الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«واشنطن» تمارس البلطجة لنهب «النفط» من «الشعوب»

«واشنطن» تمارس البلطجة لنهب «النفط» من «الشعوب»
«واشنطن» تمارس البلطجة لنهب «النفط» من «الشعوب»




ترجمة - وسام النحراوى

ألقى موقع «إنكويزتر» الأمريكى الضوء على أطماع عدد من البلدان للسيطرة على الثروات النفطية فى القطب الشمالى، والتداعيات فى إشعال فتيل حرب عالمية ثالثة، محذرٍا أنه الخطر الحقيقى على العالم وليس أسلحة روسيا النووية أو الأزمة الأوكرانية.
وذكر الموقع قيام الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بنشر آلاف الجنود فى القطب الشمالى، حيث أعادت موسكو تشكيل أربعة ألوية للدفاع الجوى الفضائى التابعة للمنطقة العسكرية الشرقية، كما شكلت أفواجًا دفاعية «كيميائية وإشعاعية وبيولوجية».


وتابع: أن موسكو تعتبر الوجود العسكرى الروسى الدائم فى القطب الشمالى وحماية المصالح الوطنية الروسية بالوسائل المسلحة جزءاً أساسيا من سياسة ضمان الأمن القومى الروسى، مشيرا إلى أن اتخاذ هذه الخطوة من وجهة نظر العالم يعد تحولا استراتيجيا فى شمال أوروبا.
وبالرغم من عدم الحديث فى الوقت الحالى عن احتمالية اندلاع حرب عالمية ثالثة على النفط فى القطب الشمالي، إلا أن خبراء اقتصاديين وسياسيين أكدوا أن الضغوط الاقتصادية طويلة المدى ربما تكون الشرارة التى تشعل تلك الحرب المرتقبة.
وكشف الموقع عن تأكيدات العلماء بأن الاستكشافات النفطية فى القطب الشمالى ربما تمثل شرقا أوسطيا ثانيا باحتياطات نفطية تمثل ما يتراوح من 17- 30% من احتياطى النفط العالمي، لافتا إلى تقييم مسحى جيولوجى أجرته الولايات المتحدة فى العام 2008 أكد أن هناك 90 مليار برميل نفطى على الأقل و44 مليار برميل غاز طبيعى مسال فى القطب الشمالى.
ولعل تلك الحقيقة هى ما دفعت دولا كثيرة إلى التواجد وبقوة حول الأراضى المتنازع عليها، فالمنافسة فى منطقة القطب الشمالى أصبحت تتسم بمزيد من التعقيد لعدم وجود اتفاق شامل بين الأطراف المتنافسة، حيث تغيب نية التوصل إلى اتفاق فى الوقت الراهن أو حتى فى المستقبل القريب، ومع تطوير معدات وتكنولوجيات التنقيب فى المياه المتجمدة، فإن النزاع على تقاسم مناطق التنقيب سيستمر حسب التوقعات وستزداد حدته.
ففى 2014، أعدت روسيا بصورة رسمية وثائق لتعزيز مطالبها بأحقيتها فى المياه والأراضى فى القطب الشمالى لتتمكن من تأمين النفط الذى تزخر به المنطقة، وصرح بوتن بأنه على أهبة الاستعداد لملاقاة ضيوف غير مرغوب فيهم من الشرق والغرب.
وتابع: ولا تزال روسيا تعترف بملكيتها لأجزاء من المحيط المتجمد الشمالى حيث قامت بعثة روسية بتنصيب العلم الروسى فى قاع المحيط المتجمد الشمالى، فى إطار تثبيت حقوق روسيا فى أجزاء محددة من منطقة القطب الشمالى، إلى جانب كل من كندا والدانمارك والنرويج والولايات المتحدة الأمريكية.
وفى عام 2001 قامت روسيا أيضا بتقديم وثائق إلى لجنة فى الأمم المتحدة لتثبت أن المياه الواقعة أمام سواحلها الشمالية ما هى إلا امتداد لمياهها الإقليمية، لكن لجنة الأمم المتحدة المختصة بهذا الشأن رفضت تلك الوثائق وطالبت روسيا بتقديم المزيد من الأدلة والوثائق الجديدة.
وتؤكد روسيا أن استخدام موارد منطقة القطب الشمالى يعد ضمانا لأمن الطاقة فيها، ولذلك قامت بإصدار تشريعات برلمانية لتحديد المنطقة التابعة لها فى القطب الشمالى، فضلا أن مجلس الأمن القومى الروسى أعلن فى عام 2010 عن استراتيجية جديدة تقضى بتشكيل قوة عسكرية لحماية مصالح روسيا فى المنطقة القطبية الشمالية، انطلاقا من أن هذه المنطقة ستصبح حسب التوقعات المصدر الرئيسى للنفط والغاز فى روسيا خلال السنوات المقبلة.
وليست روسيا وحدها التى تكشف عن أطماع فى النفط بالقطب الشمالى، فـالدانمارك تزعم رسميا أحقيتها فى القطب الشمالى، ما دفع موسكو إلى القيام بمحاكاة غزو عسكرى ضد الدانمارك، ما ينذر بإشعال فتيل حرب عالمية ثالثة بالنظر إلى أن الأخيرة عضو فى حلف « الناتو»، وتنص معاهدة «الناتو» على أن أى «هجوم على أحد أعضائنا هو هجوم علينا بالكامل».
وفى الوقت ذاته تظهر كل من كندا والنرويج اهتماما كبيرا بأحقيتها فى النفط بالقطب الشمالي، فى حين تفاوضت كل من الصين وروسيا على صفقة نفط وغاز قدرها 400 مليار دولار على أساس توقعات تتعلق بالاستكشافات النفطية فى المنطقة.
أما الولايات المتحدة فتعارض التوجه الروسى عن طريق تعاونها مع كندا والدانمارك والنرويج، بحجة امتلاكها مع هذه الدول شريط ساحلى مع القطب الشمالى، وأن لها الحق فى السيادة على أجزاء منه.
ويتعقد الوضع أكثر لأن عدد الدول التى تقف عند أبواب القطب الشمالى أكبر بصورة ملحوظة من عدد الدول المطلة على ساحاته الجليدية، وهى تنتظر اتفاق الدول المطلة عليه لتستفيد من النفط والغاز هناك، فى الوقت نفسه تدعى واشنطن أن أيسلندا والسويد وفنلندا لها الحقوق ذاتها فى الموارد الكامنة فى المحيط والقطب الشمالى.
وأشار الموقع إلى أنه فى عام 1996 تأسس ما يسمى «مجلس القطب الشمالى» بمبادرة من فنلندا ليكون منظمة إقليمية لدول القطب الشمالى، ويضم «الدنمارك ـ فنلندا ـ أيسلندا ـ كندا ـ النرويج ـ روسيا ـ السويد ـ الولايات المتحدة»، كما تضم هذه المنظمة بعض الدول المراقبة وهى «بريطانيا ـ فرنسا ـ ألمانيا ـ هولندا ـ بولندا ـ إسبانيا ـ الصين ـ إيطاليا ـ كوريا الجنوبية».
فى ضوء ما سبق، واستمرار الولايات المتحدة فى الدفاع عن سياستها بأن تكون القطب الأوحد الذى يقود العالم ويهيمن على القرارات السياسية والاقتصادية فيه، ومحاولاتها منع أى طرف دولى آخر من منافستها لاحقا، تسعى واشنطن إلى تحويل منطقة القطب الشمالى إلى بؤرة توتر جديدة من جهة، وإلى امتلاك ثروات القطب الشمالى من نفط وغاز من جهة أخرى.
وبالتالى فمن المتوقع من إدارة أوباما الإعلان قريبا عن السماح لشركة « شل» النفطية العملاقة باستئناف عمليات التنقيب عن النفط قرابة ألاسكا.
ووفقا لصحيفة «الجارديان» البريطانية، فإن التنقيب عن النفط فى القطب الشمالى محظور فى الولايات المتحدة بسبب الدعاوى القضائية التى حركها ناشطون بيئيون ومخاوف من حوادث تسرب نفطى وظاهرة التغيرات المناخية.
لكن فى 2013، أطلق أوباما الاستراتيجية القومية القطبية التى تجعل القطب الشمالى أولوية عسكرية استراتيجية، ومؤخرا، بدأت وكالة الاستخبارات الجغرافية المكانية - وحدة تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية والمعنية باستخدام صور التجسس عبر الأقمار الصناعية فى جمع المعلومات الاستخباراتية، فى رصد ومتابعة القطب الشمالى.
ويعتقد بعض الخبراء أن إمدادات الطلب العالمية سوف تنضب بحلول 2060، ما يعكس بدوره رفع أسعار النفط والغاز مجددا، وبالتالى سيكون الاقتصاد قادرا على اشعال فتيل الحروب.
وذكر الموقع فى ختام تقريره إلى أن تنمية حقول النفط فى القطب المتجمد مكلفة، حتى أن بعض الخبراء قد عبروا لـروسيا عن شكهم حيال ربحية هذه العملية، ووفقا لتقديرات الوكالة الدولية للنفط والطاقة فى عام 2006، فيمكن لإنتاج النفط والغاز فى القطب المتجمد أن يكون مجديا فقط فى حال كانت تكلفة استخراج البرميل الواحد أقل من 60 دولارا.
لكن التكلفة الحالية تبلغ ثلاثة إلى خمسة أضعاف هذا الرقم، فنقلا عن ألكسندر كنيجنيكوف، ضابط سياسة بيئة النفط والغاز فى روسيا، أكد أن تكلفة تنمية نفط القطب الشمالى تصل إلى 200 أو 300 دولار للبرميل الواحد، وذلك بسبب بيئة القطب القاسية والتى تتطلب تقنيات خاصة ونفقات إضافية.
أما ميخائيل كروتيخين، المحلل والخبير فى شركة «روس إنيرجي» النفطية فيشير إلى أن استخراج النفط والغاز من عرض البحر على بعد 650 إلى 750 كيلو متراً بعيداً عن الشاطئ وعلى عمق 200 - 300 متر تحت الماء يحمل الكثير من المخاطر، ولا يمكنك توقع وصول فريق إصلاح بشكل طارئ، ولا تستطيع مد خط أنابيب نفط على طول قاع البحر، مقدرا تكلفة بناء منصة استخراج نفط فى القطب الشمالى بين نحو 5 - 6 مليارات دولار.
لذلك فإن الغرب يفضلون أن تقوم موسكو بالخطوة الأولى على الرغم من حرص النرويج والولايات المتحدة على الاستفادة من احتياطيات النفط والغاز فى القطب الشمالى، لكنهم سيراقبون أولا كيف سيكون الحال لموسكو على أراضيها وباستخدام استثماراتها الخاصة، وكم سيكلف إنتاج النفط والغاز فى القطب الشمالى.