الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

تنويع مصادر السلاح يربك «أمريكا».. ويمنح مصر القدرة على مواجهة التهديدات

تنويع مصادر السلاح يربك «أمريكا».. ويمنح مصر القدرة على مواجهة التهديدات
تنويع مصادر السلاح يربك «أمريكا».. ويمنح مصر القدرة على مواجهة التهديدات




ترجمة - أميرة يونس
وصفت دراسة صادرة عن معهد دراسات الأمن القومى الإسرائيلى صفقة طائرات الرافال، التى وقعتها مصر مع الجانب الفرنسى، بأنها «جسر فوق البحر الأبيض المتوسط»، أعد الدراسة الباحثان الإسرائيليان «يفتاح شابير» و«يوئيل جوزينسكى».
وجاء فيها ان توقيع «القاهرة» لصفقة أسلحة كبيرة مع «باريس» بمثابة انذار لـ«واشنطن»، خاصة ان اعتماد الجيش المصرى قائم فى الاساس على انظمة قتالية أمريكية، بالاضافة الى امتلاكه عددا كبيرا من المقاتلات الامريكية والتى تمثل العمود الفقرى للقوات الجوية المصرية، إذ يمتلك اكثر من 200 مقاتلة f16، بالاضافة الى عدد من مقاتلات «الفانتوم»، وتضمنت الاتفاقية «المصرية _الفرنسية» توريد 24 مقاتلة من طراز «رافال»، إضافة إلى الأسلحة والذخيرة الخاصة بها، كما تم الاتفاق على «فرقاطة» من طراز فريم، فى صفقة قدرت بحوالى 5.2 مليار يورو أى ما يعادل 5٫9 مليار دولار
 واضافت الدراسة أن صفقة «الرافال» تعتبر الثانية بين البلدين بعد نظيرتها التى تمت فى يونيو من العام الماضى حيث قامت مصر بشراء 4 طرادات من طراز Gowind-2500، فى صفقة بلغت قيمتها مليار يورو.
وأوضح الباحثان أن المفاوضات حول الصفقة الثانية تمت فى وقت قياسى،بدأت خلال زيارة الرئيس « عبد الفتاح السيسى» لباريس فى نوفمبر 2014، وتم الاتفاق على إنهائها فى فبراير هذا العام، واشار الى ان فرنسا وافقت على توفير منظومة أسلحة قتالية جديدة لمصر فى اقرب وقت، وهو ما اعتبرته الدراسه معدلا قياسياً فى موافقة دولة بحجم فرنسا على تنفيذ صفقة كهذه.
كما تضمنت الصفقة شراء مصر لفرقاطة من طراز «نورماندى» وسفينة قتالية تابعة للقوات البحرية الفرنسية، وستدخل القطعتان الخدمة قبل حفل افتتاح قناة السويس فى شهر اغسطس المقبل.
وأشارت الدراسة إلى أن دول الخليج خاصة « المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت»، ستتحمل نصف تمويل الصفقة، فيما سيتم تدبير النصف الآخر عبر قروض تجارية، بضمان الحكومة الفرنسية نفسها.
وتتميز «رافال» بأنها طائرة مقاتلة متعددة المهام ذات محركين، صنعت من قبل شركة داسو التابعة لسلاح الجو الفرنسي، واشادت الدرسة بقدرة المقاتلة الجديدة، اذ تمتلك المقاتلة ميزة البصمة شبه شبحية أو البصمة الرادارية المنخفضة «Low Radar Cross Section» حيث تبلغ حوالى 0.1 - 0.3 م2 بخلاف البصمة الحرارية المنخفضة جدا بفضل قناة التبريد المزدوجة على المحرك والتى تساهم بشكل كبير فى خفض الانبعاثات الحرارية الصادرة منه وبشكل أفضل من الأنواع الأخرى اللكترونية والملاحية المتطورة مما تعطيها قدرة الهجوم الصامت والقيام بعمليات اسكات الدفاعات الجوية SEAD Suppression of Enemy Air-Defense من الطائرات المقاتلة سواء الجيل الرابع او الخامس، بجانب الأنظمة واختراق العمق المعادى بفضل منظومة الحرب الإلكترونية الثورية.
لكنها أشارت فى الوقت ذاته إلى احد العيوب الخطيرة فى المقاتلة، وهو عدم قدرتها على حمل صواريخ تم تصنيعها فى خارج فرنسا، وخصت بالتحديد أنواع الصواريخ المختلفة التى تمتلكها مصر والمخصصة لمقاتلات القوات الجوية من طراز «إف - 16».
وعلى جانب آخر أشارت الدراسة إلى أن «الفرقاطة» الفرنسية من طراز «فريم» التى من المقرر انضمامها للأسطول المصرى قائلة: «إنها واحدة من المقاتلات البحرية فائقة القوة، نظراً لما تحمله من أسلحة متطورة، كما تحتوى على تقنيات إلكترونية تجعلها قادرة على تنفيذ المهام الحربية بدقة، واضافت ان أهم ما يميز «الفرقاطة» أنها تتمتع بقدرة كبيرة على قطع المسافات تجعلها من الفرقاطات التى تصل إلى ما يسمى عسكريا بـ«المياه الزرقاء»، وفى الوقت نفسه تملك القدرة على حمل صواريخ ذات فعالية عالية جدا مثل صواريح «استر» للدفاع الجوى وصواريخ «ايكزوسيت» الفرنسية ذات مدى كبير وهى صواريخ شهيرة استعملت فى تدمير سفينة حربية بريطانية من طرف الأرجنتين فى حرب المالوين إلى جانب طوربيدات لحرب الغواصات. ويصل الحد الأقصى لسرعتها 27 عقدة، وتقطع ما يصل إلى 6000 ميل بحرى.
وتابعت الدراسة، أن إسرائيل ترى أن مصلحتها الأساسية فى أن تظل مصر مرتبطة ارتباطا وثيقا بالولايات المتحدة، وأن تقليل الارتباط المصرى بواشنطن يعتبر ذات أهمية كبيرة من وجهة النظر المصرية، كما أن دلالات مشتريات السلاح المصرية فى الوقت الحالى لها انعكاسات كبيرة بالنسبة لإسرائيل، وأهمها ارتباط مصر بدول مجلس التعاون الخليجى.
وأشارت الدراسة إلى أن الصفقة المصرية وضعت لفرنسا موطئ قدم فى منطقة الشرق الأوسط، كما جعلت لديها القدرة على فتح سوق جديدة لتوزيع اسلحتها وعقد المزيد من الصفقات، مشيرة إلى أن قطر والإمارات من الزبائن الذين قد ينضمون لقائمة راغبى الشراء للسلاح الفرنسي، كما أن الهند تجرى مفاوضات منذ أكثر من 3 سنوات لشراء رافال، يذكر ان المقاتلة الفرنسية قد فازت فى المسابقة التى نظمتها وزارة الدفاع الهندية عام 2012، لتوفير 126 طائرة مقاتلة من نوع محدد بقيمة إجمالية مقدارها 10 مليارات دولار، للقوات الجوية الهندية. لكن لم يتم إبرام الصفقة حتى الآن، لأن الطرف الفرنسى يرفض تلبية الشروط التى طرحتها الهند.
وأضافت الدراسة الإسرائيلية أن صفقة طائرات «رافال» هى صفقة سياسية فى المقام الأول، بالنسبة لمصر، التى كانت حليفة للولايات المتحدة منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد، لكن موقف الإدارة الأمريكية من نظام حسنى مبارك اثناء ثورة يناير، ودعوتها له بالتخلى عن الحكم أدى إلى حالة من عدم اطمئنان القاهرة وعدم ثقتها فى واشنطن، خاصة بعد تجميد جزء من المساعدات العسكرية بعد عزل الرئيس الأسبق، محمد مرسى، ما دفع القيادة المصرية إلى البحث عن مصادر جديدة للسلاح، وكانت البدائل المطروحة بطبيعة الحال هى فرنسا وروسيا.
وتابعت إن الجيش المصرى لايزال حتىاليوم يستعمل منظومات أسلحة روسية عتيقة، من بينها مقاتلات شاركت فى حرب اكتوبر مثل المقاتلة العتيقة 21 ميج و عدد كبير من المروحيات وأنظمة الدفاع الجوى.
ولفتت الدراسة إلى التقارير الأخيرة حول أن هناك اتصالات بين مصر وروسيا بشأن صفقات سلاح تقدر بـ 4٫2 مليار دولار، من بينها شراء أنظمة دفاع جوى من طراز S300.
وأوضحت ان الحكومة المصرية فى الوقت الراهن لا تستطيع قطع علاقتها مع الولايات المتحدة، رغم عدم ثقة الجانب المصرى فى نوايا «واشنطن»، نظرا لوجود عدة نقاط تستغلها امريكا منها ان مصر فى حاجة للمساعدات حتى تستطيع بناء دولة قوية، كما ان غالبية تسليح الجيش المصرى يعتمد على السلاح الامريكى،لكن الصفقة الأخيرة مع فرنسا تشير إلى عزم القيادة المصرية رغم الصعوبات الاقتصادية فى بناء جيش قوى قادر على الحفاظ على المكتسبات التى تحققها مصر بالاضافة الى وجود قوات مسلحة قادرة على صد «الارهاب»، لكن فى النهاية،تظل الولايات المتحدة هى المصدر الاساسى للمساعدات العسكرية، لذلك فإن الصفقة مع فرنسا، والمفاوضات مع الجانب الروسي، تعتبر رسالة مصرية للولايات المتحدة مفادها أن مصر ليست معلقة بها وحدها.
ولفتت الدراسة الانتباه إلى أن دخول مقاتلات «رافال» للخدمة فى السلاح الجوى المصرى ستمنحه مقاتلات متقدمة أكثر بكثير من المقاتلات F-16C/D التى يمتلكها، لكن عدد مقاتلات إف 16، التى تمتلكها القوات الجوية المصرية وتقارب 200 مقاتلة، إضافة إلى الارتباط بالذخيرة الفرنسية سيحد من مميزات الطائرة الجديدة والفوائد المترتبة على هذه الصفقة، كما أن الفرقاطة فريم ستكون بمثابة قفزة نوعية فى قدرات القوات البحرية المصرية.
واختتمت الدراسة أن الصفقة المصرية الفرنسية تمثل انعكاسا للارتباط المصرى بدول مجلس التعاون الخليجي، خصوصا الكويت والإمارات والسعودية، التى مولت الصفقة، ما يعنى زيادة تأثير ونفوذ تلك الدول فى مصر التى تحتاج إلى دعمهم المادى، بينما يحتاجون هم إلى مكانة مصر السياسية والعسكرية لتعزيز مصالحهم الإقليمية مثل محاربة الإسلام الراديكالى والإرهاب ومجابهة تمدد النفوذ الإيراني.
وأضافت أنه فى الوقت الذى تتداخل فيه المصالح المصرية والخليجية مع المصالح الإسرائيلية فى مواجهة إيران والإرهاب، فإن إسرائيل لا تتوقع أى ضرر بمصالحها الأمنية من وراء الصفقة، وتقليل الارتباط المصرى بالولايات المتحدة، وعلى الرغم من ذلك يجب التأكيد على أن وجهة النظر تلك، يمكن أن تمنح الجيش المصرى درجة إضافية من الحرية فى مواجهة إسرائيل، أى زيادة قدرات القوات الجوية المصرية فى مواجهة الإسرائيلية.