الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

كان ياما كان زمان

كان ياما كان زمان
كان ياما كان زمان





كتب: مديحة عزت
أولا هذه الأبيات لأستاذنا عباس محمود العقاد كتبها فى زمانه وكأنه يكتبها فى زماننا اليوم.. يقول العقاد:
 فشت الجهالة واستفاض المنكر
فالحق يهمس والضلالة تجهر
بئس الزمان لقد حسبت هواءه
دنسا وأن بحاره لا تطهر
وكأن كل الطيبات يردها
فيه إلى شر الأمور مدبر
ما نيل فيه مطلب إلا له
ثمن من العرض الوفير مقدر
بقدر ما بذل امرؤ من قدره
يجزى فأكبر من تراه الأصغر
إنا لفى زمن كأن كباره
يسوى الكبائر شأنه لا يكبر
عليك رحمة الله وغفرانه يا أستاذنا العظيم عباس محمود العقاد كأنك تصف زماننا اليوم وناسه الملونة والذين فاقوا زمانك فى الجهالة والمنكر وغياب الحق وقول الباطل ألف رحمة ونور على العقاد وزمنه.
وهذه بعض من معلوماتى عن عبقرى العبقريات مع خالص تحياتى لذكرى أستاذنا عباس محمود العقاد الذى تمر على رحيله الذكرى الواحدة والخمسون «51» هذه الأيام والذى أذكره كلما مررت أمام «مكتبه الأنجلو» التى كنت دائما التقى به فيها وأتذكر حديثى معه فى «روزاليوسف» الذى نشر على ثلاثة أسابيع وكان العنوان «العقاد يشتم كل الناس» وكان أول المشتومين.. إحسان عبدالقدوس.. وأنيس منصور.. وحلمى سلام.. ومحمود أمين العالم وأحمد بهاء الدين.. ومصطفى محمود.. وموسى صبرى.. وجاذبية صدقى.. أما يوسف السباعى فقد أطلق عليه العقاد «رب السيف والقلم» وطه حسين ثم رد الجميع عليه بعنوان «كل الناس تشتم العقاد» ويومها مقدمة لرد من شتمهم العقاد.. أثار حديثى مع الأستاذ عباس محمود العقاد ضجة لم أكن أتوقعها.. ولا أدرى هل سر هذه الضجة يرجع لأهمية العقاد.. أم إلى أهمية الذين تحدث عنهم العقاد.. أم إلى أهميتى!!
وكان الأستاذ العقاد لبقا فى رده على كل من اتصل به بعد الحديث ممن لم يتحدث عنهم أكد له صحة الحديث.. على فكرة أستاذنا العقاد من مواليد عام 1889 فى مدينة أسوان وانتقل إلى رحمة الله عام «1964» وعباس محمود العقاد عبقرية فذة قل أن يجود بمثلها الزمان.. ويندر أن نجد خلافا حول مكانة أديب مثلما تجد الخلاف حول العقاد فأنصاره ومريدوه يخلون له مكان الصدارة فى حياتنا الأدبية ويخلعون عليه العملاق والعبقرى.
وكتب العبقريات ذاتها تدل على عبقرية العقاد ولو أنها مكتوبة على صورة مقالات ذات عناوين مستقلة تجمع بينها رابطة الشخصية التى يتحدث عنها الكاتب.. وهذه المقالات أقصد العبقريات يرتفع إلى مستوى أدبى وفنى رفيع.. والعقاد أيضا كان بلا شك شاعرا يملك المقدرة على الوزن.. نعم العقاد كان كل هذا فى زمن العباقرة وأكيد لو كان فى العمر بقية عندى الكثير عن عبقرى العبقريات أستاذ الأدب والصحافة عباس محمود العقاد.. بإذن الله.. رحمه الله!
وأخيرا.. هذه الكلمة أو الكلمات لعمنا بيرم التونسى:
عشان ما يبقى مقامنا قبل كل مقام
ستاتنا تمضغ لبانة فى الطريق العام
والكحل ده كل عين متكحلة بجرام
واللبس نايلون فى نايلون من شراب لحزام
رحم الله عمنا بيرم التونسى.. الذى كان يصف نساء زمنه يا ترى ماذا كان يكتب عن نساء مصر اليوم بعد أن جبرت سوق الأنانة واتمخطر المدعون.. للأسف انعدم الذوق والجمال وإن كانت مصر من أهم بلاد الموضة والذوق والجمال وأصبح الشارع المصرى كرنفالا لأسوأ موضات العالم وخليطا بين الحجاب غير المدروس والعرى المؤذى للذوق والقيم علاوة على بهدلة النقاب بعد أن كنا مصدرين للموضة إلى دول  الموضة والدول العربية وكانت بيوت الأزياء المصرية تساوى شهرتها لبيوت فرنسا.. بداية من «مدام صالحة أفلاطون» أشهر خياطات مصر وهى حرم أفلاطون باشا ووالدة الفنانة التشكيلية المشهورة إنجى أفلاطون.. ومن أشهر بيوت الأزياء التى كانت تتعامل معها نساء العالم حتى نساء فرنسا «مدام دسبنا سلفاجو» وأيضا مدام «آدا كحيل» ثم بدأت بعد الثورة تنتشر الأسماء المصرية «بيير كلوفاس» وكانت أشهر زبوناته المطربة «صباح» و«فوزى اندراوس» وكان أيضا مفضلا لدى الفنانات وخصوصا الراقصات فقد كان مشهورا بالتجديد فى بدل الرقص.. ثم بدأت بناء العائلات تهوى تصميم الأزياء بشكل علمى بدأت «ايفون ماضى» بعد تخرجها فى مدرسة الراهبات «الساكركير» درست تصميم الأزياء فى فرنسا ثم افتتحت أتليه وكان من أهم أعمالها أن يستعين بها المخرج الأمريكانى «سسيل دى ميل» فى ملابس فيلم «كليوباترا» لـ«اليزابيث تايلور» وأيضا كان بيت أزياء «إيفون ماضى» أول من كان يصدر الأزياء إلى روسيا.. وأيضا كانت من أوليات المصريات الدارسات للأزياء «صفية حمدى» شقيقة الفنان الموسيقار بليغ حمدى والدكتور مرسى سعد الدين وأيضا كانت «صوفى اندراوس» و«ليلى البنان» والعزيزة صديقة العمر أطال الله عمرها «آمال المصرى» صاحبة بيت أزياء «سابرينا» حاملة ليسانس الآداب ومعها بدأت فى تصميم وعرض الأزياء فى العالم أزياء مأخوذة عن أهم الأزياء المصرية الصميمة «التلى الأسيوطى» و«الفرعونى» وملابس «سيناء».
للعلم كانت أكبر بيوت أزياء فرنسا تعرض فى مصر منها بيت أزياء الفرنسى «نينا ريتشى» و«شانيل» و«ديور».. على فكرة كانت صاحبة بيت أزياء «لابوتيك» السيدة «نادين صادق» حرم السفير «عادل جبر» وكانت من أهم زبوناتها «تحية هانم كاظم» حرم الزعيم جمال عبدالناصر وكانت «جيهان هانم السادات» من أهم زبونات إيفون ماضى ومن زبوناتها أيضا سيدة الصحافة «فاطمة اليوسف» «روزاليوسف» والسيدة «لولا هانم» حرم أستاذنا إحسان عبدالقدوس.. والسيدة «رجاء هانم» حرم أستاذنا أنيس منصور.
ثم كانت مصر أول من عرض الأزياء القطن فى أمريكا وفرنسا عن طريق شركة المحلة وكان رئيسها «عبدالحميد حمدى بك» ثم أيضا كانت مصر تدرس تصميم الأزياء فى «معهد الفنون الطرزية» أول معهد فى مصر بل والعالم العربى.
وبعد أن كانت مصر بلد الموضة والذوق والفن الراقى والجمال.. أصبحت للأسف ليس لها لون ولا طابع يميزها واختفى الذوق والفن والجمال الراقى فى هذا الخلط والعك فى الأذواق والتذوق الفنى والجمالى فى انتشار النقاب والحجاب غير المدروس.. علاوة على خلط وعدم الفن والذوق فى فترينات أكبر محلات البلد التى كانت دائما مصدرا للجمال والفن عندما كانت المحلات الكبيرة تستعين بفنانى الفنون الجميلة بترتيب ورسم الفترينات بعرض أجمل وأشيك ما عندهم.. ولم يحدث كما يحدث اليوم عرض «ثلاجة» إلى جانب فستان سواريه أو أحذية بجانب أدوات مطبخ أطباق وكبايات وهكذا أعدم الذوق والفن وزاد العك والغم شكلا وعرضا!
وإليكم بكل الحب يا بنى وطنى يا بنى مصر كم جار الزمان على الوطن فافتدته مهج أرواح وشباب وكل من مات ليحيا الوطن يا بنى وطنى استخفوا بالمنايا واجعلوا مصر على رأس البرايا.. يا شباب مصر وعواجيزها إليكم الحب كله وتصبحون على حب.