الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

د. رفعت السعيد: الشاطر هو الحاكم الفعلى للبلادومرسى يتلقى تعليماته من مكتب الإرشاد




قال د.رفعت السعيد رئيس حزب التجمع إن السيناريو الذى ينتظر مصر الآن خلال الصراع الدائر بين المجلس العسكرى وجماعة الإخوان أشبه بالوضع الذى حدث فى العراق من انعدام تأثير الأمن والجيش والقانون رغم وجود هذه الأشياء شكليا، محذرا من أن أمريكا تتمتع الآن من خلال علاقاتها مع الإخوان بنفوذ كبير فى مصر بحيث تستخدمه فى توجيه ضربة عسكرية للدولة الايرانية الشيعية.
 

 
وأضاف السعيد خلال حواره لـ«روزاليوسف» : إن العلاقة بين العسكرى والإخوان تعد انقلابا محدودا لم يصل لدرجة انقضاض أحد الأطراف على الحكم ولكنه يمارس لعبة عض الأصابع، لافتا إلى أن الرئيس محمد مرسى ليس هو الحاكم الفعلى للبلاد ولا مكتب الإرشاد وإنما خيرت الشاطر الذى يعطيه التعليمات، مشددا على أن الإخوان «محدثى نعمة» حيث يقيم الرئيس وأسرته فى القصور الرئاسية بدلا من منزله وهو مما لم يحدث من قبل كما أن رئيس مجلس الشعب المنحل يحتفظ بسيارات المجلس رغم حله ، فضلا عن أن رئيس الشورى يمتلك 5 سيارات وكلها أمور من أموال الشعب.
 
وأكد السعيد أن مصر لم تشهد تحسنا فى أى قطاع رغم مرور شهر على ولاية مرسى لرئاسة الدولة غير أن الأمور ازدادت فوضى وسوءًا، مشيرا إلى أن تأخر الاعلان عن الحكومة الجديدة وتشكيلها سببه الخلاف بين قيادات حزب «الحرية والعدالة» على توزيع الحقائب الوزارية واقتناص أعضائها لحصتهم منها.


■ بداية.. كيف تقرأ المشهد السياسى الراهن وفق المعطيات الحالية المليئة بالتخبطات واللغط القانونى والسياسى؟
 
ـ هذا التخبط ليس وليد الوقت الحالى وإنما أمر بدأ من وقت مبكر وتحديدا منذ اختيار المجلس العسكرى للمستشار طارق البشرى وهو شخصية وثيقة الصلة بجماعة الإخوان المسلمين، بجانب المحامى صبحى صالح القيادى بالجماعة من بين اللجنة التى قامت بتعديل بعض مواد الدستور والتى تم الاستفتاء عليها فى مارس 2011 الماضى، فى حين أنه كان يجب أن يتم اختيار شخصيات قانونية ذات انتماءات فكرية مختلفة، وبالتالى فإن الأمر بهذه الصورة يكشف عن ميل شديد من جانب «العسكرى» تجاه جماعة الاخوان، أو ربما يمكن أن نصف الوضع وقتها بأنه حالة من الشق بين الطرفين «العسكرى» و «الإخوان».
 
كما أن الجماعة استطاعت نظير هذا التعاطف من المجلس أن تحصد ما تستطيع من مكاسب وتضع ما تريد من تعديلات وفق رؤيتها، حتى وصل الأمر إلى أن من كان يقوم بالتصويت بـ«لا» خلال التعديلات الدستورية ما هم إلا مجموعة من النصارى أو الليبراليين من أهل النار، مقابل أن من يصوت بـ«نعم» هم أهل الجنة والدين.
 
وحينما طالبنا بأن يكون الدستور أولا قوبل هذا برفض شديد من الإخوان وبالتالى رضخ له المجلس العسكرى وبالتالى ساعدهم هذا فى اقتناص ملايين الأصوات خلال الانتخابات البرلمانية الماضية باستخدام المال والشعارات الدينية وهى أمور تبطل الانتخابات برمتها.
 
■ ما الدافع فى رأيك وراء دخول الإخوان لهذه اللعبة السياسية مع المجلس العسكرى؟
 
ـ الإخوان يتعلمون من تاريخهم الماضى الذى لقنه لهم الشيخ «حسن البنا» مؤسس الجماعة حيث إن لغة المصالح المشتركة هى التى دائما ما تتحكم فى منهج الإخوان حتى لو تحالفوا فى سبيل ذلك مع «الطاغوت»، فضلا عن أنهم يسعون دوما للتحالف مع كل من يخالفهم فى الرأى لتحقيق مصالحهم ولكن إذا ما أحسوا بالقوة أو الحصول على ما يريدون ينقلبو عليه، وهى أمور معهودة لديهم منذ الملك «فاروق» عندما بايعه قيادات الجماعة على سنة الله ورسوله للدرجة التى جعلتهم يلقبوه بـ«الشاب المؤمن»، وبعدها انقلبوا عليه وتحالفوا مع حزب الوفد وانقلبوا على النقراشى باشا وعبد الحميد جودة وحاولوا اغتيالهما، وكذا اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بعد الانقلاب عليه رغم أنه هو الذى أفرج عن سيد قطب الذى خرج من السجن ليشكل تنظيما سريا لمحاولة اغتيال عبد الناصر، وبالتالى لعبة المصالح الممتدة معهم عبر التاريخ وصلت الآن للمجلس العسكرى الذى يحاولون الانقلاب عليه كما هو معتاد.
 
■ ما طبيعة الصراع الآن بين المجلس العسكرى والاخوان خاصة مع تولى د.محمد مرسى رئاسة الدولة؟
 
ـ العلاقة بين هذين الطرفين أشبه بانقلاب محدود فهما يمارسان لعبة «العض على الأصابع» لكن هذا الصراع لا يصل إلى حد محاولة الانقضاض على الحكم من قبل الطرفان اللذين يعتقدان أن كلا منهما يمتلك مما يدين به الطرف الآخر، حتى أن التزوير الذى ادعته الجماعة خلال الانتخابات الرئاسية نتج عنه فوز مرسى برئاسة الجمهورية.
 
■ استنادا لهذا المنطق هل يتحمل المجلس العسكرى مسئولية هيمنة الإخوان؟
 
ـ بعيدا عن أن المجلس العسكرى مسئول عن إفساح المجال للإخوان إلا أنه لم يخترعهم فهم قوى حقيقية داخل المجتمع، لكن يلام على المجلس أنه هو الذى أخرجهم من «القمقم».
 
■ وفقا للعبة «عض الأصابع» التى تحدثت عنها ما السيناريو المنتظر للأوضاع فى مصر؟
 
ـ أتوقع أن تشهد مصر خلال الأيام المقبلة سيناريو أسوءًا مما كان عليه الحال فى العراق حيث أن الوضع هناك كان «حكومة ولا حكومة وأمن ولا أمن وجيش ولا جيش قانون ولا قانون» وتحكمات من أطراف مختلفة وكل طرف ينفذ ما يريد، وفقا للمصالح وبالتالى لا يحدث أى تقدم، فضلا عن أن الأمريكيين يسعون لعرقلة نجاح الدولة المصرية والجيش فى أى شىء.
 
■ ما الحل لهذا الصراع فى رأيك؟
 
ـ البعض يرى أن الحل سيكون من خلال الصراع بين السلفيين والإخوان ، لكنه أمر مستبعد لأنهما ينحدران من منبع واحد وهو «التأسلم السياسى» حتى لو كان هناك اختلاف فى النسبة السياسية والعمل الدعوى لكن تبقى المصالح المشتركة هى الوعاء الذى يجمعهما وبالتالى الطرفان وجهان لعملة واحدة فهما يستفيدان من اتفاقهما واختلافهما ولن يسمحا بأن يتم تقسيم الكعكة، كما أن الإخوان يستفيدون من الاختلاف ليظهروا أمام العالم وكأنهم هم المعتدلون وبالتالى يطالبون بالتأييد ليستطيعو حماية المجتمع من المتشددين.
 
فى المقابل سيبرز السلفيون الاختلاف على أنهم الرجال المنادون بشرع الله ويبقى الخاسر هو الشعب، بينما يراهن آخرون على خلاف المجلس العسكرى والاخوان وهو ما لا أتوقعه نهائيا لأن كل طرف يتجنب الصدام لأن مصالحه يمكن أن تتحق دون التصادم.
 
■ لما تسعى واشنطن لإسقاط الجيش والدولة ؟
 
ـ لأن الاستراتيجية الأمريكية تريد حكم الإخوان ومرسى لأنهم يريدون غطاء سنيا لهجوم محتمل على الدولة الشيعية فى المنطقة «إيران» وهذا مخطط أمريكى يحاول استخدام مصر كسلم لكونها الدولة السنية الأكبر والأبرز الذى يمكن من خلاله تغطية الهجمات الامريكية على طهران اذا تمت وبذلك تكون واشنطن لا تحارب طهران باعتبارها دولة مسلمة وإنما لكونها دولة شيعية، وهو ما يعمق من الخلاف المذهبى.
 
كما أن الجيش المصرى هو المتبقى من الجيوش العربية، حيث تم تدمير جميع الجيوش العربية فى السودان وتونس وليبيا واليمن وسوريا والعراق وإذا فقدت الأمة العربية قدرات الجيش المصرى لن يكون هناك مفر من سيطرة إسرائيل.
 
■ لماذا تستبعد حدوث صدام بين «العسكرى» والإخوان رغم الاختلافات الكثيرة خلال الفترة الاخيرة؟
 
ـ لأننا نعلم كيف يفكر المجلس العسكرى سواء فى مخرج آمن أو حماية لدور الجيش فى القانون والدستور ومزيد من السلطة وهو ما يحدث دوما فى دول العالم الثالث والتى يكون فيها الرأى العام ضعيفًا.
 
والحقيقة أننا لدينا طرف ثالث بجانب الإخوان والسلفيين والجيش، حيث إنه إحدى مشاكل ومزايا ثورة 25 يناير حيث نجحت بعض القوى أن تدفع عبر شبكة الانترنت بأعداد من المواطنين إلى الميدان وهم لا يعرفون بعضهم، كما نجحت الفضائيات الملغومة فى توجيه ضربة لهؤلاء الشبان بإظهارهم يتعاركون مع بعضهم لتحل محلهم اللحى والذقون، فى حين أن الاعتماد على الميدان يعد قصة وهمية لأنه منطقة جغرافية تنطق بلسان من يحتلها سواء كان ثوريًا أو إخوانيًا أو وهابيًا أو غيره.
 
■ ما هو تقيمك للميدان الآن؟
 
ـ من ترك الميدان على الوضع الحالى يرغب فى امتهان منظم ومصنوع للميدان ولا أعلم كيف تم التنازل عنه للبلطجية وتجار المخدرات وأشياء أخرى أمام العالم كله، فضلا عن أن الرئيس محمد مرسى نفسه يستخدم الميدان لممارسة الضغط على الجيش والمحكمة الدستورية لينفذ أهدافه فحينما أعلن قبوله بحكم الدستورية هتف أنصاره «يسقط حكم العسكر» و«الشعب يريد تطهير القضاء».
 
 
 
■ كيف تنظر إلى إقحام حزب الحرية والعدالة فى جميع الأمور السياسية الخاصة بالحكم والرئاسة ؟
 
ـ الجماعة بكل قياداتها لديها خطة أساسية وهى «أخونة الدولة» بدءًا من الصحافة والاعلام باعتبارها «الحيطة المايلة» بدعوى أن الصحف القومية تخسر مثلما حدث فى دار الهلال وهذا تمهيدا للسيطرة على مفاصل الدولة ، وإيهام الناس بأنها لا تسعى للسيطرة ، وهو نفس المنهج الذى تحدثوا به خلال الانتخابات بأنهم لا يرغبون إلا فى المنافسة على 30% من مقاعد البرلمان، ثم استحوذوا على معظم المقاعد والقوانين الصادرة من مجلسى الشعب والشورى بدعوى أن الضرورات تبيح المحظورات، خاصة أن هناك قوانين تحظر عليهم الالتحاق بكليات عسكرية أو الشرطة، وبالتالى خلال دورتين، ربما يكون لهم ما يقرب من 3 آلاف ضابط على الاقل من بين أبناء الجماعة، وهو ما تهدف إليه أمريكا لخلق حالة من الصراع داخل الجيش تمهيدا لتفكيكه.
 
■ فى رأيك من الذى يحكم مصر الآن مرسى أم مكتب الإرشاد؟
 
ـ المفاجأة أن من يحكم مصر لا هذا ولا ذاك لأن من يحكم البلاد فعليا هو خيرت الشاطر وهو الرجل الأقوى نفوذا وقوة داخل مكتب الإرشاد الذى أعاد تشكيله من بين رجاله المخلصين، وبالتالى فإن مرسى رئيس يتمتع بكافة المزايا الرئاسية التى لم يكن يحلم بها يوما هو وأسرته لكن يظل ينتظر أن تأتيه التعليمات من مكتب الإرشاد وتحديدا خيرت الشاطر.
 
■ وفقا لخطة المائة يوم التى أعلن عنها الرئيس كيف تقيم الثلاثين يوما الأولى من حكم مرسى للبلاد؟
 
ـ لم نر من حكم مرسى شيئًا حتى الآن سوى مزيد من الفوضى بجانب اختفاء الأمن الذى وعد به والمشروع الوحيد الذى قدمه وهو جمع القمامة رغم أنه يعد مشروعا ساذجا لأنه لا يمكن أن يحل المشكلة بهذه الطريقة بعيدا عن المؤسسات والهيئات الرسمية للدولة التى يجب أن تقوم بدورها، حتى أن الأمر دفع المتحدث باسم الرئاسة يؤكد على أن الهدف هو نظافة الوطن من الفساد وليس جمع القمامة ، وهو ما يعد عبثا.
 
كما أن مشكلة المياه فى بعض المناطق نصح أهلها بأن يشربوا من «القلة» وهو أمر غير مقبول، بجانب أنه لم نر رئيسا للبلاد أقام داخل القصر الرئاسى، حتى ان زوجته ذهبت للإقامة بقصر المنتزه وهو دليل على أن الإخوان «محدثى نعمة» فى حين أنه كان يفترض أن يقيم بمنزله ويقود البلاد من أحد القصور الرئاسية باعتبارها ممتلكات الشعب المصرى.
والدليل على أنهم «محدثى نعمة» أن رئيس مجلس الشورى أخذ 5 سيارات خاصة به فى حين أن صفوت الشريف المتكبر نفسه لم يفعل ذلك، كما أن رئيس مجلس الشعب المنحل د.سعد الكتاتنى محتفظ بالسيارات الخاصة بالمجلس رغم حله حتى الآن، فضلا عن أن أبناء الرئيس يتدربون على ركوب الخيل وهى أمور عبثيه.
 
■ وما رأيك فى الحكومة الجديدة وتأخر الإعلان عنها؟
 
ـ الحكومة المنتظرة ستكون جزءًا من مسلسل السيطرة الإخوانية وأعتقد أن تأخر الإعلان عنها سببه أن جزءًا من رجال الإخوان يطالبون بحصتهم فى الوزارات والخلاف حول طبيعة الحقائب الوزارية التى سيتولونها، وهو ما سيحدث أيضا خلال حركة المحافظين حينما يتم إقالة المحافظين وتعيين غيرهم من رجال الجماعة المخلصين ومن بعدها المحليات.
 
■ وما تقييمك لزيارة إسماعيل هنية لمكتب الإرشاد بعد مقابلة الرئيس؟
 
ـ هنية بدأ زيارته خطأ حينما توجه إلى القصر الجمهورى للقاء مرسى فكان من المفترض أن يتوجه لمكتب الإرشاد أولا ولكن المقصود هو الإيحاء بأن مرسى هو الرئيس الفعلى.
 
■ وماذا عن طبيعة العلاقة بين الجماعة والولايات المتحدة الأمريكية؟
 
ـ زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون والمسئولين الأمريكيين المتكررة للرئيس والجماعة تدل على أن مصر أصبحت منطقة نفوذ لها وتستعد لاستخدامها كغطاء لهجومها المحتمل على إيران وبالتالى ليس صدفة أن تمدح أمريكا نظام الحكم فى مصر.