وتتفتح فيه القلوب، ما رأيكم فى أن نجعل عيد الأم هو بداية الربيع فى بلادنا وبلاد الشرق الأوسط، ونساهم كلنا فى جعل الأم فى هذا اليوم ملكة بيتها فلا تغسل ولا تطبخ ولا تمسح، وإنما تصبح ضيفة شرف ويتولى أولادها كل أعمالها المنزلية فيطهون لها الطعام ويقدمون لها الهدايا وباقات الزهور ويضعون تحت عقب الباب فى حجرة نومها خطابات رقيقة يسجلون فيها نبضات القلب التى تاهت بين الشفاه طوال العام».
وانهالت آلاف الخطابات تؤيد الفكرة وتتحمس لها ويقول «على أمين»:
وجاءنى خطاب واحد يعترض على فكرة الاحتفال بعيد الأم، إنه خطاب من يتيم فقد أمه إنه يقول إن احتفال الأولاد بأمهاتهم سيزيد عذابه وعذاب اليتامى، لكنى لا أوافق على هذا الرأى، فإذا نحن احتفلنا بالأحياء فإننا لن ننسى الأموات! إننى شخصيًا سأذهب فى هذا اليوم إلى قبر أمى وأضع عليه باقة من الورد، فالذين يتذكرون أمهاتهم لا يتعذبون وإنما يحلقون فى السحب مع الملائكة».. انتهت سطور أستاذنا على أمين.
هكذا بدأ الاحتفال بعيد الأم طوال 59 عامًا منذ 21 مارس سنة 1956، لكن تغيرت الدنيا والأخلاق والناس ومن فرط اسهاب الفضائيات فى استضافة نماذج شاذة لأبناء يقتلون أمهاتهم، وأمهات تقتل أبنائهن كدنا ننسى قيمة مقدسة لن ينال الزمن منها!
وعندما يتحمس برنامج أو أكثر لاستضافة نماذج من أمهات شاذات، مثل أم تقتل أولادها الثلاثة من أجل عشيقها الذى أحبته عبر «الفيس بوك» أو «أم» تخنق طفلها الرضيع لأنها لا تحتمل صراخه وهى جالسة ترغى فى الموبايل!!.. إلخ.
ما الدرس والقيمة والمعنى التى يقدمها البرنامج لملايين المشاهدين والمشاهدات، من استضافة أم قاتلة أو خائنة!
يا أفندية وهوانم الفضائيات قليل من العقل والاحترام، واحترموا مشاعر ملايين الأمهات، أمهات البطولة الصامتة دون انتظار كلمة شكر أو ظهور فى برنامج.
كل سنة وكل أمهات مصر بخير، ورحم الله أستاذنا «على أمين» صاحب فكرة هذا العيد الجميل الذى نسيناه جميعًا.